إحسان حقيقي ترغيبي يدفع لزيادة العبادة لله
إن الإنسان الذي يريد أن يحقق الإحسان في طاعة الرحمن وهو
يعلم أن الله تعالى يراه في كل أعماله ويعلم أن الملائكة الكتبة الحفظة
التي تداوم عليه تصلي معه الفجر والعصر وتصعد إلى ربها فَتَذكُرُه بالثناء
عند الله العظيم كما قال صلى الله عليه وسلم { يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل
وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ثم يعرج الذين باتوا
فيكم فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم كيف تركتم عبادي فيقولون تركناهم وهم يصلون
وأتيناهم وهم يصلون }
إن معرفة الإنسان لهذه الحقيقة أن الله الذي يراه وهو
يصلي الفجر والعصر وغيرها من الصلوات ويرى غيره من المصلين أيضاً ومع ذلك
يسأل عنه وعنهم ملائكته وهو أعلم بحالهم ,
إنه تعالى يسأل ليباهي بأهل الصلاة وليسمع الثناء عليهم عنده من
الملائكة
هذه الحقيقة ترغب هذا الإنسان وغيره ممن يريد أن يحسن
الطاعة لله الذي يراه في الحفاظ على الصلاة في الجماعة
إن الإنسان الذي يعرف هذه الحقيقة مما تعلمه من سنة رسوله
صلى الله عليه وسلم يجد عنده الرغبة في الحفاظ على هذا المدح والثناء من
الملائكة والسؤال عن حاله من الله العظيم فيؤدي به هذا إلى الاهتمام بسائر
العبادات التي تبلغه نيل الكرامة من الله عندما يذكره الله في الملاء
الأعلى ويجعله في معيته فعند ذلك يكثر من ذكر الله ودعاه
إن الإنسان المحسن في إحسانه لعبادة الله وهو يظن ظن
اليقين أن الله الذي يراه هو معه إذا دعاه سيكون هذا الإنسان ظنه بالله ظن
حسن وسيقبل على دعائه لأنه يعلم أن الله عز وجل يقول { أنا عند ظن عبدي
وأنا معه إذا دعاني }
إن علم الإنسان مريد الإحسان بهذه الحقيقة تجعل عنده
الرغبة في أن يكون في معية الله لعلمه بقول الله عز وجل { أنا مع عبدي إذا
هو ذكرني وتحركت بي شفتاه }
إن هذا المحسن وهو يستحضر أن الله الذي يراه هو معه
ويجيبه في دعائه مدام أنه يحرك بذكره شفتاه ويجيبه في كل قراءة للفاتحة في
الصلاة لعلمه أن الله تعالى يقول { قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين
ولعبدي ما سأل فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين
قال الله تعالى
حمدني عبدي وإذا قال الرحمن الرحيم
قال الله تعالى
أثنى علي عبدي وإذا قال مالك يوم الدين
قال مجدني عبدي
وقال مرة فوض إلي عبدي فإذا قال إياك نعبد وإياك نستعين
قال هذا بيني
وبين عبدي ولعبدي ما سأل فإذا قال اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت
عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال هذا لعبدي ولعبدي ما سأل }
إن هذا الإنسان وهو يستحضر هذا تجده يتمعن ويتدبر قراءته
في الصلاة عند ذلك يخشع في صلاته
إن الإنسان الذاكر لله عندما يستحضر وهو يذكر الله أن
الله الذي يراه ويسمع نجواه يصدقه في ذكراه يجد نفسه مندفع بكل همة للإكثار
من ذكر الله حتى يزداد من
تصديق الله له كما أخبره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله { إذا قلت سبحان
الله قال الله صدقت وإذا قلت الحمد لله قال الله صدقت وإذا قلت لا إله إلا
الله قال الله صدقت وإذا قلت الله أكبر قال الله صدقت
وإذا قلت اللهم
اغفر لي قال الله قد فعلت وإذا قلت اللهم ارحمني قال الله قد فعلت وإذا قلت
اللهم ارزقني قال الله قد فعلت }
فالإنسان المحسن في إحسانه لعبادة الله وهو ويعلم أن الله
الذي يراه ويصدقه في ذكراه يجيبه في مبتغاه إذا طلب الغفران قال له فعلت
وإذا طلب الرحمة قال له فعلت وإذا طلب الرزق قال له فعلت
إن الإنسان وهو يستحضر هذا تجده يحسن ويكثر من عبادة الله
إن الإنسان الذي يحسن في طاعته لله عندما يستحضر أن الله
تعالى الذي يراه يقول { فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في
ملأ ذكرته في ملأ خير منهم وأطيب وإن تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا، وإن
تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة }
إن الإنسان بطبيعته يسعد عندما يذكر في الملاء من بشر
فكيف تكون سعادة المحسن الذي يعلم أنه بذكره لله أن الله العظيم هو الذي
يذكره في الملأ الأعلى
إن هذا الإنسان الذي يريد أن يحقق الإحسان لعبادة الله
الذي يراه سيبذل كل جهده لتقرب إلى الله بكل عمل يجعله قريب من الله
تعالى الذي يقول { يا ابن آدم قم إلي, أمش إليك, وامش إلي, أهرول
إليك }
وبمعرفة هذا الحقيقة يجد المحسن الرغبة في القيام بالليل
للوقوف بين يدي رب العالمين يصلي ويكثر من السجود ليكون أقرب من الله وهو
ساجد لعلمه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { أقرب ما يكون العبد من
ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء }
وتدفع به هذه الرغبة لانتظار ليله وترقب جوفه ليقترب من
الله العلي العظيم بقيام الليل لذكر الله ودعاه لعلمه بقول النبي صلى الله
عليه وسلم { أقرب ما يكون العبد من الرب في جوف الليل فإن استطعت أن تكون
ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن }
{ ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل
الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له }
إن الإنسان الذي يحسن في طاعته لله عندما يستحضر أن الله
تعالى الذي يراه يقول له { يا ابن آدم ! صل لي أربع ركعات من أول النهار
أكفك آخره } تجده يحسن في
الاستجابة لله ويأتي بأربع ركعات الضحى بل يزيد لينال من فضل الله الأكرم
هذا الإنسان المستحضر رؤية الله واطلاعه على أحواله في كل
عمل يقبل عليه تجده يرغب في الإكثار من الأعمال الصالحة بكل إخلاص لله وعلى
النحو الذي يرضاه
إن الإنسان الذي يريد مرضاة الله بتحسين عبادته ترغبه هذه
الأحاديث وتدفعه للإتيان بهذه العبادات وغيرها ويجد عنده الرغبة في الإكثار
منها ومن غيرها
لأن الإنسان المؤمن الساعي للإحسان في عبادة الرحمن هو
إنسان طيِّبٌ قلبُه ولسانُه وجسدُه بما سكن في قلبه من الإيمان
وظهر على لسانه من الذكر وعلى جوارحه من الأعمال الصالحة التي هي
ثمرة الإيمان