فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ (103)
فداوموا على الإِكثار من ذكر الله في كل أحوالكم سواء أكنتم قائمين في ميدان القتال ، أم قاعدين مستريحين ، أم مضطجعين على جنوبكم ، فإن ذكر الله تعالى الذي يتناول كل قول أو عمل يرضى الله هو العبادة المستمرة التي بها تصفو النفوس ، وتنشرح الصدور ، وتطمئن القلوب . قال تعالى { الذين آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ الله أَلاَ بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ القلوب } وإنما أمره سبحانه بالإِكثار من ذكره في هذه الأحوال بصفة خاصة ، مع أن الإِكثار من ذكر الله مطلوب في كل وقت ، لأن الإِنسان في حالة الخوف ومقابلة الأعداء أحوج ما يكون إلى عون الله وتأييده ونصره ، والتضرع إلى الله بالدعاء في هذه الأحوال يكون جديراً بالقبول والاستجابة .
فداوموا على ذكره سبحانه فإن ذكره حصنكم في كل حالة من كل عدو ظاهر أو باطن
فالذكر أعظم حفيظ للعبد ، وحارس من شياطين الإنس والجن ، ومسكن للقلوب وهو أفضل مجليات القلوب ومهذبات النفوس
فداوموا على ذكر الله تعالى وحافظوا على مراقبته ومناجاته ودعائه في جميع الأحوال فإذا فرغتم من صلاتكم، سواء صلاة الخوف وغيرها، فاذكروا الله في جميع أحوالكم وهيئاتكم، ولكن خصت صلاة الخوف بذلك لأن القلب صلاحه وفلاحه وسعادته بالإنابة إلى الله تعالى في المحبة وامتلاء القلب من ذكره والثناء عليه
ولأن الخوف يوجب من قلق القلب وخوفه ما هو مظنة لضعفه، وإذا ضعف القلب ضعف البدن عن مقاومة العدو، والذكر لله والإكثار منه من أعظم مقويات القلب. [ ص 199 ]
ولأن الذكر لله تعالى مع الصبر والثبات سبب للفلاح والظفر بالأعداء، كما قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } لذا أمروا بالإكثار منه في هذه الحال