الوقاية من المخدرات
المخدرات تؤدي إلى إفساد العلاقة بين المتعاطين وغيرهم بالبغض والعداوة, كما يحدث في شرب الخمر من إثارة الخصومات والإقدام على الجرائم([58]) وهذه صور من البغض والعداوة التي تقع بسبب التعاطي
عداوة وبغض بين الشاربين أنفسهم
إن الظاهر فيمن يشرب الخمر أنه يشربها مع جماعة ويكون غرضه من ذلك الشرب أن يستأنس برفقائه ويفرح بمحادثتهم ومكالمتهم، فكأن غرضه من ذلك الاجتماع تأكيد الأُلفة والمحبة إلا أن ذلك في الأغلب ينقلب إلى الضد لأن الخمر يزيل العقل، وإذا زال العقل استولت الشهوة والغضب من غير مدافعة العقل، وعند استيلائهما تحصل المنازعة بين أولئك الأصحاب، وتلك المنازعة ربما أدت إلى الضرب والقتل والمشافهة بالفحش، وذلك يورث أشد العداوة والبغضاء، فالشيطان يسول أن الاجتماع على الشرب يوجب تأكيد الأُلفة والمحبة، وبالآخرة انقلب الأمر وحصلت نهاية العداوة والبغضاء, ولا شك أن شدة العداوة والبغضاء تفضي إلى أحوال مذمومة من الهرج والمرج والفتن ([59]) كما يحدث من الشاربين إذا سكروا وعربدوا وتشاجروا، روي ’’أن قبيلتين من الأنصـار شربوا الخمر وانتشوا ([60]), فعبث بعضهم ببعض , فلما صحوا رأى بعضهم في وجهه بعض آثار ما فعلوا , وكانوا إخوة ليس في قلوبهم ضغائن, فجعل بعضهم يقول لو كان أخي بي رحيما ما فعل بي هذا, فحدثت بينهم الضغائن ‘‘([61]) فأنزل الله
{إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ }
المرء بتعاطيه الخمر يسخط الله عليه والله تعالى إذا سخط على عبد أسخط عليه الخلق ويوضع للمرء البغضاء عند الناس فلا يرضوا عنه ([62]) وتنفر نفوسهم وقلوبهم منه, فتجد أقرب الناس إليه يذكرونه بسوئه وفساده, ولا يفكر لماذا بغضوه ؟ وربما لا ينتبه أن الله بغضه قبلهم, فوضع له البغضاء في البشرية فتبغضه لبغض الله له
فأبو الشارب عندما يفكر في المشاكل التي تعاني منها الأسرة بسبب تعاطي هذا الابن وما يتبعه من مواقف اجتماعية محرجة للأسرة, وعندما تشعر الأم بهذا يحل مكان الرضا على هذا الابن البغض, ثم لا ينظر الابن في سبب ذلك البغض, ولكن ينظر إلى الفرق في معاملة والديه له ولإخوانه أهل الصلاح, فيبغض والديه على معاملتهما له ويكره إخوانه لشعوره أنهم تميزوا في المعاملة عنه, وبذلك تحققت بغية الشيطان في إيقاع العداوة والبغضاء بينه وبين أقرب الناس إليه والديه وإخوانه
عداوة وبغض بين الشارب وزوجته وأولاده
عندما تجد الزوجة زوجها عاكف على التعاطي تبغض رائحته وسكره وبدلاً من أن يترك هذا الشيء الذي يسبب البغيضة يقول زوجتي تكرهني أنا أُرجعها لأهلها فيطلقها ويدمر الأسرة ويتشرد الأولاد فيبغضونه للسكر الذي ضيعهم وهكذا تتحقق بغية الشيطان في إيقاع العداوة والبغضاء بينه وبين أقرب الناس إليه زوجته وأولاده
ويترتب على ذلك مشاكل عظيمة للمتعاطي, شعوره بكراهة الآخرين له وعدم تقبلهم له مما يزيد عليه الوحدة فيزداد عنده الغل والحقد والحسد للآخرين, وهذا ما دل عليه واقع حال المدمنين
وحدوث العداوة والبغضاء بين المسلمين مفسدة عظيمة، لأنّ الله أراد أن يكون المؤمنون إخوة إذ لا يستقيم أمْر أمّة بين أفرادها البغضاء, وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ’’ لا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخواناً ‘‘([63])
وبعد أن تبين ما يريده الله لنا وهو الفلاح بترك الخمر والقضاء على الفتن الشيطانية التي في الخمر, نأتي بجانب آخر من أضرار الإدمان