هناك آفات وعوائق كثيرة تضيِّع على المسلم وقته، وتكاد تذهب بعمره كله إذا لم يفطن إليها ويحاول التخلص منها، ورأس تلك العوائق وأسها الغفلة والتسويف، فهما سلاحان ماضيان من أسلحة الشيطان تفتك بالإنسان.

الغفلة

يشهد واقع حال الكثير من الناس ممن اعتادوا على قضاء أوقاتهم في مشاهدة الحرام والتمتع بالحرام وسهر الليل كله والنوم نهاره بتضييع الصلاة ومضي الأوقات وانقضاء الأيام وتصرم الليالي بكثرة مجالسهم دون ذكر لله تعالى وهذه هي الغفلة أي الخسارة والحسرة والندامة قال صلى الله عليه وسلم (ما جلس قوم مجلساً لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم تِرَة فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم) والتِرة هي الحسرة والندامة

البعض من الناس يتفقد صحته صباح مساء، ولا يدخر جهدًا ولا مالاً ولا وسعًا في الذهاب إلى المستشفيات كلما أحس بشيء، وهذا من فعل الأسباب المشروعة، لكن تراه غافلاً عن إصلاح قلبه وجوارحه وربما يشب ويشيب ويموت على ذلك فهذه من كوارث الغفلة

التسويف

التسويف من الآفات التي تقضي على الوقت وهو من شعار الشيطان الذي يلقي به على قلب الإنسان ليمنعه عن التوبة إذا أساء ويحرمه من الأجر على الصدقات وغيرها من العبادات ويجعله يغتر بحلم الله عز وجل فيشغله عن العمل لما بعد الموت الذي يأتي بغتة وينسى أن الجنة والنار أقرب إليه من شراك نعله

والتسويف يجعل صاحبه لا يعمل بتوجيه الشرعية في الإسراع بأعمال الخير والطاعة ويظل في المماطلة حتى تقضى الأيام والليالي حارماً نفسه من فضيلة السباق على الخير وطلب الغفران

والإنسان عندما يغتر بخدع التسويف والتأميل يخطئ الطريق والسبيل فيماطل في أعطاء الحقوق لأهلها ورد المظالم لأصحابها

الكسل

من أعظم الآفات التي تقضي على وقت الإنسان هي الكسل وخاصة عندما يزينه له الشيطان ليصرفه عما هو مطالب به من استفراغ وقته في عبادة الله تعالى، تلك الغاية التي من أجها خُلِقَ : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } [الذرايات:56]. فينزغ له الشيطان بما تستهواه النفس من الدعة والراحة والكسل وصعوبة ملء الأوقات بالصلاة والصيام وغيرها من العبادات، المقصود أنه يصرفه عن طاعة ربه في أي حال من الأحوال، فعندما يأنس لهذه الوساوس وغيرها يستجيب لها ويخرج عن التكليف، فيكسل عن المأمور والمَنْهِيّ، حتى يجعل وقته خارجًا عن التكليف يتصرف فيه كيف يشاء، ويزداد كسلاً عن السُّنن والمباحات ثم يدخل الكسل في الواجبات { وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142) } حتى لا يدرك أن المفهوم الشرعي للوقت لا يجعل للإنسان الحق في إضاعة وقته

الإنسان عندما يبلغ هذا المبلغ تضعف إرادته أمام ميل النفس إلى الكسل فلا يستطع أن يعدل في تقسيم وقته للعمل النافع ويكون من أصعب الصعاب لديه أن يرتب أعماله وواجباته وفق نظام عمل سليم يتقيد بتنفيذه لأنه يرى أن هذا سيفوت على هوى نفسه فرصة الإخلاد إلى الراحة فيترك العمل خاصة إذا شعر بتعب في جسمه أو ملل في نفسه أو عدم انسجام بين العمل وهواه وهذا يجلب له السأم والنوم الطويل القاتل للقوى المتلف للعمر من غير فائدة

والكسل عند ذلك يكون داء وَبِيل ومرض خطير تنعكس آثاره السيئة على الفرد ومجتمعه، ويسبّب الخمول والفقر والتخلّف المادّي والمعنوي ويؤدي إلى العجز ولذا وجهت الشريعة المسلم إلى الاستعاذة من الكسل ليستحضر أنه مذموم قال صلى الله عليه وسلم{ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ } وقوله صلى الله عليه وسلم {احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز))

لأن العجز والكسل يمنعان العبد من أداء حقوق الله وحقوق نفسه وأهله، ويضيعا عليه النظر في أمر معاده وأمر دنياه، وتجعله لا يجتهد في العمل ولا الإجمال في الطلب ويكون عالةً على غيره مع ما متّع به من صحة جوارح ويضيع وقته بالخمول والتواكل اللذان يُغلِقان أبواب الخير والسموّ في وجوه الطالبين