يحتاج الإنسان في خضم مشاغل الحياة الدنيوية، وما تفرزه
الحضارة المادية من مشكلات نفسية، وتوترات عصبية، يحتاج حاجةً ملحة إلى ما ينفس
عن مشاعره، ويخفف من لأوائه ومصائبه، ويبعث في نفسه الطمأنينة القلبية، والراحة
النفسية، بعيدًا عن العقد والاكتئاب، والقلق والاضطراب. وهيهات أن يجد الإنسان
ذلك إلا في ظل الإسلام وعباداته العظيمة، التي تمثل دواء روحيًا ناجعًا، لا
نظير له في الأدوية المادية
تقوية نفس المؤمن بالصلاة
الصلاة غذاء القلوب، وزاد الأرواح، مناجاةٌ ودعاء، خضوع
وثناء، تذلل وبكاء، وتوسل ورجاء، واعتصام والتجاء، وتواضع لكبرياء الله، وخضوع
لعظمته، وانطراح بين يديه، وانكسار وافتقار إليه، تذللٌ وعبودية، تقرب وخشوع
لجناب الربوبية والألوهية، إنها ملجأ المسلم، وملاذ المؤمن، فيها يجد البلسم
الشافي، والدواء الكافي، والغذاء الوافي، إنها خير عدة وسلاح، وأفضل جُنَّة
وكفاح، وأعظم وسيلة للصلاح والفلاح والنجاح، تنشئ في النفوس، وتذكي في الضمائر
قوةً روحية, وإيمانًا راسخًا، ويقينًا عميقًا، ونورًا يبدد ظلمات الفتن، ويقاوم
أعتى المغريات والمحن، وكم فيها من الأسرار والحكم، والمقاصد والغايات التي لا
يعقلها كثير ممن يؤديها، فما أعظم الأجر وأوفر الخظ لمن أداها على الوجه
الشرعي، أخرج الإمام أبو داود في سننه أن رسول الله قال: ((خمس صلوات افترضهن
الله عز وجل، من أحسن وضوءهن وصلاهن لوقتهن، وأتم ركوعهن وخشوعهن كان على الله
عهدٌ أن يغفر له))
أدفع به للحفاظ على صلاة الفريضة لترفع معنوياته
بشره بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه تعالى
’’ ما تقرب إلى عبدي بشئ أحب إلىَ مما افترضته عليه ‘‘
فعندها يشعر العبد أن بصلاته التي يأتي بها قد تقرب إلى
الله بأحب الأعمال إليه وترتفع معنوياته ويسعى للمحافظة عليها في الجماعة
وتجعله ينتظر من الصلاة للصلاة رغبة في تضعيف الأجر
قال صلى الله عليه وسلم: الصلاة في الجماعة تعدل خمسا
وعشرين صلاة
بشره بأن الصلوات الخمس في المحافظة على وقتها الجنة
عن كعب بن عُجرة رضي الله عنه قال خرج علينا رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال ما أجلسكم قلنا جلسنا ننتظر الصلاة قال فأرم قليلا ثم
أقبل علينا فقال هل تدرون ما يقول ربكم قلنا لا قال فإن ربكم يقول من صلى
الصلاة لوقتها وحافظ عليها ولم يضيعها استخفافا بحقها فله علي عهد أن أدخله
الجنة ومن لم يصلها لوقتها ولم يحافظ عليها وضيعها استخفافا بحقها فلا عهد له
علي إن شئت عذبته وإن شئت غفرت له
عندما يعلم العبد ذلك دفعه للحفاظ على وقتها رغبة في
تحصيل المنى دخول الجنة
بشره بأن الصلوات الخمس في صلاحها فلاح العبد
¨قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
¨أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت
صلح سائر عمله وإن فسدت فسد سائر عمله
¨أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة ينظر في صلاته
فإن صلحت فقد أفلح وإن فسدت خاب وخسر
عندما يعلم العبد ذلك سيسعى لتأدية صلاة صحيحة في أركانها
وواجباتها وصفاتها سعياً لقبولها منه
كيف تدفع به لصلاة الفجر لترفع معنوياته
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
’’ من صلى الفجر فهو في ذمة الله و حسابه على الله
‘‘
’’ من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله فمن أخفر ذمة
الله كبه الله في النار لوجهه ‘‘
حثه على صلاة الفجر ترفع معنوياته عندما يستشعر أنه في
أمن الله في حمايته في حصنه ويعلم أنه في حماية ربانية لا يقدر عليه لا إنس ولا
جن بشئ
بشره بأن صلاة الفجر والعصر تزيد المعنويات
عندما يحافظ المرء مع صلاة الفجر على صلاة العصر في وقتها
مع جماعة تزداد عنده المعنويات والرغبة في المحافظة على ذلك سعياً ورغبة في
تحصيل ما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم:
’’ لا يلج النار رجل صلى قبل طلوع الشمس وقبل أن تغرب ‘‘
خبره بأن من لا يدخل النار أين يذهب قال صلى الله عليه
وسلم:
’’ من صلى البردين دخل الجنة ‘‘ أي الصبح والعصر
أخبره أن الله تعالى بعد صلاة الفجر والعصر يسأل ثناءً عن
المصلين
بشره بأن المرء في محافظته على صلاة الفجر مع صلاة العصر
في وقتها مع جماعة تزداد عنده المعنويات والرغبة في المحافظة على ذلك سعياً
ورغبة في أن يثنى عليه من الملائكة وأن ينال دعوتهم عند ربه كما جاء ذلك عن
النبي صلى الله عليه وسلم:
’’ يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ‘‘ وفي
رواية
’’ تجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر
وصلاة العصر فيجتمعون في صلاة الفجر فتصعد ملائكة الليل وتثبت ملائكة النهار
ويجتمعون في صلاة العصر فتصعد ملائكة النهار وتبيت ملائكة الليل فيسألهم ربهم
كيف تركتم عبادي فيقولون أتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون فاغفر لهم يوم
الدين‘‘
بشره بفضل صلاة الفجر والعشاء
عندما يحافظ المرء على صلاة الفجر والعشاء في وقتها مع
جماعة تزداد عنده المعنويات لأن الملك يغدو برايته مع أول من يغدو إلى المسجد
فلا يزال بها معه حتى يرجع فيدخل بها منزله
وتتولد عنده الرغبة في المحافظة على ذلك سعياً ورغبة في
أن ينال ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم:
’’ من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى
الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله‘‘
بين له أثر صلاة الفجر والعشاء على المنافقين
عندما يحافظ المرء على صلاة العشاء في وقتها مع جماعة
تزداد عنده المعنويات والرغبة في المحافظة على ذلك سعياً ورغبة في الحفاظ على
نفسه من صفات المنافقين الذين بين حالهم النبي صلى الله عليه وسلم:
إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو
يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا
فيصلي بالناس ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة
فأحرق عليهم بيوتهم بالنار ‘‘
قال صلى الله عليه وسلم:
‘‘ من استطاع منكم أن يشهد الصلاتين العشاء والصبح ولو
حبوا فليفعل‘‘
بشره بأثر صلاة الفجر والعشاء في لقاء الله بالنور يوم
القيامة
أخبره بأن المرء عندما يحافظ على صلاة العشاء في وقتها مع
جماعة تزداد عنده المعنويات والرغبة في المحافظة على ذلك سعياً ورغبة في لقاء
الله بنور
قال صلى الله عليه وسلم:
من مشى في ظلمة الليل إلى المساجد لقي الله عز وجل بنور
يوم القيامة
بشر المشاءين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم
القيامة
علاج المؤثرات النفسية بصلاة الفرض
أدفع به لسنة الفجر لترفع معنوياته
وجهه لصلاة السنة الفجر فإن معنوياته تزداد عندما
يصلي قبل الفجر ركعتي سنة الفجر
قال صلى الله عليه وسلم:
’’ ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها ‘‘
وحثه للمحافظة عليها في السفر والحضر
أدفع به للجلوس بعد الفجر في مصلاه لينال أجر حجة
بشره بأن في جلوسه بعد صلاة الفجر يذكر الله في مكانه حتى
يصلي ركعتين يكون له أجر حجة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس
ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة
فوائد قيام الليل
وجه من يشتكي من عدم ثقة الآخرين في صلاحه إلى قيام الليل
وبين له أن
قيام الليل يعطي شهادة لصاحبه بالصلاح
’’ قيام الليل دأب الصالحين قبلكم ‘‘
وجه من يشتكي كثرة وقوعه في المعاصي إلى قيام الليل وبين
له أن
قيام الليل يمنع صاحبه من ارتكاب المعاصي
فهي منهاة عن الوقوع في العاصي ’’ منهاة للإثم ‘‘
وجه من يشتكي كثرة الأمراض التي أصابت بدنه أين كانت إلى
قيام الليل وبين له أن
قيام الليل فيه تخليص بدنه من الداء
تخليص البدن من الأمراض’’ مطردة للداء من الجسد ‘‘
وجه من يسأل عن عمل عظيم يتقرب به إلى الله إلى قيام
الليل وبين له أن
قيام الليل وسيلة يتقرب بها الإنسان لربه الرحمن
’’ مقربة إلى ربكم ‘‘
وبشره بتكفير ما سلف من ذنوبه فإن
قيام الليل يكفر السيئات
فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال ’’ عليكم بقيام
الليل فانه دأب الصالحين قبلكم وقربة إلى الله وتكفير للسيئات ومنهاة عن الإثم
ومطردة للداء عن الجسد ‘‘
الصلاة عمود الدين وأهم أركانه بعد الشهادتين ولها فضائل
عظيمة للمحافظين عليها
قال صلى الله عليه وسلم: ((صلاة في إثر صلاة لا لغو
بينهما ، كتاب في عليين)) أبو داود بإسناد حسن
وقال عليه الصلاة والسلام: ((الصلاة خير موضوع، فمن
استطاع أن يستكثر فليستكثر)) الطبراني في الأوسط حسن
وقال عليه الصلاة والسلام: ((أكثر من السجود، فإنه ليس من
مسلم يسجد لله تعالى سجدة إلا رفعه الله بها درجة في الجنة ، وحط عنه بها
خطيئة)) أحمد بإسناد صحيح , بكل سجدة ترفع درجة في الجنة ويحط عنك بها خطيئة ،
وما بين الدرجة والدرجة في الجنة كما بين السماء والأرض ، ومن فضائل هذه الصلاة
ما قاله عليه الصلاة والسلام: ((لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل
غروبها)) رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح، صلاة الفجر والعصر.
مرّ عليه الصلاة والسلام على قبر دفن صاحبه حديثاً، فقال
لأصحابه: ((ركعتان خفيفتان، مما تحقرون وتنفلون، يزيدهما هذا في عمله ـ وأشار
عليه الصلاة والسلام إلى صاحب القبر ـ أحب إليه من بقية دنياكم)) رواه الطبراني
في الأوسط و السند صحيح.
نعم، إن بعض الموتى يودون لو يخرجوا من قبورهم فيصلوا
ركعتين ، فإنهم يرون أنها خير من الدنيا وما فيها. فهل يتعظ بهذا متعظ.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن العبد إذا قام
يصلي أتى بذنوبه كلها، فوضعت على رأسه وعاتقيه، فكلما ركع أو سجد تساقطت عنه))
رواه الـطبراني بإسـناد صحيح
بكل ركوع وسجود تتهاوى وتتساقط آثام العبد
إن فضائل صلاة الجماعة كثيرة وعديدة، وهي تبدأ من حين أن
يهمّ الإنسان بالوضوء ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيما رجل قام إلى
وضوئه يريد الصلاة، ثم غسل كفيه نزلت كل خطيئة من كفيه مع أول قطرة ، فإذا مضمض
واستنشق واستنثر، نزلت خطيئة من لسانه وشفتيه مع أول قطرة، فإذا غسل وجهه نزلت
كل خطيئة من سمعه وبصره مع أول قطرة، فإذا غسل يديه إلى المرفقين ورجليه إلى
الكعبين، سلم من كل ذنب كهيئته يوم ولدته أمه، قال: فإذا قام إلى الصلاة رفع
الله درجته وإن قعد قعد سالماً)) رواه أحمد بسند صحيح.
ثم إذا مشى إلى الجماعة كانت له كل خطوة حسنة، والحسنة
بعشر أمثالها قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا تطهر الرجل ثم أتى المسجد
يرعى الصلاة، كتب له كاتباه بكل خطوة يخطوها إلى المسجد عشر حسنات))، وفي حديث
أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: ((من توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج عامداً إلى الصلاة،
فإنه في صلاة ما كان يعمد إلى الصلاة، ويكتب له بإحدى خطوتيه حسنة، ويمحى عنه
بالأخرى سيئة، فإذا سمع أحدكم الإقامة فلا يسعَ، فإن أعظمكم أجراً أبعدكم
داراً)). قالوا: لم يا أبا هريرة؟! قال: من أجل كثرة الخطا
لو استحضر المؤمن هذا الأجر , له بكل خطوة عشر حسنات
فإنه لا يفرط في صلاة الجماعة .. وهذا الأجر ليس فقط في الذهاب إلى المسجد بل
وحتى في العودة إلى البيت . قال صلى الله عليه وسلم: ((من حين يخرج أحدكم من
منزله إلى مسجدي، فرِجل تكتب له حسنة، ورِجل تحط عنه سيئة حتى يرجع ))
أراد بنو سليمة أن ينتقلوا قرب المسجد، فبلغ ذلك النبي
صلى الله عليه وسلم فقال لهم: ((بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد))
قالوا: نعم يا رسول الله قال: ((يا بني سلمة دياركم، تكتب آثاركم، دياركم تكتب
آثاركم)) وفي رواية أنه قال لهم: ((إن لكم بكل خطوة درجة)) بكل خطوة إلى صلاة
الجماعة درجة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: ((ألابعد فالأبعد من المسجد أعظم
أجراً)) لأنه يمشي خطوات كثيرة... فتكفر عنه السيئات وتورثه الحسنات، وقال
عليه الصلاة والسلام: ((من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزلاً
كلما غدا أو راح )) أحمد صحيح، هذه ليست إلا للمحافظين على الجماعة
وللخارج لصلاة الجماعة أجر الحاج المحرم قال صلى الله
عليه وسلم: ((من خرج من بيته متطهراً إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج
المحرم))
أبو داود، حسن وفي لفظ: ((ثم أتى المسجد فهو زائر لله،
وحق على المزور أن يكرم الزائـر)).
والفضائل في مجرد الحضور إلى المسجد كثيرة، تغفر لها ذنوب
المرء.. فكيف إذا دخل في الصلاة مع إمامه.. فههنا أبواب أخرى من الفضائل تفتح
له، إن لم تكفر تلك عنه، كفرت هذه عنه.. قال صلى الله عليه وسلم: ((من توضأ
فأسبغ الوضوء ثم مشى إلى الصلاة المكتوبة، فصلاها مع الإمام غفر له ذنبه))
أحمد، صحيح