وسيلة الأقناع الإيماني بسلطة القضاء والقدر
الوسيلة الثالثة
الاقتناع الإيماني بسلطان القضاء والقدر ، وأنه هو
المهيمن على كل الأحداث
التي تخرج عن حدود الإرادة الإنسانية
فمتى علم الإنسان أن المقادير أمور مرسومه ، وأنه لا راد
لقضاء الله ، وأن الله لا يقضي شيئا إلا لحكمه هو يعلمها، ولا يأذن بنفاذ
شيء في كونه ولو من أهل الاختيار إلا لحكمه هو يعلمها ، اطمأن قلبه ، وثبت
فؤاده، وهدأ قلبه، وأراح نفسه من طلب تغيير المقادير النافذة، وداوى هواه
الذي خالفته المقادير بقوله تعالى {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ
خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ
وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}
وبقوله تعالى { فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا
وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19) } [النساء: 19]
وحينما يعامل الناس ويناله منهم أذى فإنه يعلم أن ما ناله
منهم له وجهان
الوجه الأول أنه ظلم من العباد لا يرضى الله به لأنه على
خلاق ما أمر الله أو نهى عنه فالمؤمن لا يرضاه منهم لأن الله أبان
أنه لا يرضاه منهم
الوجه الثاني أن الله أذن بنفاذه لحكمة هو يعلمها ولو شاء
لمنع نفاذه فهو بهذا المعنى من قضاء الله وقدره وقد رضيه الله بحكمته فهو
يرضى بقضاء الله الحكيم ويرى أن الخير فيما رضيه له لذلك فهو يتقبله
بانبساط وسماحة نفس وتسليم كامل ولا يوجه أي اعتراض وتذمر على الله فيما
قضاه
ومن يرضى بمقادير الله يسعد قلبه برضاه أما من يسخط على
المقادير فإنه يشقى قلبه ونفسه بتسخطه فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط