الصيام والسفر والمرض
يقول تعالى
{ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ }
ولما حتَّم الصيام أعاد ذكر الرخصة للمريض وللمسافر في الإفطار، بشرط القضاء وفي ذلك عناية بأمر الرخصة وأنها محبوبة لله تعالى{ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}
أي من أفطر لمرض أو لسفر وجب عليه القضاء عن الأيام التي أفطرها من أجل إكمال عدة الشهر ثلاثين أو تسعة وعشرين يوماً لتحصلوا على خيراته ولا يفوتكم شيء من بركاته
{ يُرِيدُ الله بِكُمُ اليسر }
شرع لكم سبحانه الفطر في حالتي المرض والسفر ، لأنه يريد بكم اليسر والسهولة
{ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العسر }
رخَّصَ لكم الفطر في حال المرض وفي السفر رحمة بكم وحفاظاً لكم من المشقة
{ وَلِتُكْمِلُواْ العدة }
ليكمل من أفطر في سفره أو في مرضه عدة الأيام التي أفطر فيه
وكذا من لم تستطع أداء الصوم في هذا الشهر لعذر كالحائض والنفساء وغيرهن فعليهن قضاء ما فاتهن منه في أيام أخر
{ وَلِتُكَبّرُواْ الله على مَا هَدَاكُمْ }
لتعظموا الله على ما هداكم لشرائعه وسننه وأمر دينه فهو يريد منكم أن تكبروه سبحانه أي توحدوه وتعظموه ، فهو وحده الذي هداكم إلى تلك الأحكام النافعة التي فيها صلاحكم وسعادتكم
وذلك عند إتمام صيام رمضان من رؤية الهلال
والتكبير مشروع وفيه أجر كبير ، وصفته المشهورة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد , ثلاثاً
{ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }
ويريد منكم أن تشكروه بأن تواظبوا على الثناء عليه ، وعلى استعمال نعمه فيما خلقت له فهو سبحانه الرءوف الرحيم بعباده ، إذ شرع لهم ما فيه اليسر لا ما فيه العسر فشكروه لهذه النعم واشكروه لأن هداكم لأمر دينه .
فالله فرض عليكم الصوم وندبكم إلى التكبير لتكونوا بذلك من الشاكرين لله تعالى على نعمه لأن الشكر هو الطاعة .
[1]{ أنزلت صحف إبراهيم أول ليلة من رمضان وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة ليلة خلت من رمضان وأنزل الزبور لثمان عشرة خلت من رمضان وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان } المسند 4/ 107 , صححه الألباني في السلسة صحيحة 1575
[2] ابن كثير في تفسيره 1 / 499 نقل عن القرطبي أنه حكى الإجماع على ذلك
[3] تفسير ابن كثير 1 /