الطهارة من الغش
من الطهارات المعنوية الباطنية الصغرى الواجبة على الإنسان تحقيقها طهارة نفسه من الغش
من طهارة النفس حرص صاحبها من إيذاء الآخرين فلا يتعامل معهم إلا بالمعروف الشرعي اللي يرضي الله فلا يدخل عليهم الغش فتكون هذه الطهارة بشرى له بدخوله جنة رب العالمين كهذا الرجل الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم أنه من أهل الجنة
{عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يطلع الآن عليكم رجل من أهل الجنة فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه قد علق نعليه بيده الشمال فلما كان الغد قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى فلما كان اليوم الثالث قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضا فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأول فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم تبعه عبد الله بن عمرو فقال إني لاحيت أبي فأقسمت أني لا أدخل عليه ثلاثا فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلت , قال نعم , قال أنس فكان عبد الله يحدث أنه بات معه تلك الثلاث الليالي فلم يره يقوم من الليل إلا أنه إذا تعار تقلب على فراشه وذكر الله عز وجل وكبر حتى صلاة الفجر , قال عبد الله أني لم أسمعه يقول إلا خيراً فلما مضت الثلاث الليالي وكدت أن أحتقر عمله قلت يا عبد الله لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجرة ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنا ثلاث مرات يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فطلعت أنت الثلاث المرات فأردت أن آوي إليك فأنظر ما عملك فأقتدي بك فلم أرك عملت كبير عمل فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما هو إلا ما رأيت فلما وليت دعاني فقال ما هو إلا أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشاً ولا حسد على خير أعطاه الله إياه فقال عبد الله هذه التي بلغت بك}
فقول عبد الله بن عمرو له هذه التي بلغت بك يشير إلى خلوه وسلامته من جميع أنواع الغش والحسد
وعلى هذا لابد للإنسان أن يطهر نفسه من كل أنواع الغش المتنوعة فلا يغشهم في معاملاتهم
قال صلى الله عليه وسلم [ من غشنا فليس منا والمكر والخداع في النار ] .
وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم
{
مر على صبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت
أصابعه
بللا فقال ما هذا يا صاحب الطعام قال أصابته السماء يا رسول الله قال
أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس من غشنا فليس منا
وفي رواية { من غش فليس منا
( فليس
منا )
أي ليس على طريقتنا أو ليس متبعا لطريقتنا ؛
لأن من حق المسلم على المسلم
أي ليس على منهاجنا لأن
وصفه
صلى الله عليه وسلم وطريقته الزهد في الدنيا والرغبة فيها وعدم الشره
والطمع الباعثين علي الغش (والمكر والخداع في النار) أي صاحبهما يستحق
دخولها لأن الداعي إلى ذلك الحرص في الدنيا والشح عليها والرغبة فيها
وذلك يجر إليها
وفي رواية
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل
يبيع طعاما فسأله كيف تبيع فأخبره فأوحى الله إليه أن أدخل يدك فيه
فإذا هو مبلول فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا من غش
قال
والذي بعثك بالحق إنه لطعام واحد
قال
أفلا عزلت الرطب على حدته واليابس على حدته فيبتاعون ما يعرفون من غشنا
فليس منا
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
{
أن رجلا كان يبيع الخمر في سفينة له ومعه قرد في السفينة وكان يشوب
الخمر بالماء فأخذ القرد الكيس فصعد الذروة وفتح الكيس فجعل يأخذ
دينارا فيلقيه في السفينة ودينارا في البحر حتى جعله نصفين
وليس الغش
في البيع والشراء
فقط، ولكن الغش مطلقا مذموم
عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { مر بسوق المدينة على
طعام أعجبه ، فأدخل يده في جوف الطعام فأخرج شيئا ليس بالظاهر ، فأفف
رسول الله صلى الله عليه وسلم بصاحب الطعام ، ثم نادى : " أيها الناس ،
لا غش بين المسلمين ،
من غشنا فليس منا }
ويدخل
فيه جميعُ أنواع المعاملات بالغشِّ، كتدليس
العيوب ، وكِتمانها ، وغشِّ المبيع الجيد بالرديء
ويدخل في الغش من يصد عن الهدى أو يحمل على ما يبعد الناس عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم