|
الصفحة الرئيسية | السلوك | الإيمان | الإدمان وعلاجه |
كتاب صلة الأرحام | تحذير المحسن من معاملة التكافؤ | كتاب صلة الأرحام |
|
( ب ) - تحذير المحسن من معاملة التكافؤ المحسن يحذر من أن يتأثر بإساءة بعض الأقرباء وعليه المبادرة بتقديم الإحسان إلى من يُكِن العداوة هل ينبغي الإحسان إلى من يكن عداوته لك بصلتك له ؟ قالَ النبي صلى الله عليه وسلم : { أفضل الصدقة , الصدقة على ذي الرحم الكاشح } [90] ومعنى الكاشح: الذي يضمر عداوته في كشحه ، وهو خصره ، يعني أن أفضل الصدقة , الصدقة على ذي الرحم المضمر العداوة في باطنه ، وهو في معنى قوله : وتصل من قطعك فأفضل الصدقة , الصدقة على ذي الرحم الذي يضمر العداوة ويقطع الصلة مبتدئاً بها معلناً لها فلا يقول المرء إنه لا يحبني كيف أصله بالأموال فيقال له صل رحمك وتذكر أن أبا بكر عندما اتهم المنافقون أبنته عائشة أم المؤمنين زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالزنا والعياذ بالله ، وكان أحد أقرباء أبو بكر واسمه مسطح تَقَول بالإفك على عائشة وبعد أن برء الله عائشة من فوق سبع سماواته ومنع عنه ما كان يعطيه من فضل ماله عاتبه الله فعاد إلى إيصاله بالنفقة مرة أخرى ابتغاء مرضاة الله [91] ماذا على المحسن المقطوع أن يعلم ؟ ما العقل والفضل والنبل إلا إن تصل من قطعك ، وتعطي من حرمك ، وتعفو عمن ظلمك ، وتحلم على من جهل عليك , ويزداد النبل ويعظم الفضل وتسمو النفس حين تحسن الظن بهم وتحمل أخطاءهم على المحمل الحسن , وتنظر في عثراتهم نظر العاذر الكريم[92] ولا تكن كبعض الناس ممن ماتت عواطفهم لا يلتفت إلى أهل ، ولا يسأل عن قريب ، ولا يود عشيرة ، إن قربوا هم منه أقصاهم هو ، وإن بعدوا هم منه تناساهم هو ، بل يبلغ به أن يقرب أصحابه وزملاءه ، ويجفوا أهله وأقرباءه ، يحسن للأبعدين ، ويتنكر للأقربين ، بطون ذوي رحمه جائعة ، وأمواله في الأصدقاء والصِحاب ضائعة , تراه يحاسب لهفوة صغيرة ، ويقطع رحمه لزلة عابرة ، إما بسبب كلمة سمعها ، أو وشاية صدقها ، أو حركة أساء تفسيرها فلا ينبغي للمرء أن يقول أنهم لا يرغبون فيّ إنهم يتعالون عليّ إني عندما أصلهم أجد منهم سخرية واستهزاء لضعفي أو قلة حيلتي لا تقل إنهم لم يأتوني بزيارة أبداً ولن يحدث أنهم سوف يودونني لا تقل إنهم ينظرون إليّ نظرات نقص واستخفاف بل ربما يعبرون بالقول إنهم لا يبغون معرفة أقارب فصل رحمك يا أخي وما عليك بهذا كله وأعلم أن أفضل الأخلاق أخلاق من يصل رحمه[93] الرحم قرنت بحق الله في التقوى هل يدل أقتران الرحم بالتقوى على أن صلتها بمكانة من الله سبحانه ؟ قرنت الرحم بحق الله في التقوى يقول تعالى: { وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا(1) } النساء أي اتقوها أن تقطعوها، واعرفوا حقها أن تهضموها. و في قرن الله سبحانه الأرحام باسمه الكريم في هذه الآية تنبيه عظيم على أن صلتها بمكان منه سبحانه ومقرب إليه، وقطعها خطر عظيم عنده ومبعد عنه سبحانه فالصلة الحقيقية والبر ليست لمن بينك وبينه من أقاربك تبادل بالصلة والبر والعطاء والزيارة ونحو ذلك فهذا يسمى مكافئاً فصل رحمك وأحذر من قطيعتهم واستحضر دائماَ ما أعد الله تعالى للواصلين من الثواب وللقاطعين من العقاب ولا تتهاون بعدم صلة الرحم بل صلها ولو قطعت طلبا لمرضاة الله تعالى ومصلحة لنفوسنا، من حيث الأجر العظيم لمن يصل رحمه التي قطعته ، وكذلك لا ترافق قاطع رحم ولا تجالسه فمن لازمه غالباً قطع رحمه إذا قطعته ولا يصلها إلا إن وصلته ، وتلك إنما هي متاجر ليست من أخلاق كُمل المؤمنين [90] ابن خزيمة في صحيحه2386 ، والحاكم 1 / 401 صححه , صححه الألباني في صحيح الترغيب 881 [91] قصة الإفك في حديث البخاري الطويل 4750 [92] هل للمرء أن يحمل أخطاء أقربائه في حقه محمل حسن وألا يكافئهم بالمثل ؟ انظر في هذه القصة التي تنضح نبلا وشرفاً: حكي عن بنت عبد الله بن مطيع أنها قالت لزوجها طلحة بن عبد الرحمن بن عوف وكان أجود قريش في زمانه قالت: { يا طلحة ما رأيت قوما ألأمَ من إخوانك قال : ولم ذاك ؟ قالت: أراهم إذا أيسرتَ وكثر مالك زاروك ولزموك ، واذا أعسرت تركوك قال : هذا والله من كرمهم ؛ يأتوننا في حال القوة بنا عليهم، ويتركوننا في حال الضعف بنا عنهم{ أي أنهم يأتوه في حال يسره فيتمكن من إكرامهم و يتركوه في حال عسره حتى لا يقعد ملوماً محسوراً لعدم قدرته على أعطائهم فانظر كيف تأوَّل بكرمه هذا التأويل، وفسر بنبيل أخلاقه هذا التفسير، حتى جعل قبيح فعلهم حسناً ، وظاهر غدرهم وفاءاً . وهذا محض الكرم ولباب الفضل، وبمثل هذا يلزم ذوي الفضل أن يتأولوا الهفوات ويمحوا الزلات من إخوانهم وأرحامهم وأصهارهم، إنه تغافل مع فطنه، وتآلف صادر عن وفاء. وعلاقات الرحم لا تستقيم ولا تتوثق إلا بالتغافل ، فمن شدد نفَّر، ومن تغاضى تآلف، والشرف في التغافل، وسيد قومه المتغابي [93] {إن أفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة أن تصل من قطعك{ والبيهقي في الكبرى 10 / 235 وبين أنها فضيلة ليتحلى بها كل مسلم فقال صلى الله عليه و سلم : { أفضل الفضائل أن تصل رحمك { مصنف عبد الرزاق كتاب :كتاب الجامع باب :باب صلة الرحم
|
|
||||||||||||||||