المخدرات تؤدي إلى إفساد
العلاقة بين المتعاطين وغيرهم بالبغض والعداوة, كما يحدث في شرب الخمر من
إثارة الخصومات والإقدام على الجرائم([1])
وهذه صور من البغض والعداوة
التي تقع بسبب التعاطي
إن الظاهر فيمن يشرب
الخمر أنه يشربها مع جماعة ويكون غرضه من ذلك الشرب أن يستأنس برفقائه
ويفرح بمحادثتهم ومكالمتهم، فكأن غرضه من ذلك الاجتماع تأكيد الأُلفة
والمحبة إلا أن ذلك في الأغلب ينقلب إلى الضد لأن الخمر يزيل العقل، وإذا
زال العقل استولت الشهوة والغضب من غير مدافعة العقل، وعند استيلائهما تحصل
المنازعة بين أولئك الأصحاب، وتلك المنازعة ربما أدت إلى الضرب والقتل
والمشافهة بالفحش، وذلك يورث أشد العداوة والبغضاء، فالشيطان يسول أن
الاجتماع على الشرب يوجب تأكيد الأُلفة والمحبة، وبالآخرة انقلب الأمر
وحصلت نهاية العداوة والبغضاء, ولا شك أن شدة العداوة والبغضاء تفضي إلى
أحوال مذمومة من الهرج والمرج والفتن ([2])
كما يحدث من الشاربين إذا سكروا وعربدوا وتشاجروا، روي ’’أن قبيلتين من
الأنصـار شربوا الخمر وانتشوا ([3]),
فعبث بعضهم ببعض , فلما صحوا رأى بعضهم في وجهه بعض آثار ما فعلوا , وكانوا
إخوة ليس في قلوبهم ضغائن, فجعل بعضهم يقول لو كان أخي بي رحيما ما فعل بي
هذا, فحدثت بينهم الضغائن ‘‘([4])
فأنزل الله
المرء بتعاطيه الخمر
يسخط الله عليه والله تعالى إذا سخط على عبد أسخط عليه الخلق ويوضع للمرء
البغضاء عند الناس فلا يرضوا عنه ([5])
وتنفر نفوسهم وقلوبهم منه, فتجد أقرب الناس إليه يذكرونه بسوئه وفساده, ولا
يفكر لماذا بغضوه ؟ وربما لا ينتبه أن الله بغضه قبلهم, فوضع له البغضاء في
البشرية فتبغضه لبغض الله له
فأبو الشارب عندما يفكر
في المشاكل التي تعاني منها الأسرة بسبب تعاطي هذا الابن وما يتبعه من
مواقف اجتماعية محرجة للأسرة, وعندما تشعر الأم بهذا يحل مكان الرضا على
هذا الابن البغض, ثم لا ينظر الابن في سبب ذلك البغض, ولكن ينظر إلى الفرق
في معاملة والديه له ولإخوانه أهل الصلاح, فيبغض والديه على معاملتهما له
ويكره إخوانه لشعوره أنهم تميزوا في المعاملة عنه, وبذلك تحققت بغية
الشيطان في إيقاع العداوة والبغضاء بينه وبين أقرب الناس إليه والديه
وإخوانه
عندما تجد الزوجة زوجها
عاكف على التعاطي تبغض رائحته وسكره وبدلاً من أن يترك هذا الشيء الذي يسبب
البغيضة يقول زوجتي تكرهني أنا أُرجعها لأهلها فيطلقها ويدمر الأسرة ويتشرد
الأولاد فيبغضونه للسكر الذي ضيعهم وهكذا تتحقق بغية الشيطان في إيقاع
العداوة والبغضاء بينه وبين أقرب الناس إليه زوجته وأولاده
ويترتب على ذلك مشاكل
عظيمة للمتعاطي, شعوره بكراهة الآخرين له وعدم تقبلهم له مما يزيد عليه
الوحدة فيزداد عنده الغل والحقد والحسد للآخرين, وهذا ما دل عليه واقع حال
المدمنين
وحدوث العداوة والبغضاء
بين المسلمين مفسدة عظيمة، لأنّ الله أراد أن يكون المؤمنون إخوة إذ لا
يستقيم أمْر أمّة بين أفرادها البغضاء, وقد قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم ’’ لا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخواناً
‘‘([6])
وبعد أن تبين ما يريده
الله لنا وهو الفلاح بترك الخمر والقضاء على الفتن الشيطانية التي في
الخمر, نأتي بجانب آخر من أضرار الإدمان
للإدمان أضرار لها تأثير
بالغ الخطورة على الأصول الخمس
العقل والدين والنفس
والمال والعرض وهي المعروفة بالكليات الخمس والتي جاءت الشريعة بحفظها
للإنسان ([7])
نبينها حتى يتضح للمتعاطي مدى خطورة تعاطيه وهو يدمر هذه الأصول
إن الله كرم الإنسان
على غيره من المخلوقات بإعطائه العقل والذي
يتمكن من خلاله معرفة
الله وعبادته وحده لا شريك له , وعقل الإنسان أشرف صفاته، والخمر عدو العقل
لأن الخمر ينحرف بالعقل عما خلق له من قيادة صاحبه إلى الهدى والصلاح وحفظه
من التردي في مهاوي الضلال والفساد، وكل ما كان عدو الأشرف فهو أخس، فيلزم
أن يكون شرب الخمر أخس الأمور
الخمر تخمر العقل الذي
طبعه الطاعة والانقياد والتواضع لربه, وضده الهوى وهو ظلماني نفساني ومن
طبعه التمرد والمخالفة والإباء والاستكبار عن عبادة ربه كالشيطان, فإذا خمر
الخمر العقل صار مغلوباً لا يهتدي إلى الحق وطريقه, ثم يغلبه ظلمة الهوى,
فتكون النفس أمارة بالسوء وتستمد من الهوى, فتتبع بالهوى جميع شهواتها
النفسانية ومستلذاتها, فيظفر بها الشيطان فيوقعها في مهالك المخالفات كلها
([8])
فالمرء إذا شرب زال
العقل المانع عن القبائح فأرتكبها وأكثر منها ([9])
الإدمان يضيع أركان
الإسلام بغياب العقل, فالخمار والتعاطي يسبب تضييع الصلاة التي هي عمود
الدين ويسبب في ترك فريضة الصيام جزئياً ثم كلياً, ويسبب في عدم الجرأة على
تأدية فريضة الحج, وربما تشجع على السفر للأماكن التي فيها الفحش والأشياء
المحرمة ليرتكبها
إن شرب الخمر والسرور
بها يورث الطرب واللذة الجسمانية والنفس إذا استغرقت في اللذة غفلت عن ذكر
الله ([10])
يقول تعالى
{وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ}
وهذا مشاهد في واقع حال
المدمنين فتجد الكثير منهم كان قبل الإدمان محافظ على الأذكار يقوم من
النوم يأتي بالأذكار وقبل أن ينام يأتي بالأذكار , ويأتي بأذكار الصباح
والمساء , ويركب سيارته يذكر الله , ويدخل بيته ويخرج منه وهو يذكر الله ,
ولما تعود على الإدمان انشغل بالتعاطي فألهاه ذلك عن ذكر الله، فبدلاً من
أن يفكر في الإتيان بالأذكار يفكر في الإتيان بالجرعة حتى يظل في السكر لا
يريد أن يصحو , وكيف يأتي بأذكار قبل النوم وهو ينكب من خماره غرقاً في
النوم, وبتعاطيه هذا حقق بغية الشيطان في صده عن ذكر الله
والصدّ عن ذكر الله لِما
في الخمر من غيبوبَة العقل، سواء ذكر اللسان المراد به القرآن وكلام الرسول
صلى الله عليه وسلم الذي فيه نفعهم وإرشادهم، لأنّه يشتمل على بيان أحكام
ما يحتاجون إليه وإذا انغمسوا في شرب الخمر غابوا عن مجالس الذكر ولا
يتلقّوه من أفواه سامعيه فيجهلوا شيئاً كثيراً فيه ما يجب على المكلّف
معرفته, فالشيء الذي يصدّ عن هذا هو مفسدة عظيمة يستحقّ أن يحرّم تعاطيه،
ويصد عن الذكر القلبي أيضاً وهو تذكّر ما أمر الله به ونهَى عنه والشيء
الذي يصدّ عن تذكّر أمر الله ونهيه هو ذريعة للوقوع في مخالفة الأمر وفي
اقتحام النهي
ومن المشاهد أيضاً في
واقع حال المدمنين تجد الكثير منهم صُدّ {عَنْ الصَّلَاةِ}
تجده قبل الإدمان كان محافظاً على الصلوات في أوقاتها ومع الجماعة فإننا في
هذه الديار المسلمة نجد الأباء يأخذون الأبناء معهم إلى المساجد من الصغر
فينشأ المرء محب للصلاة ومحافظاً عليها في الجماعة , فإذا وقع المرء في
الإدمان تجده مع الوقت ابتعد عن المسجد وصلاة الجماعة خوفاً من الفضيحة
ورائحته ومع العزلة والانشغال بالتعاطي يبدأ يجمع صلوات اليوم كله ويأتي
بها دفعة واحدة , ثم يتركها في الأيام التي هو فيها في خمار فيعتاد على ترك
الصلاة بالأيام ثم يهون عليه بذلك تركها مُدد طويلة أسابيع وشهور ثم يؤول
به الأمر إلى تركها بالكلية سنوات ويكون بذلك حقق بغية الشيطان في الصد عن
الصلاة ([11])
وتضييعه للصلاة والأذكار
تضييع للدين فيضيع معه الطمأنينة والسكينة والراحة النفسية
الشريعة جاءت بالمحافظة
على الأموال ومن حرصها على ذلك أوضحت للمرء أنه سيسأل يوم القيامة عن ماله
أين أنفقه, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ’’ لا تزول قدما عبد يوم
القيامة حتى يسأل عن شبابه فيما أبلاه وعن عمره فيم أفناه، وعن علمه فيم
عمل به، وعن ماله من أين اكتسبه, وفيم أنفقه، وعن جسمه فيما أبلاه
‘‘ ([12])
وبينت أيضاً أن أموال
الآخرين محترمة فنهت عن الاعتداء عليها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
’’ كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله
‘‘([13])
والتعاطي تضيع معه الأموال
سواء أموال المتعاطي أو أموال غيره عندما يغتصبها أو يسرقها أو بالاحتيال
على أصحابها
كانت العلة في سؤال
الصحابة عن الخمر أنها مضيعة للعقل والمال([14])
, فتجد المرء قبل التعاطي
صاحب تجارة تدر عليه بالأموال العظيمة وله اسمه وكيانه في السوق أو في
وظيفة مرموقة يحصل منها على دخل ثابت عظيم أو عنده أموال ورثها تعيشه هو
وأولاده من بعده في خير ونعمة وينفق في أبواب الخير ويعطي المحتاجين ثم
يدخل دوامة التعاطي فتضيع الأموال وتخسر التجارة ويطرد من العمل ويصبح
فقيراً ولا يجد أحد يعطيه , قد يجد في البداية من يعطيه ويقف معه حتى يخرج
من هذه المحنة وعندما يجدوه ينفق ما يأخذه في التعاطي ينصرفون عن مساعدته
فلا يجد إلا الترويج
والتعاطي يدفع إلى
التعدي على أموال الآخرين, فعن علي بن أبي طالب قال ’’ أصبت شارفا مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم في مغنم يوم بدر وأعطاني رسول الله صلى الله عليه
وسلم شارفا أخرى فأنختهما يوما عند باب رجل من الأنصار وأنا أريد أن أحمل
عليهما إذخراً لأبيعه ومعي صائغ من بني قينقاع فأستعين به على وليمة فاطمة,
وحمزة بن عبد المطلب يشرب في ذلك البيت معه قينة تغنيه فقالت ألا يا حمز
للشرف النواء فثار إليهما حمزة بالسيف فجب أسنمتهما وبقر خواصرهما ثم أخذ
من أكبادهما ‘‘ ([15])
السكر جعله يقطع أسنمة البعيرين ويشقهما ويأكل من كبدهما وهذان البعيران
أموال لغيره فسدت ([16])
معصية الشراب من خواصها
أن الإنسان كلما كان اشتغاله بها أكثر، ومواظبته عليها أتم كان الميل إليها
أكثر وقوة النفس عليها أقوى. بخلاف سائر المعاصي، مثل الزاني إذا فعل مرة
واحدة فترت رغبته في ذلك العمل، وكلما كان فعله لذلك العمل أكثر كان فتوره
أكثر ونفرته أتم، بخلاف الشرب، فإنه كلما كان إقدامه عليه أكثر، كان نشاطه
أكثر، ورغبته فيه أتم. فإذا واظب الإنسان عليه صار الإنسان غرقاً في اللذات
البدنية، معرضاً عن تذكر الآخرة والمعاد، حتى يصير من الذين نسوا الله
فأنساهم أنفسهم ([17])
فتجد المدمن قبل تعاطيه
كان صاحب نفس طيبة يحب الآخرين ويساعدهم ويسعى لإدخال السرور عليهم فلما
تعاطى تغيرت نفسه وكأنه يريد أن ينتقم من الناس فيكونوا مثله وخاصة عندما
تنتهي أمواله ويقوم بترغيب الآخرين في التعاطي حتى يجد من ورائهم جرعة
فيفسد من يدخله دوامة المخدرات على أمه وأبيه , على زوجته وأولاده , فتخبث
نفسه بتدميره للأفراد والأسر , وتزداد هذه النفس خباثة عندما يصاب بفيروس
الكبدي بأنواعه أو فيروس الإيدز
الشريعة جاءت بحفظ
الأعراض, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ’’ أعراضَكم عليكم حرام‘‘(
[18]) وخاصة أعراض
المحارم, وذلك محافظة منها على النسل ومنعاً لاختلاط الأنساب, والتعاطي
يؤدي بصاحبه إلى التعدي على محارمه
القصص التي في العرض
مؤلمة جداً ومخيفة فهذا الذي بشربه الخمر وقع على ابنته وهذا الذي وقع على
أخته وضاعت عنده المحارم وهذا الذي يرهن صغيرته حتى يجد جرعة وهذه الذي
يُدخل الرجال على زوجته حتى يحصل على المخدر, وليس هذا بأمرٍ عظيم فقد أخبر
النبي صلى الله عليه وسلم بما هو أعظم من ذلك فقال ’’الخمر أم الفواحش،
وأكبر الكبائر، من شربها وقع على أمه وخالته وعمته ‘‘ ([19])
فهذه بعض أخطار الإدمان
على الفرد الذي بتدميره تدمير جانب كبير من حياة أسرته
فالتعاطي يضيع الأصول
الخمس التي أنزل الله لحفظها للإنسان شرائع, وبدلاً من أن يصونها الإنسان
يدمرها بالتعاطي مفتاح الشر, فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك عن
نوع مما يتعاطاه المدمنين الآن وهو الخمر الذي ينظر أصحاب التعاطي إليه على
أنه أهون المخدرات التي يجمعون منها أثناء التعاطي الكثير في وقت واحد من
أوقات تعاطيهم فقال صلى الله عليه وسلم ’’ اجتنبوا الخمر فإنها مفتاح كل
شر‘‘ ([20])
نعم التعاطي لا يأتي فقط
باستحلال المحارم لكنه يجعل صاحبه يتجرأ على الشرور كلها حتى القتل , فهذه
قصة فيها رجل من أهل الصلاح لم يتعاطى قبل وتعرض لشرب مرة واحد ومع الإكراه
وليس له تاريخ في الإدمان وقتل النفس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ’’
إن ملكاً من ملوك بني إسرائيل أخذ رجلا فخيره بين أن يشرب الخمر أو يقتل
نفساً أو يزني أو يأكل لحم خنزير أو يقتلوه , فاختار الخمر وإنه لما شرب
الخمر لم يمتنع من شيء أرادوه منه ‘‘ ([21])
فالمرء عليه وقاية نفسه
من خلال العمل بما علم في اجتناب الخمر حتى يتجنبها ولا يقع فيها
وأما من تجرء عليها
فعليه تركها تأسياً بالصحابة عند نزول قوله تعالى {فَهَلْ أَنْتُمْ
مُنتَهُونَ(91)} تهديد
وترهيب عظيم للمتجرئين على تعاطيها من أبلغ ما ينهى عنه، كأنه قيل قد تلي
عليكم ما فيها من أنواع الصوارف والموانع، فهل أنتم مع هذه الصوارف منتهون,
أم أنتم على ما كنتم عليه، كأن لم توعظوا ولم تزجروا؟([22])
فالفطن يقر كما أقر
الصحابة بقولهم انتهينا لما فهموه من التشديد فيما تضمنته هذه الآية من
الزواجر
فعمر رضي الله عنه لما
علم أن هذا وعيد شديد زائد على معنى انتهوا قال انتهينا, ولما أمر النبي
صلى الله عليه وسلم مناديه أن ينادي في سكك المدينة, ألا إن الخمر قد حرمت,
كسرت الدنان, وأريقت الخمر حتى جرت في سكاك المدينة
عن أنس بن مالك قال ’’
ما كان لنا خمر غير فضيخكم ([23])
وإني لقائم أسقي أبا طلحة وفلاناً وفلاناً إذ جاء رجل فقال حرمت الخمر
فقالوا أهرق هذه القلال يا أنس قال فما سألوا عنها ولا راجعوها بعد خبر
الرجل‘‘ ([24])
والشريعة بينت أن ما مر
معنا ليس نهاية الخطورة من التعاطي بل هي من الأضرار خلاف العواقب الأخرى
في الدنيا والآخرة والتي يأتي توضيحها في المبحث الآتي
[1]
التنوير والتحرير عند شرح الآية 91 من سورة المائدة
[4]
السيوطي في تفسيره الدر المنثور عند شرح الآية 91 من سورة المائدة
عن ابن عباس وعزاه لعبد بن حميد والنسائي وابن جرير وابن المنذر
وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي والحاكم وصححه
يزاد على ذلك أن من المتعاطين الذين يظنون أنهم أصحاب تجد من يريد
أن يكون هو التاجر الوحيد في الحارة فيخبر عن المتعاطين معه ممن
يبيعون ويا ليته فعل ذلك محتسباً الأجر في تخليص الناس من شرورهم
ولكن فعل ذلك حتى يتخلص هو منهم , فتتولد بذلك العداوة والبغضاء
بينهم والرغبة في الانتقام
[5]
يرجع لرسالة المؤلف علاج السلوك والمخاوف عند المدمنين عند الحديث
على قبول المجتمع ونظرة المجتمع لأصحاب المعاصي ص 15-20
[6]
الترمذي 1935 , صححه الألباني في سنن الترمذي 1935
[7]
قال الشاطبي في الموافقات 2/17-18عن الضروريات الخمس "تكاليف
الشريعة ترجع إلى حفظ مقاصدها في الخلق ، وهذه المقاصد ضرورية لا
بد منها في قيام مصالح الدين والدنيا بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح
الدنيا على استقامة ، بل على فساد وتهارج وفوت حياة ، وفي الأخرى
فوت النجاة والنعيم والرجوع بالخسران المبين... ومجموع الضروريات
خمس وهي: حفظ الدين والنفس والنسل والمال والعقل"
وقال الغزالي في المستصفى 2/482 "ومقصود الشرع من الخلق خمسة: وهو
أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم , فكل ما يتضمن
حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة ، وكل ما يفوت هذه الأصول فهو
مفسدة ، ورفعها مصلحة.
وهذه الأصول الخمسة حفظها واقع في رتبة الضرورات ، فهي أقوى
المراتب في المصالح
ومن الأدلة على مراعاة الضروريات الخمس القرآن والسنة
ففي هذه الآيات تظهر العناية بحفظ هذه الضرورات ظهورا جليا واضحا.
فقد جاء في حفظ الدين نهيه سبحانه عن الشرك به ، وجاء في حفظ النفس
قوله تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلَـٰدَكُمْ مّنْ إمْلَـٰقٍ}
[الأنعام:151]، وقوله تعالى:{وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى
حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقّ} [الأنعام:151]، وجاء حفظ النسل
في قوله: {وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلْفَوٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا
بَطَنَ} [الأنعام:151]، ومن أعظم الفواحش الزنا الذي وصفه الله
بأنه فاحشة في قوله: {وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلزّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ
فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً} [الإسراء:32]، وجاء حفظ المال في قوله:
{وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلاَّ بِٱلَّتِى هِىَ
أَحْسَنُ}، وقوله: {وَأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ وَٱلْمِيزَانَ بِٱلْقِسْطِ}،
وأما حفظ العقل فإنه يؤخذ من مجموع التكليف بحفظ الضرورات الأخرى ,
لأن الذي يفسد عقله لا يمكن أن يقوم بحفظ تلك الضرورات كما أمر
الله ، وفي ختام الآية الأولى: {ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ بِهِ
لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الأنعام:151] ما يدل على ذلك[5].
من السنة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال:{اجتنبوا السبع الموبقات} قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال:
{الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل
الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات
الغافلات} البخاري 2615
قال عبد الله قادري في الإسلام وضرورات الحياة ص20 "وقد سمى صلى
الله عليه وسلم الاعتداء على هذه الأمور موبقاً أي مهلكاً، ولا
يكون مهلكاً إلا إذا كان حفظ الأمر المعتدى عليه ضرورة من ضرورات
الحياة"
ومن استقراء أدلة الشرع يقول الشاطبي في الموافقات 1/31 "اتفقت
الأمة بل سائر الملل على أن الشريعة وضعت للمحافظة على الضروريات
الخمس وهي: الدين والنفس والنسل والمال والعقل ، وعلمها عند الأمة
كالضروري، ولم يثبت لنا ذلك بدليل معين ولا شهد لنا أصل معين يمتاز
برجوعها إليه ، بل علمت ملاءمتها للشريعة بمجموع أدلة لا تنحصر في
باب واحد"
[9]
وكذا يوجد في المواد التي يتعاطاها المدمن كالمنبهات المعروفة
كالكبتاجون والأبيض ما يسبب في أوائل تعاطيها الشكوك فإذا وجد
متعاطيها زوجته تتحدث مع أبوه أتهما بوجود علاقة محرمة معه, والآن
هذه المواد التي كانت تُأخذ على أنها منشطة فإن صناعها أدخلوا في
مكوناتها مواد تعمل على تدمير العقل مباشرة ووجد تأثيرها على صغار
السن في مدة استخدام قد لا تبلغ شهرين ويصبح بعدها لا يملك من
العقل أقل نسبة تصلح لتوجيه صلاح حاله أصلاً
ومنها ما يدمر العقل بصورة سريعة كالمواد الطيارة المعروفة بالتستس,
ثم يوضع المرء منهم في أحدى المستشفيات العقلية إن وجد فيها مكان
[11]ويكون
بتركه الصلاة قد أتى بشر أعظم من التعاطي لأن شارب الخمر إذا مات
عليها يقع تحت مشيئة الله إن شاء الله عفا عنه برحمته وإن شاء عذبه
بعدله وإن عذبه فيتمحص في النار حتى يخرج من ذنوبه , كم يكون عذابه
من السنين ألف, عشر ألاف, أكثر, أقل ؟ الله أعلم بما تستحق معاصيه
من العذاب ثم يخرج من النار ثم يدخل الجنة , أما تارك الصلاة فهو
مخلد في النار كافر {لعهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد
كفر }[11]النسائي 463 , الترمذي 2621 , ابن ماجة 1079 , صححه
الألباني في سنن ابن ماجة 1079
[12]
الترمذي 2417 و قال حديث حسن صحيح , البيهقي في الشعب1875 , صححه
الألباني في صحيح الترغيب 3592 , وانظر كتاب المؤلف علاج نفسك في
معرفة اليوم الأخر ص 69
[16]
وهذا الفعل الذي جرى من حمزة رضي الله عنه من شربه الخمر وقطع
أسنمة الناقتين وبقر خواصرهما وأكل لحمهما وغير ذلك لا إثم عليه في
شيء منه, لأن أصل الشرب والسكر كان مباحاً لأنه قبل تحريم الخمر,
وأما غرامة ما أتلفه فيجب في ماله, فإن ما أتلفه السكران من
الأموال يلزمه ضمانه
[19]
الطبراني في الكبير 11372, 11498 , حسنه الألباني في الصحيحة 1853
وفي الصحيح 3345
لأجل ما فيها من المضار في المروءة حرمها بعض العرب على أنفسهم في
الجاهلية، فممن حرمها على نفسه في الجاهلية قَيْس بن عاصم
المِنْقَري بسبب أنه شرب يوماً حتى سكر فجذب ابنته وتناول ثوبها،
ورأى القمر فتكلم معه كلاماً، فلما أخبر بذلك حين صحا عزم ألا يذوق
خمراً ما عاش ذكر ذلك التنوير والتحرير عند شرح الآية 219 من سورة
البقرة
[20]
ابن ماجة 3371 وحسنه في الزوائد , الحاكم 4/145وصححه ووافقه الذهبي
, حسنه الألباني لغيره في الترغيب 2368
[21]
الحاكم 4/147 وصححه , وصححه الألباني في الترغيب 2370