الأزلام من معوقات الفلاح
الأزلام جمع زلم والزلم السهم ([13]) الذي يقترعون به
وتطلق الأزلام على الأقداح وهي عبارة عن أعواد من الخشب زلمت أي سويت بهيئة السهام كانوا يستقسمون بها في الجاهلية
والاستقسام هو طلب معرفة ما قسم للإِنسان من خير أو شر
فيطلبون بهذه الأزلام علم ما قسم لهم من الخير والشر قبل الإقدام على الشيء أو الإحجام عنه
فكانوا إذا قصدوا فعلا ضربوا ثلاثة أقداح وهي ثلاثة أزلام مكتوب على أحدها أمرني ربي ، وعلى الثاني نهاني ربي ، والثالث غُفل ليس عليه كتابة وكانوا يطلبون بها علم ما قسم لهم من الخير والشر قبل الإقدام على الشيء أو الإحجام عنه
فكانت العرب في الجاهلية إذا أراد أحدهم سفراً أو تجارة أو زواجاً أو اختلفوا في نسب ، أو أمر قتيل أو تحمُّل دية مقتول أو غير ذلك من الأمور
حيث يجيء من أراد الاستقسام إلى هُبَل ، أعظم صنم في الكعبة لقريش ، وقدّم مائة درهم إلى السادن ، فيخرج له القداح ويسحب واحداً منها من الكيس التي هي فيه. فإذا خرج أمرني ربي ، أقدموا على لحاجتهم ، وإن خرج نهاني ربي أمسكوا تجنبوا عنه فلم يفعلوا ولم يمضوا في شأنهم ، وإن خرج الغفل الذي ليس عليه كتابة أعادوها ثانية حتى يخرج الآمر أو الناهي ليعملوا به
ومن الأزلام الزجر بالطير وأخذ الفأل منها وفتح الكتب وقراءة الفنجال والضرب بالودع والضرب بالحصى والعرافة وحظك اليوم والأبراج ونحوه مما يصنعه الناس اليوم
وقد نهى الله تعالى الناس عن طلب معرفة ما قسم لهم بالاستقسام بالأزلام
لأنه خوض في علم الغيب الذي استأثر الله به ومعنى استئثار الله تعالى بعلم الغيب انه لا يعلم إلا منه ، ولهذا صار استعلام الخير والشر من المنجمين والكهنة ممنوعاًً وافتراء على الله تعالى وهو حراما فقال تعالى{ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ (3) }المائدة
لأن هذا الفعل ذنب عظيم وخروج عن طاعة الرحمن إلى معصيته وطاعة الشيطان
فحرم الله عليهم هذه الصور من الأزلام وما يشبهه، وعوضهم عنها بالاستخارة لربهم في جميع أمورهم
فحرم الإسلام هذه الأمور لأنها تشتمل على مفاسد ، والإسلام يريد أن يبني مجتمعاً نقيا طاهرا
[13] تفسير القطان - (ج 1 / ص 432)