وهي ادعاء علم الغيب؛ كالإخبار بما سيقع في الأرض مع
الاستناد إلى سبب هو استراق السمع؛ حيث يسترق الجني الكلمة من كلام
الملائكة، فيلقيها في أذن الكاهن، فيكذب معها مئة كذبة، فيصدقه الناس بسبب
تلك الكلمة.
والله هو المتفرد بعلم الغيب؛ فمن ادعى مشاركته في شيء من
ذلك بكهانة أو غيرها أو صدق من يدعي ذلك؛ فقد جعل لله شريكا فيما هو من
خصائصه، وهو مكذب لله ولرسوله.
وكثير من الكهانة المتعلقة بالشياطين لا تخلو من الشرك
والتقرب إلى الوسائط التي يستعان بها على دعوى العلوم الغيبية.
فالكهانة شرك من جهة دعوى مشاركة الله في علمه الذي اختص به،
ومن جهة التقرب إلى غير الله.
وفي "صحيح مسلم"عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من
أتى عرافا، فسأله عن شيء، فصدقه بما يقول؛ لم تقبل له صلاة أربعين يوما)
.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال:
(من أتى كاهنا، فصدقه بما يقول؛ فقد
كفر بما أنزل على محمد) . رواه أبو داود.
ومما يجب التنبيه عليه والتحذير منه أمر السحرة والكهان
والمشعوذين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون؛ فبعضهم يظهر للناس بمظهر
الطبيب الذي يداوي المرض، وهو في الحقيقة مفسد للعقائد؛ بحيث يأمر المريض
أن يذبح لغير الله، أو يكتب له الطلاسم الشركية والتعاويذ الشيطانية.
والبعض الآخر منهم يظهر بمظهر المخبر عن المغيبات وأماكن الأشياء المفقودة؛
بحيث يأتيه الجهال يسألونه عن الأشياء الضائعة، فيخبرهم عن أماكن وجودها،
أو يحضرها لهم بواسطة الشياطين. والبعض الآخر منهم يظهر بمظهر الولي الذي
له خوارق وكرامات؛ كدخول النار، وضرب نفسه بالسلاح، ومسك الحيات...
وغير ذلك، وهو في الحقيقة دجال مشعوذ وولي للشيطان، وكل هذه الأصناف تريد
الاحتيال والنصب لأكل أموال الناس وإفساد عقائدهم.
فيجب على المسلمين أن يحذروهم ويبتعدوا عنهم، ويجب على ولاة
الأمور استتابة هؤلاء؛ فإن تابوا، وإلا؛ قتلوا لإراحة المسلمين من شرهم
وفسادهم وتنفيذا لحكم الله فيهم.
ففي "صحيح البخاري"عن بجالة بن عبدة؛ قال: "كتب عمر
بن الخطاب: أن اقتلوا كل ساحر وساحرة".
وعن جندب مرفوعا: (حد
الساحر ضربة بالسيف) . رواه الترمذي