من الأعمال التي تجعل أصحابها مميزون بالمنابر لعلاقاتهم الاجتماعية التحابب في الله فالمتحابين في الله يجلسهم الله على منابر من نور

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

{ لله عز وجل عباداً ليسوا بأنبياء ولا شهداء ، يغبطهم النبيون والشهداء على مجالسهم وقربهم من الله

هم ناس من أفناء الناس ونوازع القبائل ,لم تصل بينهم أرحام متقاربة ، تحابوا في الله عز وجل وتصافوا [ على غير أرحام بينهم و لا أموال يتعاطونها] يضع الله عز وجل لهم منابر من نور ليجلسهم عليها ، فيجعل وجههم نوراً وثيابهم نوراً يفزع الناس يوم القيامة ولا يفزعون ، وهم أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون }[1]

هذه هي وجاهة المنابر التي يسعى الإنسان للصعود إليها هذه هي الكراسي العظيمة التي يسعى الإنسان للجلوس عليها وليست منابر الدنيا وكراسيها الزائلة

أناس مكرمين من الله بالجلوس على المنابر يستحسن أحوالهم الأنبياء والشهداء

فكل ما يتحلى به الإنسان مما يأتي به من العلم أو العمل الذي خصه به الله فإن له عند الله منزلة لا يشاركه فيها غيره ممن لم يأتي بهذا العمل وإن منح العلم به

وأصحاب العلاقات الاجتماعية التي بنية على محبة الله والتي نالوا بها الجلوس على المنابر والقرب من الله تجد يوم القيامة من يستحسن حالهم فيغبطهم أي يتمنى مكانهم وقربهم من الله وإن كان هؤلاء الذين يغبطونهم لهم من نوع آخر من العلم والعمل والمنزلة ما هو أرفع قدرا وأعز ذخرا كالأنبياء تجدهم يستحسنوا حال هؤلاء الذين يجلسون على المنابر على يمين العرش لقربهم من الله فيتمنوا ويحبوا أن يكون لهم مثل ذلك إلى ما لهم من المراتب الرفيعة أو المنازل الشريفة على النبوة التي خصوا بها على سائر البشر

لأن الأنبياء قد استغرقوا وقتهم وعمرهم فيما هو أعلى من التفرغ للصحبة والخلة بدعوة الخلق وإظهار الحق وإعلاء الدين وإِرشاد العامة والخاصة ، إِلى غير ذلك من كليات أشغلتهم عن العكوف على مثل هذه الجزئيات فمثلا نبينا صلى الله عليه وسلم شغله أمور النبوة عن اتخاذ خليل ولذا يقول ليس من الناس أحد أمن علي في نفسه وماله من أبي بكر بن أبي قحافة ، ولو كنت متخذ خليل لتخذت أبو بكر خليل

، والشهداء وإن نالوا رتبة الشهادة وفازوا بالفوز الْأكبر ، إلا أنهم عندما يروا مكانة المتحابين في الله يوم القيامة في منازلهم وشاهدوا قربهم وكرامتهم عند الله ، ودوا لو كانوا لهم مثل خصال المكرمين بالمنابر ليضموها ويجمعوها على ما لهم من خصال تَميزهم أيضاً فيكونون جامعين بين الحسنتين وفائزين بالمرتبتين

وفي هذا التكريم بنعيم المنابر توضيح وبيان فضل أصحاب العلاقات الاجتماعية التي بنية على طاعة الله وعلو شأنهم وارتفاع مكانهم وتقرِرها على أكد وجه

فالمتحابون بجلال الله وعظمته على منابر من نور يمين العرش وجوههم نور جلساء لله

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

{ إن لله جلساء يوم القيامة عن يمين العرش على منابر من نور وجوههم من نور ليسوا بأنبياء ولا شهداء ولا صديقين

قيل يا رسول الله من هم

قال هم المتحابون بجلال الله تبارك وتعالى المتحابون بجلال الله تبارك وتعالى } ([2])

فهذا الصنف الذي يسعى لمحبته كل من يريد مرضاة الله ليكون من أمثالهم كما قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصف هذا الصنف الذين نالوا ولاية الله لهم بالكرامة أخبرنا من هم حتى نحبهم

قال صلى الله عليه وسلم

{ إن من عباد الله عبادا ليسوا بأنبياء يغبطهم الأنبياء والشهداء قيل من هم لعلنا نحبهم قال هم قوم تحابوا بنور الله من غير أرحام ولا أنساب وجوههم نور على منابر من نور لا يخافون إذا خاف الناس } ([3])

فعلى كل إنسان أن يعقل هذا الأمر أن يحب أخيه في الله وأن يعلم أن تحصيل المنابر لمن حب إخوانه في الله وليس لمصالح أو لقرابة بينهم ليجلسه الله يوم القيامة على المنابر

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

{يا أيها الناس اسمعوا واعقلوا واعلموا أن لله عز وجل عباداً ليسوا بأنبياء ولا شهداء ، يغبطهم النبيون والشهداء على مجالسهم وقربهم من الله فقال أعرابي : يا رسول الله انعتهم لنا ؟ جلهم لنا ؟ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول الأعرابي ، قال : هم ناس من أفناء الناس ( ممن لا يعلم من هم) ونوازع القبائل ( الغرباء ) لم تصل بينهم أرحام متقاربة ، تحابوا في الله عز وجل وتصافوا ، يضع الله عز وجل لهم منابر من نور ليجلسهم عليها ، فيجعل وجههم نوراً وثيابهم نوراً ، يفزع الناس يوم القيامة ولا يفزعون ، وهم أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون }[4]

[1] أفناء الناس (هم ممن لا يعرفوا) ونوازع القبائل ( الأغراب )

المسند 5 / 343 , أبو داود 3527 4447 , الحاكم 4/170 وصححه ووافقه الذهبي , صححه الألباني في صحيح الترغيب 3027 , حسنه الأرناؤوط في جامع الاصول 6 / 553

[2] صححه الألباني 3022 في صحيح الترغيب وقال رواه أحمد بإسناد لا بأس به

[3] صححه الألباني 3023 في صحيح الترغيب وقال رواه النسائي وابن حبان

[4] المسند 5 / 343 , صححه الألباني في صحيح الترغيب 3023 , 3027