الصفحة الرئيسية السلوك الإيمان الإدمان وعلاجه  
علاج السلوك والمخاوف عند المدمنين

علاج السلوك والمخاوف عند المدمنين

 

قبول المجتمع للإنسان

نظرة المجتمع للأصحاب المعاصي

قصة زاذان

قصة القعنبي

قصة الفضيل بن عياض

 

 

  قصة القعنبي    

القعنبي هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسلمة بن قعنب الحارثي من رجال الحديث الثقات من أهل المدينة روى عنه البخاري ومسلم

كان يشرب النبيذ ويصحب الأحداث [13] فدعاهم يوماً وقد قعد على الباب ينتظرهم , فمر شعبة بن الحجاج على حماره والناس خلفه يهرعون , فقال: من هذا ؟ قيل شعبة . قال : و من شعبة ؟ قالوا محدث , فقام إليه وعليه إزار أحمر فقال له : حدثني فقال له ما أنت من أصحاب الحديث فأحدثك , فأشهر سكينة وقال: تحدثني أو أجرحك ؟ فقال له :حدثنا منصور عن رِبّعيّ عن أبي مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

{إذا لم تستحي فاصنع ما شئت } [14]

قال استحييت ورمى سكينه ورجع إلى منزله , فقام إلى جميع ما كان عنده من الشراب فهراقه , وقال يا أماه : الساعة أصحابي يجيئون فأدخليهم وقدِّمي الطعام إليهم , فإذا أكلوا فخبريهم بما صنعت بالشراب حتى ينصرفوا , ومضى وقته إلى المدينة , فلزم مالك بن أنس

فأثر عنه ثم رجع إلى البصرة وقد مات شعبة , فما سمع منه غير هذا الحديث

أصله من المدينة وسكن البصرة ومات بمكة

قيل عنه ما وجدنا أحد يحدث لله إلا القعنبي

كان مجاب الدعوات وعُدّ من الأبدال [15]

ما كتب عن أحد أجل منه  

كان عابداً فاضلاً

ثلاثين سنة يسمع لمالك , قرأ مالك عليه نصف الموطأ وقرأ هو على مالك النصف الباقي

لم يرى أخشع منه        

يقول عنه أحد العلماء حدثني القعنبي عن مالك وهو والله عندي خير من مالك

كان مالك يحدث في مجلسه فجاء رجل فقال يا أبا عبد الله قدم ابن قعنب قال متى ؟ فَقرُبَ قدومه , فقال مالك : قوموا بنا إلى خير أهل الأرض  [16]

القعنبي كان في صغره وشبابه يشرب مثل حال كثير ممن وقع في الإدمان , لكن المدمن في شره أثناء التعاطي صعلوك في شر القعنبي قبل توبته ، فالقعنبي كان يصحب الأحداث ويحمل الموسى السكاكين [17] وفي يوم وهو أمام منزله ينتظر أصحابه وجد موكب يمر عليه , فعندما شاهده الفتى المعادي للبشر سأل ما هذا فقيل له شعبة المحدث , فاعترض الموكب بكل فجور وقصد شعبة وقال له حدثني , فحدثه شعبة حديث واحد فقط , استقبله وافق مكان في قلبه تفاعل معه , وهذا ما ينبغي على العبد أن يفعله أن يعطي نفسه فرصة ليتفاعل مع ما يسمعه من وعظ ونصح , من شريط من خطبة من درس من كلام طيب , ويخشى على نفسه من السماع لما فيه الخير وعدم التأثر به خوفاً أن يكون حاله في الاستجابة للشر فقط , القعنبي حديث واحد جعله يستجيب ويعود إلى الله تائب صادق يرجوا رحمة ربه جاد في توبته , رمى بسكينه وأهرق الخمر الذي عنده وترك أهل السوء ومضى إلى الحرم المدني يعبد الله هناك حتى تبدل حاله فأصبح في صلاح وتقوى وتعلم العلم الشرعي حتى أصبح من أهل العلم فلازم الإمام مالك حتى أصبح من أقرب

تلامذته , وعلى العبد التائب أن ينظر كيف كان المجتمع يخاف القعنبي ويخشى شره , أصبح المجتمع كله يتقبله ويسيده وينتفعون بعلمه ويستفيدون من زهده وورعه , مع استفادة البشرية منه في زمانه وزمان ما بعده  إلى يومنا هذا , وهو إمام جليل روى موطأ مالك والنسخة التي رواها من أشهر نسخ الموطأ الموجودة في عصرنا  ونسخته لازال ينتفع بها منذ أكثر من مائتان عاماً وألف فينبغي على العبد العائد إلى الله بعد قراءته لكلام أهل العلم عن القعنبي أن يسعى هو أيضاً بصدق مع الله ويقبل عليه بهمة وإخلاص , يحبه الله ويقبل عليه بقلوب البشر , فينصلح له المجتمع ويتقبله دون أن يبذل مجهود في السعي لذلك لأن الله إذا رضا عنه فسوف يرضي عنه المجتمع


 


[13] يقود البلطجية

[14] البخاري 6120

[15] الموطأ 1/بى قال في لسان العرب مادة بدل : الأبدال قوم من الصالحين بهم يُقيم الله الأرض , أربعون بالشام وثلاثون في سائر البلاد    

[16] تهذيب الكمال 10 / 540

[17] لأنه كان بلطجي ، فتوة , داشر