احذر من الجرأة على حدود الله فإنها كانت السبب في قتل ناقة صالح وحلول العذاب                     إن امرأتين من ثمود اسم إحداهما: صدوق بنت المحيا ابن زهير بن المختار، وكانت ذات حسب ومال وكانت تحت رجل ممن أسلم، ففارقته فدعت ابن عم لها يقال له: مصرع بن مهرج بن المحيا، وعرضت عليه نفسها إنْ هو عقر الناقة، واسم المرأة الأخرى: عُنَيْزَة بنت غُنَيْم بن مَجْلَزٍ، وتُكَنّى أم عثمان، وكانت عجوزاً كافرة لها بنات من زوجها ذؤاب بن عمرو أحد الرؤساء الكفار أصحاب الأصنام فعرضت بناتها الأربع على قدار بن سالف إن هو عقر الناقة، فله أي بناتها شاء، فانتدب هذان الشابان لعقرها، فجلس قدار بن سالف وهو رئيسهم مع نفر يشربون الخمر فلم يقدروا على ماء يمزجون به خمرهم لأنه كان يوم شرب الناقة ، فحرض بعضهم بعضاً على قتلها، وسعوا في قومهم وبقية القبـيلة بذلك وحسّنوا لهم عقرها، فأجابوهم إلى ذلك وطاوعوهم ، فاجتمع ملؤهم واتفق رأيهم على أن يعقروا هذه الناقة ليستريحوا منها ويتوفّر عليهم ماؤهم، وزيّن لهم الشيطان أعمالهم فانطلقوا يرصدون الناقة، وقصدوها وهي على حوضها ، فقال الشقي لأحدهم : اذهب فاعقرها ، فأتاها ، فتعاظمه ذلك ، فأضرب عنه ، وبعث آخر فأعظم ذلك وجعل لا يبعث أحداً إلا تعاظمه قتلها فلمّا صدرت من وِرْدِها كَمَن لها مُصْرعٌ، فرماها بسهم فانتظم عظم ساقها، وجاء النساء يزمرن القبـيلة في قتلها وحسرن عن وجوههن ترغيباً لهم فابتدرهم قدار بن سالف فشدّ عليها بالسيف، فكشف عن عرقوبها فخرت ساقطة إلى الأرض ورغت رغاة واحدة عظيمة ، ثم طعن في لبتها فنحرها وكان قتلها يوم الأربعاء ، فلما قتلت أتى رجل منهم صالحاً فقال : أدرك الناقة فقد عقروها ، فأقبل وخرجوا يتلقونه ويعتذرون إليه : يا نبي الله إنما عقرها فلان إنه لا ذنب لنا ! قال : انظروا هل تدركون فصيلها ؟ فإن أدركتموه فعسى الله أن يرفع عنكم العذاب . فخرجوا يطلبونه ، ولما رأى الفصيل أمه تضطرب قصد جبلاً قصيراً فصعده, شرد ولد الناقة عنهم، فعلاً أعلى الجبل هناك، وذهبوا يطلبونه ، فأوحى الله إلى الجبل فطال في السماء حتى ما يناله الطير ، ودخل صالح القرية ، فلما رآه الفصيل بكى حتى سالت دموعه ثم استقبل صالحاً ورغاً ثلاث مرات، فقال صالح : لكل رغوة أجل يوم قال الله تعالى: {فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ } (القمر: الآيتان 29 - 30) وقال تعالى: {إِذ انْبَعَثَت أَشْقَاهَا }: (الشمس: الآيتان 12 - 13) إِذِ انبعث لها رجل عزيز هو رئيس منيع مطاع في قومه , قال تعالى: {فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنَتَ مِنَ المُرْسَلِينَ} (الأعراف: الآية 77) فجمعوا في كلامهم هذا بـين كفر بليغ حيثُ خالفوا الله ورسوله في ارتكابهم النهي الأكيد في عقر الناقة التي جعلها الله لهم آية. واستعجلوا وقوع العذاب بهم فاستحقوه وكذّبوا الرسول الذي قد قام الدليل القاطع على نبوّته وصدقه، وهم يعلمون ذلك علماً جازماً {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا } (الشمس: 14 - 15) وحملهم الكفر والضلال والعناد على استبعاد الحق ووقوع العذاب بهم.{ فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ} (هود: غير يومهم ذلك، فلم يصدقوه أيضاً في هذا الوعد الأكيد، بل لما أمسوا همّوا بقتله وأرادوا فيما يزعمون أن يُلْحِقُوه بالناقة {وَكَانَ فِي المَدِينَةِ تِسْعةُ رَهْطٍ يُفسِدُونَ فِي اْلأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ} (النمل: الآية 48) قالوا تعالوا فلنقتل صالحاً فإن كان صادقاً عجلنا قتله ، وإن كان كاذباً ألحقناه بالناقة ،{قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللّهِ لَنُبَـيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ} (النمل: الآية 49


 

 

 

قول لو  في بعض الحالات

ومن الألفاظ التي لا ينبغي التلفظ بها لأنها تخل بالعقيدة، وقد ورد النهي عنها بخصوصها‏:‏ كلمة ‏"‏لو‏"‏ في بعض المقامات‏.‏

وذلك عندما يقع الإنسان في مكروه أو تصيبه مصيبة؛ فإنه لا يقول‏:‏ لو أني فعلت كذا؛ ما حصل علي هذا‏!‏ أو‏:‏ لو أني لم أفعل؛ لم يحصل كذا‏!‏ لما في ذلك من الإشعار بعدم الصبر على ما فات مما لا يمكن استدراكه، ولما يشعر به اللفظ من عدم الإيمان بالقضاء والقدر، ولما في ذلك من إيلام النفس وتسليط الشيطان على الإنسان بالوساوس والهموم‏.‏

والواجب بعد نزول المصائب التسليم للقدر، والصبر على ما أصاب الإنسان، مع عمل الأسباب الجالبة للخير والواقية من الشر والمكروه بدون تلوم‏.‏

وقد ذم الله الذين قالوا هذه الكلمة عند المصيبة التي حلت بالمسلمين في وقعة أحد، فقال تعالى‏:‏ ‏{‏يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا‏}‏ ‏:‏ هذه مقالة قالها بعض المنافقين يوم أحد لما حصل على المسلمين ما حصل من المصيبة، قالوها يعارضون القدر، ويعتبون على النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين خروجهم إلى العدو، فرد الله عليهم بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ‏}‏ ؛ أي‏:‏ هذا قدر مقدر من الله لابد أن يقع، ولا يمنع منه التحرز في البيوت والتلهف‏.‏

وقول ‏"‏لو‏"‏ بعد نزول المصيبة لا يفيد إلا التحسر والحزن وإيلام النفس والضعف مع تأثيره على العقيدة من حيث إنه يوحي بعدم التسليم للقدر‏.‏

الإرشاد لصحيح الاعتقاد

صحبة أهل السوء

تنقلب يوم القيامة عداوة وتكون سبب عذابهم

يقول الله تعالى :{ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا(27)يَا وَيْلَتِى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا(28)لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا(29) } الفرقان

فالمحبة التي لا تكون لله ولا يلتزم فيها بتقوى الله ستتحول إلى عداوة يوم القيامة عقوبة لأصحابها من جنس عملهم

يقول الله تعالى :{الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ(67)} الزخرف

أي كل صداقة وصحابة لغير الله فإنها تنقلب يوم القيامة عداوة إلا ما كان لله عز وجل فإنه دائم بدوامه , فالإخلاء في الدنيا المتحابون فيها يوم تأتيهم الساعة بعضهم لبعض عدوّ , يعادي بعضهم بعضاً ، لأنها قد انقطعت بينهم العلائق واشتغل كل واحد منهم بنفسه ، ووجدوا تلك الأمور التي كانوا فيها أخلاء أسباباً للعذاب فصاروا أعداء

 ثم استثنى الله تعالى المتقين فقال : إلا المتقين فإنهم أخلاء في الدنيا  والآخرة ، لأنهم وجدوا تلك الخلة التي كانت بينهم من أسباب الخير والثواب فبقيت خلتهم على حالها فيقال لهؤلاء المتقين المتحابين في الله{ يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ(68) }  الزخرف

فيذهب عند ذلك خوفهم ويرتفع حزنهم

رسالة علاج أصدقاء السوء بالصحبة الطيبة

 

حال المسلمين في التفاعل مع تحريم الخمر

الناس يختلفون في التجاوب مع تلقي الأوامر وخاصة إذا كانت في أمور هم على خلافها فمنهم من يتجاوب من أول وهلة ومنهم من يحتاج توضيح ومنهم من يحتاج توضيح أكثر حتى يتأكد من وضوح الأمر عنده وكلهم في خير لأن المرء منهم متى اتضح له الأمر استجاب سواء من أول وهلة أو بعد تأخير , وهذا ما كان من حال المسلمين في تفاعلهم مع تحريم الخمر في مراحلها الثلاثة فكانوا خمس أصناف

1- أُناس تركوا الخمر من أول وهلة, بعد أن بين الله تعالى بأن الخمر فيها أثم كبير ونفع, فقد فهموا المقصود وعلموا أنه تحريم غير مباشر وقالوا لا حاجة لنا فيما فيه إثم

 2- أُناس قالوا ما حرم علينا, إنما قال { فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}, وظلوا يتعاطونها وقالوا نترك الإثم ونأخذ النفع حتى كانوا يقيمون الصلاة وقد أخذوا من الخمر وأتلفت عليهم أذهانهم

3- أُناس من القوم الذين قالوا نأخذ نفعها ونترك إثمها تركوها لما أمر الله في المرة الثانية ألا يقربن الصلاة سكران وقالوا صلاتنا أهم مما في الخمر

4- أناس من القوم الذين قالوا نأخذ نفعها ونترك إثمها قالوا نشربها بعد العشاء في غير أوقات الصلاة وكانوا قلة

5- باقي القوم الذين قالوا نأخذ نفعها ونترك إثمها وكانوا يشربونها في غير أوقات الصلاة تركوها لما أمروا باجتناب الخمر

فترك المجتمع الإسلامي كله الخمر التي حرم شربها عليهم تحريماً نهائياً وامتثلوا لأمر الله تعالى

يتضح مما سبق أن الناس تختلف أحوالها في التفاعل مع استقبالها لأوامر التكليف الرباني , والمسلم متى بلغ قلبه حكم تفاعل معه, وهذا هو الاستبصار بحقيقة الأمر, كما كان حال المسلمين في مراحل التحريم الثلاثة, ففي المرة الأولى من بلغ قلبه التحريم استجاب للحكم وانتهى, ومن يبلغ الحكم قلبه واحتاج توضيح, تفاعل في المرة الثانية عندما اتضح له الحكم وبلغ قلبه فاستجاب وانتهى, ومن الناس من لم يكفيه الوضوح الأول والثاني في بلوغ الحكم إلى قلبه واحتاج زيادة توضيح, فوضح له في المرة الثالثة فبلغ قلبه فاستجاب وانتهى

ومع اختلاف أحوال المسلمين في سرعة استقبالهم لأمر التحريم في المراحل الثلاثة لتحريم الخمر إلا أن كل من بلغ قلبه التحريم بترك الخمر تفاعل قلبه واستجاب لترك الخمر نهائياً وعلى الفور امتثالاً لأمر الله

وبذلك يتبين أن امتثال أمر الرحمن هو علاج الإدمان كما حدث من الصحابة عليهم الرضوان

من رسالة علاج الانحراف السلوكي للإدمان

 

 

ماذا أفعل في هذه الأمور

الحاسد العائن الصحبة الشوق السلوك الغضب العصيان الكذب القطيعة الزوج العقوق القيامة

 الحاسد العائن الصحبة الشوق السلوك الغضب العصيان الكذب القطيعة الزوج العقوق القيامة

 




نسأل الله أن يحفَظَ بلادَ المسلمين من كلِّ سوء وأن يعيذَنا من الشرّ والفساد وأن يمنحَنا الاستقامة والثباتَ على الحقّ وأن يعيذنا من زوال نعمته ومن تحوُّل عافيته ومن فُجاءة نقمته وأن يهديَ ضالّ المسلمين ويبصِّر جاهلَهم ويوقِظ غافلهم ويدلَّهم على الخير والهدى إنّه على كل شيء قدير  نسأل الله أن يرفعَ البلاء عن أمّة الإسلام وأن يرزقَهم العودةَ إلى شرع الله ليُخلِّصوا أنفسَهم من هذه الأباطيل والضلالات إنّه لا مخلِّصَ لهم من المخدرات وسائر المنكرات إلاّ رجوع إلى كتاب الله وسنّة رسوله  فعليها تنصلح القلوب وتجد الهداية من علام الغيوب وتجد السعادة بزوال الكروب   


ماذا أفعل في هذه الأمور

الحاسد العائن الصحبة الشوق السلوك الغضب العصيان الكذب القطيعة الزوج العقوق القيامة

 الحاسد العائن الصحبة الشوق السلوك الغضب العصيان الكذب القطيعة الزوج العقوق القيامة