|
||
|
كتاب علاج الغضب المقدمة كلمة المشرف العام لمجمع الأمل للصحة النفسية بالدمام الغضب هو طاقة طبيعية وانفعال ينتابنا جميعاً من وقت لآخر بسبب ما والغضب انفعال لا يمكننا التعامل معه و السيطرة عليه إلا إذا كبحنا جماح النفس ،وربما يؤدي ذلك إلى نتائج سلبية وخيمة ويتبع ذلك تصرفات لا تحمد عقباها . لذا نهانا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عن الغضب ووصانا بتملك النفس عنده فقال صلى الله عليه وسلم : { ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب}[1] والغاضب يؤذي نفسه ويؤذي الآخرين وللغضب ردة فعل جسمية عضوية وأخرى معنوية ومن ذلك فإنه يرفع ضغط الدم ويوتر الأعصاب ويشنج العضلات وبه ترتفع دقات القلب مما يؤدي ذلك إلى تغيرات فسيولوجية وسيكولوجية سريعة تقود إلى تصرفات مؤذية ، وعدم السيطرة على الغضب يؤدي إلى ارتكاب الجرائم والإساءة للآخرين وربما تتشتت وتتفكك الأسر بسبب وقوع الطلاق وقد يلجأ الغاضب إلى تعاطي المنكرات من مسكرات ومخدرات وغيرها والكتيب الذي بين أيدينا يحتوي على عدد من النصائح والمواقف التي توضح خطورة الغضب وكيفية السيطرة على النفس حال الغضب من خلال الشرع والسنة وفيه من الفوائد الجمة التي قد يكون أغفلها الطب النفسي وعالجها الدين الإسلامي الحنيف وأتقدم بالشكر والتقدير لمعد هذا الكتاب أملا أن يستفيد المطلع عليه مرضـى أو فريق علاجي وغيرهم بقلم / المشرف العام لمجمع الأمل للصحة النفسية بالدمام محمد بن علي بن أحمد الزهراني إلى / سعادة المشرف العام لمجمع الأمل للصحة النفسية بالدمام الأستاذ / محمد بن علي بن أحمد الزهراني / المحترم لما له من دور كبير وفعال في دعم كل ما هو صالح ومفيد لخدمة البرنامج العلاجي وخاصة دعمه للشئون الدينية وأخص بالإهداء أيضاً / سعادة المشرف العام للمجمع بالنيابة الأستاذ / عبد الله بن عمر الجوهي / المحترم لما كان له السبق في فكرة تغطية الجانب النفسي من الناحية الشرعية نسأل الله تعالى أن يجعل كل ما يبذلوه من جهد في ميزان حسناتهما وأن يضاعف لهما الأجر ولكل من يعمل في هذا البرنامج
عبد القادر بن محمد بن حسن أبو طالب الحمد لله الذي خلق النفس سوية مستقيمة على الفطرة القويمة وبين لها الخير والشر وأشاد بمن زكى نفسه بطاعة الله وطهرها من الأخلاق الدنيئة والرذائل وذم من أهملها ووضع منها بخذلانه إياها عن الهدي حتى ركب المعاصي وترك طاعة الله عز وجل ولم يشهرها بالعمل الصالح فالحمد لله القائل : { وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها ( 7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا(9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (10)} الشمس والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: { اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها}[2] أما بعد : فإن هذه رسالة في الغضب أوضحت فيها أنواع كثيرة لعلاج الغضب قبل وبعد وقوعه وكلها متخذة من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم , وما على المسلم الذي يريد أن يحمي نفسه من آثار الغضب إلا أن يجتهد في الإلمام بهذه الأحاديث الشريفة والعمل بما جاء فيها بما يتناسب مع حالته الغضبية وتتضمن هذه الرسالة جانب آخر يفيد القائمين على مساعدة الغضوب وحمايته من آثار الغضب وقمت بتجزئتها إلى مقاطع صغيرة معنونة وتشتمل على إجابات لأسئلة وضعت للتبسيط وتسهيل الإلمام بها واسأل الله أن ينفع بها ويجعلها خالصة لوجه الله وهنا اسأل الله الهادي إلى سواء الصراط أن يؤجر إمامي ومعلمي فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد لما له من فضل كبير حيث كان لي المعلم والمؤدب طيلة ملازمتي له ولدروسه العلمية واسأل الله أن ينفع به وبعلمه المسلمين كتبها عبد القادر بن محمد بن حسن أبو طالب هل سهل على الإنسان منع نفسه من الغضب ؟ الغضب استجابة لانفعال يتميز بالميل إلى الاعتداء الغضب هو غليان القلب وثورة النفس لأجل الانتقام وإذا جاءت الأسباب المهيجة للغضب شق على الإنسان منع نفسه وقهرها وكفها هل غضب الإنسان على من هو أقوى منه كغضبه على من هو دونه ؟ما الفرق ؟ حقيقة الغضب هي حركة النفس إلى خارج الجسد لإرادة الانتقام والغضب غريزة في الإنسان مهما قصد أو نوزع في غرض ما , اشتعلت نار الغضب وثارت حتى يحمر الوجه والعينان من الدم , لأن البشرة تحكي لون ما وراءها , إذا غضب على من دونه واستشعر القدرة عليه وإن كان ممن فوقه تولد منه انقباض الدم من ظاهر الجلد إلى جوف القلب , فيصفر اللون خوفاً وإن كان على النظير تردد الدم بين انقباض وانبساط يحمر ويصفر ما هو الغضب المطلوب كفه ؟ فالغضب المطلوب كفه هو ما كان غضباً للنفس أما الغضب لله فهو أمر حسن ينبع من منابع الإيمان لا من منابع النفس وما يسوؤها من أمور الدنيا الغضب لله هو ما يكون من المؤمن إذا اْنَتَهكتّ حرمةً من حرمات الله معصيةٌ من المعاصي مع المجاهرة وعدم المبالاة , و من هنا يتبين لنا أن : وهو ما كان لله ورسوله , للدين , للشرع , لانتهاك حدود الله , لارتكاب المعاصي , والله تعالى يغضب على الكفرة والمشركين والعصاة والرسول صلى الله عليه وسلم غضب على الكفرة والمشركين والمنافقين وهذا الغضب المحمود يثاب عليه فاعله وهو ما كان غضباً للنفس وهذا الذي جاءت من أجله النصوص لعلاجه إذا غضب إنسان عند الاعتداء عليه أو على ولده أو على ماله هل يكون الغضب عند ذلك مذموماً؟ الغضب شعلة مستكنة في طي الفؤاد يستخرجها أسباب الغضب وهو طبيعي في كل إنسان وحيوان وهو ضروري ولازم في بعض الأحيان وبغيض ومذموم في أكثر الأحيان , فأي إنسان أُعتدي على نفسه أو ماله أو عرضه أو ولده فإنه يغضب ويقوم بمحاولاته المستطاعه ليدفع سبب الغضب وهذا (غضب محمود) وعلى المسلم أن يتصرف حين يغضب هذا الغضب في حدود ما يسمح به دينه أو في حدود ما يُعتبر كمالاً في دينه ومن لم يقم له إنسان فغضب (فمثلاً إذا دخل إنسان مجلساً ولم يقم أحد له فغضب ) أولم يقدمه الناس على غيره فغضب أولم يَنل رغبته في ظلم إنسان فغضب فإن غضبه هذا غضب غير محمود التغييرات البدنية التي تحدث للغضبان هل هناك شبه فيما يحدث للوجه من تغييرات في الغضب والحياء ؟ غليان دم القلب يقارنه الغضب , كما أن الحياء يقارن حمرة الوجه والوجل (الخوف) يقارن صفرة الوجه وهذا لأن النفس إذا قام بها دفع المؤذي فإن استشعرت القدرة فاض الدم إلى الخارج فكان منه الغضب وإن استشعرت العجز عاد الدم إلى الداخل فأصفر الوجه كما يعيب الحزين وكل هذه الأخلاق نحتاج إلى أن يتزين الإنسان بمحاسنها ويترك رذائلها فكلما تحلى الإنسان بالأخلاق الحميدة قل غضبه فمثلاً الإنسان الذي يحب العطاء ويحب البذل لا يغضب إذا مُنع والإنسان الذي يتمتع بالعفو والصفح لا يغضب والإنسان الذي يتمتع بخلق الصبر لا يغضب أذكر بعض مفاسد الغضب على النفس و البدن ؟ يترتب على الغضب تغيير الباطن والظاهر ففي الظاهر تغيير اللون والرعدة في الأطراف وخروج الانفعال على غير ترتيب واستحالة الخلقة حتى لو رأى الغضبان نفسه في حالة غضبه لسكن غضبه حياء من قبح صورته واستحالة خلقته وأما في الباطن فقبحه أشد من الظاهر لأنه يولد حقداً في القلب وإضمار السوء على اختلاف أنواعه بل قبح باطنه متقدم على تغيير ظاهره فإن تغيير الظاهر ثمرة تغيير الباطن فيظهر على اللسان الفحش والشتم ويظهر في الانفعال بالضرب والقتل وغير ذلك من المفاسد ما هو أخطر أنواع الغضب ؟ ومن أخطر أنواع الغضب هو الذي ينشأ عنه الحقد عندما يغضب على إنسان ولا يقدر على مسامحته والحلم عليه لأن الحلم يكون عند القدرة على الانتقام وهذا إنسان لا يقدر على أن ينتقم منه لأنه أقوى منه فيضطر حينئذ أن يحتقن الغيظ داخل نفسه ويغلي قلبه من الغضب الدفين فيه ويظل الغضب الدفين يتحرك ويشتعل داخلياً كلما رأى الإنسان أو ذُكر ا سمه في مسامعه أو تذكَّر أفعاله أو أقواله التي أغضبته هل الغضبان في غضب محمود له يحتم على الله بما لا يعلم ؟ كأن يرى مدمن تتكرر انتكاسته فيقول له أنت لا يصلح الله حالك ! ما ضرر ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم : {أنه أخبر عن رجلين ممن كان قبلنا كان أحدهما عابداً وكان الآخر مسرفاً على نفسه فكان العابد يعظه فلا ينتهي فرآه يوماً على ذنب استعظمه فقال والله لا يغفر الله لك فغفر الله للمذنب وأحبط الله عمل (العابد) وقال أبو هريرة :لقد تكلم بكلمة أوبقت دنياه وأخرته فكان أبو هريرة يحذر الناس أن تقول مثل هذه الكلمة في غضب }[3] ما هى عواقب الاندفاع وراء الغضب سواء كان محموداً أو مذموماً ؟ على المسلم كظم الغضب وعدم الاسترسال معه والجري وراء ما يدفع إليه ,فإن الاندفاع وراء الغضب يفقد الإنسان الرؤية في الحكم والأناة في بحث الأمور عقلياً من جميع جوانبها وحينئذ يأتي الخطأ ويحدث الظلم ويجلب الإنسان على نفسه شروراً كان في غنى عنها لو لم يندفع وراء ثورة الغضب فإن كان الغضب محموداً فالتأني يعطي النفس فرصة التفكير فيما يطلب عمله وما يمكن عمله فإن كان الغضب مذموماً فالتأني وكظم الغيظ يعطي النفس فرصة المراجعة والشعور بالآثار السيئة التي تصيب الناس بسبب الاندفاع والتهور ولذلك سمي المتأني عند الغضب المفكر في عواقبه المستخدم لعقله (حليماً) وله عند الله جزاء حلمه وسمي المندفع وراء غضبه الواقع ضحية ثورته( أحمق) وعليه إثم تهوره وحمقه حسب الآثار المترتبة على قوله أو عمله ما هى بواعث الغضب عند الجهال ؟ ومن أشد البواعث على الغضب عند أكثر الجهال تسميتهم الغضب شجاعة ورجولية وعزة نفس وكبرياء وتلقيبه بالألقاب المحمودة جهلاً حتى تميل النفس إليه وتستحسنه وقد يتأكد ذلك بحكايات شدة الغضب عن الأكابر في عرض المدح بالشجاعة , والنفوس مائلة إلى التشبه بالأكابر فيهيج الغضب إلى القلب بسببه , وتسمية هذا عزة نفس وشجاعة . جهل ! بل هو مرض قلب ونقصان عقل , ويدل على ذلك إنك تجد المريض أسرع غضباً من الصحيح والمرأة أسرع غضباً من الرجل والصبي أسرع غضباً من الرجل الكبير وذو الخلق السيئ والرذائل القبيحة أسرع غضباً من صاحب الأخلاق الحسنة ما الفرق بين الغضب للدنيا والغضب للآخرة عند أصحاب العقول ؟ أقل الناس غضباً أعقلهم فإن كان غضبه للدنيا كان دهاءً ومكراً وإن كان للآخرة كان حلماً وعلماً هل البيئة والزمان والمكان والعادات والتربية لها تأثيرها على الغضب ؟ مؤثرات الغضب كثيرة وتختلف باختلاف البيئة والعصر والتربية والعادات والتقاليد والعقيدة وغير ذلك من الأسباب المؤثرة من أكثر الناس يستطيع أن يحمي نفسه من الغضب ؟ والمسلم وحده هو الذي يضع نفسه على ميزان الشرع فيغضب به ويرضى به وبذلك يعتدل معه ميزان الحياة الكريمة ويعتبر حينئذٍ إنسان رحمة ، وإنسان عَقِل ناضج ، وتفكير سليم ، وحكمة زائدة ، ولا يتسنى ذلك لأحد غير المسلم الذي نضج فهمه وعمِقَ فقهه واستقام على الإسلام تفكيره والسبب واضح إنه يعيش مع كتاب الله تعالى ويعيش مع أكمل الخلق محمد صلى الله عليه وسلم في أعماله وأخلاقه في سياسته واجتماعياته في أسرته في أحكامه وحِكَمه فهو إنسان قرآني الفهم والفقه محمدي السلوك والتصرف في كل شئون الحياة , فمن ذا الذي يماثله أو يقاربه ؟ هل الناس على درجة واحدة في الغضب والرضا ؟ الغضب غريزة في الإنسان فإذا جاء ما يبعثها تحركت نفسه من داخلها إلى خارج الجسد لإرادة الانتقام فالقوي الشديد هو الذي يجاهد هذه الحركة ويقوى عليها فيصدها عما تريده من الانتقام ولما كانت طباع الناس تتفاوت في هذا المجال أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم تقسيماً بديعاً لها بينه في خطبة له صلى الله عليه وسلم في الناس عصر يوم من الأيام فكان مما قال لهم : { إن بني آدم خلقوا من طبقات شتي ألا وإن منهم بطيء الغضب سريع الفيء , ألا وإن منهم سريع الغضب سريع الفيء فتلك بتلك , ألا وإن منهم بطيء الفيء سريع الغضب ألا وإن منهم بطيء الغضب بطيء الفيء , ألا وخيرهم بطيء الغضب سريع الفيء وشرهم سريع الغضب بطيء الفيء , ألا وإن منهم حسن القضاء حسن الطلب ومنهم سيئ القضاء حسن الطلب ومنهم سيئ الطلب حسن القضاء فتلك بتلك ألا وإن منهم سيئ القضاء سيئ الطلب ألا وخيرهم الحسن القضاء الحسن الطلب وشرهم سيئ القضاء سيئ الطلب ألا وإن الغضب جمرة في قلب ابن آدم أما رأيتم حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه فمن أحس بشيء من ذلك فليلتصق بالأرض) }[4] فقسم الناس إلى أقسام أربعة :- الأول :بطيء الغضب سريع الفيء [5] أي سريع الرجوع إلى حالة الهدوء واعتدال المزاج وهذا خير الأقسام الثاني : سريع الغضب سريع الفيء وسرعة الغضب خلق مذموم إلا إن سرعة الفيء فضيلة محمودة فهذه بهذه أي إن إحدى الخصلتين تقابل الأخرى فلا يستحق مدحاً ولا ذماً الثالث : بطيء الغضب بطيء الفيء أما بطء الغضب فخلق محمود يدل على الحلم لكن بطء الفيء خلق مذموم يدل على الحقد وعدم التسامح فهذه بهذه ويظهر أن هذا القسم معادل للقسم الثاني فكل منهما يشمل على خلق محمود وخلق مذموم الرابع : سريع الغضب بطيء الفيء وهذا شر الأقسام لأنه جمع الداءين معاً فسرعة الغضب خلق مذموم وبطء الفيء خلق مذموم ويا بؤس من تلجئه الضرورة إلى معاشرة هذا القسم من الناس وبذلك يكون الغضب في الفطرة مثله مثل كثيرٍ من الأخلاق الذميمة كالشح والعجلة التي أُمر الإنسان أن يُقّوِمها ويُهذِبها ولا يعمل بمقتضاها من يهذب سرعة غضبه وبطء فيئه لا يدخل ضمن شرار الناس هل الذي يقوّم سرعة غضبه وبطء فيئه يبقى مذموماً كالمعنى الذي جاء في الرواية لصاحب هاتين الخصلتين ؟ معنى أن سريع الغضب بطيء الفيء هو من أشر الناس فهذا إن بقى على هذا الحال دون أن يُقوّم هاتين الخصلتين ويهذبهما لأن هذه الخصال مثل كل الخصال الذميمة التي توجد في الإنسان بالفطرة فإنه مأمور أن يُقوّمها ويهذبها كما أنه مأمور أن ينمى الأخلاق الحميدة ويقويها وهل يؤجر الذي يقوّم خصلة الغضب لكن يغلب عليه غضبه ؟ أما أنه حاول أن يهذب خصلة الغضب لكن تغلب عليه الغضب فهو مأجور على ذلك لأنه سلك سلوك التقويم والتهذيب لكن تغلبت عليه فطرته وقهره الغضب الذي تملك عليه شعوره وملك نفسه وقلبه ولا يستطيع التخلص من شدة الغضب ولا يستطيع معه التصرف كما يتصرف في الأمور العادية وذلك مثل طلاق الغضبان فإنه لا يعتد به [6] مادام أن الغضب قهره لأن الأحكام الشرعية بسلوكه يعني بالمقاصد والنيات وعندما يقصد تهذيب نفسه فهذا سلك مسلك الخير لكن تغلب عليه الغضب الرسول صلى الله عليه وسلم حماه الله من الغضب الشيطاني .فهل في غضبه الغريزي غضب مذموم ؟ ويتضح ذلك من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يدعو الله ويقول:{ إنما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر ……. }[7] فهذا فيه دليل على أن الغضب غريزة في الإنسان حيث يبين الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يعتريه ما يعتريه البشر فيغضب أيضاً مثلهم لكن غضبه غضب محمود لأنه غضب لله حتى إذا وجد من استحق إقامة الحد فقد يكون من حُسن خُلقه أنه يزجر رأفة ورحمة منه لمستحق الحد إلا إن غضبه لله يجعله ينفذ ويجعل حُسن خُلقه في أن يطلب من الله أن يكون هذا الحد رحمة وزكاة لمن حده (إنما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر وإني قد اتخذت عندك عهداً لن تخلفنيه فأيما مؤمن أذيته أو سببته أو جلدته فاجعلها له كفارة وقربة) وفي رواية: (إني اشترطت على ربي فقلت إنما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر وأغضب كما يغضب البشر فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل أن تجعلها له طهوراً وزكاة وقربة) هذه الأحاديث مبينة ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الشفقة على أمته والاعتناء بمصالحهم والاحتياط لهم والرغبة في كل ما ينفعهم وهذه الرواية المذكورة آخراً تبين المراد بباقي الروايات المطلقة وأنه إنما يكون دعاؤه عليه رحمة وكفارة وزكاة ونحو ذلك إذا لم يكن أهلاً للدعاء عليه والسب واللعن ونحوه وكان مسلماً وإلا فقد دعا صلى الله عليه وسلم على الكفار والمنافقين ولم يكن ذلك لهم رحمة , فإن قيل: كيف يدعو على من ليس هو بأهل للدعاء عليه أو يسبه أو يلعنه ونحو ذلك ؟ فالجواب ما أجاب به العلماء ومختصره وجهان: أحدهما أن المراد ليس بأهل لذلك عند الله تعالى في باطن الأمر ولكنه في الظاهر مستوجب له فيظهر له صلى الله عليه وسلم استحقاقه لذلك بأمارة شرعية ويكون في باطن الأمر ليس أهلاً لذلك وهو صلى الله عليه وسلم مأمور بالحكم بالظاهر والله يتولى السرائر. والثاني: أنه صلى الله عليه وسلم بدعائه وسبه وجلده كان مما يخير فيه بين أمرين: أحدهما هذا الذي فعله ، والثاني زجره بأمر آخر فحمله الغضب لله تعالى على أحد الأمرين المتخير فيهما وهو سبه أو لعنه أو جلده ونحو ذلك وليس ذلك خارجاً عن حكم الشرع والله أعلم ومعنى اجعلها له صلاة أي رحمة كما في الرواية الأخرى: والصلاة من الله تعالى الرحمة إذاً لابد أن نعلم أن الغضب غريزي في الإنسان[8] فلا يذم ولا يمدح إلا من جهة آثاره فمن غضب وكظم غضبه وغيظه مُدح ، ومن غضب وثار فتصرف تصرفاً شائناً نتيجة الغضب كان مذموماً بقدر ما وقع منه من تصرف فإذا أمر الشارع إنساناً ألا يغضب فالمراد هو ألا يتصرف نتيجة الغضب وليجعل رائده العقل المنضبط على ميزان الشرع هل إن الغضب من الشيطان حقيقة أو المقصود إغوائه ووساوسه ؟ ومع أن هذه الأحاديث السابق ذكرها بينت أن الغضب غريزي في الإنسان , فقد جاء أيضاً في أحاديث أن الغضب من الشيطان فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: { إن الغضب من الشيطان والشيطان خلق من النار وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ }[9] فكون الغضب من الشيطان فيه معنيان وأيضاً لا تنافي بين المعنيين وبين أنه غريزي ففي المعنى الأول : أنه من الشيطان أي ناشئ عن وسوسته وإغوائه فأُسند إليه وبذلك يكون الغضب من نزغات الشيطان يُخْرج الإنسان عن حد الاعتدال صورةً وسيرة حتى يتكلم بالباطل ويفعل المذموم شرعاً وعرفاً وينوي الحقد والبغض وغير ذلك من القبائح التي كلها من أثر سوء الخلق بل قد يكفر ولهذا قال صلى الله عليه وسلم للرجل الغضوب : لا تغضب وأصر عليه مع إلحاح السائل مريداً للزيادة أو التبديل فكأنه قال حَسِن خُلقك لأن الخُلق الحسن من شأنه دفع نزغات الشيطان لذا قال للرجل حُسن الخُلق ألا تغضب [10] أي حُسن الخُلق ألا تستجيب لنزغات الشيطان والمعنى الثاني : الغضب من الشيطان فإن الشياطين مخلوقة من نار السموم والإنسان من صلصال من حمأ مسنون والصلصال فيه نارية وبه يتمكن من الجري في أعضائه ويدل على ذلك ما جاء عند البخاري معلقاً { إن الشيطان جاثم [11]علي قلب ابن آدم فإذا ذكر الله خنس وإذا غفل وسوس }[12] وكذلك يجري الشيطان بوسوسته وكيده في إغوائه الإنسان { فالشيطان يجري منه مجرى الدم في عروقه }[13] وهل يكون من الشيطان بالفعل ؟ فيكون من الشيطان بالفعل كما جاء في المرأة المستحاضه التي كانت تنزف فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم { إنما ذلك ركضه من الشيطان}[14] أي كان يركضها في الرحم حتى يستمر النزيف فتظن أنها مازالت في العادة فتتوقف عن العبادة وكما في عبثه بالإنسان أو استحسانه له فيلمسه فيحدث له الصرع وكل ما كان من الشيطان يستطيع دفعه بالأذكار والصبر فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمرأة المصروعة : { إن شئت صبرت ولك الجنة وإن شئت دعوت الله لكِ فشفاكِ} [15] قالت بل أصبر فلو كان دفع الشيطان مما لا يقدر عليه الإنسان ما رغبها فيه مع أن العواقب في الصرع أشد على النفس من الغضب
وبهذا يتضح لنا أن الأمر بلا تغضب
[16]هو
معناه ألا تعمل بعد الغضب شيئاً مما نهيت عنه لا أنه نهاه عن شيء جبل عليه
ولا حيلة في دفعه الغضب الشيطاني أشر من الغضب الغريزي الغضب المذموم يكون في الغضب الغريزي والغضب من الشيطان . فهل الغضب المحمود يكون من الشيطان كما يكون في الغريزي ؟ { غضبت عائشة مرة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم :مالك ؟ جاءك شيطانك فقالت : وما لك شيطان ؟ قال : بلى ولكني دعوت الله فأعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بالخير }[17] يستفاد من حديث عائشة أن الغضب من الشيطان لأنه يأمر بالسوء يتضح ذلك من قوله صلى الله عليه وسلم إن الله أسلم لي شيطاني فلا يأمرني بالسوء وهذه حالة خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم أن شيطانه أسلمه الله له فلا يأمره إلا بالخير أي عصمه الله من الشيطان أما غيره صلى الله عليه وسلم فإن الشيطان يأمره بالسوء لأن الشيطان لا يأتي منه إلا الشر المحض فلا يأتي منه غضب محمود وأنسب علاج لهذا النوع هو الاستعاذة ويكون نوع الغضب الذي هو غريزي هو الذي يأتي منه الغضب المحمود أي الغضب لله لأن النبي صلى الله عليه وسلم أثبت ذلك لنفسه (إنما أنا بشر أغضب كما يغضب البشر ) وكان غضبه لله للحق فكان غضبه محموداً وبذلك يكون الغضب الغريزي يأتي منه الغضب المحمود والغضب غير المحمود أما الغضب الذي من الشيطان لا يأتي منه إلا الغضب المذموم وبذلك يستطيع الغضوب خُلقياً أن يُقَوِّم ويُهذب غضبه الغريزي فيجعله غضباً لله وبذلك يحوله إلى غضب محمود هل الغضب له نتائج طيبة على الغاضب ؟ الغضب الذي لا تعصمه التقوى ولا تحده مبادئ يلتزم بها الإنسان ويأخذ بها نفسه خوفاً من الله تعالى ورغبة في رضاه ومثوبته هو داء وبيل وشر لا حدود لآثاره ونتائجه خصوصاً حين يكون الغاضب ذا سلطة مستمدة من غناه أو من منصبه أو منهما معاً [18] هل معرفة واقع حال الغضوب يساعد على إيجاد العلاج المناسب له ؟ الرسول صلى الله عليه وسلم طبيب حكيم والطبيب الحكيم هو الذي يتبصر بواقع حال مريضه فيصف له العلاج المناسب لحالته المرضية وتبين ذلك من وصيته صلى الله عليه وسلم لهذا الرجل الذي طلب منه أن يوصيه وكان الغضب أقوى أمراضه الخلقية (كان غضوباً ) ومن أجل ذلك اقتصر الرسول صلى الله عليه وسلم قوله له:{ لا تغضب }[19] فهل المقصود من علاج الغضب منع الإنسان نهائياً من أن يغضب؟ ليس المقصود من علاج الغضب قتل قوة الغضب والقضاء عليها لأن ذلك غير ممكن بالنسبة لأمر هو غريزة وطبيعة في الإنسان ماذا تعني هذه الوصية للرجل الذي مرضه الخلُقي الغضب ؟ قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم الطبيب الحكيم لهذا الرجل الغضوب الذي طلب منه أن يوصيه وصية وجيزة جامعة لخصال الخير يحفظها عنه لا تغضب هذه الوصية تحقق أمرين :- الأول :- يوصيه صلى الله عليه وسلم بأن يعمل الأسباب التي توجب له حُسن الخلق من الحلم والآناه والحياء والاحتمال وكف الأذى والصفح والعفو وكظم الغيظ والكرم والسخاء والتواضع وغير ذلك من الأخلاق الحميدة , فإن النفس إذا تخلقت بالأخلاق الحسنة وصارت لها عادة أوجب لها ذلك دفع الغضب عند حصول أسبابه الثاني :- أنه يوصيه صلى الله عليه وسلم بأنه لا يعمل بمقتضى الغضب إذا حصل بل يجاهد نفسه على ترك تنفيذه والعمل بما يأمر به فإن الغضب إذا ملك من بني آدم كان هو الآمر الناهي له ولهذا قال تعالى {وَلَماَّ سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ(154)} الأعراف فإذا لم يمتثل الإنسان عما يأمره به غضبه وجاهد نفسه على ذلك اندفع غضبه وربما سكت وعاد إلى حالته فهذه الوصية معناها أن علاج الغضب من هذين الأمرين : (1) دفع الغضب : أي الوقاية منه عند حصول أسبابه
(2) رفع الغضب : وهو ما يجتاز من الوسائل عند وقوع الغضب أي علاج الغضب إذا
حصل هل حُسن الخلق يساعد على دفع الغضب؟ التحلي بالأخلاق الحسنة يدفع الغضب عند حدوث أسبابه فمن كان عفواً كريماً يصفح عمن أغضبه يتبين ذلك في ما رواه القعنبي قال : { كان ابن عون لا يغضب فإذا أغضبه رجل قال : بارك الله فيك وحكى أصحابه قالوا كان لابن عون ناقة يغزو عليها ويحج وكان بها معجباً قالوا : فأمر غلاماً له يستقي عليها فجاء بها وقد ضربها على وجهها فسالت عَيْنُها على خدها فلما نظر إلى الناقة قالوا إن كان من ابن عون شيء فاليوم قالوا : فلم يلبث أن نزل فلما نظر إلى الناقة قال : سبحان الله أفلا غير الوجه بارك الله فيك أخرج عني اشهدوا أنه حُرُّ }[21] فهذا تحليه بالأخلاق الحسنة جعلته لا يغضب[22] ملك النفس عند الغضب بطولة وقوة إرادة وهل دفع الغضب عند وقوعه سهل ؟ { جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أوصني قال لا تغضب }[23] الرجل يطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعلمه وصية وجيزة فيقول : {يا رسول الله علمني شيء ولا تكثر علىّ لعلي أعيه قال : لا تغضب فردد ذلك مراراً كل ذلك يقول : لا تغضب} [24] فهذا الرجل يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم وصية وجيزة لكل فِعال الخير ليحفظها عنه خشية أن لا يحفظها لكثرتها فوصاه النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يغضب وردد هذه المسألة مراراً والنبي صلى الله عليه وسلم يردد عليه هذا الجواب فهذا يدل على أن الغضب جماع الشر وأن التحرز منه جماع الخير وأيضا عندما {سأل الرجل النبي صلى الله عليه وسلم ما يباعدني من غضب الله عز وجل ؟ قال : لا تغضب} [25] ومن الحق أن ضبط النفس عن الاندفاع بعوامل الغضب بطوله لا يستطيعها إلا الأشداء أقوياء الإرادة والمؤمنون أقوياء الإيمان فليس من السهل إذا غضب الإنسان أن يضبط نفسه ويكف غضبه وليس من السهل إذا اغتاظ الإنسان أن يضبط نفسه ويكظم غيظه ويكف عن الانتقام ممن أغضبه أو أغاظه لذلك جعل الرسول صلى الله عليه وسلم البطولة في الناس ضبط النفس عن الاندفاع بعوامل الغضب وعرف الصُّرعة من الرجال وهو بطل المصارعة ، بأنه الذي يملك نفسه عند الغضب فقال صلى الله عليه وسلم : { ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب }[26] وقال صلى الله عليه وسلم : {ما تعّدون الصُّرعة فيكُم فقالوا : الذي لا تصرعه الرجال فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : لكنه الذي يملك نفسه عند الغضب }[27] العرب يطلقون على بطل المصارعة الذي يصارع الناس فيغلبهم كلمة (صرعة) ويكبرون أمره ويعظمون شأنه فاستغل الرسول صلى الله عليه وسلم إعجاب الناس بالرجل الصرعة وتقديرهم له ثم حولهم عنه إلى البطل الحقيقي وهو الذي يملك نفسه عند الغضب لأن ملك النفس عند الغضب بطولة إنسانية فعلاً تعتمد على العقل وقوة الإرادة أما بطولة المصارعة امتياز جسدي يعتمد على قوة العضلات والتدريب الجسدي (2) رفع الغضب وهو كيفية العلاج إذا وقع الغضب عندما يغضب الإنسان كيف يحمي نفسه من آثار غضبه ؟ أولاً : أشياء تُفعل إذا وقع الغضب ثانيا : معرفة الأجور التي أعدت لكف الغضب أولاً: أنواع العلاج إذا وقع الغضب * السكون : في القول و الفعل ** الاستعاذة : وهو طلب التحصن والاستعانة بالله والاستعاذة لا تنافي السكوت الذي هو سكون القول , إذ المقصود السكوت عن النطق بغير الذكر المشروع ***أشياء أخرى كالوضوء والغُسل والدعاء والتذكر وغير ذلك * السكون قولاً وفعلاً فاللسان دواؤه السكوت لأن الغضب يهيج الأعضاء , والجوارح دواؤها اللصوق بالأرض (ا) قولاً : وهو سكوت اللسان . الصمت (ب) فعلاً : وهو اللصوق بالأرض . الجلوس لماذا يطلب من الغضبان السكوت ؟ قال صلى الله عليه وسلم : {إذا غضب أحدكم فليسكت }[28] وذلك لأن الغضبان يخرج عن طوره وشعوره غالباً فيتلفظ بكلمات قد يكون فيها سب أو شتم أو لعن يجلب له عداوة الآخرين وقد يتلفظ بكلمات مثل الطلاق فيهدم بيته وهذا يندم عليه بعد سكون ثورة الغضب وما دام الانفعال موجوداً فنار الغضب تتأجج وتزداد فإذا سكت أخذت في الهدوء والخمود فالسكوت هو الحل للتلافي والنجاة من كل ذلك يقول صلى الله عليه وسلم :{ من صمت نجا }[29] فإنك ما تزال سالما ما سكت كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : { اخزن لسانك إلا من خير فإنك بذلك تغلب الشيطان } [30] فإن طول الصمت مطردة للشيطان هل الذي يصمت عند الغضب تُدافع عنه ملائكة الله ؟ ومما جاء في الصمت عند الغضب ما جاء في القصة التي رواها أبو هريرة { أن رجلاً شتم أبا بكر والنبي صلى الله عليه وسلم جالس يتعجب ويبتسم فلما أكثر رد عليه بعض قوله فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقام فلحقه أبو بكر وقال يا رسول الله كان يشتمني وأنت جالس فلما رددت عليه بعض قوله قمت فقال :نزل ملك من السماء يكذبه بما قال لك فلما انتصرت ذهب الملك وقعد الشيطان فلم أكن لأجلس إذا قعد الشيطان} [31] ما الغرض من اللصوق بالأرض ؟ كلون من ألوان العلاج لثورة الغضب والغرض منه تجميد كل حركة يمكن أن ينجم عنها آثار غضبية مادية : يقول صلى الله عليه وسلم : { ألا وإن الغضب جمرة في قلب ابن آدم أما رأيتم حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه ؟ فمن أحس شيء من ذلك فليلتصق بالأرض }[32] وفي رواية {فالأرض الأرض } أي إذا وجد أحدكم شيء من ذلك يعني بوادر الغضب فليلتصق بالأرض لكسر حدة الغضب عنده فتذهب فلا يعدوا به الغضب فيجلسه في نفسه ولا يعديه إلى غيره بإيذائه والانتقام منه ويطلب اللصوق بالأرض السكون فإن سبب الغضب الحرارة وسبب الحرارة الحركة ما الغرض من الجلوس ؟ لقوله صلى الله عليه وسلم :{ إذا غضبت فاجلس }[33] تغيير الحالة التي هو عليها إن لم يسكن غضبه وهو قائم فليجلس وإن كان جالسا اتكأ لقوله صلى الله عليه وسلم : {إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع }[34] فالقائم متهيئ للانتقام والجالس دونه من ذلك والمضطجع أبعد عنه فأمره بالتباعد عن حالة الانتقام وهذا التوجيه النبوي يمنع الغاضب عن التصرفات الهوجاء لأنه قد يضرب أو يؤذي بل قد يقتل وربما يصدر منه طلاق وغير ذلك ولأجل ذلك إذا قعد كان أبعد من الهيجان والثوران هل الغرض من النوم لمن يستطيع كالغرض من الجلوس ؟ وإذا نام على جنبه كان أبعد ما يمكن عن هيئة الوثوب والتصرفات الطائشة والأفعال المؤذية فإذا جلس أو اضطجع بَعُدَ أن يبدر منه في حالة قيامه أو قعوده بادرة يندم عليها فيما بعد { كان أبو ذر يسقي على حوض له فجاء قوم فأرادوا مساعدته فقالوا من يسقي له الإبل فقال رجل أنا , فجاء فأورد على الحوض فدقه بدل من أن يساعده في سقي الإبل حطم له الحوض وهدمه وكان أبو ذر قائماً فجلس ثم أضطجع فقيل له : يا أبا ذر لم جلست ثم اضطجعت ؟ قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس . . . . الحديث }[35] هل يكون العلاج بالجلوس والاضطجاع من باب العلاج بالضد ؟ في أحاديث الأمر بالجلوس والاضطجاع ما هو من باب المعالجة بالضد فالقوة الغضبية الناشئة من الوسوسة الشيطانية تقتضي الخفة والتعلية التي من خواص النار والقيام لأجل الانتقام فمخالفته بالجلوس المشير إلى القعود عن الفتنة نافعة جداً ( فإن ذهب عنه الغضب ) أي أثر حرارته وقوة مرارته بالجلوس فيها فنعم (وإلا) أي وإن لم يذهب ما به (فليضطجع) وهذه مبالغة في المعالجة مع ما فيه من الإشارة إلى رجوع الإنسان إلى مأخذه من التربة المناسبة للتواضع في مقابلة عمل الشيطان بمقتضى جبلته من الشعلة النارية المقتضية للتكبر وكل شيء يرجع لأصله ** العلاج بالاستعاذة ما هو تأثير الاستعاذة على الغضب الذي يكون من الشيطان ؟ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا غضب الرجل فقال أعوذ بالله سكن غضبه }[36] الاستعاذة علاج مستقل فهو علاج قولي سهل كما أن الوضوء علاج فعلي والعلاج بالاستعاذة من أول أنواع العلاج وأقوى سلاح للمؤمن على رفع كيد اللعين إبليس ومكره وإذا تأمل الاستعاذة وهو الالتجاء إلى الله تعالى والاعتصام به وإذا ضم إلى ذلك التفكر فيما ورد من كظم الغيظ وثوابه واستحضر أن الله أعظم قدرة من قدرته على من غضب عليه سكن غضبه لا محالة والله تعالى يقول :{ وَإمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فاسْتَعِذْ باللّهِ إنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200)} الأعراف لذا يقول صلى الله عليه وسلم : { إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد لو قال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم لذهب عنه ما يجد }[37] فالاستعاذة تصرف عن الأنفس الشياطين ونوازغها إن كانت استعاذة صادقة خالصة كيف تؤثر الاستعاذة الصادقة في تهدئة نفس الغضبان ؟ ومتى انصرفت نوازغ الشيطان كانت دوافع الأنفس واقعة بين طرفين متكافئين هذا يستدنيها إلى الخير وذك إلى الشر ثم تأتي نفحات التوفيق الرباني فَتُرجح الاتجاه نحو الخير وعند ذلك تصح الرؤية البصيرة فيدرك صاحبها الخير والكمال ومرضاة الله وما ينبغي أن يتحلى به المؤمن *** أشياء أُخرى منها :- (أ) العلاج بالوضوء أو الغسل [38] ما الغرض من الوضوء للغضبان حتى و لو كان على وضوء ؟ الوضوء علاج ثورة الغضب والغرض منه تبريد حرارة الغضب والاشتغال بأمر من أمور العبادة يصرف النفس عن توترها الغضبى وانفعالها الناري 0 لذا بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم : { أن الغضب من الشيطان [39], وأن الشيطان خلق من نار وإنما تُطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ ) }[40] الماء يُخمد النار لأنه ضدها . فإذا غضب أحدكم فليتوضأ هذا هو المستحب كوضوئه للصلاة وإن كان متوضأ هل ينبغي للمسلم إذا ذُكِّر عند غضبه أن يقول كرامتي شخصيتي وضعي الاجتماعي؟ عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رجلاً استأذن على عمر رضى الله عنه فأذن له فقال :{ يا ابن الخطاب والله ما تعطينا الجزل [العطاء الكثير] ولا تحكم بيننا بالعدل فغضب عمر رضي الله عنه حتى هم أن يوقع به فقال الحر بن قيس (وكان من جلساء عمر) يا أمير المؤمنين إن الله عز وجل قال لنبيه صلى الله عليه وسلم : {خُذِ الْعَفْو و َأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِين (199)} الأعراف وإن هذا من الجاهلين فو الله ما جاوزها عمر رضى الله عنه حين تلاها عليه وكان وقّافاً عند كتاب الله عز وجل} فهكذا يكون حال المسلم إذا ذُكِّر ولا يقول كرامتي شخصيتي والألفاظ التي لا ينبغي أن تكون من المسلم حتى لا يتمثل بذلك المنافق الذي غضب فأخبره معاذ بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : {أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم فَيُذهب عنه ما به فقال أترى بي بأس أمجنون أنا ؟ اذهب }[42] وضحك وجعل يزداد غضبه ولم يقبل نصيحة الرسول صلى الله عليه وسلم فهلك بعد ذلك بغضبه اذكر بعض الأدعية التي يطلب بها تحسين الأخلاق ويصرف بها غضبه ؟ الدعاء سلاح المؤمن فالمؤمن يطلب دائماً من الله أن يحسن خُلقه و من هذه الأدعية : {اللهم اهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت} [43] {اللهم يا مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك }[44] {اللهم أسألك كلمة الإخلاص في الرضا والغضب }[45] {اللهم أسألك كلمة الحق في الغضب والرضا }[46] {اللهم حسن خُلقي كما حسنت خلَقي }[47] ثانياً: العلاج بمعرفة الأجور التي أعدت لمن كف غضبه (1) الصابر عن الغضب يعصمه الله ويُخضع له عدوه هل إذا صبر إنسان على من أغضبه يدخل ذلك في الدفع بالتي هي أحسن كي يصبح بعد عداوته ولياً حميماً عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما في قول الله تعالى : {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن(34)} فصلت قال الصبر عند الغضب والعفو عند الإساءة فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله وخضع لهم عدوهم [48] فمن المفاهيم الدينية الربط بين الظواهر الخلقية وبين الإيمان للدلالة على أن الإيمان الصحيح الصادق يدفع إلى مكارم الأخلاق (2) فضل من كف غضبه يستر الله عورته هل من كف غضبه تستر عورته في الدنيا و الآخرة ؟ قال صلى الله عليه وسلم : { من كف غضبه ستر الله عورته }[49] أي من منع نفسه عن هيجان الغضب عن أذى غيره عاجل الله ثوابه بستر عورته في الدنيا ومن ستره فيها لا يهتكه في الآخرة ولا يعذبه بنارها لأن من وراء الستر الرضا , والنار إنما تلظت وتسعرت لغضبه فإذا كف العبد غضبه ستر الله عورته (3) فضل من كف غضبه يُملأ أمناً وإيماناً لماذا يُملأ بالأمن والإيمان قلب من كف غضبه ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {من كظم غيظه ملأه الله أمناً وإيماناً }[50] لأنه قهر النفس الأمارة بالسوء فانحلت ظلمة قلبه فامتلأ يقيناً وإيماناً ولهذا أثنى الله على الكاظمين الغيظ هل يبلع الغضب ؟ يقول صلى الله عليه وسلم : {ما من جرعة أعظم عند الله من جرعة كظمها ابتغاء وجه الله } [51] الجرعة الشُرب مرة واحدة كظمها تجرعها واحتمل سببها وصبر عليها وغضب عمر بن عبد العزيز فقال له ابنه عبد الملك رحمهما الله : {أتغضب وأنت أمير المؤمنين مع ما أعطاك الله وفضلك به تغضب هذا الغضب ؟ فقال له : أو ما تغضب يا عبد الملك ؟ فقال عبد الملك : وما يغني عني سعة جوفي إذا لم أردد فيه الغضب حتى لا يظهر ؟} فهؤلاء قوم ملكوا أنفسهم عند الغضب رضى الله عنهم [52] (1) فضل من كف غضبه الله يكف عنه عذابه هل من منع غضبه عن الناس الله يمنع عنه عذابه ؟ قال صلى الله عنه وسلم : {من كف غضبه كف الله عنه عذابه ومن خزن لسانه ستر الله عورته ومن اعتذر إلى الله قبل الله عذره) }[53]
فالغضب عيب فمن منع غضبه أي منع عيبه عن الناس يكف الله
تعالى عنه عذابه
(2) فضل كظم الغيظ يوم القيامة يُملأ قلبه عطاءً أخره الله له هل يعطي الله كاظم الغيظ ما يرجوه في الآخرة ؟ قال صلى الله عليه وسلم : { من كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رجاءً يوم القيامة} [54]
وأي شئ أعظم من ذلك أن يملأ قلبه رجاءً يوم القيامة فيعطيه
الله ما يرجوه أيضاً
(3) فضل من كظم غيظه الله تعالى يرضيه يوم القيامة هل معرفة كاظم الغيظ بأن الله يرضيه يوم القيامة يعينه في إخفاء غضبه ؟ قال صلى الله عليه وسلم : {من كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ قلبه رضا يوم القيامة}[55]
وهذا من الأجر العظيم الذي أعده الله للمتقين الذين يتجنبون
أسباب الغضب ويجاهدون أنفسهم في كبته ورده فهو من أعظم ما يعين على إخفاء
نار الغضب (4) الجنة أجر من لا يغضب هل يكافئ الكاظم غيظه بالجنة ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا تغضب ولك الجنة }[56] والله تعالى يقول :
{وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُم وَجنَّةِ
عَرْضُها السَّمَوَاتُ والأَرْضُ أُعِدَّتْ للْـمُتَّقِـين الَّذِينَ
يُنْفِقُونَ فِـي السَّرَّاء وَالضَّرَّاءِ وَالكَاظِمِينَ الغَيُظَ
وَالعَافِـينَ عَنِ النَّاس وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين َ(134) }
آل عمران (5) فضل كاظم الغيظ أنه يخير في النساء من الحور العين ما الحكمة من دعاء الغاضب على رؤوس الخلائق يوم القيامة ؟ قال صلى الله عليه وسلم: {من كظم غيظه وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره في الحور العين ما شاء }[57] الجزاء من جنس العمل فكما كظم غيظه ولا أحد يعلم ما له يدعوه الله على رؤوس الخلائق يشاهدونه وهو يخير في الحور العين اختيار الوسائل المناسبة لحالة الغضب هل يراعى في العلاج التحول من وسيلة لم تتناسب مع الحالة الغضبية إلى أخرى ؟ في الأحاديث التي مرت والتي فيها علاجات كثيرة فيها دليل على أن الغضبان إذا لم يتناسب مع حالته الغضبية نوع من أنواع العلاج ينتقل إلى نوع آخر كما جاء في الحديث فليجلس فإن لم يذهب عنه وإلا فليضطجع فمثلاً لو كان الغضبان في حالة غضبه في مكتبه فجلس ولم يذهب غضبه فلا يتناسب مع وضع العمل أن يضطجع (ينام) ففي هذه الحالة يمشي من مكان الغضب أي يبتعد عن المكان الذي فيه مؤثرات الغضب وكذلك قد يتمكن من الوضوء ولكنه قد لا يتمكن من الغُسل استغلال المناسبات لعرض علاج الغضب من هو عدو الإنسان الحقيقي ؟ روى أنس {أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقوم يصطرعون فقال ما هذا قالوا فلان ما يصارع أحداً ألا صَرعَه قال أفلا أدلكم على من هو أشد منه ؟ رجل كلمه رجل فكظم غيظه فغلبه وغلب شيطانه وغلب شيطان صاحبه }[58] من هذا يتبين لنا أن الإنسان إذا ملك نفسه عند حصول الغضب يكون قد قهر أقوى أعدائه لأن أعدى عدو للشخص هو شيطانه ونفسه والغضب إنما ينشأ عنهما فمن جاهدهما حتى يغلبهما مع ما في ذلك من شدة المعالجة كان هو البطل الحقيقي لأنه قد قهر نفسه وشيطانه وربما لم يجعل مجالاً لمثيرات الغضب عند صاحبه فيكون قد قطع الطريق لشيطان صاحبه فيكون قد غلبه أيضاً عندما أوقف شر صاحبه ولهذا بين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بطل المصارعة ليس هو في الحقيقة الذي يستحق أن يقال عنه الرجل الشديد وإنما الذي يملك نفسه عند مثيرات الغضب فهذا هو الشديد حقاً لأنه استطاع أن يغلب أقوى الدوافع في نفسه وبقوة إرادته وسّمو خلقه ، ومتى كان الإنسان قادراً على أن ينتصر على أقوى دوافعه الداخلية فيه فهو على مادون ذلك اقدر هل تكرار الحديث في علاج الغضب مفيد ؟ وِلأهمية بث ذلك في المسلم كان رسول صلى الله عليه وسلم يكثر من ذلك في مرات وحالات مختلفة وبصيغة السؤال فكان وهو يخطب يقول : {ما الصرعة قالوا الصريع . قال رسول الله الصرعة كل الصرعة , الصرعة كل الصرعة , الرجل الذي يغضب فيشتد غضبه ويحمر وجهه ويقشعر جلده فيصرع غضبه} [59] فقد غير لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من مفاهيم في هذه الأحاديث , كمعنى التفاخر من القوة الجسدية إلى قوة الإرادة وضبط النفس وهو معنى خلقي واجتماعي بناء فمجاهدة النفس وإمساكها عن الشر هي قوة معنوية أقوى من القوة التي يصرع منها الأشداء لأنه عندما يشتد غضبه ويملك زمامها فلا يقوم على فعل محرم من اعتداء ويمسك لسانه فلا يتفوه بكلام محرم أو لعن أو قذف أو غير ذلك وبهذا حول لنا رسول الله الصرعة من القوة الظاهرة إلى القوة الباطنة ومن أمر الدنيا إلى أمر الدين فهي قوة دينية معنوية إلهية [1] البخاري 6114 مسلم 16/377 [2] مسلم 17 / 43 [3] المسند 2/323 أبو داود 4901 , حسنه الألباني في شرح العقيدة الضحوية 357 , حسنه الأرناؤوط 1/377 في تحقيقه على جامع العلوم والحكم عند شرح الحديث السادس عشر (لا تغضب) [4] الترمذي 2191 وقال حسن صحيح , صححه الألباني لغيره في صحيح الترغيب2751 , أوداجه عروقه [5] سريع الفيء أي سريع التراجع عن الغضب إلى حالته المعتادة وفي رواية الفيء بمعنى الرضا [6] انظر فتاوى الطلاق للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ص 15وانظر كلام ابن القيم في زاد الميعاد 5/214 قال: فصل: وأما طلاق الإغلاق ، فقد قال الإمام أحمد في رواية حنبل : وحديث عائشة رضى الله عنها : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :{ لا طلاق ولا عتاق في إغلاق } يعني الغضب ، هذا نص أحمد ثم قال: الغضب على ثلاثة أقسام أحدها : ما يزيل العقل ، فلا يشعر صاحبه بما قال ، وهذا لا يقع طلاقه بلا نزاع والثاني : ما يكون في مباديه بحيث لا يمنع صاحبه من تصور ما يقول وقصده ، فهذا يقع طلاقه الثالث : أن يستحكم ويشتد به ، فلا يزيل عقله بالكلية ، ولكن يحول بينه وبين نيته بحيث يندم على ما فرط منه إذا زال ، فهذا محل نظر ، وعدم الوقوع في هذه الحالة قوي متجه [7] مسلم 16/366 :369 وفي شرح النووي عليه ذكر هذه الروايات والروايات التي في هذا الموضع في الصفحة التالية [8] حسن أيوب في السلوك ص/73 قال وليكن معلوماً أن الغضب غريزي في الإنسان وأتى بما ذكرناه و ممن ذكر أن الغضب غريزة ابن الجوزي في صيد الخاطر 1/126 حيث عنون باب الغريزة فقال : فصل : الغريزة لما كان بدن الآدمي لا يقوم إلا باجتلاب المصالح و دفع المؤذي ، ركب فيه الهوى ، ليكون سبباً لجلب النافع . و الغضب ليكون سبباً لدفع المؤذي و قال البسام في توضيح الأحكام 6/302 الغضب غريزة في الإنسان فإذا جاء ما يبعثها تحركت نفسه من داخلها إلى خارج الجسد لإرادة الانتقام [9] أحمد 4/226 , أبو داود 4784 , حسنه شعيب الأرناؤوط في تحقيقه على جامع العلوم والحكم عند شرح الحديث السادس عشر (لا تغضب) صححه محقق الترغيب والترهيب 4063 , ضعفه الألباني في الضعيفة582 [10] هذه الرواية تأتي عند الغضبان مكلف [11] الجثم يعني اللصوق والالتصاق [12] البخاري تعليق سورة الناس , المشكاة 2281 عزاه للبخاري في التعليق وهذا فيه إشارة إلى التحذير من فتنة القرين ووسوسته وإغوائه فأعلمنا بأنه معنا لنحترز منه حسب الإمكان [13] البخاري 7171 [14] الترمذي 128 وقال حديث حسن صحيح , حسنه الألباني في صحيح الترمذي 287 , توضيح الأحكام 1/352 حسنه البسام وقال الأستحاضة ليست حيضاً طبيعياً وإنما هو مرض يصيب المرأة من الشيطان الذي يجري من ابن آدم مجرى الدم و يريد أن يلبس عليه عبادته بكل ما أقدره الله من وسائل الأذى و المضرة , و انظر سبل السلام 1/209 قال الأظهر أنها ركضة منه حقيقية إذ لا مانع من حملها عليه [15] البخاري 5652 [16] أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلا تغضب هو لب العلاج للغضب وسيأتي معنا في آخر سؤال في الفقه في علاج الغضب [17] مسلم 17/156 الموضع هذا بالحديث ذكره الغزالي في الأحياء لإقراره بشيطان الغضب 3/171 ما حكم من قهره الغضب ؟ روي عن النبي في حديث مرسل {أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم من قبل وجهه فقال : يا رسول الله أي العمل أفضل ؟ قال : حسن الخلق ثم أتاه عن يمينه فقال :أي العمل أفضل ؟ قال حُسن الخُلق ثم أتاه عن شماله فقال : يا رسول الله أي العمل أفضل ؟ قال حُسن الخُلق ثم أتاه من بعده بمعنى من خلفه فقال : يا رسول الله أي العمل أفضل ؟ فألتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما لك لا تفقه حُسن الخُلق هو أن لا تغضب إن استطعت } محمد بن نصر المروزي في الصلاة 878 , الألباني في الترغيب 1596 قال مرسل ضعيف , الأرناؤوط في العلوم والحكم قال وهو على إرساله رجاله ثقات رجال الشيخين من هذا الحديث يتبين لنا أن الغضب يكون منه :- ما يستطيع الإنسان دفعه ومنه ما لا يستطيع الإنسان دفعه وهو الغضب الذي يقهره ويفعله ولا يؤاخذ عليه , فإن الغضب هو الذي يكون للإنسان الآمر والناهي ولهذا المعنى قوله تعالى : {وَلَماَّ سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ (154)} الأعراف فإن مناط التكليف واقع على ما يستطيعه الإنسان في دفع غضبه , لذلك بين لنا النبي صلى الله صلي الله عليه وسلم أن الذي يستطيع أن يدفع الغضب إذا دفعه بالفعل يكون قد تحلى بحسن الخلق أي أفضل الأعمال وأن المستطيع دفع غضبه ولا يدفعه يكون على عكس ذلك أي لا يتحلى بحسن الخلق [19] البخاري 6116 [20] البخاري 6116 [21] أعلام النبلاء 2/546 5/544 ابن عون هو الإمام القُدوة عالم البصرة ولد سنة ستٍ و ستين ولم يكن في العراق أعلمُ منه بالسُّنة وكان قد أوتي حلماً وعلماً ونفسه زكيه تعين على التقوى [22] وفي هذه الرواية المرسلة أيضاً { أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أي العمل أفضل ؟ قال (حُسن الخُلق ) ثم أتاه عن يمينه فقال : يا رسول الله أي العمل أفضل قال (حُسن الخُلق ) ثم أتاه عن شماله فقال يا رسول الله أي العمل أفضل فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ( مالك لا تفقه حُسن الخُلق هو أن لا تغضب إن استطعت } محمد بن نصر المروزي في الصلاة 878 , الألباني في الترغيب 1596 قال مرسل ضعيف , الأرناؤوط في العلوم والحكم قال وهو على إرساله رجاله ثقات رجال الشيخين ومن هذه الرواية يتضح أيضاً أن من يستطيع أن يدفع الغضب فيدفعه هو حَسُنَ الخُلق ويكون عكسه من يستطيع أن يدفع الغضب لكنه لا يدفعه هو سيئ الخُلق فالتحلي بالأخلاق الحسنة يدفع الغضب عند وقوع أسبابه [23] البخاري6116 [24] الترمذي الترمذي 2020 , صححه الألباني في صحيح الترغيب 2748 [25] أحمد 3/484 , حسنه الألباني في صحيح الترغيب 2747 [26] البخاري 6114 , مسلم16/377 [27] مسلم 16/377 [28] المسند 1 / 239 صححه أحمد شاكر 2136 , في2556 , البخاري في الأدب المفرد 1230 , حسنه الألباني في الصحيحة 3/364 [29] المسند 2/159 , صححه أحمد شاكر 6481 , ابن حجر في الفتح 11/315 قال رواه الترمذي 201ورواته ثقات ,صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 2501 والصحيحة 536 [30] المسند 3/82 , أبي يعلى 1000 , حسنه الألباني بمجموع الطريقين في الصحيحة 555 [31] أبو داود مرسلا ومتصلا 4896, 4897 , قال البخاري المرسل أصح من المتصل , ابن كثير 4/129 قال هذا الحديث في غاية الحسن في المعنى وهو مناسب للصديق رضي الله عنه ذكر هذه القصة , حسن إسناده الذهبي من رواية البيهقي ذكر ذلك المناوي 5/627 ا في شرح الحديث 8078 , الألباني سكت عنه في المشكاة 5103 [32] الترمذي وقال حسن صحيح 2191 , صححه الألباني لغيره في صحيح الترغيب2751 [33] صححه الألباني في صحيح الجامع 696 من رواية الخرائطي في مساوي الأخلاق [34] أبو داود 4782 , صححه الألباني في المشكاة 5114 [35] القصة مع الرواية في مسند أحمد 5/152 , صححه الألباني في صحيح الجامع 694 [36] السهمي في تاريخ جرجان ص 252 وابن عدي في الكامل 1/297 , الألباني صححه في صحيح الجامع 695 , و الصحيحة 1376 [37] البخاري 6048 [38] هل يتخذ المستمر في غضبه بعد الوضوء شيئاً آخر مثل الغسل ؟ والغسل أفضل كما جاء في رواية {الغضب من الشيطان والشيطان خلق من النار والماء يطفئ النار فإذا غضب أحدكم فليغتسل } أخرجه ابن عساكر موقوفا من رواية معاوية ذكره الصنعاني 4/334 في سبيل السلام وكذا المناوي وورود الأمر بالاغتسال محمول على الحالة التي يشتد فيها الغضب جداً {كُلِمَ معاوية بشيء وهو على المنبر فغضب فنزل فاغتسل ثم عاد إلى المنبر فذكر الحديث} ذكره المناوي 4/542 [38] [39] أي أنه الناشئ عن وسوسته وإغوائه فأسند إليه لأنه المحرك له الباعث إليه والشيطان خلق من النار لأنه من الجان وفي آية{وَخَلَقَ الْجَآنَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ(15)} الرحمن [40] أحمد 4/226 , أبو داود 4784 , حسنه شعيب الأرناؤوط في تحقيقه على جامع العلوم والحكم عند شرح الحديث السادس عشر (لا تغضب) صححه محقق الترغيب والترهيب 4063 , ضعفه الألباني في الضعيفة582 [41] يرجع إلى رسالة شكاوي وحلول للشيخ /محمد صالح المنجد فقد أفاد وأجاد في موضوع الغضب باختصار [42] البخاري 6048 [43] مسلم 6/300 [44] مسلم 16/420 [45] النسائي 1305 , صححه الألباني في صحيح الجامع 1301 [46] المسند4/324 , صححه الارناوؤط 327 , جود ه الألباني في المشكاة 2497 [47] أحمد 6/68 , صححه الألباني في المشكاة 5099 [48] رواه البخاري تعليقا فتح الباري 8/556 [49] ابن أبي الدنيا في ذم الغضب وفي قضاء الحوائج ص 80 , حسنه العراقي 3/11 , حسنه الألباني في الصحيحة 906 [50] أبو داود 4778 , حسنه شعيب الأرناؤوط في الشواهد في العلوم والحكم 1/368 , وضعفه الألباني في الضعيف 5823 [51] الترمذي 2191 وقال حسن صحيح , ابن ماجة 4189 وفي الزوائد إسناده صحيح , صححه الألباني لغيره في صحيح الترغيب2752 [52] ذكرها ابن رجب في شرح الحديث السادس عشر من الأربعين [53] ابن بشران في الآمالي 1/108 والضياء في المختارة 2/109 , حسنه الألباني في الصحيحة 2360 [54] الطبراني في الكبير 3/209/2 وابن عساكر في التاريخ 18/1/2 , حسنه الألباني في الصحيحة 906 [55] حسنه الألباني في صحيح الجامع 176من رواية أبي الدنيا في قضاء الحوائج , الغيظ هو الغضب الشديد والكظم هو الحبس [56] صححه الألباني في صحيح الجامع 7374 من رواية ابن أبي الدنيا وصححه في الصحيحة 2749 من رواية الطبراني [57] الترمزي 2021 وحسنه وابن ماجة 4189 و قال في الزوائد إسناده صحيح رجاله ثقات , حسنه الألباني في صحيح الجامع 6518 [58] حسن إسناده ابن حجر وعزاه للبزار الفتح 10/535 , الألباني في الصحيحة3295 [59] أحمد 5/367 , حسنه الألباني في صحيح الجامع 3859
|
ماذا أفعل في هذه الأمور
|
|