إحسان حقيقي ترهيبي من التقصير في عبادة الله
إن الإنسان الذي يريد أن يحقق الإحسان في طاعته الرحمان
ويستحضر الحقيقة وهي أن الله يراه ومطلع على خفياه ويتذكر وهو يأتي بأي
عبادة لله أن يوم القيامة { يؤتى بالرجل من أهل النار فيقول الله له : يا
ابن آدم ! كيف وجدت منزلك ؟ فيقول : أي رب ! شر منزل فيقول له : أتفتدي منه
بطلاع الأرض ذهبا ؟ فيقول : أي رب ! نعم فيقول : كذبت قد سألتك أقل من ذلك
وأيسر فلم تفعل فيرد إلى النار }
إن الإنسان عندما يعلم بهذا الأمر وهو يريد أن يحسن
الطاعة لله يجد عنده الرهبة والخوف من التقصير في حق الله ويخشى أن يكون في
موقف هذا الرجل الذي يتمنى الشيء الذي لا يستطيع تحقيقه وهو امتلاك جبال
الدنيا ذهب ليفدي نفسه بها من النار وهذا مستحيل
إن الإنسان عندما يستحضر هذا ويستحضر أنه مازال في الدنيا
ويستطيع أن يحفظ نفسه من النار بالعمل السهل اليسير وليس بالذهب الكثير
فيأتي بالطاعة ويفعل الخير ويعمل بالحلال ويحذر الحرام والشر والمعصية
ويأمر من يعولهم بذلك ليمنعهم ويمنع نفسه من النار مستجيباً لتوجيه الله
لعباده المؤمنين بقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا
أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ
عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا
أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6) } [التحريم]
إن الإنسان المحقق للإحسان في الطاعة وهو مستحضر أن الله
يراه في عبادته وطاعته ويعلم أنه { يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم
القيامة فيصبغ في النار صبغة ثم يقال يا ابن آدم هل رأيت خيرا قط ؟ هل مر
بك نعيم قط ؟ فيقول لا والله يا رب }
إن الإنسان الذي يريد أن يحقق الإحسان في طاعته للرحمان
عندما يعلم بهذه الحقائق يجد عنده الرهبة والخوف من النعيم الذي يشغل
الإنسان عن عبادة الرحمان
إن علم المحسن بذلك يخيفه من الانهماك والجري وراء متاع
الدنيا الزائل بل يبذل جهده في طاعة مولاه لينعم في أخراه صابراً على بلواه
وبأساه ويندفع بكل همة إلى الأعمال التي تجعل بينه وبين النار ساتراً ويحذر
من أن ينشغل عن طاعة الله
أما المحسن الذي يريد أن يحقق الإحسان لله فإنه يستحضر
هذا الأمر
هذا الإنسان المستحضر رؤية الله واطلاعه على أحواله في كل
عمل يقبل عليه تجده يحسن بإخلاص الطاعة لله وعلى النحو الذي يرضاه