|
الصفحة الرئيسية | السلوك | الإيمان | الإدمان وعلاجه |
جمع بين الفضائل المتشابهة للدنيا |
المتشابه في فضل الحب في الله |
|
المحبة في الله
الحب في الله والبغض في الله من الفرائض واجتماعهما على معنى أنهما يجتمعان بسبب تحابهما في الله
وقوله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه
وقوله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه
اجتمعا على التحاب في الله ، فإن تغير أحدهما عما كان عليه مما توجب محبته فِي الله فارقه الآخر بسبب ذلك ، فيدور تحاببهما على طاعة الله وجوداً وعدماً إذا كان لك أخ تحبه في الله ، فأحدث حدثاً فلم تبغضه فِي الله لم تكن محبتك لله قَالَ صلى الله عليه وسلم { ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان وطعمه أن يكون الله عز وجل ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب في الله ويبغض في الله وأن توقد نار عظيمة فيقع فيها أحب إليه من أن يشرك بالله شيئا } ([1]) معنى وجود حلاوة الإيمان هو استلذاذ الطاعات وتحمل المشقات فيما يرضى الله تعالى، ورسوله صلى الله عليه وسلم وإيثار ذلك على عرض الدنيا، رغبة في نعيم الآخرة، الذي لا يبيد ولا يفنى ومحبة العبد لخالقه هي التزام طاعته والانتهاء عن معاصيه لقوله تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ} [آل عمران: 31]، وكذلك محبة رسول الله هي التزام شريعته وإتباع طاعته، ولما لم نصل إلى الإيمان إلا بالرسول، كانت محبته من الإيمان، وقد سئل بعض الصالحين عن المحبة ما هي؟ فقال: مواطأة القلب لمراد الرب، أن توافق الله، عزَّ وجلَّ، فتحب ما أحب وتكره ما كره. وقوله صلى الله عليه وسلم أن يحب المرء لا يحبه إلا لله فمن أجل أن الله قد جعل المؤمنين إخوة، وأكد النبي صلى الله عليه وسلم كلامه بقوله لو كنت متخذًا خليلا لاتخذت أبا بكر، ولكن خلة الإسلام أفضل وقال صلى الله عليه وسلم سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله فعد منهم رجلين تحابا في الله قال الطبرى: فإن قيل: فهل حب المرء اكتساب للعبد أم غريزة وجبلَّة؟ فإن قلت: إن ذلك اكتساب للعبد، إذا شاء أحب وإذا شاء أبغض، قيل: فما وجه الخبر الوارد أن القلوب مجبولة على حب من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها؟ وإن قلت إن ذلك جبلة وغريزة، فما وجه قوله صلى الله عليه وسلم لا يجد حلاوة الإيمان حتى يحب المرء لا يحبه إلا لله؟ فالجواب: أن الله تعالى، وإن كان هيأ القلوب هيئة لا يمتنع معها حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها، فإن العبد إنما يلحقه الحمد والذم على ما كلف مما له السبيل إليه من تذكيرها إحسان المحسن وإساءة المسيء إليها، وتنبيها على ما أغفلته من سالف أيادي المحسن إليها والمسيء، فإلى العبد التنبيه والتذكر الذي هو بفعله مأمور إن كان لله، تعالى، طاعة وعن التقدم عليه منهي إن كان له معصية، وذلك أن الرجل إذا تذكر سالف أيادي الله وأيادي رسوله صلى الله عليه وسلم وما منَّ عليه أن هداه للإسلام وأنقذه من الضلالة، وعرفه الأسباب التي توخيه إلى النجاة من عذاب الأبد والخلود في جهنم، وغير ذلك من النعم التي وصلت إليه به مما لا كفاء لها، ولا استحقها من الله لسابقة تقدمت منه إلا بفضله تعالى، وجب أن يخلص المحبة لله ولرسوله فوق كل شيء من جميع المحاب، وكذلك إذا علم ما في حب المرء في الله، عز وجل، من المنزلة عند الله آثرها على أسباب الدنيا، لينال ثوابها يوم القيامة ولم يحبه لأعراض الدنيا الفانية. وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار معناه أن من وجد حلاوة الإيمان وخالط قلبه علم أن الكافر في النار، فكره الكفر لكراهيته لدخول النار قال صلى الله عليه وسلم { ما تحاب رجلان في الله إلا كان أحبهما إلى الله عز وجل أشدهما حبا لصاحبه } ([2]) قَالَ صلى الله عليه وسلم {من سره أن يجد طعم الإيمان فليحب المرء لا يحبه إلا لله عز وجل }[3] ومن فضل المتحابين في الله أن كل واحد منهما إذا دعا لأخيه بظهر الغيب أمَّنَ الملك على دعائه قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
وَفِي هَذَا الْحَدِيث الْحَثّ عَلَى التَّحَابّ فِي اللَّه وَبَيَان عِظَم فَضْله وَهُوَ مِنْ الْمُهِمَّات ، فَإِنَّ الْحُبّ فِي اللَّه وَالْبُغْض فِي اللَّه مِنْ الْإِيمَان ، وَهُوَ بِحَمْدِ اللَّه كَثِير قال صلى الله عليه وسلم { إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه أحبه } ([4]) {إذا أحب أحدكم صاحبه فليأته في منزله , فليخبره بأنه يحبه لله عز وجل } ([5]) وعن فليخبره بأنه يحبه لِأَنَّ فِي الْإِخْبَار بِذَلِكَ اِسْتِمَالَة قَلْبه وَاسْتِجْلَاب زِيَادَة الْمَحَبَّة مَعْنَاهُ الْحَثّ عَلَى التَّوَدُّد وَالتَّأَلُّف ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا أَخْبَرَهُ أَنَّهُ يُحِبّهُ اِسْتَمَالَ بِذَلِكَ قَلْبه وَاجْتَلَبَ بِهِ وُدّه ، وَفِيهِ أَنَّهُ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ مُحِبّ لَهُ وَوَادّ لَهُ قَبِلَ نَصِيحَته وَلَمْ يَرُدّ عَلَيْهِ قَوْله فِي عَيْب إِنْ أَخْبَرَهُ بِهِ عَنْ نَفْسه أَوْ سَقْطَة إِنْ كَانَتْ مِنْهُ وَإِذَا لَمْ يَعْلَم ذَلِكَ مِنْهُ لَمْ يُؤْمَن أَنْ يَسُوء ظَنّه فِيهِ فَلَا يَقْبَل مِنْهُ قَوْله ، وَيُحْمَل ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى الْعَدَاوَة قَوْلُهُ إِذَا أَحَبَّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فِي الدِّينِ فَلْيُعْلِمْهُ أَيْ فَلْيُخْبِرْهُ نَدْبًا مُؤَكَّدًا أَيْ أَنَّهُ يُحِبُّهُ ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذَا أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ اِسْتَمَالَ قَلْبَهُ وَاجْتَلَبَ وُدَّهُ ، فَبِالضَّرُورَةِ يُحِبُّهُ فَيَحْصُلُ الِائْتِلَافُ وَيَزُولُ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ .
عن ابن مسعود قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله كيف تقول في رجل أحب قوما ولم يلحق بهم ؟ وفي رواية لم يستطيع أن يعمل بعملهم فقال { المرء مع من أحب } ([6]) قال صلى الله عليه وسلم {و لا يحب عبد قوما إلا بعثه الله فيهم}([7]) ويكون مع من أحبهم وإن لم يعمل أعمالهم { عن أنس أن رجلا قال يا رسول الله متى الساعة ؟ قال ويلك وما أعددت لها ؟ قال ما أعددت لها قال ما أعددت لها كثير عمل وفي رواية ما أعتدت لها كثير صلاة ولا صيام وفي رواية أني ضعيف العمل إلا أني أحب الله ورسوله . قال أنت مع من أحببت قال أنس فما رأيت المسلمين فرحوا بشيء بعد الإسلام فرحهم بها قال أنس : فأنا أحب الله ورسوله ، وأبا بكر وعمر ، فأرجو أن أكون معهم ، وإن لم أعمل بأعمالهم } ([8]) قال رجل { يا رسول الله الرجل يحب الرجل على العمل من الخير يعمل به ولا يعمل بمثله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم المرء مع من أحب } ([9]) {إن الله يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي ، اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي} ([10]) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { قال الله عز و جل : المتحابون بجلالي في ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظلي} ([11] ) فلا يشعر بشدة حر الشمس {حقت محبتي على المتحابين في ، وحقت محبتي على المتناصحين في ، وحقت محبتي على المتزاورين في ، وحقت محبتي على المتباذلين في ، وهم على منابر من نور } ([12]) يوم القيامة على منابر من نور قريباً من الله قال الله تعالى{ المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون و الشهداء } ([13]) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {يا أيها الناس اسمعوا واعقلوا واعلموا أن لله عز وجل عباداً ليسوا بأنبياء ولا شهداء ، يغبطهم النبيون والشهداء على مجالسهم وقربهم من الله فقال أعرابي : يا رسول الله انعتهم لنا ؟ جلهم لنا ؟ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول الأعرابي ، قال : هم ناس من أفناء الناس ( ممن لا يعلم من هم) ونوازع القبائل ( الغرباء ) لم تصل بينهم أرحام متقاربة ، تحابوا في الله عز وجل وتصافوا ، يضع الله عز وجل لهم منابر من نور ليجلسهم عليها ، فيجعل وجههم نوراً وثيابهم نوراً ، يفزع الناس يوم القيامة ولا يفزعون ، وهم أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون }[14] فلا يشعر بكرب الغرق في العرق يسكنه الله المكانة الرفيعة في الجنة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {إن في الجنة لعمداً من ياقوت عليها غرف من زبرجد لها أبواب مفتحة تضيء كما يضيء الكوكب الدري قالوا يا رسول الله من يسكنها ؟ قال المتحابون في الله والمتجالسون في الله والمتلاقون في الله }(([15] إن في معرفة المرء لهذه الحقائق بعد أن كان يجهلها تشتاق نفسه لأن يكون واحد من هؤلاء من أهل الصلاح الذين ينالون الثواب في الدنيا وفي الآخرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أو لا أدلكم على شيء إذا فعلمتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم } رواه مسلم فَاجْتَمَعَا عَلَى ذَلِكَ أَيْ عَلَى الْحُبِّ فِي اللَّهِ إِنْ وَتَفَرَّقَا أَيْ إِنْ تَفَرَّقَا يَعْنِي يَحْفَظَانِ الْحُبَّ فِي الْحُضُورِ وَالْغَيْبَةِ . وَقَالَ الْحَافِظُ :
أو قال كل منهما للآخر إني أحبك في الله فصدرا على ذلك [1] السلسلة الصحيحة 3423 صحيح
|
|
||||||||||