|
الصفحة الرئيسية | السلوك | الإيمان | الإدمان وعلاجه |
علاج السلوك والمخاوف عند المدمنين |
علاج السلوك والمخاوف عند المدمنين |
|
إذا نال العبد محبة الله له , تتجه تصرفاته كلها لمرضاة الله لأن جوارح العبد وتصرفاته كلها تتوجه لطاعة لله يقول تعالى في الحديث القدسي : { ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته : كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه}[2] سلوكيات العبد تتغير كلها طاعة لله , عندما ينال العبد محبة الله له , وذلك عندما يتقرب إلى الله بالنوافل , فيجد أن ثمرة هذه المحبة , هي معونة الله المصاحبة لسمعه وبصره ويده ومشيه وسائر جوارحه سمع العبد الذي كان يسمع به الغناء والكلام في المعاصي ( مخدرات ، زنى , لواط ) يجده لا يألف هذه الأشياء , لا يألف إلا سماع القرآن , شريط ديني , سير صحابة , قصص التائبين , كلام طيب يرضي الله , سماع ما ينفعه في الدنيا والآخرة { سمعه الذي يسمع به} السمع هنا تسخر لطاعة الله , فلا يسمع إلا ما يحل استماعه , ولا يصغي بسمعه إلا إلى ما يرضي الله يتغير الإصغاء للهو بسمعه , فلا يسمع إلا ذكر الله , ولا يتلذذ إلا بتلاوة كتابه , ولا يأنس إلا بمناجاته بصر العبد الذي كان يبحث عن الوجوه المسفرة للنساء , ويتقلب في مناظر الفحش في أفلام الخليعة ومجلات المجون , يتغير البصر ليُغض عن كل هذا , حتى يخشى العبد , أن يقع بصره دون إرادته , على شيء يغضب الله بصره يتصرف لطاعة الله , فلا يوقعه في الحرام , بل يألف النظر في المصحف { بصره الذي يبصر به } البصر هنا تسخر لطاعة الله , فلا يرى ببصره إلا ما أمر الله به , والله يحفظ بصره من النظر إلى ما نهى عنه , البصر تجده يُستعمل في النظر إلى نعم الله , نظر الشاكرين , ويبتعد عن رؤية المحرمات ولا ينظر إلا في عجائب ملكوته يد العبد التي كانت تمد للحرام , تمد لأخذ المخدرات أو لأخذ ثمن المخدرات , تمد للبطش فيما لا يحل له يتغير حاله , فتمد اليد لإعطاء المحتاج , تمد اليد لأخذ رسالة وكتيب يفقهه في دينه ويقربه إلى ربه { يده التي يبطش بها } اليد هنا تسخرت لطاعة الله , فيحفظه الله في يده , فلا يستعملها في إيذاء الخلق , ولا يمد يده إلا فيما فيه رضا الله رِجل العبد التي كانت تأخذه للبحث عن بائع للمخدرات أو للبحث عن زبائن يروج لهم , أو تسوقه إلى البلاد التي فيها الفحش والدعارة , يتغير مشيه , لتحمله رجله إلى المساجد للصلوات ، تحمله لحضور محاضرة دينية , تحمله لصلة رحمه , تحمله لزيارة أخ في الله , تحمله في سفر لحج أو عمرة { ورجله التي يمشي بها } المشي هنا يتغير من السعي للباطل برجله , ويُسخر لطاعة الله في السعي للخير والابتعاد عن الشر وفي رواية{ وفؤاده الذي يعقل به ولسانه الذي يتكلم به }[3] قلبه ينصلح ليكون مضغة ينصلح معه الجسد كله , بعد أن كان قلبه مضغة مفسدة للجسد كله بأمراض الشهوات يتخلص هذا القلب من هذه الأمراض ليتقي الله , ولا يعقل إلا طاعته , يتغير فيكون قلب تقي نقي{ وفؤاده الذي يعقل به} لسانه الذي كان ينطق بكل شيء يكبه في النار , يتغير فلا ينطق إلا بالخير أو يصمت , يترطب بذكر الله , ويسهل الذكر ويخف في لسانه تصرف اللسان لطاعة الله { ولسانه الذي يتكلم به } بل ويصبح مجاب الدعوة { وإن سألني لأعطينه } بعدما كان العبد يدعو ولا يستجاب له , لأن مطعمه كان من حرام ومشربه كان من حرام وملبسه كان من حرام , أي غذي بالحرام , فأنى يستجاب له يتغير ليكون مجاب الدعوة , مجرد أن يسأل الله , يجد الله قد أعطاه سؤله يحفظه الله من الشياطين , ومن كل الشرور والآثام إذا استعاذ بالله من ذلك , أو من أي شيء { ولئن استعاذني لأعيذنه } قد كان يقع في المعصية ويقول الشيطان قوي وأنه ضعيف , تجده تغير , ليكون في حصن حصين , في حماية الله , في أمنه وأمانه من كل مؤذي , شيطان كان أو إنسان أو غير ذلك وفي رواية {وإذا استنصرني نصرته}[4] الله ينصره ولا يخذله , تتغير أحواله , يطلب النصر من الله والله ينصره بعدما كان يستنصر بالخلق , أو يستنصر بقواه , ماله أو جاهه أو ظلمه وجبروته وكثيراً ما كان يخذل {وإذا استنصرني نصرته} فمحبة الله للعبد حفظه في حواسه وجعله مشغول بالله , والله يجعل له مقاصده , كأنه ينالها بحواسه , فالله يحفظ له هذه الحواس , وهذا يدل على نصرة الله لعبده وتأييده وإعانته , ويدل على توفيق الله لعبده في الأعمال التي يباشرها بهذه الأعضاء , وتيسير المحبة له فيها بأن يحفظ جوارحه عليه ويعصمه عن مواقعة ما يكره الله والشاهد من هذا الحديث أن كل جوارح العبد تُصرف لطاعة الله , وهذا معناه أن كل سلوكيات العبد تنصلح , ويصبح ملاحظاً بعناية الله ورعايته ومن أوليائه الأعمال التي ينال بها العبد محبة الله له ينال العبد محبة الله له بالنوافل , وهي الزيادة في العبادات على الفرائض والتي بها تنصلح أحواله النوافل هي كل عبادة ليست واجبة الإتيان بها , وذلك بعد أن يكون العبد قد أدى الفرائض , لقوله تعالى في الحديث القدسي {ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضه عليه , وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه 00000000 الحديث } [5] فإذا أدى العبد الفرائض ودوام على الإتيان بالنوافل التي يتقرب بها إلى الله , أفضى ذلك إلى محبة الله تعالى له من النوافل التي ينال بها العبد محبة الله النوافل في الصلاة مثلاً , تكون النوافل التي يتقرب بها العبد إلى الله هي السنن , فالصلاة الزائدة عن الصلوات الخمس , كالسنن الرواتب وصلاة الضحى والوتر وقيام الليل وتحية المسجد والنوافل المطلقة وغيرها النوافل في الصيام كل صيام يصومه العبد غير فرض رمضان , كصيام الأيام البيض وثلاث أيام من كل شهر وصيام ست من شوال وصيام الاثنين والخميس والعشرة من ذي الحجة وعرفة وعاشورا النوافل في الزكاة إن كان قادر , تكون بالصدقات والإنفاق في أبواب الخير كإعطاء محتاج وكفالة أيتام وكفالة أرامل وبناء مساجد وغير ذلك النوافل في الحج والعمرة ما زاد عن حجة الفرض وعمرة الفرض الأذكار من النوافل التي ليست فرض على العبد ويأتي بها تقرباً إلى الله كالأذكار التي تختم بها الصلوات وأذكار الصباح والمساء وقبل النوم وعند القيام من النوم وعند دخول البيت والخروج منه وعند ركوب السيارة والأذكار في الأوقات والأحوال المختلفة طلب العلم الشرعي من النوافل وهو أفضل ما يتقرب به العبد إلى ربه وغير ذلك من العبادات الزائدة عما أفترض الله على عباده فعندما يجاهد العبد نفسه في طاعة الله , ويجتهد في التقرب إلى الله بهذه النوافل , ينال محبة الله له , وإذا نال محبة الله له انصلح سلوكه وليس شرط أن يأتي بكل هذه النوافل حتى ينال محبة الله له , لكن يبذل العبد جهده في تحصيل ما يستطيع أن يستمر عليه من التقرب بالنوافل ، المهم المداومة , أي الاستمرارية في التقرب والإتيان بهذه الطاعة لنص الحديث { لا يزال عبدي يتقرب} فالمقصود بهذه اللفظة الاستمرارية ولقوله صلى الله عليه وسلم : { أحب الأعمال إلى الله تعالى ما داوم عليه صاحبه }[6] فالعبد يتقي الله ما استطاع , وبمشيئة الله وتوفيقه يجد نفسه مع الوقت أن باستطاعته أن يأتي بكل هذه العبادات وبكل سهولة , لأنه يحمل نفسه على الآداب الشرعية والانقياد لرب البرية
[2] البخاري 6502 [3] قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم ج: 1 ص: 359 أخرجه الطبراني عن عائشة وقال إسناده جيد ورجاله كلهم ثقات مخرج لهم في الصحيحين [4] أبي يعلى 12/520 , 533 , الطبراني في الكبير 7833 , 7880 [5] البخاري 6502 [6] مسلم 8/280
|
||||||||