من الأعمال التي توقع المرء في الشرك الخفي هو طلبه بعمله
الدنيا
إرادة الإنسان بعمله الدنيا هو نوع من أنواع الشرك في
النيات والمقاصد الذي حذر الله منه في كتابه وحذر منه نبيه صلى الله عليه
وسلم لأن طلب الدنيا بالأعمال التي يبتغي بها وجه الله ينافي كمال التوحيد
ويحبط العمل { من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف لهم أعمالهم فيها وهم
لا يبخسون أولئك ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا وباطل ما كانوا
يعملون }
أخبر الله تعالى في هذه الآيات أن من يبتغي بأعماله
الصالحة الدنيا فإن الله يعطيه ثوابها في الدنيا بأن يعطيهم الصحة السرور
المال الأهل الولد وكل هذا مقيد بإرادة الله ومشيئته لأن الله تعالى قيد
الآية التي ذكرناها بآية أخرى {عجلنا لهم فيها ما نشاء لمن نريد}
فالله تعالى قد
يعطي طالب الدنيا بعمله يعطيه الكثير وقد يفعل آخر بعمله الذي يريد به
الدنيا ولا يريد الله أن يعطيه شيء
فالله تعالى بين بأنه مع إعطائهم ذلك المقيد بين أنهم
جزاؤهم في الآخرة النار لأنهم لم يعملوا الأعمال التي تخلصهم منها وليس لهم
ثواب في الجنة على أعمالهم
لأن هذه الأعمال باطله لا ثواب لهم فيها في الآخرة
وقد بين الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله قال ذكر أهل
التفسير في شرح هذه الآية أنواع من أفعال الناس فمن الناس من يعمل أعمال
صالحة ممن يبتغي بها وجه الله كصلاة وصدقة وصلة وغير ذلك من الأعمال التي
يؤتى بها لوجه الله أو يتركها لوجه الله ويأتي بكل هذا وهو مخلصا فيها لله
ولكنه لا يريد ثواب الآخرة بل يريد بهذه الأعمال أن يحفظ ماله وينميه ويحفظ
ماله وأهله ويديم عليهم النعمة فهؤلاء لا نصيب لهم في الآخرة
ونوع آخر من الناس من يعمل العمل يريد به ماله مثلا يحج
من أجل أن يحصل على مال يجاهد من أجل الغنائم يهاجر لدنيا يصيبها أو امرأة
ينكحها
كمن يترك معصية كمعصية الإدمان والمخدرات يتركها حتى
يتزوج زواج سعيد لا يزعج فيه ابنة الناس التي يتزوجها أو يترك هذه المعصية
حتى لا ينظر المجتمع إليه نظرة سوء
ولم يقصد بهذا العمل العظيم المعصية وجه الله أن يدفع به عن النار
لا يقصد بتركه المعصية الهروب من النار ودخول الجنة وعلى هذا أحوال كثير من
الناس كمن يحفظ القرآن ليحافظ على إمامة المسجد ومن يتعلم العلوم الشرعية
ليمسك مكانة أبيه في المجتمع وعد على هذا أحوال كثير من الناس ونوع آخر من
الأعمال من يأتي بعمل مخلصا لله ويأتي به لوجه الله وهي أعمال صالحة ولكنه
واقع في عمل يكفره ويخرجه عن ملة الإسلام كاليهودي والنصراني فهو يأتي بعمل
مخلص لله ولوجه الله ولكنه على غير الإسلام { ومن يبتغ غير الإسلام دينا
فلن يقبل منه }
إذا فالأمر عظيم ويحتاج منا وقفة لأنه أمر خطير حبط العمل
فالإنسان لابد أن يأتي بالعمل لوجه الله فهو الأصل لأن الذي يأتي بالعمل
للرياء والسمعة فهذا معروف أنه مرائي يدخل ضمن الحديث { من أراد بعمله غير
وجه الله }
لكن نحن نتحدث عن الذي يأتي بعمله ويبتغي وجه الله لا
يبتغي به الهروب من النار ويبتغي الجنة أي لا يأتي به وهو طالب ثواب الآخرة
يبتغي به ثواب الدنيا فقط
فهذا الذي لابد أن ننتبه له أن نطلب بعملنا الذي نبتغي به
وجه الله ثواب الآخرة ولا نطلب ثواب الدنيا