الصفحة الرئيسية السلوك الإيمان الإدمان وعلاجه  
الوقاية من الانحراف الأخلاقي
حفظ المرء نفسه من عورات الآخرين
المبحث الثاني
الفصل الثاني

غض البصر

حذر الأقرباء من الدخول على النساء

النهي عن الخلوة

النهي عن لمس المرأة

النهي عن البيات عند غير المحارم

النهي عن الدخول على المغيبة

الابتعاد عن الزنا

الزواج لمن قدر عليه

 

غض النظر إلى الأمرد بشهوة

معنى أمرد

الأمرد هو الشاب طَرَّ شارِبُهُ ولم تَنْبُتْ لِحْيَتُهُ أو غلام لا شعر على لحيته وهو غلام فيه حسن ولا يقال امرأة  مرداء إن كان فيها حسن ولكن يقال امرأة حسناء

   

النظر إلى الأمرد

النظر إلى الأمرد ثلاثة أقسام:

أحدها ما يقرن به الشهوة فهو حرام بالاتفاق

الثاني ما يجزم أنه لا شهوة معه كنظر الرجل الورع إلى ابنه الحسن وابنته الحسنة وأمه, فهذا لا يقرن به شهوة إلا أن يكون الرجل من أفجر الناس ومتى اقترنت به الشهوة حرم

وعلى هذا من لا يميل قلبه إلى المرد كما كان الصحابة, وكالأمم الذين لا يعرفون هذه الفاحشة, فإن الواحد من هؤلاء لا يفرق بين هذا الوجه وبين نظره إلى ابنه وابن جاره وصبي أجنبي، ولا يخطر بقلبه شيء من الشهوة لأنه لم يعتد ذلك وهو سليم القلب

الثالث النظر إليه بغير شهوة لكن مع خوف ثورانها فلا يجوز, كالنظر إلى وجه الأجنبية من غير حاجة لا يجوز وإن كانت الشهوة منتفية، لكن لأنه يخاف ثورانها, ولهذا حرمت الخلوة بالأجنبية لأنها مظنة الفتنة ( [97])

فالصحيح أنه يحرم على الرجل النظر إلى وجه الأمرد إذا كان حسن الصورة، سواء كان نظره بشهوة أم لا، سواء أمن الفتنة أم خافها( [98])

والمرد الحسان لا يصلح أن يخرجوا في الأمكنة والأزمنة التي يخاف فيها الفتنة بهم إلا بقدر الحاجة، فلا يمكن الأمرد الحسن من التبرج ولا من الجلوس في حمامات السباحة بين الأجانب، ولا من رقصه بين الرجال، ونحو ذلك مما فيه فتنة للناس، والنظر إليه كذلك

العلة في النهي عن النظر للأمرد

لأنه في معنى المرأة فإنه يشتهى كما تشتهى وصورته في الجمال كصورة المرأة، بل ربما كان كثير منهم أحسن صورة من كثير من النساء، بل هم في التحريم أولى لمعنى آخر، وهو أنه يتمكن في حقهم من طرق الشر ما لا يتمكن من مثله في حق المرأة

فالنظر بالشهوة حرام على كل أحد غير الزوجة حتى يحرم على الإنسان النظر إلى أمه وبنته بالشهوة

والأصل أن كل ما كان سبباً للفتنة فإنه لا يجوز, فإن الذريعة إلى الفساد يجب سدها إذا لم يعارضها مصلحة راجحة, ولهذا كان النظر الذي يفضي إلى الفتنة محرماً.

وكل ما ذكرناه في هذه الرسالة من تحريم النظر هو فيما إذا لم تكن حاجة، أما إذا كانت حاجة شرعية فيجوز النظر كما في حالة التطبب والخطبة والشهادة ونحو ذلك، ولكن يحرم النظر في هذه الحال بشهوة، فإن الحاجة تبيح النظر للحاجة إليه، وأما الشهوة فلا حاجة إليها.

وإطلاق النظر أو تكراره أو أدامته إلى صور النسوان والمردان لا يكون إلا بشهوة وهذا حراماً بلا ريب، سواء كانت شهوة تمتع بنظر الشهوة أو كان نظراً بشهوة الوطء

والنفس تحب النظر إلى هذه الصور لا سيما النفوس التي تبحث عنها وتبذل للتطلع والوصول إليها ولو أدى ذلك للتقاتل على المردان كما يحدث في أماكن التجمعات المغلقة ولهذا يخشى على التائبين من المعاصي من اختلاطهم بأمرد, قال بعض التابعين ما أنا على الشاب التائب من سبع يجلس إليه بأخوف عليه من حدث جميل يجلس إليه, فإن للمرد فتنة كفتنة العذارى فيتعلق القلب بهم غراماً وعشقا إلى أن يصير عبداً، فيبقى القلب عبداً لمن لا يصلح أن يكون أخاً ولا خادماً، وهذا إنما يبتلى به أهل الإعراض عن الإخلاص لله


[97] ابن تيمية في الفتاوي الكبرى 21/247-251

[98]هذا هو الصحيح المختار عند العلماء المحققين قاله النووي