|
الصفحة الرئيسية | السلوك | الإيمان | الإدمان وعلاجه |
سلوكنا مع البلاء |
الصبر على أقدار الله |
سلوكنا مع البلاء |
|
من الإيمان بالله الصبر على أقدار الله الصبر في اللغة : الحبس ، ومنه قولهم : ( قتل صبرا أي : محبوسا مأسورا
وفي الاصطلاح : حبس النفس عن أشياء وأشياء ، وهو ثلاثة أقسام
الثاني : الصبر عن معصية الله ، كصبر يوسف عليه السلام عن إجابة امرأة
العزيز حيث دعته إلى نفسها في مكانة لها فيها العزة والقوة والسلطان عليه ،
ومع ذلك صبر وقال : ( قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا
يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ
إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ) (يوسف:33) . فهذا صبر عن معصية
الله
وقد يصاب الإنسان بمصيبة يكون الصبر عليها أشق من الصبر على الطاعة ، فقد
يموت له مثلا قريب أو صديق أو عزيز عليه جدا ، فتجده يتحمل من الصبر على
هذه المصيبة مشقة عظيمة وخص الصبر على أقدار الله ، لأنه مما يتعلق بتوحيد الربوبية ، لأن تدبير الخلق والتقدير عليهم من مقتضيات ربوبية الله تعالى قوله : ( على أقدار الله ) جمع قدر، وتطلق على المقدور وعلى فعل المقدر، وهو الله تعالى ، أما بالنسبة لفعل المقدر ، فيجب على الإنسان الرضا به والصبر ، وبالنسبة للمقدور ، فيجب عليه الصبر ويستحب له الرضا مثال ذلك : قدر الله على سيارة شخص أن تحترق ، فكون الله قدر أن تحترق هذا قدر يجب على الإنسان أن يرضى به ، لأنه من تمام الرضا بالله ربا وأما للمقدور الذي هو احتراق السيارة ، فالصبر عليه واجب ، والرضا به مستحبا وليس بواجب على القول الراجح
والمقدور قد يكون طاعات ، وقد يكون معاصي ، وقد يكون من أفعال الله المحضة
، فالطاعات يجب الرضا بها ، والمعاصي لا يجوز الرضا بها من حيث هي مقدور ،
أما من حيث كونها قدر الله ، فيجب الرضا بتقدير الله بكل حال ، ولهذا قال
ابن القيم:
قوله تعالى : ( ومن يؤمن بالله ) . ( من ) : اسم شرط جازم ، فعل الشرط (
يؤمن ) ، وجوابه (يهد ) ، والمراد بالإيمان بالله هنا الإيمان بقدره . وقال علقمة : (هو الرجل تصيبه المصيبة ، فيعلم أنها من عند الله، فيرضى ويسلم قول علقمة وهو من أكابر التابعين قوله : ( هو الرجل تصيبه المصيبة ... ) إلخ . وتفسير علقمة هذا من لازم الإيمان ، لأن من آمن بالله علم أن التقدير من الله ، فيرضى ويسلم ، فإذا علم أن المصيبة من الله اطمأن القلب وارتاح ، ولهذا كان من أكبر الراحة والطمأنينة الإيمان بالقضاء والقدر وفي (صحيح مسلم) عن أبي هريرة ، أن الرسول صلى الله عليه وسلم ، قال : (اثنتان في الناس هما بهم كفر : الطعن في النسب ، والنياحة على الميت ) قوله : في حديث أبي هريرة ( اثنتان ) . مبتدأ وسوغ الابتداء به التقسيم ، أو أنه مفيد للخصوص قوله بهم كفر الباء يحتمل أن تكون بمعنى ( من ) ، أي : هما منهم كفر ، ويحتمل أن تكون بمعنى ( في ) ، أي : هما فيهم كفر . قوله : ( كفر ) . أي هاتان الخصلتان كفر ولا يلزم من وجود خصلتين من الكفر في المؤمن أن يكون كافرا ، كما لا يلزم من وجود خصلتين في الكافر من خصال الإيمان ، كالحياء ، والشجاعة ، والكرم ، أن يكون مؤمنا .قال شيخ الإسلام ابن تميمة رحمه الله : ( بخلاف قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (بين الرجل والشرك والكفر ترك الصلاة ) (2 ) . فإنه هنا أتى بال الدالة على الحقيقة ، فالمراد بالكفر هنا الكفر المخرج عن الملة ، بخلاف مجي ( كفر ) نكرة ، فلا يدل على الخروج عن الإسلام قوله : ( الطعن في النسب ) . أي : العيب فيه أو نفيه ، فهذا عمل من أعمال الكفر قوله : ( النياحة على الميت). أي : أن يبكي إنسان على الميت بكاء على صفة نوح الحمام ، لأن هذا يدل على التضجر وعدم الصبر ، فهو مناف للصبر الواجب ، وهذه الجملة هي الشاهد للباب . والناس حال المصيبة على مراتب أربع الأولى : التسخط ، وهو إما أن يكون بالقلب كأن يسخط على ربه ، ويغضب على قدر الله عليه ، وقد يؤدي إلى الكفر ، وقال تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ) (الحج:11) وقد يكون باللسان ، كالدعاء بالويل والثبور وما أشبه ذلك ، وقد يكون بالجوارح ، كلطم الخدود ، وشق الجيوب ، ونتف الشعور ، وما أشبه ذلك الثانية : الصبر ، وهو كما قال الشاعر
الصبر مثل اسمه مر مذاقته لكن عواقبه أحلى من العسل
الثالثة : الرضا ، وهو أعلى من ذلك ، وهو أن يكون الأمران عنده سواء
بالنسبة لقضاء الله وقدره وإن كان قد يحزن من المصيبة ، لأنه رجل يسبح في
القضاء والقدر ،أينما ينزل به القضاء والقدر فهو نازل به على سهل أو جبل،
أن أصيب بنعمة أو أُصيب بضدها، فالكل عنده سواء ، لا لأن قلبه ميت، بل
لتمام رضاه بربه –سبحانه وتعالى – يتقلب في تصرفات الرب –عز وجل- ولكنها
عنده سواء ، إذ ينظر إليها باعتبارها قضاء لربه وهذا الفرق بين الرضا
والصبر الرابعة : الشكر، وهو أعلى المراتب ، وذلك أن يشكر الله ما أصابه من مصيبة، وذلك يكون في عباد الله الشاكرين حين يرى أن هناك مصائب أعظم منها، وأن مصائب الدنيا أهون من مصائب الدين، وأن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة ، وأن هذه المصيبة سبب لتكفير سيئاته وربما لزيادة حسناته شكر الله على ذلك، قال النبي صلى الله عليه وسلم :(ما يصيب المؤمن من هم ولا غم ولا شي إلا كفر له بها ، حتى الشوكة يشاكها ) كما أنه قد يزداد إيمان المرء بذلك قوله في حديث ابن مسعود : (مرفوعا) . أي : إلى النبي صلى الله عليه وسلم قوله : ( من ضرب الخدود ) . العموم يراد به الخصوص ، أي: من أجل المصيبة
قوله : (من شق الجيوب) . هو طوق القميص الذي يدخل منه الرأس، وذلك عند
المصيبة تسخطا وعدم تحمل لما وقع عليه . الأول : صيغة العموم (دعوى الجاهلية ) ، لأنه مفرد مضاف فيعم الثاني : القرينة، لأن ضرب الخدود وشق الجيوب يفعلان عند المصيبة فيكون دعا بدعوى الجاهلية عند المصيبة، مثل قولهم : وا ويلاه ! وا انقطاع ظهراه والأولى أن ترجح صيغة العموم ، والقرينة لا تخصصه ، فيكون المقصود بالدعوى كل دعوى منشؤها الجهل وذكر هذه الأصناف الثلاثة ، لأنها غالبا ما تكون عند المصائب، وإلا فمثله هدم البيوت ، وكسر الأواني ، وتخريب الطعام، ونحوه مما يفعله بعض الناس عند المصيبة وهذه الثلاثة من الكبائر ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم تبرا من فاعلها ولا يدخل في الحديث ضرب الخد في الحياة العادية ، مثل : ضرب الأب لأبنه ، لكن يكره الضرب على الوجه للنهي عنه ، وكذلك شق الجيب لأمر غير المصيبة
وعن أنس ، أن رسول الله قال : (إذا أراد الله بعبده الخير عجل له )
عجل له العقوبة في الدنيا ، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه ، حتى
يوافي به يوم القيامة
وقوله : (عجل له العقوبة في الدنيا) . كان ذلك خيرا من تأخيرها في الآخرة ،
لأنه يزول وينتهي ، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم للمتلاعنين :(إن
عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة) والعقوبة أنواع كثيرة منها : ما يتعلق بالدين ، وهي اشدها لأن العقوبات الحسية قد ينتبه لها الإنسان ، أما هذه ، فلا ينتبه لهل إلا من وفقه الله، وذلك كما لو خفت المعصية في نظر العاصي، فهذه عقوبة دينية تجعله يستهين بها، وكذلك التهاون بترك الواجب، وعدم الغيرة على حرمات الله ، وعدم القيام بها الأمر بالمعروف والنهي على المنكر ، وكل ذلك من المصائب ، ودليله قوله تعالى : ( فإن تولوا فأعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم ) (المائدة:49) ومنها : العقوبة بالنفس ، وذلك كالأمراض العضوية والنفسية
ومنها : العقوبة بالأهل ، كفقدانهم ، أو أمراض تصيبهم .
والإمساك فعل من أفعال الله ، وليس معناه تعطيل الله عن الفعل ، بل هو لم
يزل ولا يزال فعالا لما يريد، لكنه يمسك عن الفعل في شي ما لحكمة بالغة ،
ففعله حكمة ، وإمساكه حكمة .
2 .قيام الأشهاد ، لقوله تعالى: (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة
الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ) (غافر : 51)
والغرض من سياق المؤلف لهذا الحديث : تسلية الإنسان إذا أُصيب بالمصائب
لئلا يجزع ،فإن ذلك قد يكون خيرا، وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة ،
فيحمد الله أنه لم يؤخر عقوبته إلى الآخرة . فانظر إلى هذا الثبات واليقين والصبر العظيم مع هذه الشدة العظيمة ، كل هذا لأجل أن يصل الرسول صلى الله عليه وسلم أعلى درجات الصابرين ، صبر لله ، وصبر بالله , وصبر في الله حتى نال أعلى الدرجات
فمن أصيب بمصيبة ، فحدثته نفسه أن مصائبه أعظم من معائبه ، فإنه يدل على
ربه بعمله ويمن عليه به ، فليحذر هذا
1. أن إصابة الإنسان بالمصائب تعتبر تكفيرا لسيئاته وتعجيلا للعقوبة في
الدنيا ، وهذا خير من تأخيرها له في الآخرة . قوله : ( وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (إن عظم الجزاء مع عظم البلاء) . وهذا حديث رواه الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم فصحابيُّه صحابي الحديث الذي قبله
قوله : (إن عظم الجزاء مع عظم البلاء) . أي : يتقابل عظم الجزاء مع عظم
البلاء، فكلما كان البلاء أشد وصبر الإنسان صار الجزاء أعظم ، لأن الله عدل
لا يجزى المحسن بأقل من إحسانه ، فليس الجزاء على الشوكة يشاكها كالجزاء
على الكسر إذا كسر ، وهذا دليل على كمال عدل الله ، وأنه لا يظلم أحدا ،
وفيه تسلية المصاب . قوله : (فمن رضى، فله الرضا ، ومن سخط، فله السخط) .( من) : شرطية، والجواب : (فله الرضا)، أي : فله الرضا من الله، وإذا رضى الله عن شخص أرضى الناس عنه جميعا، والمراد بالرضا : الرضا بقضاء الله من حيث إنه قضاء الله، وهذا واجب بدليل قوله : (ومن سخط) فقابل الرضا بالسخط، وهو عدم الصبر على ما يكون من المصائب القدرية الكونية
ولم يقل هنا (فعليه السخط) مع أن مقتضى السياق أن يقول فعليه، كقوله تعالى
: (ومن عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها) (فصلت :46). ويستفاد من الحديث
إثبات المحبة والسخط والرضا لله عز وجل وهي من الصفات الفعلية لتعلقها
بمشيئة الله تعالى،لأن (إذا) في قوله : (إذا أحب الله قوما) للمستقبل،
فالحب يحدث، فهو من الصفات الفعلية . إلى الله ،لأن الحكم يدور مع علته ويجب في كل صفة أثبتها الله لنفسه أمران 1 - إثباتها على حقيقتها وظاهرها 2 - الحذر من التمثيل أو التكييف فيه مسائل الأولى تفسير آية التغابن . الثانية : أن هذا من الإيمان بالله . الثالثة : الطعن في النسب . الرابعة : شدة الوعيد فيمن ضرب الخدود، و شق الجيوب،أو دعا بدعوى الجاهلية . لخامسة : علامة إرادة الله بعبده الخير . السادسة : إرادة الله به الشر السابعة : علامة حب الله للعبد فيه مسائل
الأولى تفسير آية التغابن . وهي قوله تعالى : (ومن يؤمن بالله يهد قلبه)،
وقد فسرها علقمة كما سبق تفسير مناسبا للباب . الثالثة : الطعن في النسب . وهو عيبه أو نفيه، وهو من الكفر، لكنه لا يخرج من الملة
الرابعة : شدة الوعيد فيمن ضرب الخدود، أو شق الجيوب ، أو دعا بدعوى
الجاهلية . لأن النبي صلى الله عليه وسلم تبرأ منه . السابعة : علامة حب الله للعبد ، وهي الابتلاء الثامنة : تحريم السخط .يعني: مما به العبد، لقوله صلى الله عليه وسلم (ومن سخط،فله السخط)، وهذا وعيد التاسعة : ثواب الرضا بالبلاء . وهو رضا الله عن العبد، لقوله صلى الله عليه وسلم : (من رضى ، فله الرضى ) |
|
|||||||||