ثانياً : منع العائن شر عينه للآخرين بهجر البيئة التي تغريه بالإيذاء

العائن الذي يبلغ ضرره للناس ولا يستطيع منع نفسه من إيذاء الخلق , يهجر البيئة التي تغريه بالإيذاء , فيمنع نفسه من مخالطة الناس ليمنع أذاه عن الخلق , فيكون قد حمى الناس من عينه , وحمى نفسه من تحمل آثام ظلمه للآخرين , فإن عيش المرء في وحدة وقد كفى الناس شره أسلم له من مخالطتهم مع تأذيهم منه , وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن أفضل الناس { رجل معتزل في شعب من الشعاب يتقي الله ويدع الناس من شره } وفي رواية {رجل يعبد الله في شعب من الشعاب وقد كفى الناس شره } [127]

ويكون منعه نفسه من مخالطة الناس بنفسه , أفضل له من الإجبار عليه , فقد قال الفقهاء إن من عرف بذلك ، حبسه الإمام ، وأجرى له ما ينفق عليه إلى الموت ، وهذا هو الصواب قطعاً

وعليه حتى في هجره للبيئة أن يدفع إصابته نقسه أو ماله أو ولده وغيره

بقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله لقوله تعالى في صاحب الجنتين : {وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَآءَ اللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ (39)} الكهف أي هلا إذ أعجبتك حين دخلتها ونظرت إليها ، حمدت الله على ما أنعم به عليك وأعطاك من المال والولد ما لم يعطه غيرك ، وقلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله ، ولهذا قال بعض السلف من أعجبه شيء من حاله أو ماله أو ولده  ، فليقل ما شاء الله لا قوة إلا بالله ، وهذا مأخوذ من هذه الآية الكريمة وكذا إذا دخل حائطاً من حيطانه [128]

وإذا اشترى دابة أو سيارة ونحوهما يقول

{اللهم أني أسألك خيرها وخير ما جبلت عليه وأعوذ بك من شرها

وشر ما جبلتها عليه } , {وليسم الله عز وجل} ، {وليدع بالبركة}[129]

لقوله صلى الله عليه وسلم {إذا رأى أحدكم من نفسه وماله أومن أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة فإن العين حق }[130]

 


[127] البخاري 2786مسلم 1888 شعب من الشعاب أي وادي بين جبلين

[128] ذكره ابن كثير عند شرح الآية

 [129]ابن ماجة 1918 , الحاكم 2/185 وصححه , آداب الزفاف  21,19 , الألباني حسنه في صحيح بن ماجة 1825

[130] الحاكم 4/215 وصححه ووافقه الذهبي , صححه الألباني في صحيح الجامع 556 , 

 

 

 

 

ماذا أفعل في هذه الأمور

الحاسد العائن الصحبة الشوق السلوك الغضب العصيان الكذب القطيعة الزوج العقوق القيامة

 الحاسد العائن الصحبة الشوق السلوك الغضب العصيان الكذب القطيعة الزوج العقوق القيامة



نسأل الله أن يحفَظَ بلادَ المسلمين من كلِّ سوء وأن يعيذَنا من الشرّ والفساد وأن يمنحَنا الاستقامة والثباتَ على الحقّ وأن يعيذنا من زوال نعمته ومن تحوُّل عافيته ومن فُجاءة نقمته وأن يهديَ ضالّ المسلمين ويبصِّر جاهلَهم ويوقِظ غافلهم ويدلَّهم على الخير والهدى إنّه على كل شيء قدير  نسأل الله أن يرفعَ البلاء عن أمّة الإسلام وأن يرزقَهم العودةَ إلى شرع الله ليُخلِّصوا أنفسَهم من هذه الأباطيل والضلالات إنّه لا مخلِّصَ لهم من المخدرات وسائر المنكرات إلاّ رجوع إلى كتاب الله وسنّة رسوله  فعليها تنصلح القلوب وتجد الهداية من علام الغيوب وتجد السعادة بزوال الكروب