علاج المؤثرات النفسية بالأذكار الربانية



للأذكار تأثير في تقوية النفس الإنسانية تغير الشعور بالضعف والوهن والخوف والقلق إلى الشعور بالراحة والأمان والاطمئنان   

تقوية نفس المؤمن بالأذكار

 إن من أكثر ما يزيل الأدواء، ويحصن من الأعداء، ذكر الله والإكثار منه والذي فيه فلاح المرء

فلاح المرء معلق على ذكر الله

 قال تعالى اذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(45)  [سورة الأنفال :45]

فالله تعالى علق فلاح المرء على كثرة ذكر الله, لأن ذكر الله تعالى سبب للحياة الكاملة التي يتعذر معها أن يرمي صاحبها بنفسه في أتون الجحيم أو غضب وسخط الرب العظيم

برامج علاجية تخصصية

ولذا عليك أن تبين للمتعاطي كل هذا وأنت تُرغبه وتُحببه في ذكر الله لتجعله يأتي به وهو مدرك بيقين أن ذكر الله يقويه ويعينه على الفلاح

وذلك من خلال معرفتك لنقاط ضعف المدمن لتأتي له في المقابل بمصادر القوة في ذكر الله فيسعى للإتيان بها مثل

1- المتعاطي غالباً ما يكون تعاطيه في الخفية ليس من تستراً وحياءً من الله ولكن عقوبة ربانية تجعله يشعر بالخزي أمام الآخرين

ولذا وجهه إلى ما يطمئن قلبه فإن

ذكر الله أمان وطمأنينة

   أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ(28) [سورة الرعد:28]

فذكر الله عز وجل، يحيي في نفس الذاكر استشعار عظمة الله، وحينها يشعر الذاكر بالسعادة وبالطمأنينة يغمران قلبه وجوارحه

2- المتعاطي غالباً ما يشعر بالضيق والحرج فيلجأ إلى التعاطي ظناً أنه يمنحه الشجاعة

ولذا وضح له أن

ذكر الله يشرح الصدور

فوجهه إلى ذكر الله الذي به يستطيع أن يواجه الآخرين بكل ثقة في الله عندما يقول رَب ٱشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسرْ لِيۤ أَمْرِي * وَٱحْلُلْ عُقْدَةً من لسَانِي * يَفْقَهُواْ قَوْلِي [سورة طه25:28] بين له أن موسى عليه السلام كان عنده شيء في لسانه ولما أمره الله أن يذهب إلى فرعون وموسى يعلم قدر فرعون يعلم أن فرعون من الملوك الطغاة ويعلم قدر نفسه فماذا كان منه قال  رَب ٱشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسرْ لِيۤ أَمْرِي * وَٱحْلُلْ عُقْدَةً من لسَانِي * يَفْقَهُواْ قَوْلِي [سورة طه25:28] فقواه الله ومكنه من مواجهة فرعون

3- المتعاطي غالباً ما يكون اتكالي على الآخرين وكثيراً ما يشتكي من أن أهله لا يقدمون له المساعدة فبين له أن

ذكر الله يمنح قوة للبدن تعينه في قضاء حوائجه

يقول علي رضي الله عنه أن فاطمة بنت رسول الله ، وكانت من أحب أهله إليه قد جرت بالرحى حتى أثر في يدها، واستقت بالقربة حتى أثر في نحرها، وكنست البيت حتى اغبرت ثيابها، فأتى النبي  خدم فقلت لو أتيت أباك فسألتيه خادما فأتته، فوجدت حداثا فرجعت، فأتاها من الغد فقال: ’’ ما كان حاجتك ؟ ‘‘ فسكتت، فقلت أنا أحدثك يا رسول الله، جرت بالرحى حتى أثرت في يدها، وحملت بالقربة حتى أثرت في نحرها، فلما أن جاءك الخدم أمرتها أن تأتيك فتستخدمك خادما يقيها حر ما هي فيه ‘‘( [1])

قال رسول الله  ’’ ألا أدلكما على خير مما سألتما ؟ إذا أخذتما مضاجعكما فسبحا ثلاثا وثلاثين، واحمدا ثلاثا وثلاثين، وكبرا أربعا وثلاثين، فهو خير لكما من خادم ‘‘( [2])

فهذه هي فاطمة ابنة رسول الله  أشرف الناس وعانت من الخدمة بالفعل ومع ذلك أراد رسول الله  أن يبن أن في ذكر الله قوة تعين المرء على قضاء حوائجه أفضل من اتكاله على الآخرين

4- المتعاطي كثيراً ما يشكوا من الحوجة والقحط الذي يمر به والحضيض الذي أنزله به المخدر

فبين له أن ذكر الله سيكون فيه الخلاص من حياة القحط فإن

ذكر الله غذاء

قال رسول الله  ’’ قبل خروج الدجال ثلاث سنوات شداد يصيب الناس فيها جوع شديد ويأمر الله السماء في السنة الأولى أن تحبس ثلث مطرها ويأمر الأرض فتحبس ثلث نباتها ثم يأمر الله السماء في السنة الثانية فتحبس ثلثي مطرها ويأمر الأرض فتحبس ثلثي نباتها ثم يأمر الله عز وجل السماء في السنة الثالثة فتحبس مطرها كله فلا تقطر قطرة ويأمر الأرض أن تحبس نباتها كله فلا تنبت خضراء فلا تبقى ذات ظلف إلا هلكت إلا ما شاء الله, قيل فما يعيش الناس في ذلك الزمان قال التهليل والتكبير والتسبيح والتحميد ويجري ذلك عليهم مجرى الطعام‘‘( [3])

5- المتعاطي غالباً ما يكون عنده لا مبالاة ويشكو من أنه ضعيف وفاقد السيطرة أمام المخدر

فوجهه لأن يتسلح بالأذكار ليواجه التعاطي فبين له أن

ذكر الله سلاح

الإكثار من ذكر الله سلاح مقدم، من أسلحة الحروب الحسية فقد ثبت عن النبي يخبر عن كيفية فتح جيش المسلمين للقسطنطينية يقول ’’ فإذا جاءها نزلوا، فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم، قالوا لا إله إلا الله والله أكبر, فيسقط أحد جانبيها، ثم يقولوا الثانية لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط جانبها الآخر، ثم يقولوا الثالثة لا إله إلا الله والله أكبر فيفرج لهم فيدخلوها فيغنموا .. الحديث ‘‘( [4])

فذكر الله عز وجل يحيي في النفوس استشعار عظمة الله، وأنه على كل شيء قدير، فأنه سلاح قوي ينصره على التعاطي ويصرف عنه العناء

فبذكر الله يحصل النصر ويثبت الله القلب في مواطن الفزع، ولذلك أمر الله تعالى بذكره عند مقابلة الأعداء في الحرب فقال  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(45)

6- المتعاطي غالباً ما يرتكب المعاصي من التعود عليها أو من دفع الشيطان له

فبين له أن

ذكر الله فيه الهداية والوقاية

قال رسول الله ’’  إذا خرج الرجل من بيته فقال بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله فيقال له حسبك قد هديت وكفيت ووقيت فيتنحى له الشيطان فيقول له شيطان آخر كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي ‘‘

قال رسول الله  ’’  إذا دخل المسجد قال أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم ‘‘ قال الشيطان حفظ مني سائر اليوم وبين له أيضاً أن

ذكر الله حماية ربانية من المكاره وتسلط الشياطين

بين له بالتهليل مرة واحدة يكون المرء في حرز من الشياطين

قال رسول الله  ’’ من قال إذا أصبح لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير كان له كعدل رقبة من ولد إسماعيل، وكتب له بها عشر حسنات، وحط عنه عشر سيئات، ورفعت له بها عشر درجات، وكان في حرز من الشيطان حتى يمسي، وإن قالها إذا أمسى كان له مثل ذلك حتى يصبح ‘‘( [5])

وإن زاد عن المرة فقالها عشر مرات بعد صلاة الفجر زيد على حراسته من الشيطان أن يحرز من كل المكاره ولا يدركه ذنب

قال رسول الله ’’ من قال في دبر صلاة الفجر وهو ثان رجليه قبل أن يتكلم لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات كتب الله له عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات وكان يومه ذلك كله في حرز من كل مكروه وحرس من الشيطان ولم ينبغ لذنب أن يدركه في ذلك اليوم إلا الشرك بالله ‘‘ ( [6])

وبين له أن

ذكر الله قوة يصرع بها الشياطين

حكى ابن القيم رحمه الله عن بعض السلف، أنهم قالوا إذا تمكن الذكر من القلب، فإن دنا منه الشيطان صرعه الإنسي، كما يصرع الإنسان إذا دنا منه الشيطان، فيجتمع عليه الشياطين، فيقولون ما لهذا ؟ فيقال قد مسه الإنسي

والشيطان حريص على أن يحرم ابن آدم من الحماية الربانية ويسعى بكل جهده أن يصده عن ذكر الله كي يدخله في المهالك ويستغل قدراته التي منحها الله له في فتنه لابن آدم ليرى الله من يطيعه ومن يعصيه, ومن قدراته أنه جاثم على قلب ابن آدم  

قال ابن عباس رضي الله عنهما ’’ الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا سها وغفل وسوس، فإذا ذكر الله خنس ‘‘( [7])

فالذي يسهى عن ذكر الله قد أعطى الشيطان الفرصة أن يغويه ويزين له المعاصي ليوقعه فيها فيشغله بها عن ذكر الله ولذا يدفع إلى شرب المخدرات والمسكرات التي تشغل العقل عن أداء دوره في طاعة الله وذكره لأنه يريد أن يصده بالخمر عن ذكر الله ليوقعه في المهالك فإن الله يترك من رفض الحماية الربانية واستجاب للإغوائات الشيطانية ويكله إلى نفسه فيتسلط عليه من هو أقوى قدرات منه الشيطان الذي يتسلط عليه ليدفع به إلى الهلاك

قال تعالى :  وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَانِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ(36) [سورة الزخرف:36].

كل هذا ليتحقق فيه العقوبة الربانية

عقوبة الإعراض عن ذكر الله الحياة الضنك في الدنيا والعمى في الآخرة

قال تعالى :  وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى(124)[سورة طه :124].

ليتضح للمتعاطي أن بتعاطيه أوقعه الشيطان في الصد عن ذكر الله, فعاقبه الله بحياة الضنك من توتر واكتئاب واضطراب للأعصاب وتسخط وعدم الرضا عن أي شيء, ولذا عليه حتى يخرج من هذه العيشة بالطاعة والاستجابة لقوله تعالى  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا(41) [سورة الأحزاب:41-42]. ليتصل بربه ، ويحيا ضميره، وتزكوا نفسه، ويطهر قلبه، ويستمد من ذكر الله العون والتوفيق والنجاة من النار

قال رسول الله  ’’ خذوا جُنتكم . قلنا يا رسول الله، من عدو قد حضر؟ قال لا، جنتكم من النار، قولوا سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر . فإنهن يأتين يوم القيامة منجبات ومقدمات وهن الباقيات الصالحات ‘‘( [8])


[1]

[2]

[3] صححه الألباني في صحيح الجامع 7875 من رواية ابن خزيمة والحاكم والضياء

[4] مسلم

[5] صححه الألباني في صحيح سنن أبو داوود 5077

[6] حسنه الألباني لغيره في صحيح الترغيب 472 , الترمذي وصححه

[7] الألباني في المشكاة 2281 قال رواه البخاري تعليقاً

[8] الحاكم وصححه, صححه الألباني في صحيح الجامع 3214