تناولنا منها أمران الأمر الأول الإيمان بعلم الله الذي أحاط بكل شئ جملة
وتفصيلاً والأمر الثاني الإيمان بأن الله كتب في اللوح المحفوظ كل شئ إلا
قيام الساعة وتناولنا نبذة عن ذلك وتناولنا بعض الفوائد وهي ثمرة الإيمان
بالقدر وأيضاً من الأمور التي تكون خطيرة في هذا الأمر أنه عندما يحتج امرئ
بمعصيته كأن يكون رجل يتعاطى المخدرات ويقول أنا كتب علي الإدمان فيحتج بأن
الإدمان كتب عليه فنقول نعم كتب عليك لكن الله كتبه بما يعلمه مما يكون
حالك فالله كتب في اللوح المحفوظ بما يكون من علم فإن الله سبق علمه كل شئ
فالله يعلم أنك إن وجدت زجاجة خمر ماذا سيكون من أمرك هل ستتناول منها
وتشرب أم ستتجنبها ؟ فالله يعلم أنك تعلم أن تناولها حرام وأنك مأمور
باجتنابها وأيضاً خلق فيك إرادة محل التكليف فالله يعلم ما يكون حالك إذا
تعرضت للشراب فهو سجل وكتب عليك أنك تتعاطى لأنه يعلم انك ستتعاطى إذا وجدت
المادة المخدرة ولم الله عليك ليكرهك معنى الكتابة أن يكرهك فهذا مستحيل
لأن الله حرم الظلم على نفسه إذ لا بد أن ننتبه لهذا الأمر الله لم يجبرك
فلم يفتح أحد فمك ويضع فيه الخمر حتى تحتج بالقدر ولكن الله كتب ما سيكون
من أمرك لأنه يعلم ما سيحدث لك فعلمه سبق كل شئ فهو سجل ما سيكون من أمرك
هذا الذي أردنا أن نبينه أنه لايجوز الاحتجاج بالقدر على فعل المعصية نعود
إلى الأمور التي يجب على المرء أن يؤمن بها في مسألة القدر وهي الإيمان بأن
ما حدث في الكون فهو بمشيئة الله فما من شئ يحدث خارج عن مشئية الله ولذا
اتفق الناس على هذه العبارة ( ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن فكل شئ
يحدث يحدث بمشيئة الله وعلى هذا العموم سواء كان من أفعال الله تعالى أو من
أفعال العباد فأفعال الله تحدث بمشيئته وأفعال العباد أيضاً تحدث بمشيته
وإن لم يشأ لم تحدت ( لمن شاء منكم أن يستقيم وما تشاؤون إلا أن يشاء الله
رب العالمين ) فالله بين أن العبد له مشيئة وأن هذه المشيئة أيضاً هي من
مشيئة الله أيضاً ينبغي أن نعلم بأن الله خلق كل شئ خلق السماوات والأرض
وخلق الجبال والبحار والشمس والقمر والنجوم وخلق الإنسان فالله خلق الإنسان
أي خلق العباد وخلق أفعال العباد فأفعال العباد خلقها الله فالإنسان هنا
عندما يفعل شئ يفعله بالإرادة والله الذي خلق فيك الإرادة فالله خلق العباد
وخلق فيهم إرادتهم فكل شئ يحدث من أفعلا لا نقول أن هذه الأفعال خلقها الله
فقط بل خلقها الله الذي خلق العباد وخلق أفعالهم