|
من هذه الخصال التي تبلغ الظلال والتي نسعى لتحصيلها إخفاء الصدقة
|
|
|
فقوله صلى الله عليه وسلم رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه ولا تعلم يمينه ما أنفقت شماله
الإخفاء في الصدقة نوعين
إخفاء الصدقة عن الناس
النوع الأول إخفائها عن الناس حتى لا يعلم أحد بعطائه للمتصدق ومع أن في إظهار إعطائه الصدقة للآخرين وخاصة الزكاة أجازته الشريعة إلا أن الأفضل والأخير له إخفائها عن الناس كما قال تعالى { إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ } [البقرة: 271]
فالشريعة أجازت إظهار إعطاء الصدقات أمام الناس ليقتدوا به في ذلك وترغيباً في تحميسهم للعمل بمثله في بذل المال والتنافس في رعاية المحتاجين وما فيه من تحفيز للآخرين على العطاء وتعريفهم بالمحتاج ليسدوا حاجته وهذه نعمة من هذا الوجه
وبالرغم من ذلك فإن إخفاء الصدقة عن الناس نعمة أعظم لمن إخفائها حيث يكون بها أحد ثلاثة يحبهم الله والذين ذكر رسول الله أن منهم الذي { أعطا سراً لا يعلم بعطيته إلا الله والذي أعطاه} [1]
لأن المتصدق سراً لا يشوبه في صدقته رياء ولا إحباط وتكون أفضل أيضاً للمحتاج الذي يريد أن يتستر حاله
وفي كلا الحالات فإن صاحب الصدقة سواء أخفى صدقته أو أظهرها فهو في ظلها يوم القيامة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{ ظل المؤمن يوم القيامة صدقته }[2]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
{ كل امرئ في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس }[3]
إخفاء الصدقة عن النفس
النوع الثاني من إخفاء الصدقة
هو أن يخفي المتصدق صدقته عن نفسه أي يخرجها دون أن يعلم هو ما المبلغ الذي تصدق به وترك العلم بصدقته لله
فتجده من شدة مبالغته في إخفائها مثلاً وهو يخرج من جيبه أو حافظة نقوده التي رتب فيها المال حسب فئاتها دون أن يعلم الكم أو الفئة من الأموال التي سحبها وأعطاها للمتصدق عليه وهذا المقصود بمعنى لا تعلم يمينه ما أنفقة شماله أي أخفى هو عن نفسه العلم بما تصدق سواء أخفاها عن الناس أو أظهرها أثناء بذلها وإن أخفاها عن الناس في هذه الحالة كان أعظم
وكان دليل عَلَى قوة الإيمان والاكتفاء باطلاع الله على العبد وعلمه به ، لما فيه من مخالفة للهوى ومجاهدة للنفس فإنها تحب إظهار الصدقة ، والتمدح بها عند الخلق، فيحتاج فِي إخفاء الصدقة عن نفسه وعن الآخرين إلى قوة شديدةٍ تخالف هوى النفس