|
الصفحة الرئيسية | السلوك | الإيمان | الإدمان وعلاجه |
كتاب |
الحمد لله القائل في الحديث القدسي { إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة فلا تكتبوها عليه حتى يعملها فإن عملها فاكتبوها بمثلها وإن تركها من أجلي فاكتبوها له حسنة }[1] والصلاة والسلام على رسول الله القائل {ما من عبد مؤمن إلا وله ذنب يعتاده الفينة بعد الفينة }[2] أما بعد : فقد تبين أن المؤمن قد يعتاده ذنبه من وقت لآخر , والعبد قبل أن يعمل الذنب يسبق العمل هم بالذنب والذي لا يستطيع العبد منعه لكنه يستطيع دفعه وعدم تحويله من هم لعمل فيكتب له حسنة إن كان ابتغاء وجه الله , وهذا الهم الذي هو حديث النفس , هو أكثر ما يعانيه التائب من المخدرات عندما تنازعه نفسه بالمعصية وهو ما يعرفه بالشوق والذي أردت أن أبين أن علاجه من خلال التفقه في الهم بالسيئة التي لم تعمل مع السعي في دفع هذا الشوق حتى لا يغلبه أو يوقعه في انتكاسة وذلك بمعرفته بما جاء في هذه الرسالة والعمل به كتبها / عبد القادر بن محمد بن حسن أبو طالب قال تعالى عن زُليخة امرأة العزيز ويوسف عليه السلام {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا (24)} يوسف وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم {من هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة وإن هو هم بها فعملها كتبها الله سيئة }[3] فهمَ يوسف ولم يواقع ما هم به فهم يوسف حديث نفس من غير عزم فهم يوسف الذي لم يحول إلى عمل يكتب به حسنات فذلك الهم حركة طبع من غير تصميم على الفعل وما كان من هذا القبيل لا يؤاخذ به العبد فالهم الذي عم بيوسف مما يخطر في النفس ولا يثبت في الصدر وهو الذي رفع الله فيه المؤاخذة عن الخلق إذ لا قدرة للمكلف على منعه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { قالت الملائكة رب ذاك عبدك يريد أن يعمل سيئة وهو أبصر به فقال ارقبوه فإن عملها فاكتبوها له بمثلها وإن تركها فاكتبوها له حسنة إنما تركها من جراي } [4] أي من أجلي وقال صلى الله عليه وسلم مخبرا عن ربه { إذا هم عبدي بسيئة فلم يعملها كتبت حسنة }[5] فإن كان ما يهم به العبد من السيئة يكتب له بتركها حسنة فلا ذنب ويوسف لم يحول همه لعمل فما تعرض يوسف لامرأة العزيز ولا أجاب إلى المراودة بل أدبر عنها ولذا أخبر الله عنه { إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)} يوسف والهم بالسوء يسهل صرف المعصية لملاحظة الخوف من الله وابتغاء مرضاته وطلب ثوابه أما هم زليخة بالمعصية فكانت مصرة عليه وحولته إلى عمل فيكتب به عليها السيئات لقوله صلى الله عليه وسلم {من هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة وإن هو هم بها فعملها كتبها الله سيئة }[6] والله يقول لملائكته اتركوه ساعة لعله يتراجع أي يتوب أو يستغفر ولذا قال العزيز لزليخة استغفري لذنبك ومن الهم بالسيئة تلك الأفكار التي تطرأ على الإنسان وتدعوه لمعصية كان واقع فيها أو تزينها له وهو ما يعرف بالشوق في اللغة الشَّوْقُ والاشْتـياقُ: نِزاعُ النفس إِلـى الشيء [7] والشوق عند التائب من المعاصي هو محادثة نفسه بالمعصية التي كان واقعاً فيها , كالشوق عند التائب من المخدرات مثلاً هو منازعة نفسه للتعاطي فهو محادثة نفسه بمعصية كان واقع فيها فالشوق مراودة الإنسان معصيته وهذا من باب الهم بالسيئة قال النبي صلى الله عليه وسلم {ما من عبد مؤمن إلا وله ذنب يعتاده الفينة بعد الفينة أو ذنب هو مقيم عليه لا يفارقه حتى يفارق وإن المؤمن خلق مفتنا توابا نساءا إذا ذُكِر ذَكَر }[8] بين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن من عباده 1- من هو قائم على معصيته لا يفارقها حتى يفارق هو الدنيا بالموت 2- منهم من يعتاده ذنبه من وقت لآخر وحكم صلى الله عليه وسلم على الاثنين بالإيمان 3 - أن المؤمن خلق مفتنا بمعنى معرض لفتنة الوقوع في المعاصي إما يقع فيها أو لا يقع 4- أن المؤمن توابا يقع في الذنب ويتوب منه 5- أن المؤمن نساءا فقد ينسى أن يتوب من المعصية وقد ينسى أنه تائب ويقع في الذنب مرة أخرى 6- أن المؤمن إذا ذُكِر ذَكَر أي عندما يُذكر بعواقب ذنوبه أو بضرورة التوبة من ذنوبه تذكر وعاد إلى الله فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن العبد المؤمن الذي وقع في الذنب إما قائم على ذنبه , وإما ذنبه يعتاده الحين بعد الحين والساعة بعد الساعة والثاني هو الذي قال فيه ابن عباس{ما من عبد إلا وله ذنب يعتاده الفيئة بعد الفيئة يعني الحين بعد الحين مفتناً يعني ممتحناً }[9] ولا بد أن يعلم هذا الذي يتعرض لمعاودة ذنبه , أنه كلما عاده ذنبه سبق الذنب الهم بالذنب , والذي هو اختبار له وهو الشوق الذي يحتاج العبد الذي يعاوده الذنب لكسب مهارات شرعية يتغلب بها على شوقه فينجح في الاختبار وتكون له هذه المهارات حائل يحيل بينه وبين العودة للذنب فلا يقع فيه ويكون حفظ نفسه من الانتكاسة الذي يعتاده ذنبه من وقت لأخر معرض لامتحانات أولها : تعرضه للهم بالذنب فهو اختبار بالشوق المعروف بنزاع النفس بالسيئة , فإما أن يخالف نفسه ويغلبها فلا يوافقها على شوقه ويكون نجح في الاختبار ويكتب له الحسنات وإما أن تغلبه نفسه فيوافقها فيغلبه شوقه ويتحول الهم بالسيئة لعمل سيئة ويكون عاد إلى ذنبه فلم ينجح في الاختبار وهذا الامتحان من حديث الهم الذي بين فيه صلى الله عليه وسلم أن من العباد * من يهم بالسيئة ولا يعملها * من يهم بالسيئة فيعملها ثانيها : أن المؤمن الذي امتحنه الله بهم الذنب وقد فعل الذنب ولم ينجح في الاختبار فأنه معرض لاختبار أخر هل يتوب من الذنب ويكون نجح في الاختبار هذه المرة و{التائب من الذنب كمن لا ذنب له}[10] أو ينسى أن يتوب فلا ينجح في الاختبار ويبقى على ذنبه ثالثها : التعرض لاختبار أخر وهو التذكر بالتوبة فيتذكر ويعود إلى الله فكل صاحب معصية غير مقيم عليها تراوده معصيته وهو ما يعرف بالشوق الذي يراود المتعافين من المعاصي , خاصة الشوق الذي يراود المتعافين من المخدرات والذي يجدون منه أشد المعاناة وهذا الشوق الذي هو أفكار تطرأ على صاحبه وتدعوه للمعصية هو من باب الهم بالسيئة التي لا تسجل سيئة وإنما تكتب حسنة كاملة لأنها مجرد هم دون أن تقلب إلى عمل اشتياق التائب من معاكسات النساء إلى الحب والغرام لكنه لم يحول هذا الشوق إلى عمل اشتياق التائب من المعاصي لجلسة فيها أصدقاء سوء وما فيها من دق عود وغناء لكنه لم يحوله إلى عمل اشتياق التارك للدخان إلى السجائر لكنه لم يحول هذا الشوق إلى عمل اشتياق التائب من الخلوة والاختلاط بالنساء ولم يحول شوقه هذا إلى عمل اشتياق التائب من السفر للبلاد التي فيها الفحش والدعارة ويريد السفر لكن لم يقلبه إلى عمل اشتياق التائب من سماع الغناء لكن الأغاني تراوده ولم يرددها أو يستمع لها فهو لم يحول اشتياقه لعمل صور من الشوق عند التائب من المخدرات اشتياق المتعافي إلي زجاجة الخمر لكن لم يحول هذا الشوق إلى شرب لم يحوله إلى عمل اشتياق المتعافي لإبرة هيروين لكنه لم يغزها فهو لم يحولها إلى عمل اشتياق المتعافي لجلسة الشلة وما فيها من شرب ودق عود وغناء وسكر لكنه لم يحوله إلى عمل اشتياق المتعافي لسيجارة حشيش في جلسة فيها اختلاط ولم يحول شوقه هذا إلى عمل اشتياق المتعافي إلي سفر للبلاد التي فيها الشرب والفحش ويريد السفر لكن لم يقلبه إلى عمل اشتياق المتعافي للتشفيط ولم يُحضر المواد الطيارة ويستعملها أي لم يعملها اشتياق المتعافي لحبوب لكنه لم يقلب شوقه إلى عمل فكل هذا من باب الهم بالمعصية فقط , بدون تحويله إلى عمل وهو الذي يكتب للإنسان به حسنات ويكون في خير ونعمة لأنه لم يحوله إلى عمل , أي لم يقلب الشوق هذا إلى عمل فيكون هم بسيئة لم تُعمل فتكتب حسنة والهم بالسيئة وارد لأن كل صاحب معصية غير مقيم عليها تعاوده معصيته ولأن الشوق هو الهم الذي يرد على العبد قبل عمل الذنب أي يسبق الذنب , فإن قاوم العبد هذا الشوق ولم يحوله إلى عمل فالمرء في خير ونعمة والحمد لله لأن الشوق في هذه الحالة يكتب له به حسنات لأنه هم بسيئة ولم يعملها {من هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة }[11] المراد بكمال الحسنة عظم القدر وهذا من عظيم لطف الله تعالى وكتابة الحسنة بمجرد الترك , فإن ترك المعصية كف عن الشر والكف عن الشر خير يكون بمعرفة أن الإنسان مأجور على شوقه والعمل على دفع الشوق أولاً : معرفة أن الإنسان مأجور على شوقه كل ما تحدث به النفس وما يدور في الخاطر من معصية وآثام فإن الإنسان مأجور عليه إذا حقق الآتي 1- إن لم يحول الأفكار إلى عمل ابتغاء وجه الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه تعالى {وإن تركها من أجلي فاكتبوها له حسنة} [12] {وإن تركها فاكتبوها له حسنة إنما تركها من جراي}[13] أي من اجلي 2- إن كان تركه لعمل المعصية خوفاً من الله وليس خوفاً من المخلوقين من يترك المعصية خوف من المخلوقين فهذا لم يتركها لله , كمن تشوق للهيروين ثم أتى البياع ووجد عنده الشرطة ( مداهمه ) فرجع خوفاً أن يقبض عليه , فالذي جعله يترك معصية التعاطي الخوف من المخلوقين وليس الخوف من الله وكمن هم بالسرقة وذهب يسرق فتعسر عليه فتح الباب أو سمع أصوات في داخل البيت فرجع فقد منعه من عمل المعصية الخوف من المخلوقين وليس الخوف من الله فهذا يعاقب على تركها بهذه النية لأن تقديم خوف المخلوقين على خوف الله محرم 3- إن كان تركه لعمل المعصية لله وليس القدر الذي حال بينه وبين عملها كأن يهم بالزنا ثم يُركب فاسقة معه في السيارة ليزني بها فتنقلب السيارة دون الوقوع في الزنا , نعم لم يأتوا بالمعصية ولكن ليس تركه لله ولكن حال القدر بينهما وبين المعصية فلا بد أن يكون تركه للمعصية لله وليس قد حال بينه وبين حرصه على الفعل مانع 4- إن كان تركه لعمل المعصية لله وليس من فتور همته فينبغي أن يكون كارهاً للمعصية غير مستأنس بها ولا محباً لها ولا مبهور بها ولا يكون ممن يسعى في حصول المعصية بجهده ثم عجز عنها فإن هذا يعتبر عمل 5- إن كان شوقه في نفسه لا يتحدث به فإن الكلام من العمل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {إن الله يتجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل}[14] {إن الله يتجاوز لأمتي ما وسوسة به صدورها , ما لم تعمل به أو تتكلم}[15] فالله تعالى تجاوز وعفا عن الأفكار والهواجس التي تطرأ على النفس فيحدث الإنسان بها نفسه وتمر على خاطره . ذلك أن الخواطر النفسية والهواجس القلبية ليست من عمل الإنسان وإرادته , وإنما هي أمور ترد وتخطر على قلبه بدون قصد وتعمد لها , فلهذا عفا الله عنها وتجاوز لعباده عنها , فلا تلحقهم تبعاتها فصاحب الشوق على ما سبق مأجور بمراودة هذه الأفكار وتشوقه إليها وتركه العمل بها لله فإن هجوم الأفكار مما لا طاقة للعبد بمنعه ولهذا لا مؤاخذة عليه به عن بن عباس قال لما نزلت هذه الآية { وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ(284)} البقرة دخل قلوبهم منها شيء لم يدخل قلوبهم قبل فقال النبي صلى الله عليه وسلم قولوا سمعنا وأطعنا وسلمنا فألقى الله الإيمان في قلوبهم فأنزل الله تعالى { لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ } قالوا {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا (286)} البقرة قال قد فعلت , قالوا { وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا (286)} البقرة قال قد فعلت , قالوا { رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ (286)} البقرة قال قد فعلت }[16] فبينت الآية أن ما لا طاقة لهم به لا مؤاخذة لهم به وكذلك من شرع في معصية ولما تمكن منها تركها لله فإن تركه في هذه الحالة عظيم كما في قصة الثلاثة أصحاب الغار , الرجل الذي ترك المعصية لله بالرغم من أنه قد تمكن من ابنة عمه لكن عندما قالت له لا أحل لك الخاتم إلا بحقه قال في نفسه إلى هذا الحد تخافين الله وأنا أيضاً أخاف الله وتركها ولم يأتي بالمعصية لله { بينما ثلاثة نفر يتمشون أخذهم المطر فأووا إلى غار في جبل فانحطت على فم غارهم صخرة من الجبل فانطبقت عليهم فقال بعضهم لبعض انظروا أعمالا عملتموها صالحة لله فادعوا الله تعالى بها لعل الله يفرجها عنكم فقال أحدهم اللهم أنه كانت لي ابنة عم أحببتها كأشد ما يحب الرجال النساء وطلبت إليها فامتنعت منى حتى ألمت بها سنة من السنين فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينار فلما وقعت بين رجليها قالت يا عبد الله اتق الله لا تفتح الخاتم إلا بحقه فقمت عنها فإن كنت تعلم أنى فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا منها فرجة ففرج لهم}[17] فكان تركه للمعصية هذا من أعظم القرب التي توسل بها لله لحدوث الفرج وقبل الله هذا التوسل فإن الذي يثاب على ترك المعصية هو الذي يقصد بتركها رضا الله فالأعمال لا ينظر إليها الله إلا من خلال النيات وبحسب هذه النيات يجري الحساب والجزاء على الأعمال عند الله ثانياً : دفع الأفكار حتى لا تثبت في الصدر فيضعف أمامها الإنسان لا يستطيع أن يمنع الأفكار من أن تهاجمه لكن يملك أن يدفعها وينبغي عليه الحذر من التسلسل في الأفكار حتى لا تثبت في الصدر ويضعف أمامها ولا بد له أن يتعامل معها فيقاومها بمهارة شرعية حتى لا تتغلب عليه فيضعف معها وتنقلب إلى عمل لذا على الإنسان الذي يهاجمه الشوق أن يعمل على تحويل طاقته الفكرية المنصبة في الشوق إلى طاقة فكرية في الإقبال على الله فإن ذهب الشوق فالحمد لله وإن كان لازال سعى لتحويل طاقة الشوق الفكرية إلى طاقة عملية في الإقبال على الله فإن ذهب الشوق خير ونعمة فإن لم يذهب غير الأحوال التي عليها فإن لم يستطع فعل ذلك بنفسه واحتاج مساعدة يطلب المساعدة على التوضيح الأتي : 1- تحويل الطاقة الفكرية المنصبة في الشوق إلى الإقبال على الله يسعى الإنسان في تحويل الطاقة الفكرية التي تراوده في المعصية إلى طاقة فكرية في الإقبال على الله وذلك من خلال :- * كثرة الاستعاذة الصادقة من الشيطان ومن شره وشر هذه الأفكار * دعاء الله بالتثبت على الطاعة , دعاء الله أن يلهم الله نفس العبد تقواها ويزكيها هو خير من زكاها * التفكر في أمور الآخرة وخاصة الوقوف بين يدي رب العالمين الذي لا تخفى عليه خافية للحساب 2- تحويل طاقة الشوق الفكرية إلى طاقة عملية في الإقبال على الله يسعى الإنسان في تحويل الطاقة الفكرية التي تراوده في المعصية إلى طاقة عملية في الإقبال على الله مثل :- * الوضوء والصلاة * قراءة القرآن * سماع الأشرطة الدينية أو كلمات الوعظ , أو النصائح الطيبة فإن ضَعِف الشوق وانتهى فخير ونعمة وأما إن استمر الشوق فينتقل لتغير الأحوال 3- تغير الأحوال والحذر من الإنفراد يسعى الإنسان إلى تغير الأحوال والحذر من الإنفراد مع هذه الأفكار ويكون بالآتي * الذهاب إلى شخص يوقره أو يستحي منه ويخشى أن يعلم عنه سوء أو أنه عاد إلى السوء فإن مع التواصل في الحوار ينصرف فكره فيقل شوقه * الجلوس مع الوالدين لمؤانساتهما ، فأن مع التواصل في الأحاديث ينصرف فكره فيقل شوقه أيضاً , وكذلك في الذهاب لصلة رحمه لبرهم وإيصالهم وكذلك في الذهاب للمسجد إن وافق حضور محاضرة أو درس ديني فهذا الأمور مما تعين على كبت المعصية في النفس وعندما يأتي المرء بهذه الأمور وهو على يقين بالله وحسن ظنه به فأن الله سيصرف عنه السوء ومن اشتغل عن المعصية بشيء من هذه الأمور فهو مثاب ومن كان لا يستطيع أن يأتي بهذه الأمور بنفسه فله طلب المساعدة من الآخرين وكذلك لو أتى بهذه الأمور ولازال شوقه شديد فله أيضاً طلب المساعدة من الآخرين 4- طلب المساعدة من الأفراد أو الجماعات المساندة * إن كان لابد له من طلب المساعدة من أفراد فله ذلك بشرطين الشرط الأول : أن يكون الغالب على ظنه أن الذي سيساعده , سيساعده في طاعة الله حتى لا يخرجه من شوق المخدرات للوقوع في الزنى واللواط أو يدخله في المراوغات الشرط الثاني : أن يكون الذي سيساعده لديه الخبرة في ذلك فالذي يُطلب منه المساعدة لا بد أن يكون ناصح أمين عنده علم , ولا يطلب التوجيه أو النصح ممن لم يتوفر فيه الشرطين , فقد يكون ناصح لكنه جاهل فيضر , وقد يكون عنده علم لكنه ليس بناصح أمين فيضل ولا يهدي , وهذا يتضح في قصة الرجل الذي كان على معصية وأراد أن يتعافى منها وطالب المساعدة فوقع مع الجاهل فزادت معصيته ووقع مع العالم فوجهه إلى طريق الجنة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { كان فيمن قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا فسأل عن أعلم أهل الأرض فدُلّ على راهب فأتاه فقال : إنه قتل تسعة وتسعين نفسا فهل له من توبة ؟ فقال :لا فقتله فكمّل به مائة ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدُلّ على رجل عالم فقال : إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة ، فقال : نعم ، ومن يحول بينك وبين التوبة ؟! انطلق إلى ارض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء ، فانطلق حتى إذا نَصَفَ الطريق أتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فقالت ملائكة الرحمة :جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله وقالت ملائكة العذاب إنه لم يعمل خيرا قط ، فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم ، فقال : قيسوا ما بين الأرضيين فإلى أيتها كان أقرب فهو من أهلها ، فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد ، فقبضته ملائكة الرحمة}[18] وليُنتبه إلى أن الإنسان الذي يتعافى مثله أو يسبقه بقليل وفيه الخير أنه هو أيضاً ضعيف ليس لديه مهارات شرعية في التعامل مع هذه الحالات بل هو مثله يحتاج المساعدة * طلب المساعدة من الجماعات المساندة كالرعاية اللاحقة بمستشفى الأمل أو جماعة المسجد بالحضور أو من خلال أي وسيلة اتصال لما لهما من خبرة ومهارات وثقة وإخباره هنا عما يعانيه من الشوق لا يضيع أجره على الهم لأنه إخبار مما يعانيه حتى تقدم له المساعدة المناسبة لحالته ويضاف إلى ما سبق معرفة أن لمدافعة الشوق حسنات عظيمة لأنه يأتي بأعمال صالحة كثيرة سواء بإقباله على الله بالوضوء والصلاة والأذكار أو ببر الوالدين وصلة الرحم والذهاب إلى المسجد لحضور محاضرات أو غير ذلك وكذا في طلب المساعدة على التخلص من مروادة المعصية فكل هذا من باب عمل الحسنات التي لها مضاعفات عظيمة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه عز وجل {إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة فإن هم بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة وإن هو هم بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة أو محاها ولا يهلك على الله إلا هالك}[19] وصاحب الشوق عليه أن يستحضر عواقب تحويل الشوق إلى عمل والإنجرار لانتكاسة فيهلك ولا يهلك على الله إلا هالك يعني بعد هذا الفضل العظيم من الله والرحمة الواسعة منه بمضاعفة الحسنات والتجاوز عن السيئات لا يهلك على الله إلا من هلك وألقي بيده إلى التهلكة وتجرأ على السيئات ورغب عن الحسنات وأعرض عنها ولهذا قال ابن مسعود { ويل لمن غلبت وحداته عشراته } عن ابن عباس مرفوعا { هلك من غلب واحده عشرا } لأن السيئات تكتب واحدة والحسنات تكتب أقل شيء عشرة , فمن غلبت سيئاته التي هي واحدة حسناته التي هي عشرات فقد هلك
[1] البخاري 6491 [2][2] المجمع رواه الطبراني في الكبير 10666 , 12457 رجاله ثقات , صححه الألباني في الصحيحة 2276 [3] البخاري 6491 , مسلم 2/332 [4] مسلم 2/331 [5] البخاري 6491 مسلم 2/ 332 [6] البخاري 6491 , مسلم 2/332 [7] لسان العرب شوق باب الشين [8] المجمع رواه الطبراني في الكبير 10666 , 12457 رجاله ثقات , صححه الألباني في الصحيحة 2276 [9] الفردوس بمأثور الخطاب 4/16 [10] حسنه الألباني لغيره في الترغيب 3145 [11] البخاري 6491 , مسلم 2/332 [12] البخاري 6491 [13] مسلم 128 [14] المسند 2/293 , أبو داوود 2209 , صححه الألباني في إرواء الغليل2062 [15] البخاري 2528, 5265 , 6664 , النسائي 3434 [16] تحفة الأحوذي 3177 , صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 2992 [17] البخاري 3465 [18] البخاري 3470 مسلم 2766 [19] البخاري 6491 , مسلم 2/332
|
||||||