أوصيك بتقوى الله تعالى فإنه رأس كل شئ إذ التقوى وإن قل لفظها جامعة لحق الحق والخلق شاملة لخير الدارين إذ هي تجنب كل منهي وفعل كل مأمور

ومن اتقى الله حفظه من أعدائه ونجاه من الشدائد ورزقه من حيث لا يحتسب وأصلح عمله وغفر زلله وتكفل له أمره وجعل له نورا يمشي به بين يديه وقبله وأكرمه وأعزه ونجاه من النار إلى غير ذلك

وعليك بالجهاد أي الزمه فإنه رهبانية الإسلام أي أن الرهبان وإن تخلوا عن الدنيا وزهدوا فيها فلا تخلي ولا زهد أفضل من بذل النفس في سبيل الله فكما أن الرهبانية أفضل عمل أولئك فالجهاد أفضل عملنا والرهبانية ما يتكلفه النصارى من أنواع المجاهدات والتبتل

وعليك بذكر الله وتلاوة القرآن

عليك بتلاوة القرآن وذكر الله فإنه ذكر لك في السماء يعني يذكرك الملأ الأعلى بسببه بخير

ونور لك في الأرض

 أي بهاء وضياء يعلو بين أهل الأرض وهذا كالمشاهد المحسوس فيمن لازم تلاوته بشرطها من الخشوع والتدبر والإخلاص.

فعلى كل ذي علم أن لا يغفل عن هذه المنة والقيام بشكرها

وعليك بطول الصمت

 أي الزم السكوت إلا في خير كتلاوة وعلم وإنذار مشرف على هلاك وإصلاح بين الناس ونصيحة وغير ذلك

فإنه مطردة للشيطان أي مبعدة له عنك

أبعده ونحاه ونفاه وقال له اذهب عنا

وعون لك على أمر دينك أي ظهير ومساعد لك عليه

إياك وكثرة الضحك فإنه يميت القلب

 أي يغمسه في الظلمات فيصيره كالأموات

أي كثرة الضحك تورث قسوة القلب وهي مفضية إلى الغفلة وليس موت القلب إلا الغفلة

ويذهب بنور الوجه

 أي بإشراقه وضيائه وبهائه

واعتياد الضحك شاغل عن النظر في الأمور المهمة مذهل عن الفكر في النوائب

وليس لمن أكثر منه هيبة ولا وقار ولا لمن وسم به خطر ولا مقدار

كثرة الضحك والفرح بالدنيا سم قاتل يسري إلى العروق فيخرج من القلب الخوف والحزن وذكر الموت وأهوال القيامة وهذا هو موت القلب

أحب المساكين أي الفقراء

وجالسهم فإن مجالستهم ترق القلب وتزيد في التواضع وتدفع الكبر

انظر إلى من هو تحتك

 أي دونك في الأمور الدنيوية ولا تنظر إلى من هو فوقك فيها

فإنه أجدر أي أحق أن لا تزدري نعمة الله عندك

 أما في الأمور الأخروية فينظر إلى من فوقه