علمنا
أن الإيمان بالملائكة يتضمن أمرين الأول الإيمان بالملائكة
بأسمائهم التي
بينتها الشريعة كأن تؤمن بأن هناك ملك اسمه كذا
المرتبة الثانية وهي مرتبة الإيمان وهي تتناول أعمال القلوب وهي أعلى درجة
من مرتبة الإسلام فمرتبة الإيمان عندما سأل جبريل النبي صلى الله عليه وسلم
ما الإيمان ؟ قال الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر
والقدر خيره وشره الإيمان بعد أن عرفه النبي صلى الله عليه وسلم
شرعاً فمعناه في اللغة هو الاعتراف والإقرار الذي يلزم القبول والإذعان ليس
فقط الاعتراف والإقرار وإنما لا بد أن يكون هذا الاعتراف وهذا الإقرار يحمل
صاحبه على القبول والإذعان وإلا فأبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم كان
يعترف بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم ويقر أن محمداً جاء من عند الله وأنه
حق ولكن اعترافه واقراره لم يلزمه القبول فلم يذعن للنبي صلى الله عليه
وسلم فلا بد أن ننتبه أنه لا بد أن الإقرار والاعتراف يلزم صاحبه للإذعان
والقبول فمثلاً رجل يعترف ويقر في معاملة ربوية أن هذه المعاملة ربوية
ولكنه يشترك فيها فهنا اعترافه واقراره بقول أهل العلم أن هذه المعاملة
ربوية فإقراره واعترافه هذا لم يحمله على القبول لهذا الأمر بل اشترك فيه
فهنا اعترافه واقراره لا يرفع عنه الإثم اثم الوقوع في المعاملة الربوية بل
ربما يزيد الإثم لأن هذا الذي بلغه سيكون حجة عليه هذا أيضاً كمن يقر
ويعترف أنه لا تخلص من الإدمان إلا باللجوء للرحمن يعترف ويقر بهذا
لكن اعترافه وهذا لم يحمله على أن يتبع المنهج الشرعي لكن مع اعترافه
واقراره هذا يأخذ من نهج آخر وربما صاحب هذا النهج هو في الأصل مشرك لم
يصلح نفسه فهنا اقراره واعترافه لم يحمله على القبول والاذعان فلا بد من
أن يكون الاقرار و الاعتراف يحمل صاحبه على القبول والاذعان
والأمر الثاني هو الإيمان بوظائفهم وخصائصهم التي هيأهم الله لها وتناولنا
بعضها ومن
هذه الخصائص أيضاً من وكلهم الله بحمل العرش ( الذين يحملون العرش ومن حوله
يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ) عرش الرحمن كما بينه
النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث فأخبرنا أن الأرض بالنسبة للسماء
الأولى كحلقة في فلاة والسماء الأولى بما فيها الأرض بالنسبة للسماء
الثانية كحلقة في فلاة والسماء الثانية بما فيها السماء الأولى والأرض
كحلقة في فلاة وهكذا بالنسبة للسماء الثالثة والرابعة وكل السماوات
السبع
وأن السماوات السبع وما فيهن بالنسبة للكرسي كحلقة في فلاة و الكرسي هو
موضع القدم والكرسي وما فيه من السماوات السبع بالنسبة لعرش الرحمن كحلقة
في فلاة والرحمن على العرش استوى استواء يليق بجلاله وعظمته دون تمثيل أو
تشبيه أو تحريف أو تكييف أو تعطيل فانظر إلى عرش الرحمن هذا العرش حملته
يوم القيامة ثمانية كما بين الله تعالى ( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية
)
والآن كما جاء في الآثار هذا العرش يحمله ملائكة كم عددهم ؟ كيف تكون
أحجامهم حتى يحملون هذا العرش ؟ يقول النبي صلى الله عليه وسلم أٌذن لي أن
أحدث عن ملك من حملة العرش إن من بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة
عام فكيف يكون حجمه ؟ وابن عباس بين لنا أن المسافة بين السماء والأرض
خمسمائة عام والمسافة بين كل سماء و التي تليها مسيرة خمسمائة عام وهذا فقط
بين شحمة أذنه وعاتقه سبعمائة عام هذه الملائكة التي تحمل العرش لها مهمه
أخرى مع حمل العرش فهم يسبحون الله سبحان الحي الذي لا يموت سبحان ذي العزة
والجبروت ويستغفرون للذين آمنوا والذين تابوا ويدعون الله أن يقيهم
عذاب
الجحيم ويدخلهم جنات النعيم ومن الملائكة أيضاً من وكل بحفظ المرء في حله
وترحاله وكل أحواله وهم المعقبات يحفظونه من بين يديه ومن خلفه إلا من شئ
أمر الله تعالى به فيتخلون عنه فما من عبد إلا وكل به ملك يحفظه وهو نائم
وفي يقظته يحفظه من الجن والإنس والدواب ولا يأتيه شئ من هذه الأشياء إلا
وقال له الملك ارجع إلا شئ أراد الله أن يصيبه ومن الملائكة من وكلوا بحفظ
أعمال العبد يعني ملائكة لحفظ العبد وملائكة أخرى لحفظ أعمال العبد من خير
أو شر وهم الكرام الكتبة يكتبون أفعال العبد فما من عبد إلا وكل به ملك
يكتب حسناته وملك يكتب سيئاته الملك الذي يكتب حسناته على يمين العبد والذي
يكتب سيئاته على شمال العبد والذي يكتب الحسنات هو أمير على الملك الذي
يكتب السيئات فإذا فعل العبد حسنة كتبها ملك الحسنات عشر حسنات وإذا فعل
سيئة قال الملك الذي على يمين العبد وهو ملك الحسنات لملك السيئات لا
تكتبها عليه ساعات لعله يستغفر أو يتراجع وهؤلاء الذين يتعاقبون فيمن كلفوا
به بالليل والنهار ويجتمعون معه في صلاة العصر وصلاة الفجر ويصعدون ملائكة
الليل فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم كيف تركتم عبادي فيقولون أتيناهم وهم
يصلون وتركناهم وهم يصلون
مرتبة الإيمان من حديث جبريل عليه السلام الركن الثاني منها هو
الإيمان بالملائكة وتقدم ذكر الملائكة على الكتب والرسل لأن عالم
الملائكة عالم غيبي أما عالم الكتب والرسل عالم محسوس والملائكة لا
يظهرون بالحس إلا من أذن له الله
وقد خلقهم الله من نور وهم لا يأكلون ولا يشربون ليس لهم أجواء أي سمر لا
يحتاجون للمأكل أو المشرب وفي صفة خلقهم أن للملائكة أجنحة مثنى
وثلاث ورباع ويضاعف الله لمن يشاء فهناك جبريل عليه السلام زعيم الملائكة
له ستمائة جناح الجناح الواحد يسد الأفق الملائكة هم الكرام السفرة الكرام
البررة سفرة أي سفراء بين الله تعالى وبين أنبيائه عليهم السلام هم الكرام
خَلقاً وخُلقاً هم البررة الطاهرون ذاتاً وصفةً وأفعالاً خلقهم الله
لعبادته وهم عباد الله طائعون له وتعالى الله عما يقول المجرمون من أنهم
بنات الله أو أولاده وشركاؤه أو نداً له تعالى الله عما يقولون بل هم عباد
لله خلقهم لعبادته والإيمان بالملائكة يتضمن الإيمان بأسماء من عرفنا ومن
ذكروا بأسمائهم فنؤمن بأن هناك ملك اسمه جبريل وملك اسمه اسرافيل وميكائيل
ومالك ومنكر ونكير وتؤمن أيضاً بخصائصهم التي كلفهم الله بالإتيان بها أي
وظائفهم فمنهم الموكل بالوحي الوحي الذي هو حياة القلوب والموكل بالوحي هو
الروح الأمين جبريل عليه السلام ( ذو قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين )
مطاع له مكانة عالية أمين جبريل شاهده النبي صلى الله عليه وسلم في صفته
الحقيقية التي ذكرناها مرتان وباقي المرات الأخرى جاء للنبي صلى الله عليه
وسلم في صورة رجل وهو الصحابي يحيى الكلبي ومنهم من هو موكل بالقطر أي
المطر والنبات وهو ميكائيل موكل بالقطر والنبات والذي فيه حياة الأرض وهو
له ملائكة يعاونونه يأمرهم بما أمره الله تعالى به في تصريف الرياح وإنزال
المطر فما تنزل قطرة من السماء إلا وموكل بها ملك يريها مكانها الذي تنزل
فيه ومن الملائكة من هو مكلف بالنفخ في الصور الذي فيه حياة الناس الأبدية
وهو اسرافيل عليه السلام ينفخ عندما يأذن الله له بالنفخ في الصور ثلاث
نفخات الأولى نفخة الفزع والثانية نفخة الصعق والثالثة نفخة البعث وهو كما
بين النبي صلى الله عليه وسلم حامي جبهته ينتظر متى يؤمر بالنفخ بهذا الصور
الذي ينفخ فيه ذرة فيه أعظم من السماوات والأرض الصور هو القرن والجزء الذي
يوضع على الفي لكي ينفخ فيه هو أقل دائرة في الصور هذا أعظم من السماوات
والأرض فكيف يكون الصور كيف يكون هذا الملك العظيم