الطهارة من الحدث الأكبر لرفع الجنابة
من الطهارة الحسية الظاهرة الواجبة الكبرى للبدن
الطهارة بالغسل من الحدث الأكبر لرفع الجنابة سواء للرجل أو المرأة والتي
يكون سببها خروج المني من الرجل والماء من المرأة أو الوطء أو التقاء
الختانين
غسل الجنابة بخروج المني الدافق بلذة
وهو موجب للغسل من الرجل
والمرأة في اليقظة والنوم
لما روي أن أم سليم قالت { يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق هل
على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "
نعم إذا رأت الماء } متفق عليه
وماء الرجل غليظ أبيض وماء المرأة رقيق أصفر
" إذا رأت الماء " يعني في الاحتلام وانما يخرج في الاحتلام لشهوة
فان رأى أنه قد احتلم ولم ير بللا فلا غسل عليه
لان قول النبي صلى الله عليه وسلم " نعم إذا رأت الماء " يدل على أنه
لم يجب إذا لم تره،
وروت عائشة قالت سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجد البلل
ولا يذكر احتلاما قال " يغتسل " وعن الرجل يرى أن قد احتلم ولم يجد
البلل قال " لا غسل عليه "
قالت أم سليم المرأة ترى ذلك أعليها غسل؟ " نعم إنما النساء شقائق الرجال
لكن إن مشى فخرج منه المني أو خرج بعد استيقاظه فعليه الغسل نص عليه
أحمد لان الظاهر أنه كان انتقل وتخلف خروجه إلى ما بعد الاستيقاظ وان
انتبه فرأى منيا ولم يذكر احتلاما فعليه الغسل
لان الظاهر أن خروجه كان لاحتلام نسيه وذلك لما ذكرنا من حديث عائشة
فان انتبه من النوم فوجد بللا لا يعلم هل هو مني أو غيره فقال أحمد
إذا وجد بلة اغتسل إلا أن يكون به أبردة أو لاعب اهله فانه ربما خرج
منه المذي ولا يكون به بأس وكذلك إن كان انتشر من أول الليل بتذكر أو
رؤية لان الظاهر أنه مذي لوجود سببه فلا يجب الغسل بالاحتمال.
فان وطئ امرأته دون الفرج فدب ماؤه إلى فرجها ثم خرج أو وطئها في الفرج
فاغتسلت ثم خرج ماؤه من فرجها فلا غسل عليها
غسل الجنابة للتقاء الختانين
وهو تغييب الحشفة في الفرج قبلا كان أو دبرا
وسواء مس ختانه ختانها أو لا فهو موجب للغسل
ولو مس الختان الختان من غير ايلاج لم يجب الغسل اجماعا
{ إذا جلس بين شعبها الاربع ثم جهدها فقد وجب الغسل وان لم ينزل } مسلم
ويجب الغسل على كل واطئ وموطوء إذا كان من أهل الغسل سواء كان في الفرج
قبلا أو دبرا طائعا أو مكرها نائما أو يقظان
فان أولج بعض الحشفة أو وطئ دون الفرج ولم ينزل فلا غسل عليه لأنه لم
يوجد التقاء الختانين ولا ما في معناه.
فان أنزل الواطئ أو أنزل الموطوءة من قبله فعلى من أنزل الغسل
فأما بعض الآية فان كان مما لا يتميز به القرآن عن غيره كالتسمية
والحمد لله وسائر الذكر فان لم يقصد به القرآن فهو جائز فانه لا خلاف
في أن لهم ذكر الله تعالى ولأنهم يحتاجون إلى التسمية عند اغتسالهم وقد
روت عائشة قالت { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل
أحيانه } رواه مسلم
ويجوز للجنب العبور في المسجد ويحرم عليه اللبث فيه الا أن يتوضأ يحرم
عليه اللبث في المسجد لقول الله تعالى { ولا جنبا الا عابري سبيل حتى
تغتسلوا } ولقول النبي صلى الله عليه وسلم { لا أحل المسجد لحائض ولا
جنب }
الأول: خُرُوْجُ الْمَنِي عَلَى وَجهِ الدَّفْقِ واللَّذَّةِ، فَإِنْ خَرَجَ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ، نَحْو أَنْ يَخْرُجَ لِمَرَضٍ أَوْ إِبْرِدَةٍ ، لَمْ يُوْجِب الغُسْلَ، فإِنْ أحَسَّ بانْتِقَالِ الْمَنِي عِنْدَ الشَّهْوَةِ، فأَمْسَكَ ذِكْرَهُ فَلَمْ يَخْرُجْ، وَجَبَ الغُسْلُ في الْمَشْهُورِ مِنَ الرِّوَايتين .
فَإِنْ خَرَجَ بَعْدَ الغُسْلِ فَهُوَ كَبَقِيَّةِ الْمَني، إذَا ظَهَرَ بَعْدَ الغُسْلِ، ينظر فإنْ ظَهَرَ قَبْلَ البَوْلِ وَجَبَ الغُسْلُ وإِنْ ظَهَرَ بَعْدَهُ لَمْ يَجِبْ
وَالثَّانِي: تغييبُ الْحَشفَةِ في الفَرْجِ سَوَاء كَانَ قُبُلاً أَوْ
دُبُراً مِنْ كُلِّ حَيَوَانٍ نَاطِقٍ، أَوْ بَهِيْمٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ
حَيّاً أَوْ مَيِّتاً.
والثَّالِثُ: إسْلاَمُ الكَافِرِ، سَوَاء كَانَ أصْلِيّاً،
أَوْ مُرْتَدّاً، سَوَاءٌ اغْتَسَلَ قَبْلَ إِسْلاَمِهِ، أَوْ لَمْ
يَغْتَسِلْ.
ومن أهل العلم من قال
لا يَجِبُ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ الغُسْلُ،
وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ.
وَالرَّابِعُ: الْمَوت.
فَهَذِهِ الأربع يَشْتَرِكُ فِيْهَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ.
وَتَخْتَصُّ النِّسَاءُ بِوُجُوبِ الغُسْلِ مِنَ الْحَيْضِ،
والنِّفَاسِ، والوِلادَةِ.
صفة الغسل
وهو ضربان: كامل ومجزئ
غسل كامل
يأتي فيه بعشرة أشياء: النية والتسمية وغسل يديه ثلاثا وغسل ما به من
أذى والوضوء ويحثي على رأسه ثلاثا يروي بها أصول الشعر ويفيض الماء على
سائر جسده ثلاثا ويبدأ بشقه الايمن ويدلك بدنه بيديه وينتقل من موضع
غسله فيغسل قدميه
ويستحب أن يخلل أصول شعر رأسه ولحيته بماء قبل افاضته عليه، ووجه ذلك
ما روت عائشة قالت: { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من
الجنابة غسل يديه ثلاثا وتوضأ وضوءه للصلاة ثم يخلل شعره بيده حتى إذا
ظن انه قد أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات ثم غسل سائر جسده }
متفق عليه.
وقالت ميمونة { وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم وضوء الجنابة فأفرغ
على يديه فغسلهما مرتين أو ثلاثا ثم أفرغ بيمينه على شماله فغسل
مذاكيره ثم ضرب بيده الارض أو الحائط مرتين أو ثلاثا ثم تمضمض واستنشق
وغسل وجهه وذراعيه ثم أفاض على رأسه ثم غسل جسده فأتيته بالمنديل فلم
يردها وجعل ينفض الماء بيديه ثم تنحى فغسل } متفق عليه
ففي هذين الحديثين كثير من
الخصال المسماة.
والبداية بشقه الايمن لأنه قد روي في حديث عن عائشة { كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة دعا بشيء نحو الحلاب فأخذ
بكفيه بدأ بشق رأسه الايمن ثم الايسر ثم أخذ بكفيه فقال بهما على رأسه
} متفق عليه
في غسل الرجلين في رواية بعد الوضوء
غسل مجزئ
وهو أن يغسل ما به من أذى وينوي ويعم بدنه بالغسل مثل أن ينغمس في ماء
راكد أو جار غامر أو يقف تحت صوب المطر أو ميزاب حتى يعم الماء جميع
جسده فيجزئه لقوله تعالى {وإن كنتم جنبا فاطهروا } وقوله { حتى تغتسلوا
} وقد حصل الغسل فتباح له الصلاة لان الله تعالى جعل الغسل غاية للمنع
من الصلاة فتقتضي أن لا يمنع منها بعد الاغتسال
ولا يجب الترتيب في غسل الجنابة لان الله تعالى قال { وإن كنتم جنبا
فاطهروا } وقال { حتى تغتسلوا } فكيفما اغتسل فقد حصل التطهير ولا نعلم
في هذا خلافا ولا تجب فيه موالاة ([48])
وان اجتمع شيئان يوجبان الغسل كالجنابة والحيض والتقاء الختانين
والانزال فنواهما بغسله أجزأه عنهما ([49])
وإذَا اغْتَسَلَ يَنْوِي بِغُسْلِهِ الطَّهَارَتَيْنِ، أَجْزَأَهُ
عَنْهُمَا، في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَفِي الأُخْرَى لا
يُجْزِئُهُ حَتَّى يَأْتِي بالوُضُوءِ، إِمَّا قَبْلَ الغُسْلِ، أَوْ
بَعْدَهُ، وَسَوَاءٌ في ذَلِكَ وُجِدَ مِنْهُ الْحَدَثُ الأَكبر؛
أَوْ لَمْ يُوْجَدْ مثلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ فَكَّرَ، أَوْ نَظَرَ،
فانْتَقَلَ الْمَني، فإِنْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ غُسْلٌ لالْتِقَاءِ
الْخِتَانَيْنِ وغسل للإنزال، أَوْ اجتمع عَلَى المرأة غسل جنابة ،
وغُسْلُ حيض، أَوْ وُجِدَ مِنْهُمَا أَحْدَاثٌ تُوجِبُ الوُضُوءَ
كالنَّومِ، وَخُرُوجِ النَّجَاسَاتِ، واللَّمْسِ، فَنَوَى
بِطَهَارَتِهِ عَنْ أَحَدِهَا، تَرْتَفِعُ جَمِيْعُ الأَحْدَاثِ.
التيمم لمن لم يجد ماء للغسل
هُوَ القصد إلى مسح الوجه واليدين بشيء من الصعيد
والأصل فِيهِ الكِتَاب والسنة والإجماع، أما الكِتَاب فلقوله تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْه} (المائدة: 6) والسنة لحديث عَمَّار رضي الله عنه قَالَ: بعثني رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم في حاجة، فأجنبت فلم أجد الماء فتمرغت في الصعيد، كَمَا تمرغ الدابة، ثُمَّ أتيت النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فذكرت ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: ((إنما كَانَ يكفيك أن تَقُوْل بيديك هكذا)) ثُمَّ ضرب بيديه عَلَى الأرض ضربة واحدة. ثُمَّ مسح الشمال عَلَى اليمين. وظاهر كفيه ووجهه. رَواهُ البُخَارِيّ
وَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ عَنْ جَمِيْعِ الأَحْدَاثِ، عِنْدَ عَدَمِ
الْمَاءِ، أَوْ خَوْفِ الضَّرَرِ باسْتِعْمَالِهِ، ولا يَتَيَمَّمُ
إلاّ بِتُرَابٍ طَاهِرٍ لَهُ غُبَارٌ يَعْلَقُ بِالْوَجْهِ، فإنْ
خَالَطَهُ مَا لاَ يَجُوْزُ التَّيَمُّمُ بِهِ كَالنُّوْرَةِ والزِّرْنِيخِ والْجُصِّ ونحوِهَا، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَاءِ إذَا
خَالَطَتْهُ الطَّاهِرَاتُ.
وَمَنْ أَرَادَ التَّيَمُّمَ لَزِمَهُ أَنْ يَنوِيَ بِتَيَمُّمِهِ اسْتِبَاحَةَ صَلاةٍ مَفْرُوْضَةٍ، فإِنْ نَوَى نَفْلاً، أَوْ أَطْلَقَ النِّيَّةَ، لَمْ يجزْ أَنْ يُصَلِّيَ إلاّ نَافِلَةً، وإِنْ كَانَ جُنُباً وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْويَ الْجَنَابَةَ والْحَدَثَ، ثُمَّ يُسَمِّي، وَيَضْرِبُ بِيَدَيْهِ وهُمَا مَفْرُوْجَتَا الأَصَابِعِ ضَرْبَةً وَاحِدةً عَلَى التُّرَابِ وَيَمْسَحُ وَجْهَهُ بِبَاطِنِ أَصَابِعِ يَدَيْهِ، وَظَاهِرِ كَفَّيْهِ بِبِاطِنِ رَاحَتَيْهِ، هَذَا هُوَ الْمَسْنُونُ