المعيار النفسي مع الشيطان 3 |
رجوع |
الحقيقة الثالثة التي من خلالها يعاير المرء نفسه مع الشيطان هي أن وظيفة
الشيطان للإنسان لا تتعدى الوسوسة في صدرهالحقيقة الثالثة تستخلص في أن
وظيفة الشيطان للإنسان لا تتعدى الوسوسة في صدره
فليس له قدرة على الإنسان أكثر من الوسوسة في صدره بإلقاء الخواطر التي
تزين المعاصي وتزين الانحراف عن سواء السبيل مع التسويغ لذلك بالحجج
البالغة فتجده يدفعه للإثم والمعاصي يوسوس له ذلك ويسوغه له
فمثلاً يدفعه للوقوع في الربا ويسوغ له حجج بالغة فيقول عليك بوضع مالك في
وديعة يعود عليك بمبلغ شهري أنت ليس لك في المشاريع وإن تركت مالك تأكله
الزكاة فلا يمر عليك ثلاث أو أربع سنوات إلا ويكون المال قد انتهى وليس له
قيمة أما أن تضعه في وديعة فهذا الذي يتناسب معك
فيدفعه إلى الإثم إلى معصية يسوغ له يجعله يقنع نفسه بذلك
يدفعه مثلاً لتعاطي الحشيش ويسوغ له أنه إذا تعاطى الحشيش وقف في الصلاة
واستطاع أن يتدبر معاني الكلمات التي تقرأ عليه
يدفعه لتعاطي الحبوب ويسوغ له ذلك أنك لن تستطيع أن تواجه الآخرين إلا إذا
تعاطيت
فهذا الذي يستطيعه الشيطان أن يسوغ أو يوسوس ليس أكثر من ذلك على الإنسان
وهذا الأمر بينه الله تعالى في سورة الناس ( قل أعوذ برب الناس ملك الناس
إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس
)
فهذا دوره الوسوسة في الصدور يلقي الخواطر التي ينبغي أن تكون لنا محور
ومعيار مع أنفسنا
هل نحن عندما يوسوس لنا الشيطان هل نتقبل هذه الوساوس
أم أننا بمجرد أن نجد خواطر هي من إلهام السوء أو تسويغ السوء نعلم أنها من
الشيطان فلا نقبلها ونردها فيضعف معنا الشيطان
فالذي هو على خير ونعمة هو الذي ينتبه لهذا الأمر وهو الذي يعلم أن الشيطان
لا يملك إلا الوسوسة ولذلك تجده مجرد أن يجد خواطر بسوء فيعلم أنها من
الشيطان فيستعيذ بالله فيكون بذلك قوي لماذا ؟! لأنه استعاذ بالله من هذا
الشر فإنه تعالى لا يلجأ إليه عبد فيتركه خاصة عباد الله الصالحين
فهذا الذي هو عندما يعاير نفسه يعلم أنه في خير ونعمة
كذلك يعلم أن الشيطان ضعيف لا يملك إلا هذا وكيده ضعيف
يعلم أن الله تعالى بين أن كيده ضعيف ( إن كيد الشيطان كان ضعيفاً ) ضعيف
مع من ؟! ضعيف مع هؤلاء المؤمنين الطائعين لربهم فهؤلاء الذين يشعرون بضعف
ويشعرون أنهم بالاستعاذة يتقوون بالله ويعلمون أن الشيطان أقسم بعزة الله
أنه ( فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين )
فالذي هو على طاعة الله مجاهد دائماً للشيطان يعلم أنه ممن استثناهم
الشيطان وليس استثناء الشيطان له إلا لكون أنه يعلم أن هذا مخلص لله هذا
ممن أخلصهم الله لطاعته وعبادته فاستثناء الشيطان هنا لأنه يدرك أنه لا
يملك لهم شئ لا يستطيع أن يفعل معهم شئ
نجد الذي كان هو بوده أن يضلهم هم قبل الآخرين لأنه يعلم أن هؤلاء هم الذين
ينهرونه ويقهرون ذريته بلجوئهم لله فهذا الذي يتبين
أما الإنسان الذي يتقبل من الشيطان خواطره ويتقبل تزيينه للباطل هو إما في
غفلة لا يدرك هذا الأمر وإما يكون قد سلم قيادة نفسه للشيطان ولا يدرك أن
دور الشيطان في حياة الإنسان هو الوسوسة في الصدور فقط
الحقيقة الرابعة
التي نعاير أنفسنا أيضاً من خلالها هذه الحقيقة تستخلص في أن الله جعل دور
الشيطان في حياة الإنسان التوازن بين دوافع الخير ودوافع الشر
هذا هو دور الشيطان في حياة الإنسان
الله جعل له هذا الدور أيضاً حتى يكون هذا الأمر يجعل الإنسان إذا وقع في
معصية أن يحمل معصيته للشيطان
وهذا الأمر العظيم الذي ينبغي أن ننتبه له من خلال هذه الحقيقة لأن الإنسان
إذا وقع في المعصية ويرمي الحمل على أن الشيطان هو الذي يوسوس له هو الذي
يدفعه له عند ذلك يعلم أنه ليس إنسان شر هو ليس إنسان شرير ولكن الشر هذا
بدافع وسوسة الشيطان
فعند ذلك يلجأ لله ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ويستغفر الله على ذنبه
وهذا هو ما يقهر الشيطان عندما يجد الشيطان أن إغواؤه كله قد ذهب هباءً
باستغفار هذا الذي وقع في المعصية باستغفاره لربه أو برجوعه بتوبة
عند ذلك يعلم الشيطان أن كل مجهوده الذي أغوى به هذا ذهب هباء باستغفار هذا
ولجوئه لله
إذاً وجود دور الشيطان في حياة الإنسان هو خير للإنسان العاقل الذي يفهم
لأنه إذا وقع في معصية يحملها للشيطان وتكون النتيجة أنه يستعيذ بالله من
الشيطان الرجيم
يتذكر فيلجأ لله فيستغفر فيستعيذ بالله من الشيطان الرجيم عند ذلك يغفر له
الله ويعينه هذا الذي أردنا أن نبينه أن يعاير الإنسان نفسه من خلال هذه
الحقائق التي ذكرناها
فالإنسان الذي يعلم هذه الحقائق تجده لا سلطان للشيطان عليه
أما الذي هو في غفلة أو الذي يوقع نفسه في المعاصي فهذا الذي يسلم قيادة
نفسه للشيطان
ومع ذلك حتى إن وقع في ذلك فعليه اللجوء لله بالاستغفار والاستعاذة ويكون
بذلك قد نجا بنفسه وقهر شياطينه