الصفحة الرئيسية السلوك الإيمان الإدمان وعلاجه  
الوقاية من الانحراف الأخلاقي

حفظ المرء لعورته من الآخرين

المبحث الثاني

الفصل الأول

النهي عن التعري

النهي عن الإفضاء

الاحتجاب حتى عن الأعمى

منع دخول المخنثين على النساء

التفريق في النوم للصغار

منع المرأة من الملابس الكاشفة

منع المرأة عن الخروج متطيبة

 

نهي المرأة عن الملابس الكاشفة لعورتها

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ’’صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات

   

 مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا‘‘([64])

هذا الحديث من معجزات النبوة فقد وقع هذان الصنفان وهما موجودان وفيه ذم هذين الصنفين، الصنف الأول قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس يعني ظلماً وعدواناً والصنف الثاني نساء كاسيات عاريات

معنى كاسيات عاريات تستر بعض بدنها وتكشف بعضه إظهاراً لجمالها كمن تجعل فاصل بين ما تلبسه مما يوضع على جسمها العلوي وبين ما يوضع على الجزء الأسفل لتظهر من بطنها وظهرها ونحوه. كمن تكتسي مالا يسترها ، فهي كاسية ، وهى في الحقيقة عارية مثل من تكتسي الثوب الرقيق الذي يصف بشرتها ، أو الثوب الضيق الذي يبدي تقاطيع خلقتها مثل عجيزتها وساعدها ونحو ذلك، أو ألبسة قصيرة

وقد ذكر شيخ الإسلام ([65]) أن لباس النساء في بيوتهن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ما بين كعب القدم وكف اليد كل هذا مستور وهن في البيوت. أما إذا خرجن إلى السوق فقد علم أن نساء الصحابة كن يلبسن ثياباً ضافيات يسحبن على الأرض ورخص لهن النبي صلى الله عليه وسلم أن يرخينه إلى ذراع لا تزدن على ذلك، وأما ما أشتبه على بعض النساء من قول النبي صلى الله عليه وسلم ’’ لا تنظر المرأة إلى عورة المرأة ولا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ‘‘ ( [66]) وأن عورة المرأة بالنسبة للمرأة ما بين السرة والركبة من أنه يدل على تقصير المرأة لباسها ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل لباس المرأة ما بين السرة والركبة حتى يكون في ذلك حجة ولكنه قال ’’ لا تنظر المرأة إلى عورة المرأة ‘‘فنهى الناظرة، لأن اللابسة عليها لباس ضافي لكن أحياناً تكشف عورتها لقضاء الحاجة أو غيره من الأسباب فنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تنظر المرأة إلى عورة المرأة، ولما قال النبي عليه الصلاة والسلام ’’ لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ‘‘ فهل كان الصحابة يلبسون إزراً من السرة إلى الركبة، أو سراويل من السرة إلى الركبة ؟! وهل يعقل الآن أن امرأة تخرج إلى النساء ليس عليها من اللباس إلا ما يستر ما بين السرة والركبة، هذا لا يقوله أحد، ولم يكن هذا إلا عند نساء الكفار، فهذا الذي فهمه بعض النساء من هذا الحديث لا صحة له، والحديث معناه ظاهر، لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم لباس المرأة ما بين السرة والركبة، فعلى النساء أن يتقين الله، وأن يتحلين بالحياء الذي هو من خلق المرأة والذي هو من الإيمان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ’’ الحياء شعبة من الإيمان ‘‘( [67]) وكما تكون المرأة مضرب للمثل فيقال ’ أحيا من العذراء في خدرها‘ ولم نعلم ولا عن نساء الجاهلية أنهن كن يسترن ما بين السرة والركبة فقط لا عند النساء ولا عند الرجال فهل يردن هؤلاء النساء أن تكون نساء المسلمين أبشع صورة من نساء الجاهلية ؟!!

والخلاصة أن اللباس شيء، والنظر إلى العورة شيء آخر، فلباس المرأة مع المرأة المشروع فيه أن يستر ما بين كف اليد إلى كعب الرجل هذا هو المشروع، ولكن لو احتاجت المرأة إلى تشمير ثوبها لشغل أو نحوه فلها أن تشمر إلى الركبة، وكذلك إذا احتاجت أن تشمر الذراع إلى العضد فإنها تفعل ذلك بقدر الحاجة فقط، وأما أن يكون هذا هو اللباس المعتاد الذي تلبسه فلا. والحديث لا يدل عليه بأي حال من الأحوال، ولهذا وجه الخطاب إلى الناظرة لا إلى المنظورة، ولم يتعرض الرسول عليه الصلاة والسلام لذكر اللباس إطلاقاً، فلم يقل لباس المرأة ما بين السرة والركبة حتى يكون في هذا شبهه لهؤلاء النساء

وأما محارمهن في النظر فكنظر المرأة إلى المرأة بمعنى أنه يجوز للمرأة أن تكشف عند محارمها ما تكشفه عند النساء، تكشف الرأس والرقبة والقدم والكف والذراع والساق وما أشبه ذلك، ولكن لا تجعل اللباس قصيراً

ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم ’’ مميلات مائلات ‘‘ مائلات زائغات عن طاعة الله تعالى وما يلزمهن من حفظه كحفظ الفروج وغيره ومميلات يعلمن غيرهن فعلهن المذموم

وقيل مائلات يمشين متبخترات، مميلات لأكتافهن وقيل مائلات إلى الرجال وقيل مميلات لهم بما يبدين من زينتهن وغيرها وقيل مائلات يمتشطن المشطة الميلاء وهي مشطة البغايا. وقيل مميلات يمشطن غيرهن تلك المشطة

ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم ’’ رؤوسهن كأسنمة البخت ‘‘ أي يكبرنها ويعظمنها برفع الشعر, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

’’ يكون في آخر هذه الأمة رجال يركبون على المياثر حتى يأتوا أبواب المساجد نساءهم كاسيات عاريات على رؤسهن كأسنمة البخت العجاف العنوهن فإنهن ملعونات ‘‘( [68])

فلتنتبه المرأة حتى لا تقول إن زوجي يوافق على مظهري هذا أو هو يعجبه أن أكون ملفته للنظر أثناء توصيله ليّ الأسواق, فإن الشريعة رمت من هذه حالها باللعنة ويزاد ذمها إن تسببت في افتتان غيرها بها كما تذم الشريعة الرجل الذي يوصل نسائه وهن بهذه الملابس إلى دور العبادة, قال صلى الله عليه وسلم’’ خير البقاع المساجد و شر البقاع الأسواق ‘‘ ([69]) فكيف يكون الذم لأماكن الشر والاختلاط والمعاكسات عندما يفتتن الآخرين بهذا التبرج والسفور

إن في عصر مثل عصرنا الذي سهل فيه الشيطان بمكره ومكر أوليائه، التعري واتبعه العصاة للفجور وفشي التبرج والسفور وكثروا انفلات البصر والنظر المحرم، وروجوا مجلات الخنا وأفلام الدعارة والفحش، مما أدى إلى الرغبة في الفحش فسافروا إلى بلاد الفجور والفسق والعري والإباحية التي بها أسواق تعرض الدعارة لتفريغ شهواتهم ثم أمثال هؤلاء في عودتهم لبلادهم لا يتورعون في انتهاك الأعراض بالاغتصاب أو بالتراضي, وهذا يجعل كل امرأة تحفظ نفسها بحجابها حتى لا تكون هدف لهؤلاء الذين لا يهمهم أن يضيع معهم شرفها وشرف أسرتها إن كانت هي السبب بملابسها العارية الشفافة الضيقة قد أثارت بمظهرها هذا شهوة أحد الفجرة فتعدى عليها وضيع سمعتها وقد يكون هذا عقاب من الله لها لأنها أغضبته عليها لتعريها


[64] مسلم 2128

[65] ابن تيمية مجموع الفتاوى 22/146-147 ونقل كلامه هذا الشيخ العثيمين رحمه الله في حديثه عن ستر العورة

[66] الترمذي 2793 , صححه الألباني في غاية المرام 185

[67] مسلم 35

[68] كنز العمال 45106 , وعزاها أحمد شاكر 11/38 للحاكم ويشهد رواية المسند 2/223 , الطبراني في الأوسط 9331, وحسنه الألباني في صحيح الترغيب2043

[69] الطبراني في الكبير 22/60 , حسنه الألباني في صحيح الجامع 3271