علاج الشوق عند المدمنين
معنى الشوق
في اللغة الشَّوْقُ والاشْتـياقُ: نِزاعُ النفس إِلـى الشيء [7]
والشوق عند التائب من المعاصي هو محادثة نفسه بالمعصية التي كان واقعاً فيها , كالشوق عند التائب من المخدرات مثلاً هو منازعة نفسه للتعاطي فهو محادثة نفسه بمعصية كان واقع فيها
فالشوق مراودة الإنسان معصيته وهذا من باب الهم بالسيئة
قال النبي صلى الله عليه وسلم
{ما من عبد مؤمن إلا وله ذنب يعتاده الفينة بعد الفينة أو ذنب هو مقيم عليه لا يفارقه حتى يفارق وإن المؤمن خلق مفتنا توابا نساءا إذا ذُكِر ذَكَر }[8]
بين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن من عباده
1- من هو قائم على معصيته لا يفارقها حتى يفارق هو الدنيا بالموت 2- منهم من يعتاده ذنبه من وقت لآخر
وحكم صلى الله عليه وسلم على الاثنين بالإيمان
3 - أن المؤمن خلق مفتنا بمعنى معرض لفتنة الوقوع في المعاصي إما يقع فيها أو لا يقع
4- أن المؤمن توابا يقع في الذنب ويتوب منه
5- أن المؤمن نساءا فقد ينسى أن يتوب من المعصية وقد ينسى أنه تائب ويقع في الذنب مرة أخرى
6- أن المؤمن إذا ذُكِر ذَكَر أي عندما يُذكر بعواقب ذنوبه أو بضرورة التوبة من ذنوبه تذكر وعاد إلى الله
فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن العبد المؤمن الذي وقع في الذنب إما قائم على ذنبه , وإما ذنبه يعتاده الحين بعد الحين والساعة بعد الساعة
والثاني هو الذي قال فيه ابن عباس{ما من عبد إلا وله ذنب يعتاده الفيئة بعد الفيئة يعني الحين بعد الحين مفتناً يعني ممتحناً }[9]
ولا بد أن يعلم هذا الذي يتعرض لمعاودة ذنبه , أنه كلما عاده ذنبه سبق الذنب الهم بالذنب , والذي هو اختبار له وهو الشوق الذي يحتاج العبد الذي يعاوده الذنب لكسب مهارات شرعية يتغلب بها على شوقه فينجح في الاختبار وتكون له هذه المهارات حائل يحيل بينه وبين العودة للذنب فلا يقع فيه ويكون حفظ نفسه من الانتكاسة
الذي يعتاده ذنبه من وقت لأخر معرض لامتحانات
أولها : تعرضه للهم بالذنب فهو اختبار بالشوق المعروف بنزاع النفس بالسيئة , فإما أن يخالف نفسه ويغلبها فلا يوافقها على شوقه ويكون نجح في الاختبار ويكتب له الحسنات وإما أن تغلبه نفسه فيوافقها فيغلبه شوقه ويتحول الهم بالسيئة لعمل سيئة ويكون عاد إلى ذنبه فلم ينجح في الاختبار
وهذا الامتحان من حديث الهم الذي بين فيه صلى الله عليه وسلم أن من العباد
* من يهم بالسيئة ولا يعملها
* من يهم بالسيئة فيعملها
ثانيها : أن المؤمن الذي امتحنه الله بهم الذنب وقد فعل الذنب ولم ينجح في الاختبار فأنه معرض لاختبار أخر هل يتوب من الذنب ويكون نجح في الاختبار هذه المرة و{التائب من الذنب كمن لا ذنب له}[10]
أو ينسى أن يتوب فلا ينجح في الاختبار ويبقى على ذنبه
ثالثها : التعرض لاختبار أخر وهو التذكر بالتوبة فيتذكر ويعود إلى الله
فكل صاحب معصية غير مقيم عليها تراوده معصيته وهو ما يعرف
بالشوق الذي يراود المتعافين من المعاصي , خاصة الشوق الذي يراود المتعافين من المخدرات والذي يجدون منه أشد المعاناة
وهذا الشوق الذي هو أفكار تطرأ على صاحبه وتدعوه للمعصية هو من باب الهم بالسيئة التي لا تسجل سيئة وإنما تكتب حسنة كاملة لأنها مجرد هم دون أن تقلب إلى عمل
[7] لسان العرب شوق باب الشين
[8] المجمع رواه الطبراني في الكبير 10666 , 12457 رجاله ثقات , صححه الألباني في الصحيحة 2276
[9] الفردوس بمأثور الخطاب 4/16
[10] حسنه الألباني لغيره في الترغيب3145