طهارة النفس من المعاصي
من الطهارات المعنوية الباطنية الصغرى الواجبة على الإنسان تحقيقها طهارة نفسه من المعاصي
ينبغي على الإنسان أن يطهر نفسه من معصية الله ليجد الفلاح وإلا خاب
وخسر وأوقع نفسه في عذاب الله فالله تعالي يقول {وَنَفْسٍ وَمَا
سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ
أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) }
[الشمس]
فنفس الإنسان المكلف آية كبيرة من آيات الله فإنها في غاية اللطف
والخفة، سريعة التنقل والحركة والتغير والتأثر والانفعالات النفسية، من
الهم، والإرادة، والقصد، والحب، والبغض، وهي التي لولاها لكان البدن
مجرد تمثال لا فائدة فيه، وتسويتها على هذا الوجه آية من آيات الله
العظيمة
وإقسامه سبحانه وتعالى بالنفس وبمن أنشأها من العدم في أحسن تقويم
سبحانه وتعالى، وجعلها مستعدة لتلقى ما يكملها ويصلحها
ومنحها القوى الكثيرة المتنوعة، التي توصلها إلى حسن المعرفة، والتمييز
بين الخير والشر ، والنفع والضر ، والهدى والضلال { فَأَلْهَمَهَا
فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } فالإنسان عن طريقها يدرك الأمور إدراكا
واضحا ، ويختار منها ما يناسب استعداده
فالإِلهام هو التعريف والإِفهام للشيء ، أو التمكين من فعله أو تركه
والفجور فعل ما يؤدى إلى
الخسران والشقاء
والتقوى هي الإِتيان بالأقوال والأفعال التي ترضى الله تعالى وتصون
الإِنسان من غضبه عز وجل
فعرف سبحانه نفس الإِنسان وألهمها وأفهمها معنى الفجور والتقوى، وبين
لها حالهما، ووضح لها ما ينبغي أن تفعله وما ينبغي أن تتركه، من خير أو
شر، ومن طاعة أو معصية، بحيث يتميز عندها الرشد من الغى، والخبيث من
الطيب
وذكر سبحانه جواب القسم، الذي فيه تأكيد وحدانيته، وكمال قدرته، وبليغ
حكمته أنه { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا } أي طهر نفسه من الذنوب،
ونقاها من العيوب، ورقاها بطاعة الله، وعلاها بالعلم النافع والعمل
الصالح
فالتزكية التزود من الخير والطاعة، والحرص على تطهير النفس من كل سوء
{ وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا } أي أخفى نفسه الكريمة بالتدنس
وبالرذائل، والدنو من العيوب، والاقتراف للذنوب، وترك ما يكملها
وينميها، واستعمال ما يشينها ويدسيها فدسها نقصها وأخفاها بالمعاص
والآثام
والمعنى لقد أفلح وفاز وظفر بالمطلوب، ونجا من المكروه، من طهر نفسه من
الذنوب والمعاصى وقد خاب وخسر نفسه وأوقعها في التهلكة، من نَقَصها
وأخفاها وأخملها وحال بينها وبين فعل الخير بسبب ارتكاب الموبقات
والشرور
وهذا يدل على أن الله تعالى قد اقتضت سنته ، أن يحاسب من فسق عن أمره،
وأصر على معصيته
وعلى الإنسان الذي يسعى في تطهير نفسه ألا يكتفي بقدرته في إبعاد نفسه
عن الشرور وجلب الخير ولكن يسأل الله الذي خلقها أن يلهمه تقواها
اقتداء بنبي الهدى صلى الله عليه وسلم
عندما كان يمر على هذه الآية
{ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قال اللهم ايت نفسي تقواها
زكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها } ([4])
[4]
رواه مسلم