|
نشرع في توضيح وبيان ظل الرحمان وأهميته في موقف الحشر الذي هو أشد الكروب التي تمر بالخلائق أجمعين |
|
|
الناس كلهم منذ خلق الله الخلق إلى قيام الساعة
يحشروا في موقف واحد حفاة عراة ولا يجد أحد في أرض الموقف إلا موضع قدمه والنار تحف أرض المحشر والشمس تقترب من رؤوس الخلائق وقد تضاعفت قوت حرارتها عشرة أمثال فتنصهر الناس وتعرق لوقوعها تحت شدة حرارة الشمس وقربها وحرارة النار التي تحفهم في هذا الزحام فيغوص عرق الناس سبعون ذراعاً في جوف الأرض ثم يطفوا ماء العرق عليهم في سطح الأرض حتى إنه لو سيرت فيه السفن لسارت فتغرق الناس في العرق على قدر أعمالهم فمنهم إلى منتصف ساقه ومنهم من يبلغ إلى ركبته ومنهم من يبلغ خاصرته ومنهم من يبلغ فاه ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً أي يغرق غرق كلي لكن ليس في الآخرة موت ولكن يغرق في عذاب الكرب حتى يقول الرجل من شدة هول هذا الموقف الذي يطول بهم يا رب أرحنا من هذا الموقف ولو بالدخول إلى النار
ومع هذا الكرب والغرق في العرق هناك أناس مميزون لا يشعرون بهذا الهول منعمون بظل الله الذي يحميهم من هذه الشمس فلا عرق لهم
وبعد هذا المدخل لمشاهد هذا الموقف المخيف إليك النصوص الموضحة لهذا الكرب وأهله والمنعمين بظل الرحمان وفضله
نبدأ بشمس الموقف
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
{تدنى الشمس يوم القيامة ، من الخلق ،حتى تكون منهم كمقدار ميل}[1]
الكافر تصهره الشمس وتطبخه حتى يغرغر
قال صلى الله عليه وسلم
{تعطي الشمس يوم القيامة حر عشر سنين ، ثم تدنى من جماجم الناس حتى تكون قاب قوسين ، فيعرقون حتى يرشح العرق في الأرض قامة ، ثم يرتفع حتى يغرغر الرجل } [2]
العصاة من الموحدين تأثرهم بالشمس على قدر أعمالهم
قال صلى الله عليه وسلم
{تدنو الشمس من الأرض فيعرق الناس فمن الناس من يبلغ عرقه إلى كعبيه ، ومنهم من يبلغ إلى نصف الساق ، ومنهم من يبلغ إلى ركبتيه ، ومنهم من يبلغ العجز ، ومنهم من يبلغ الخاصرة ، ومنهم من يبلغ منكبيه ، ومنهم من يبلغ عنقه ، ومنهم من يبلغ وسط فيه } [3]
المؤمنون لا يتضررون من الشمس مكرمين بظل الله
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
{يشتد كرب ذلك اليوم حتى يلجم الكافر العرق فأين المؤمنون يومئذ ؟ توضع لهم كراسي من نور ويظلل عليهم الغمام }[4]
تدنو الشمس يوم القيامة من رؤوس الناس قاب قوس أو قوسين بقدر ميل أو ميلين وتعطى حر عشر سنين ، وليس على بشر من الناس يومئذ طحربة أي عراة، ولا ترى يومئذ عورة مؤمن ولا مؤمنة ، ولا يضر حرها يومئذ مؤمناً ، ولا مؤمنة ، وتطبخ الكافر طبخاً حتى يقول جوف أحدهم غق غق
الشمس وقوة حرها عشر سنين كيف يتحملها الناس اللي الآن لا يتحملون الوقوف في إشارة أو المشي بالسيارات المكيفة في شمس الدنيا الضعيفة ويقولون نمشي بعد الفجر في البراد أو بعد العصر وهي كما يقولون الآن على بُعد ألاف السنين ولا يستطيعون أن ينظروا إليها فكيف يتحملوها بالقوة التي تعطى لها في ذلك اليوم وقرب ارتفاعها من رؤوس الخلائق الذي لا يتعدى ميل أو ميلين والميل مسافته كيلو وستة من عشرة متر أقل من المسافة بين إشارتين ولذا ينصهر الخلق في عرقهم
ومع ركدت الشمس فوق رؤوسهم، وتفتح أبواب جنهم لتهب عليهم برياحها وسمومها تكون الأرض من عرقهم أنتن من الجيف
ومع ذلك هناك أناس يحفظها الله فلا تضرهم الشمس ولا يشعروا بها أصلاً لأن الله يظلهم بظله وظل عرشه وظل أعمالهم
تأمل حال موقف الحشر يوم القيامة والأحوال المختلفة لتعلم مدى التنعيم الذي ينعم به أولياء الله يوم القيامة يتنعمون بظل العرش الذي هو قربه من الله وكرامته وحمايته وستره ورحمته يتنعمون بظل الله الذي هو سلطانه فهو الراحة والتنعيم والعز والمتعة والحراسة من الله آمنين من المكاره في ذلك الموقف لأنهم في جوارِه مع أنبيائه وأصفيائه ، فلم يجدوا لحر الموقف ألماً
لمن الظل
قال رسول صلى الله عليه وسلم :
{سبعة يظلهم الله يوم القيامة في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل ، وشاب نشأ في عبادة الله ، ورجل ذكر الله في خلاء ففاضت عيناه ، ورجل قلبه معلق في المسجد ، ورجلان تحاباً في الله ، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال إلى نفسها فقال إني أخاف الله ، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما صنعت يمينه }[5]
[1] مسلم 17/194
[2] صححه الألباني لغيره في صحيح ا الترغيب 3638 من رواية الطبراني , وعزاه لمصنف أبي شيبة , الحافظ ابن حجر وجود إسناده في الفتح 11/402
[3] المسند 4/157 , صححه الألباني في صحيح ا الترغيب 3588
[4] ابن حبان في صحيحه 7419 حسنه الحافظ ابن حجر في الفتح 11/402 , حسنه الألباني في صحيح ا الترغيب 3187
[5] البخاري 660 مسلم 1031