الجمع المتشابه في الفضيلة

جمع بين الفضائل المتشابهة للدنيا

الجمع في تحصيل الكفاية من قراءة الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة ومن قراءة قل هو الله أحد والمعوذات ثلاثاً في الصبح والمساء ومن صلاة أربع ركعات الضحى

تحصيل الكفاية من قراءة الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة

يقول النبي صلى الله عليه وسلم {من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه }([1])

انظر لمعنى كفتاه والنبي صلى الله عليه وسلم يوجهنا وهو أعلم بأحوال الناس ومطالبها فمن الناس من يحتاج إلى جلب خير ومن الناس من يحتاج إلى دفع ضر والناس تتفاوت بين هذه الأمور والنبي صلى الله عليه وسلم يبين لنا بكل بساطة وسهولة ما يكفينا في الحصول على مطالبنا بقراءة الآيتين

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأ بهما في ليلة كفتاه }([2])

مَنْ قَرَأَ بِالْآيَتَيْنِ يَعْنِي مِنْ قَوْله تَعَالَى {آمَنَ الرَّسُول } إِلَى آخِر السُّورَة

كَفَتَاهُ

كفتاه من ماذا كفتاه من السوء كل السوء

كفتاه دفع الشر والضر

كَفَتَاهُ شَرّ الشَّيْطَان قال صلى الله عليه وسلم { لَا يُقْرَآنِ فِي دَار فَيَقْرَبهَا الشَّيْطَان ثَلَاث لَيَالٍ }

قال صلى الله عليه وسلم { إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق السموات والأرض بألفي عام أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة لا يقرآن في دار ثلاث ليال فيقربها شيطان }

دَفَعَتَا عَنْهُ شَرّ الْإِنْس وَالْجِنّ { لا يَقْرَأ أَحَد مِنْكُمْ خَاتِمَة سُورَة الْبَقَرَة فَيَدْخُل أَحَد مِنْهَا بَيْته تِلْكَ اللَّيْلَة }([3])

حصن عظيم لك وللمكان الذي تقرءاهما فيه

كفتاه في الوقاية من الْآفَات

كَفَتَاهُ الْمَكْرُوه فِيهَا أي َتَقِيَانِه مِنْ الْمَكْرُوهِ

كَفَتَاهُ مِنْ كُلِّ مَا يَخَافُ ، وَفَضْلُ اللَّهِ وَاسِعٌ

كفتاه جلب النفع والخير

كَفَتَاهُ مَا حَصَلَ لَهُ بِسَبَبِهِمَا مِنْ الثَّوَاب عَنْ طَلَب شَيْء آخَر

كَفَتَاهُ مِنْ قِيَام تلك اللَّيْل { مَنْ قَرَأَ خَاتِمَة الْبَقَرَة أَجْزَأَتْ عَنْهُ قِيَام لَيْلَة }

أَيْ أَجْزَأَتَا عَنْهُ مِنْ قِيَام اللَّيْل بِالْقُرْآنِ

وأجزأتا عنه عن قراءة القرآن مطلقا في هذه الليلة سَوَاء كَانَ داخل الصلاة أم خارجها { مَنْ قَرَأَهُمَا بَعْد الْعِشَاء الْآخِرَة أَجْزَأَتَا } ([4])

أجزأتاه فيما يتعلق بالاعتقاد لما اشتملا عليه من الإيمان والأعمال إجمالا

فإنه لم ينزل خير من خير الدنيا والآخرة إلا اشتملت عليه هاتان الآيتان أما خير الآخرة فإن قوله { آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ } إشارة إلى الإيمان والتصديق

وقوله { وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا } إشارة إلى الإسلام والانقياد والأعمال الظاهرة

وقوله { غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } إشارة إلى جزاء العمل في الآخرة

وقوله { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286) } [البقرة: 285، 286]

إشارة إلى المنافع الدنيوية لما فيهما من الذكر والدعاء والإيمان بجميع الكتب والرسل وغير ذلك ولهذا أنزلتا من كنز تحت العرش([5])

قال صلى الله عليه وسلم { اقرءوا هاتين الآيتين اللتين في آخر سورة البقرة فإن ربي أعطانيهما من تحت العرش }([6])

{ فَاقْرَءُوهُمَا وَعَلِّمُوهُمَا أَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَكُمْ ، فَإِنَّهُمَا قُرْآن وَصَلَاة وَدُعَاء}

وعندما تجمع مع الكفاية التي تحصل عليها من قراءة هاتين الآيتين بكفاية أخرى بين النبي صلى الله عليه وسلم أنها كفاية من كل شيء نحتاجه بقراءة قل هو الله أحد والمعوذات تكون عندك كفايات عظيمة

قال صلى الله عليه وسلم { قل قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء } ([7])

ما أعظم هذه الكلمات تكفيك من كل شيء قراءة هذه السور الصغيرة

تكفيك جلب النفع والخير

تكفيك دفع الشر والضر

تكفيك في الحفظ من الشياطين

تكفيك من همومك وغمومك وكروبك

تكفيك في تحصين نفسك من كل شيء

{ كان صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ فيهما : قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات } ([8])

تكفيك حتى في مرضك

فعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح بيده رجاء بركتها

وكان صلى الله عليه وسلم إذا كان في ظلمة وتغير أحوال بريح شديدة يأمر بالتعوذ بهذه السور

فعن عبد الله بن خبيب قال {خرجنا في ليلة مطيرة وظلمة شديدة نطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي لنا قال فأدركته فقال قل فلم أقل شيئا ثم قال قل فلم أقل شيئا قال قل فقلت ما أقول قال قل قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وتصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء}

فعلينا أن نجمع بين هذه السور الثلاثة التي تكفيك كل شيء وبين الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة لما لهما من الكفاية العظيمة

ونجمع معهما كفاية أخرى نحصل عليها بأربع ركعات ضحى

فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم وهو يروي عن ربه تعالى { يَا ابْنَ آدَمَ صَلِّ لِي أَرْبَعَ ركعات أول النهار أكفك آخره }

الْمُرَاد بِهَذِهِ الْأَرْبَع رَكَعَات صَلَاة الضُّحَى

{ ابن آدم اركع لي أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره }

أيْ لَا تُفَوِّتْنِي مِنْ الْعِبَادَة في أول النهار فَيَفُوتك كِفَايَتِي آخِر النَّهَار

{ ابن آدم لا تعجزني من أربع ركعات في أول النهار أكفك آخره }

يُرَاد كِفَايَته مِنْ الْآفَات وَالْحَوَادِث الضَّارَّة ، ويُرَاد حِفْظه مِنْ الذُّنُوب وَالْعَفْو عَمَّا وَقَعَ مِنْهُ فِي ذَلِكَ وأَعَمّ مِنْ ذَلِكَ

وصلاة الضحى تبدأ من بعد طلوع الشمس إلى قبل زوال الشمس بعشرين دقيقة لأن العشرين دقيقة هذه ينهى عن الصلاة فيها ففي خلال هذا الوقت من بعد طلوع الشمس إلى قبل أذان الظهر بحوالى عشرين دقيقة يصلى فيها صلاة الضحى المعروفة بصلاة الأبوين كما عبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم { لا يحافظ على صلاة الضحى إلا أواب

قال وهي صلاة الأوابين }

وأفضل وقت لصلاتها وقت الرمضاء أي الوقت الذي تشدد فيه الحرارة قال صلى الله عليه وسلم { صلاة الأوابين حين ترمض الفصال } أي حوالي الساعة العاشرة

فإن صليت في هذا الوقت أربع ركعات الضحى يكفيك الله أخر اليوم بكل ما تحتاجه من كفاية

يكفيك جلب النفع يكفيك جلب الخير يكفيك دفع الشر سواء شر الشيطان أو الجان أو الإنسان أو الدواب وكافة المخلوقين يكفيك الله تعالى شر هذه المخاوف التي قد تدور في خاطرك يكفيك الله تعالى الهم والغم والحزن والكرب يكفيك الله تعالى من جلب السعادة والطمأنينة كل هذا وأكثر بأربع ركعات للضحى تأتي بهم

أما أن صليتها ركعتين فكفايتها للصدقات المطلوبة منك على مفاصل جسمك فقد قال صلى الله عليه وسلم { في الإنسان ثلاثمائة وستون مفصلاً على كل مفصل صدقة قالوا يا رسول الله، فمن يطيق ذلك؟ قال أليس ينحى أحدكم الأذى من الطريق، فإن لم يطق ذلك، فإن ركعتي الضحى تجزئ عنه }

و قال صلى الله عليه وسلم { عَلَى كُلِّ سُلَامَي مِنْ بَنِي آدَمَ فِي كُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ رَكْعَتَا الضُّحَى }

أمر عظيم تأتي بثلاثمائة وستون صدقة من منا يطيق ذلك

فصلاة الضحى ركعتان تكفيك لسد احتياجاتك من الصدقات المطلوبة منك على مفاصل جسدك

فينبغي على العبد ألا يترك صلاة الضحى ولو أن يأتي بها ركعتان كما في حديث أبى هريرة

{أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلَاثٍ بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَكْعَتَيْ الضُّحَى وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَرْقُدَ}

أما أن صليتها أربع ركعات فإنها تكفيك لصدقات مفاصل جسدك وتكفيك كل أمورك

وأن صليت الضحى أكثر من أربع كان أعظم فقد {سَأَلَتْ عَائِشَةَ كَمْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي صَلَاةَ الضُّحَى ؟ قَالَتْ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَيَزِيدُ مَا شَاءَ }

وفي رواية جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها أي الضحى ستا

وفي رواية أم هانىء أن النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح صلى ثماني ركعات سبحة الضحى

فترغيب النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الضحى والحض عليها والمحافظة عليها لما فيها جزيل الأجر وعظيم الثواب

اللهم أكفينا حوائجنا

اللهم أكفينا ما نحتاجه من جلب نفع ودفع ضر وشر

اللهم أكفينا ما نحتاج إليه من خير الدنيا والآخرة

[1] صحيح الترغيب والترهيب 2/ 117

[2] متفق عليه مشكاة المصابيح 1/ 481

[3] فتح الباري لابن حجر 14/ 221

[4] قال ابن حجر في فتح الباري 14/ 221 أَخْرَجَهُ الْحَاكِم وَصَحَّحَهُ

[5] فيض القدير 6/ 256

[6] صحيح 1172 صحيح الجامع

[7] حسن الترمذي 3828

[8] 3104 الصحيحة