تعلق القلب بالمسجد
من هذه الخصال التي تبلغ الظلال والتي نسعى لتحصيلها تعلق
القلب بالمسجد
فقوله صلى الله عليه وسلم ورجل قلبه معلق في المسجد إذا
خرج منه حتى يعود إليه
الرجل المعلق قلبه بالمساجد إذا خرج منه حتى يعود إليه هو
رجل يحب المسجد ويألفه لعبادة الله فيه ، فإذا خرج منه تعلق قلبه به حتى
يرجع إليه ، فهو من حبه للمسجد يترقب وقت توجهه له ولملازمة أهله
وهذا إنما يحصل لمن ملك نفسه وقادها إلى طاعة الله
فانقادت له فإن الهوى إنما يدعو إلى محبة مواضع الهوى واللعب المباح
والمحظور ، ومواضع التجارة واكتساب الأموال وغرف الشات والمحادثات والجلوس
للفضائيات
أما من يشعر وقت جلسته في المسجد أنه يجالس ربه عز وجل
وأنه بين يديه وتجده يُقْصِر نفسه على محبة بقاع العبادة فهذا إنسان خالف
هواه ، وقدم عليه محبة مولاه
وقد مدح الله عمار المساجد فِي قوله { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ
اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا
بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ
عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ
يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ لِيَجْزِيَهُمُ
اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ
يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } [ النور : 36 - 38 ] .
فمن خرج إلى المسجد للصلاة فإنه زائر الله تعالى ، والله
يعد له نزلاً من المسجد ، كلما انطلق إلى المسجد ، سواء كان في أول النهار
أو في آخره
قال صلى الله عليه وسلم
{من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له نزلاً من الجنة
كلما غدا أو راح }
والنزل هو ما يعد للضيف عند نزوله من الكرامة والتحفة
كما لو أن أحدكم زاره من يحب زيارته لاجتهد في إكرامه
من أتى المسجد فهو زائر الله ، وحق عَلَى المزور أن يكرم
الزائر
وهذا فيه الحض على شهود الجماعات، ومواظبة المساجد
للصلوات لأنه إذا أعد الله له نزله في الجنة بالغدو والرواح، فما ظنك بما
يُعِدُّ له ويتفضل عليه بالصلاة في الجماعة واحتساب أجرها والإخلاص فيها
فمن آثر طاعة الله وغلب عليه حبه صار قلبه ملتفتا إلى المسجد لا يحب البراح
عنه لوجدانه فيه روح القربة وحلاوة الخدمة فآوى إلى الله مؤثرا رضاه فأظله
الله بظله
ولذا يقال في الحكمة المؤمن في المسجد كالسمك في الماء
والمنافق في المسجد كالطير في القفص