الذين يصرفون المال تزكية للنفس وابتغاء وجه الله
الإنسان الذي يقصد بإنفاقه تزكية نفسه ويقصد وجه الله تعالى فهو في أعلى منازل التقوى قال تعالى { فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (14) لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16)
وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18) وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (20) وَلَسَوْفَ يَرْضَى (21)} [الليل: 17 - 20]
الإنسان الذي وصفه الله سبحانه هنا بالأتقى هو الإِنسان المبالغ في تقواه الذي يقصد بإنفاقه طهارة نفسه ووجه الله
فالإنسان الذي يريد أن يتحلى بصفة صاحب أعلى منازل التقوى وهي الأتقى عليه أن يحقق الآتي
1 - أن يقصد بعطائه تزكية نفسه وماله
الإنسان الشديد التقوى هو الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى لأنه يطلب من وراء إعطائه المال لغيره تزكية ماله، وتطهير نفسه أي أن يكون عند ربه زاكيا ناميا، خاليا من شبهة الرياء والتفاخر، وأملا في أن يتطهر به من الذنوب
2 - لا يقصد بعطائه مجازاة الغير
والذي يريد أن يبلغ الكمال في تقواه لا ينتظر من إنفاقه أن يجزى بنعمة ممن أنفق عليه ويقتاد في ذلك بأبي بكر الصديق رضي الله عنه في إنفاقه في وجوه الخير فقد كان يعتق العجائز من النساء إذا أسلمن ، ويشترى الضعفة من العبيد فيعتقهم ، فقال له أبوه يا بنى أراك تعتق أناسا ضعفاء ، فلو أنك تعتق رجالا جلداء أي أشداء يقومون معك ويدفعون عنك
فقال أبو بكر أي أبت إنما أريد ما عند الله ، فنزلت بسببه هذه الآيات
3 - أن يقصد بعطائه وجه الله
الإنسان عليه أن يكون عطائه ابتغاء وَجْهِ رَبِّهِ الأعلى ليبلغ أسمى درجات الإِخلاص والنقاء
فالإنسان يكون من المتقين بعطائه أما أن يقصد بعطائه تزكية نفسه ووجه الله بعطائه فإنه يتميز بصفة الأتقى
فعليه أن يفعل ما يريد فعله من أجل شيء واحد ، وهو طلب رضا الله تعالى والظفر بثوابه