حج المرأة بالأنساك الثلاثة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله . وبعد
أنواع الأنساك ثلاثة
الأول : التمتع بالعمرة إلى الحج ، وهو أن تُحرم بالعمرة وحدها ، ثم تفرغ منها بطواف وسعي وتقصير ، وتحل من إحرامها ، ثم تحرم بالحج في وقته ولهذا النسك هدي
الثاني : القران , وهو أن تحرم بالعمرة والحج جميعاً ، أو تُحرم بالعمرة أولاً ثم تُدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها فإذا وصلت إلى مكة طافت طواف القدوم ، وسعت بين الصفا والمروة للعمرة والحج سعياً واحداً ، ثم استمرّت على إحرامها حتى تُحل منه يوم العيد
ويجوز أن تؤخر السعي عن طواف القدوم إلى ما بعد طواف الحج ولهذا النسك هدي
الثالث : الإفراد , وهو أن تُحرم بالحج مفرداً ، فإذا وصلت مكة طافت طواف القدوم ، وسعت للحج ، واستمرت على إحرامها حتى تحل منه يوم العيد
ويجوز أن تؤخر السعي إلى ما بعد طواف الحج كالقارن وليس لهذا النسك هدي
وبهذا تبين أن عمل المُفرد والقارن سواء ، إلا أن القارن عليه الهديُ لحصول النُّسُكين له دون المفرد
وأفضل هذه الأنواع التمتع ، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم أمر به أصحابه وحثهم عليه
وهو يجمع بين الحج والعمرة
فمن تريد نسك من هذه الأنساك ممن تذهب بالبر أي بالسيارات نوضح لها ما تفعله قبل الذهاب من بيتها
1- يستحب لمن أرادت الإحرام أن تتنظف بإزالة شعر العانة وشعر الإبط والأخذ من الأظفار ، لئلا تحتاج إلى أخذ ذلك بعد الإحرام فيكون محظور عليها
2- لها أن تتنظف في بيتها قبل الشروع في السفر ولها أن تتنظف في الميقات
3- عندما تركب السيارة التي تسافر بها تأتي بدعاء الركوب ودعاء السفر
4- عندما تذهب المسافر بالسيارة لزيارة المدينة قبل الذهاب إلى مكة يكون الميقات بعد خروجها من المدينة متجهةً إلى مكة هو ذو الحليفة وهو ما يسمى آبار علي ويبعد عن المسجد النبوي 13 كيلو ويكون قبل مكة 420 كيلو شمال مكة وهو أبعد المواقيت عن مكة وهو ميقات أهل المدينة ومن أتى عن طريقهم
وإن اتجهت إلى مكة مباشرة وكانت من أهل المنطقة الشرقية فإن الميقات يكون قرن المنازل وهو ما يسمى السيل الكبير وهو قبل مكة 78 كيلو من جهة الشرق الجنوبي لمكة وطريقها الأعلى وادي محرم على طريق الطائف مكة وهو ميقات أهل نجد وما وراءها من بلدان الخليج والعراق وإيران وحجاج الشرق كله وجنوب السعودية واليمن
ذات عرق وهو ما يسمى الضريبة ويقع عن مكة شرقاً جهة الشمال في محاذاة آبار علي ويبعد عن مكة 100 كيلو وهو ميقات أهل المشرق
رابغ وهي مقام الجحفة وتبعد عن مكة 186 كيلو قريبة من ساحل البحر الأحمر ويحرم منها من كان في شمال المملكة وساحلها الشمالي وأهل لبنان وسوريا والأردن وفلسطين وأهل بلدان إفريقيا الشمالية والغربية كمصر ولبيا وتونس والجزائر والمغرب
يلملم وبه بئر السعدية ويبعد عن مكة مسافة 120 كيلو وهو ميقات لتهامة السعودية وتهامة اليمن
وكل من كانت تقيم بين هذه المواقيت ومكة فميقاتها محلها وأهل مكة من مكة
والمواقيت بها كافة الخدمات ففيها كل ما تحتاجه مريدة الإحرام من بيع لملابس الإحرام حتى تستطيع من يريدة الإحرام أن تشتري ماتريده وفيها المغاسل والمسجد
5- المشروع إذا وصلت إلى الميقات أن تدخل المغاسل وتغتسل كما تغتسل للجنابة
لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم {تجرد من المخيط عند الإحرام واغتسل }
والغسل للمرأة ولو كانت حائض أو نفساء لأمره صلى الله عليه وسلم لعائشة لما حاضت وقد أحرمت بالعمرة {أن تغتسل وتحرم بالحج} وأمر صلى الله عليه وسلم أسماء بنت عميس لما ولدت بذي الحليفة { أن تغتسل وتستثفر بثوب وتحرم } فدل ذلك على أن المرأة إذا وصلت إلى الميقات وهي حائض أو نفساء تغتسل وتحرم مع الناس ، وتفعل ما يفعله المحرم غير الطواف بالبيت
الاغتسال عند الإحرام سنة في النساء
6- بعد الاغتسال تلبس ما شاءت من الملابس غير البرقع والقفذين ولها أن تسدل جلبابها من فوق رأسها على وجهها لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : {كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه } وتغطي يدها بالعباءة وإن مس الخمار وجهها فلا شيء عليها
8- تصلي الفريضة إن كان في وقت فريضة وإلا صلت ركعتين تنوي بهما سنة الوضوء
الحائض والنفساء ليس لهما صلاة
9- إذا فرغت من الصلاة أحرمت سواء في المسجد أو وهي تمشي أو عندما تركب سيارتها
وصفة الإحرام أن تعقده على نفسها بالنية وتلفظ بها فتقول: لبيك اللهم عمرة متمتعة بها إلى حج
أما من تحج حج قران فتقول لبيك اللهم بحج وعمرة
أما من تحج حج مفرد فتقول لبيك اللهم بحجة
ولها أن تشترط عند الإحرام فتقول عند عقده: {اللهم إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني} أي منعني مانع عن إتمام نسكي من مرض أو تأخر أو غيرهما فإني أحل من إحرامي , لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ضباعة بنت الزبير حين أرادت الإحرام وهي مريضة أن تشترط وقال: {إن لك على ربك ما استثنيت }فمتى اشترطت وحصل لها ما يمنعها من إتمام نسكها فإنها تحل ولا شيء عليها
11- تلبي فتقول لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك تقوله بقدر ما يسمع من بجنبها
وينبغي للمحرمة أن تكثر من التلبية خصوصاً عند تغير الأحوال والأزمان مثل أن تعلو مرتفعاً ، أو تنزل منخفضاً ، أو يقبل الليل أو النهار ، وأن تسأل الله بعدها رضوانه والجنة ، وتستعيذ برحمته من النار
والتلبية مشروعة في العمرة من الإحرام إلى أن تبتدئ بالطواف
12- عندما تصل إلى مكة تدخل المسجد الحرام وتفعل ما تفعله عند دخوله أي مسجد , تقدم رجلها اليمنى وتقول: {بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم اللهم افتح لي أبواب رحمتك }
13- يستحب إذا رأت البيت أي الكعبة أن ترفع يديه وتكبر وتدعو فتقول اللهم أنت السلام ومنك السلام حينا ربنا بالسلام
فإذا وصلت إلى الكعبة قطعت التلبية قبل أن تشرع في الطواف ، ثم تقصد الحجر الأسود
14- تشرع في الطواف وتكون طاهرا وفي ثياب طاهرة للطواف وذلك لأن الطهارة من الحدث والنجاسة شرائط لصحة الطواف
15- تبدأ الطواف بالحجر الأسود فتستلمه إن استطاع وتقبله[1]
ومعنى استلمته أي مسحته بيدهل , فإن لم يتيسر تقبيله قبلت يدهل إن استلمته بها ، فإن لم يتيسر استلامه بيدها فإنها تستقبل الحجر بيدها إشارة ولا تقبلها ، والأفضل ألا تزاحم فتؤذي الناس وتتأذى بهم لما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعمر:{يا عمر ، إنك رجل قوي لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعيف ، إن وجدت خلوة فاستلمه وإلا فاستقبله وهلل وكبر}
16- تقول عند استلام الحجر: بسم الله والله أكبر
17- تجعل البيت عن يسارها ، فتتدأ من الركن الذي فيه الحجر الأسود وهو قبلة أهل خراسان فتستلمه ثم تأخذ على يمين نفسها وتجعل البيت على يسارها فإذا انتهت إلى الركن الثاني وهو العراقي لم تستلمه فإذا مرت بالركن الثالث وهو الشامي لم تستلمه أيضا , فلم تستلم الركنين اللذين يليان الحجر لأن البيت لم يتم على قواعد إبراهيم فلم يسن استلامهما فإذا بلغ الركن اليماني استلمه من غير تقبيل ، فإن لم يتيسر فلا تزاحم عليه وتقول بينه وبين الحجر الأسود: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة
ويكون الطواف من وراء الحجر لأن الحجر من البيت
أنما كان كذلك لأن الله تعالى أمر بالطواف بالبيت جميعه بقوله وليطوفوا بالبيت العتيق والحجر منه , قالت عائشة {كنت أحب أن أدخل البيت فأصلي فيه فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فأدخلني الحجر وقال صلي في الحجر إن أردت دخول البيت فإنما هو قطعة من البيت}
18- كلما مرت بالحجر الأسود استلمته وكبرت
19- تقول في بقية طوافها ما أحبت من ذكر ودعاء وقراءة القرآن ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {فإنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله}
21- إن شكت في عدد الطواف بنت على اليقين
لأنها عبادة فمتى شكت فيها وهو فيها بنت على اليقين وإن أخبرها ثقة ممن يطوف معها بعدد طوافها رجعت إليه
وإن شكت في ذلك بعد فراغها من الطواف لم تلتفت إليه
22- إذا أتمت الطواف سبعة أشواط تقدمت إلى مقام إبراهيم فقرأت {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} ثم صلى ركعتين خلفه يقرأ في الأولى بعد الفاتحة: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وفي الثانية:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} بعد الفاتحة
وحيث ركعتهما ومهما قرأت فيهما جاز
ولا بأس أن تصليهما بدون سترة ويمر بين يديها الطائفون من الرجال والنساء فإن النبي صلى الله عليه وسلم صلاهما والطواف بين يديه ليس بينهما شيء
فإذا فرغت من صلاة الركعتين رجعت إلى الحجر الأسود فاستلمته إن تيسر له
23- تخرج إلى المسعى فإذا دنا من الصفا قرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّه} ثم ترقى على الصفا وتسعى لرؤية الكعبة فتستقبلها وترفع يديها فتحمد الله وتدعو ما شاء أن تدعو , وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم هنا: {لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير , لا إله إلا الله وحده ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده } تكرر ذلك ثلاث مرات وتدعو بين ذلك
وما دعت به فجائز فليس في الدعاء شيء مؤقت
24- تنزل من الصفا إلى المروة ماشياً كعادتها حتى تصل إلى المروة
25- إذا وصلت إلى المروة ترقى عليها ، وتستقبل القبلة وترفع يديها وتقول ما قالته على الصفا
26- تنزل من المروة إلى الصفا فيمشي ، فإذا وصلت الصفا فعلت كما فعلت أول مرة ، وهكذا المروة حتى تكمل سبعة أشواط ، ذهابها من الصفا إلى المروة شوط ، ورجوعها من المروة إلى الصفا شوط آخر
27- تقول في سعيها ما أحبت من ذكر ودعاء وقراءة
الترتيب شرط في السعي وهو أن تبدأ بالصفا
فإن بدأت بالمروة لم تعتد بذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بالصفا وقال نبدأ بما بدأ الله به
28- بعد أن أتمت سعيها سبعة أشواط قصرت من شعر رأسه والتقصير يعم به جميع جهات الرأس , وذلك بأن تجمع شعرها وتقصر منه قدر أنملة وليس في حقها حلق
وبهذه الأعمال تمت العمرة فتكون العمرة: الإحرام ، والطواف ، والسعي ، والتقصير
29- بعد ذلك تحل منها إحلالاً كاملاً وتفعل ما كان تفعله قبل الإحرام بالعمرة
وتبقى في مكة على إحلالها حتى يوم التروية لتحرم بالحج كما سنعلم بعد ذلك وكل هذا لمن تأتي بنسك التمتع
30- من تأتي بنسك الأفراد (الحج المفرد) فأنها تأتي بنفس هذه الأعمال الطواف والسعي لكنها تبقى على إحرامها لا تقص من شعرها ولا تتحلل حتى تحل منه يوم العيد
والطواف الذي أتت به هذه من تريد الحج المفرد يسمى في حقها طواف القدوم وإن لم تأتي بهذا الطواف فليس عليها شيء
والسعي بالنسبة لها يغنيها عن سعي الحج وإن لم تأتي به في هذا الموضع وأجلته مع أعمال الحج فليس عليها شيء
31- التي تحج مقرنة يسمى طوافها طواف القدوم أيضاً وأن لم تأتي به فليس عليها شيء ، وسعيها بين الصفا والمروة إن لم تأتي به في هذا الموضع وأجلته مع أعمال الحج فليس عليها شيء
وهو سعياً واحداً للعمرة والحج ، ثم تبقى على إحرامها حتى تحل منه يوم العيد
لحديث عائشة قالت : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت الحديث وفيه فقال : {من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا }
وإذا حاضت المرأة أو نفست بعد إحرامها بالعمرة للتمتع لم تطف بالبيت ولا تسعى بين الصفا والمروة حتى تطهر ، فإذا طهرت طافت وسعت وقصرت من رأسها وتمت عمرتها بذلك فإن لم تطهر قبل يوم التروية أحرمت بالحج من مكانها الذي هي مقيمة فيه وخرجت مع الناس إلى منى ، وتصير بذلك قارنة بين الحج والعمرة [2]
صفة الحج
أعمال يوم الثامن من ذي الحجة
1- إذا كان يوم التروية وهو يوم الثامن من ذي الحجة تغتسل وتفعل مثل ما فعلته عند إحرامها بالعمرة كالغسل
2- إذا زالت الشمس في ذلك اليوم أي دخل وقت الظهر أحرمت بالحج من مكانها الذي أرادت الحج منه سواء في الحرم أو وهي ماشية أو عندما تركب السيارة أو من أي مكان من مناطق الحرم هي فيها فلها أن تحرم منها
وصفة الإحرام بالحج أن تنوي الإحرام بالحج وتلبي ، فتقول لبيك اللهم حجة
ولها أن تشترط فيقول: {اللهم إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني}
3- ثم تخرج من مكة إلى منى فإذا وصلت منى صلت بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء قصراً من غير جمع , والقصر هو أن تصلي الصلاة الرباعية ركعتين ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصر بمنى ولا يجمع ثم تنام ثم تصلي بها الفجر
أعمال يوم التاسع من ذي الحجة
4- إذا طلعت الشمس يوم عرفة وهو يوم التاسع من ذي الحجة تركب السيارة من منى لتذهب إلى عرفة
5- تنزل عرفة في مخيمها وعرفة كلها موقف إلا بطن عُرنة ويستحب استقبال القبلة وجبل الرحمة إن تيسر فقد وقف النبي صلى الله عليه وسلم عند الجبل وقال: {وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف ، وارفعوا عن بطن عرنة}
وسواء نزلت قبل طلوع الشمس أو بعد ذلك إذا دخل وقت الظهر استمعت للإمام وهو يخطب خطبة عرفة وتصلي معه الظهر والعصر قصراً وجمعاً بينهما جمع تقديم في وقت الأولى بأذان واحد وإقامتين لفعله صلى الله عليه وسلم ، كل هذا إن تيسر لها السماع وإن لم يتيسر فلا حرج
وإن وجدت في المخيم من يخطب فيهن فيعرفهن بالموقف وأفعال ذلك اليوم ويصلي بأهل المخيم الظهر والعصر قصراً وجمعاً بينهما جمع تقديم أو لم يجدوا من يخطب فيهن وصلوا بدون خطبة أو صلت هي في أي مكانه بمفردها فكل هذا جائز
6- بعد الصلاة يستحب أن تتفرغ في هذا الموقف للإجتهاد في ذكر الله سبحانه ودعائه والتضرع إليه ، وترفع يديه حال الدعاء مستقبلاً القبلة وتدعو بما أحبت
وإن لبت أو قرأت شيئا من القرآن فحسن ، ويسن أن تكثر من قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير , لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {خير الدعاء دعاء يوم عرفة وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير } وينبغي الإكثار من هذا الذكر وتكراره بخشوع وحضور قلب وينبغي الإكثار أيضا من الأذكار والأدعية الواردة في الشرع في كل وقت ولا سيما في هذا الموضع في هذا اليوم العظيم وتختار جوامع الذكر والدعاء ويكثر من أحب الكلام إلى الله {سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر }
وإن أرادت التحدث مع صحبتها بالأحاديث النافعة أو قراءة ما تيسر من الكتب المفيدة خصوصاً فيما يتعلق بكرم الله وجزيل هباته ليقوى جانب الرجاء في ذلك اليوم كان ذلك حسناً ، ثم تعود إلى التضرع إلى الله ودعائه
وتكون المسلمة في هذا الموقف مخبتة لربها سبحانه متواضعة له خاضعة لجنابه منكسرة بين يديه ترجو رحمته ومغفرته ، وتخاف عذابه ومقته ، وتحاسب نفسها وتجدد توبة نصوحا , لأن هذا يوم عظيم ، ومجمع كبير ، يجود الله فيه على عباده ، ويباهي بهم ملائكته ، ويكثر فيه العتق من النار ، وما رئي الشيطان في يوم هو فيه أدحر ولا أصغر ولا أحقر منه في يوم عرفة إلا ما رئي يوم بدر ، وذلك لما يرى من جود الله على عباده وإحسانه إليهم وكثرة إعتاقه ومغفرته. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبادا من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء؟ }
فينبغي للمسلمة أن تُري الله من نفسها خيرا وأن تُهين عدوها الشيطان بكثرة الذكر والدعاء وملازمة التوبة والاستغفار من جميع الذنوب والخطايا وتستمر في هذا الموقف مشتغلة بالذكر والدعاء والتضرع إلى أن تغرب الشمس
7- إذا غربت الشمس انصرفت إلى مزدلفة بسكينة ووقار وإكثار من التلبية وأسرع في المتسع , لفعل النبي صلى الله عليه وسلم
وهكذا يكون حالها إن ركبت سيارة ونزلت بها
ولا يجوز الانصراف قبل الغروب لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف حتى غربت الشمس وقال {خذوا عني مناسككم}
فإذا وصلت إلى مزدلفة صلت المغرب والعشاء جمعاً كل صلاة وحدها بأذان وإقامتين المغرب ثلاث ركعات والعشاء ركعتين من حين وصولها إليها لفعل النبي صلى الله عليه وسلم سواء وصلت إلى مزدلفة في وقت المغرب أو بعد دخول وقت العشاء
وإن كانت تخشى ألا تصل مزدلفة إلا بعد نصف الليل فإنها تصلي ولو قبل الوصول إلى مزدلفة ، ولا يجوز أن تؤخر الصلاة إلى ما بعد نصف الليل
8- تبيت بمزدلفة في هذه الليلة
ويجوز للضعفاء من النساء والصبيان ومن يتولى رعايتهم أن يدفعوا إلى منى بعد منتصف الليل لحديث عائشة وأم سلمة وغيرهما
وأما غيرهم فيتأكد في حقهم أن يقيموا بها إلى أن يصلوا الفجر
أعمال يوم العاشر من ذي الحجة
بعد أن تصلي الفجر يوم النحر تقف عند المشعر الحرام حتى يسفر الجو جداً فتستقبل القبلة وتكثر من ذكر الله وتكبيره والدعاء قال تعالى {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ (198) } البقرة
ويستحب رفع اليدين هنا حال الدعاء وحيثما وقفت من مزدلفة أجزأها ذلك ولا يجب عليها القرب من المشعر ولا صعوده , لقول النبي صلى الله عليه وسلم : {وقمت ههنا يعني على المشعر وجمع كلها موقف } وجمع هي مزدلفة
9- إذا أسفر جداً دفعت قبل أن تطلع الشمس إلى منى وتسرع في وادي محسر وإن جمعت جمار أي أخذ حصاة معه من المزدلفة لرمي الجمار فلا حرج في ذلك
10- إذا وصلت إلى منى قطعت التلبية عند جمرة العقبة وهي الأخيرة مما يلي مكة ثم رمتها بسبع حصيات متعاقبات واحدة بعد الأخرى ، كل واحدة بقدر الحمصة تقريباً ، تكبر مع كل حصاة
ويستحب أن ترميها من بطن الوادي وتجعل الكعبة عن يسارها ومنى عن يمينها , لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن رمتها من الجوانب الأخرى أجزأها إذا وقع الحصى في المرمى ، ولا يشترط بقاء الحصى في المرمى وإنما المشترط وقوعه فيه فلو وقعت الحصاة في المرمى ثم خرجت منه أجزأت
ولها أن ترمي من فوق الجسر
11- إذا فرغت من رمي الجمار وذبح هديها ومن وكلت شركة بالذبح عنها جاز
12- تقصر من شعره والتقصير يعم به جميع جهات الرأس فالمرأة في حقها التقصير دون الحلق تقصر من كل ضفيرة قدر أنملة فأقل
13- بعد رمي جمرة العقبة والتقصير يباح للمحرمة كل شيء حرم عليها بالإحرام إلا إتيان زوجها ويسمى هذا التحلل الأصغر أو التحلل الأول ، ويسن لها بعد هذا التحلل التوجه إلى مكة لتطوف طواف الإفاضة
14- تنزل لمكة فتطوف وتسعى للحج
ويسمى هذا الطواف طواف الإفاضة وطواف الزيارة وطواف الحج وهو ركن من أركان الحج لا يتم الحج إلا به ، وهو المراد في قوله عز وجل {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ }
ثم بعد الطواف وصلاة الركعتين خلف المقام تسعى بين الصفا والمروة ، وهذا السعي لحجها فتكون طافت وسعت للحج إن كان حجها تمتع
أما من كان حجها مفرد أو مقرن فأنها تسعى سعيها هذا للحج إن لم تكن قد سعت عند طواف القدوم فإن كانت قد سعت عند طواف القدوم فتكون قد أدت سعي الحج وفد كفاها وليس عليها في هذا المقام سعي
ثم بعد الطواف والسعي تتحلل التحلل الأكبر بما فيه إتيان زوجها
ملحوظة
التي أحرمت متمتعة ثم حاضت أو نفست قبل أن تطوف للعمرة وجاء عليها يوم التروية ولم تطهر فنوت الحج فدخل على العمرة فتغير نسكها فسارت مقرنة وفعلت ما يفعله الحاج من الوقوف بعرفة وعند المشعر ورمي الجمار والمبيت بمزدلفة ومنى ونحر الهدي والتقصير فإذا طهرت طافت بالبيت وسعت بين الصفا والمروة طوافا واحدا وسعيا واحدا أجزأها ذلك عن حجها وعمرتها جميعا لحديث عائشة أنها حاضت بعد إحرامها بالعمرة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: {افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري }
وإذا رمت الحائض والنفساء الجمرة يوم النحر وقصرت من شعرها حل لها كل شيء حرم عليها بالإحرام كالطيب ونحوه إلا الزوج حتى تكمل حجها كغيرها من النساء الطاهرات فإذا طافت وسعت بعد الطهر حل لها زوجها
15- ترجع إلى منى فتبيت بها ليلتي اليوم الحادي عشر والثاني عشر
أعمال يوم الحادي عشر
16- ترمي الجمرات الثلاث إذا زالت الشمس ، فترمي الجمرة الأولى وهي أبعد الجمرات عن مكة وهي التي تلي مسجد الخيف بسبع حصيات متعاقبات واحدة بعد الأخرى ، وتكبر مع كل حصاة ، ثم تتقدم قليلاً وتدعو دعاء طويلاً بما أحبت ، فإن شق عليها طول الوقوف والدعاء دعت بما يسهل عليها ولو قليلاً لتحصل السنة
ثم ترمي الجمرة الوسطى بسبع حصيات متعاقبات ، تكبر مع كل حصاة ، ثم تأخذ ذات الشمال فتقف مستقبلة القبلة رافعة يديها وتدعو دعاء طويلاً إن تيسر عليها وإلا وقفت بقدر ما يتيسر
ثم ترمي جمرة العقبة بسبع حصيات متعاقبات تكبر مع كل حصاة ثم تنصرف ولا تدعو بعدها
أعمال يوم الثاني عشر
يرمي الجمار الثلاثة ويفعل كما فعل باليوم الحادي عشر
17- إذا أتمت رمي الجمار في اليوم الثاني عشر، فإن شاءت تعجلت ونزلت من منى ، وإن شاءت تأخرت فباتت بها ليلة الثالث عشر والتأخر أفضل ، ولا يجب إلا أن تغرب الشمس من اليوم الثاني عشر وهي بمنى فإنه يلزمها التأخر حتى ترمي الجمار الثلاث بعد الزوال ، ولكن لو غربت عليها الشمس بمنى في اليوم الثاني عشر بغير اختيارها مثل أن تكون قد ارتحلت وركبت لكن تأخرت بسبب زحام السيارات ونحوه , فإنه لا يلزمها التأخر , لأن تأخره إلى الغروب بغير اختيارها
أعمال يوم الثالث عشر
ترمى الجمار الثلاث بعد الزوال كما سبق
18- إذا أرادت الخروج من مكة إلى بلدها لم تخرج حتى تطوف للوداع , لقول النبي صلى الله عليه وسلم: {لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت} وفي رواية: {أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض}فالحائض والنفساء ليس عليهما وداع، ولا ينبغي أن تقف عند باب المسجد الحرام للوداع لعدم وروده عن النبي صلى الله عليه وسلم
وتجعل طواف الوداع آخر عهدها بالبيت إذا أرادت أن ترتحل للسفر ، فإن بقيت بعد الوداع لانتظار رفقة أو تحميل رحلها أو اشترت حاجة في طريقه فلا حرج عليها ، ولا تعيد الطواف إلا أن تنوي تأجيل سفرها مثل أن تريد السفر في أول النهار فتطوف للوداع ، ثم تؤجل السفر إلى آخر النهار مثلاً ، فإنه يلزمها إعادة الطواف ليكون آخر عهدها بالبيت
نسأل الله تعالى أن تكون حجة مبرورة لك ولكل الحجاج
تأليف
الشيخ / عبد القادر أبو طالب
[1] يقول الشيخ بن باز رحمه الله ومما ينبغي إنكاره على النساء وتحذيرهن منه: طوافهن بالزينة والروائح الطيبة وعدم التستر وهن عورة فيجب عليهن التستر وترك الزينة حال الطواف وغيرها من الحالات التي يختلط فيها النساء مع الرجال لأنهن عورة وفتنة ووجه المرأة هو أظهر زينتها فلا يجوز لها إبداؤه إلا لمحارمها لقول الله تعالى {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ }الآية ، فلا يجوز لهن كشف الوجه عند تقبيل الحجر الأسود إذا كان يراهن أحد من الرجال ، وإذا لم يتيسر لهن فسحة لاستلام الحجر وتقبيله فلا يجوز لهن مزاحمة الرجال بل يطفن من ورائهم وذلك خير لهن وأعظم أجرا من الطواف قرب الكعبة حال مزاحمتهن الرجال ولا يشرع الرمل والاضطباع في غير هذا الطواف ولا في السعي ولا للنساء لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل الرمل والاضطباع إلا في طوافه الأول الذي أتى به حين قدم مكة ويكون حال الطواف متطهرا من الأحداث والأخباث خاضعا لربه متواضعا له
[2] وتفعل ما يفعله الحاج من الوقوف بعرفة وعند المشعر ورمي الجمار والمبيت بمزدلفة ومنى ونحر الهدي والتقصير فإذا طهرت طافت بالبيت وسعت بين الصفا والمروة طوافا واحدا وسعيا واحدا وأجزأها ذلك عن حجها وعمرتها جميعا لحديث عائشة أنها حاضت بعد إحرامها بالعمرة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: {افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري }
وإذا رمت الحائض والنفساء الجمرة يوم النحر وقصرت من شعرها حل لها كل شيء حرم عليها بالإحرام كالطيب ونحوه إلا الزوج حتى تكمل حجها كغيرها من النساء الطاهرات فإذا طافت وسعت بعد الطهر حل لها زوجها
تأليف
الشيخ / عبد القادر أبو طالب