الصفحة الرئيسية السلوك الإيمان الإدمان وعلاجه  
الصلاة شروط الصلاة  

شروط الصلاة
الوقت
الطهارة
ستر العورة
استقبال القبلة
النية




  النية
من شروط الصلاة النية ، والنية محلها القلب ، واشتراط النية إنما يذكر من أجل التعيين والتخصيص
   

 أما من حيث الإطلاق فإنه لا يمكن لأحد عاقل مختار أن يقوم فيتوضأ ثم يذهب ويصلي لا يمكن أن يفعل ذلك إلا وقد نوى الصلاة ، لكن الكلام على التعيين ، فالتعيين لابد منه في النية ، فينوي الظهر ظهراً ، والعصر عصراً ، والمغرب مغرباً ، والعشاء عشاءً ، والفجر فجراً ، ولا تكفي نية الصلاة المطلقة ، لأن نية الصلاة المطلقة أعم من نية الصلاة المعينة ، فمن نوى الأعم لم يكن ناوياً للأخص ، ومن نوى الأخص كان ناوياً الأعم لدخوله فيه ولهذا نقول : إذا انتقل الإنسان من مطلق إلى معين ، أو من معين إلى معين بقيت نية الإطلاق ، وإن كان من معين إلى معين بطل الأول ولم ينعقد الثاني ، وإن انتقل من معين إلى مطلق بطل المعين وصح المطلق ، لأن المعين متضمن للإطلاق فإذا ألغي التعيين بقي الإطلاق ، ونوضح ذلك بالأمثلة :
رجل يصلي ناوياً نفلاً مطلقاً ، ثم أراد أن يقلب النية في أثناء الصلاة إلى نفل معين ، أراد أن يجعل هذا النفل المطلق راتبة فهنا نقول : لا تصح الراتبة ، لأن الراتبة لابد أن تكون منية من قبل تكبيرة الإحرام وإلا لم تكن راتبة ، لأن الجزء الأول الذي خلا من نية الراتبة وقع بغير نية الراتبة .
لكن لو كان يصلي راتبة ثم نواها نفلاً مطلقاً وألغى نية التعيين صح ذلك ، وذلك لأن الصلاة المعينة تتضمن نية التعيين ، ونية الإطلاق فإذا ألغى نية التعيين بقيت نية الإطلاق .
مثال آخر : رجل دخل بنية العصر ثم ذكر أثناء الصلاة أنه لم يصل فيحول نيته من العصر إلى الظهر فهنا لا تصح لا صلاة الظهر ، ولا صلاة العصر ، أما صلاة العصر فلا تصح لأنه قطعها ، وأما صلاة الظهر فلا تصح لأنه لم ينوها من أولها ، لكن إذا كان جاهلاً صارت هذه الصلاة في حقه نفلاً ، لأنه لما ألغى التعيين بقي الإطلاق .
مثال ثالث : صلى بنية الراتبة ثم بدا له في أثنائها أن يجعلها نفلاً مطلقاً صح ، لأن نية الراتبة تتضمن الإطلاق والتعيين ، فإذا ألغى التعيين بقي الإطلاق .
والخلاصة : أنني أقول إن ا لنية المطلقة في العبادات لا أظن أحداً لا ينويها أبداً ، وإذ ما من شخص يقوم فيفعل إلا وقد نوى ، لكن الذي لا بد منه هو نية التعيين والتخصيص .
ومن المسائل التي تدخل في النية : نية الإمامة بعد أن كان منفرداً أو الائتمام بعد أن كان منفرداً وهذا فيه خلاف بين العلماء ، والصحيح أنه لا بأس به ، فنية الإمام بعد أن كان منفرداً مثل أن يشرع الإنسان في الصلاة وهو منفرد ثم يأتي رجل آخر يدخل معه ليصيرا جماعة فلا بأس بذلك ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قام يصلي من الليل وكان ابن عباس – رضى الله عنهما – نائماً ثم قام ابن عباس فتوضأ ودخل مع النبي صلى الله عليه وسلم وأقره النبي صلى الله عليه وسلم . والأصل أن ما ثبت في النفل ثبت في الفرض إلا بدليل ، لو شرع الإنسان يصلي وحده ثم جاء آخر فدخل معه ليجعله إماماً له فلا بأس ، فيكون الأول إماماً والثاني مأموماً ، وكذلك بالعكس لو أن أحداً شرع في الصلاة منفرداً ثم جاء جماعة فصلوا جماعة فانضم إليهم فقد انتقل من انفراد إلى ائتمام وهذا أيضاً لا بأس به ، لأن الانتقال هنا ليس إبطالاً للنية الأولى ولكنه انتقال من وصف إلى وصف فلا حرج فيه .
فهذه الشروط التي ذكرناها أهم الشروط التي ينبغي الكلام عليها وإلا فهناك شروط أخرى كالإسلام والتمييز والعقل لكن هذه شروط في كل عبادة .

وسئل فضيلته : قال بعض الفقهاء إن من شروط الصلاة اجتناب النجاسة في البدن ، والثوب ، والبقعة ، وهو شرط عدمي ، فما الفرق بين الشرط الإيجابي والعدمي ؟
فأجاب بقوله : الفرق بين الشرط الإيجابي والعدمي أن الأول يجب فعله والثاني يجب اجتنابه ، فإذا صلى الإنسان في ثوب نجس ناسياً ، أو جاهلاً فإن صلاته صحيحة ، وليس عليه إعادة الصلاة ، مثال ذلك : أصاب ثوبك بول ولم تغسله ثم صليت بعد ذلك ناسياً غسله ، أو أنه أصابك فإن صلاتك صحيحه ولا إعادة عليك ، لأنك معذور بالنسيان ، قال تعالى (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) . وقد روى أهل السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي بأصحابه ذات يوم فخلع نعليه ، فخلع الصحابة نعالهم ، فلما سلم سألهم ، فقالوا : يا رسول الله رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا ، فقال : (( إن جبريل أتاني وأخبرني أن فيهما أذى أو قذراً )) . فدل هذا على أن من صلى بنجاسة جاهلاً بها فإن صلاته لا تبطل ، فإن علم بها أثناء الصلاة أزالها ومضى في صلاته ولا حرج عليه .فإذا قال قائل : ألستم تقولون : إن الإنسان إذا صلى بغير وضوء ناسياً فإن صلاته باطلة غير صحيحة ، فكيف تقولون إنه إذا صلى بالنجاسة ناسياً غسلها تكون صلاته صحيحة فما الفرق إذاً ؟
نقول : إن الوضوء شرط إيجابي أي أنه شرط وجودي والشرط الوجودي لابد من وجوده فإذا عدم عدمت الصحة ، وأما اجتناب النجاسة فهو شرط عدمي ، وقد قال أهل العلم : إنه يفرق بين ترك المأمور وفعل المحذور ، فترك المأمور لا يعذر فيه الإنسان بالجهل أو النسيان ، وفعل المحذور يعذر فيه الإنسان بالجهل أو النسيان ، وهذه قاعدة مقررة عند أهل العلم دل عليها كتاب الله ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم