|
||
|
الحمد لله الذي أخبر عن شر تعاطي الخمر فقال { إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ} [ المائدة 91 ] وهذا وقع لكل من تعاطى المخدرات , ووقع لأغلبهم الصدّ{عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ} [المائدة 91 ] والصلاة والسلام على رسول الله القائل ’’ من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يشرب الخمر ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يشرب عليها الخمر ‘‘ ([1]) أما بعد: فمن دواعي كتابة هذه الرسالة ما وجدا عليه حال بعض أبناء المسلمين من الانجراف في الانحراف الإدماني الذي يدمر الشباب وتضيع معه الطاقات في دوامة تعاطي المخدرات وعلاجها والوقاية والعلاج لهذه الغمة كما أزالتها من قبل هذه الأمة بما جاءت بها الشريعة الإسلامية وهذه الرسالة لوقاية الإنسان من الإدمان وعلاج من وقع في الإدمان عندما يحرك الإيمان عنده بما جاء في مضمون هذه الرسالة, حتى يتمكن من دفع الإدمان بالإيمان من خلال امتثاله لأمر الرحمن كتبها / عبد القادر بن محمد بن حسن أبو طالب الوقاية من الإدمان وعلاجه بالإيمان إن الوقاية من الإدمان وعلاجه بالإيمان في مضمون هذه الرسالة بامتثال أمر الرحمن وذلك من خلال أبحاث ثلاثة المبحث الأول ويشمل حال المسلمين مع الخمر قبل التحريم وأسباب تحريم الخمر وحال الصحابة في التفاعل مع تحريم الخمر وامتثالهم لأمر الرحمن الذي كان فيه ترك الإدمان المبحث الثاني ويشمل الوقاية من المخدرات من خلال معرفة المقصود بالخمر, معرفة أن الفلاح في اجتناب الخمر, معرفة أضرار الإدمان المبحث الثالث ويشمل علاج الإدمان من خلال معرفة عواقب الإدمان الوخيمة في الدنيا والآخرة والعمل على دفع الإدمان بالإيمان يشمل حال المسلمين مع الخمر قبل التحريم أسباب تحريم الخمر حال الصحابة في التفاعل مع تحريم الخمر حال المسلمين مع الخمر قبل التحريم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يشربون الخمر , فكان شرب الخمر أول الإسلام مباحاً معمولاً به معروفاً عندهم بحيث لا ينكر ولا يغير, والنبي صلى الله عليه وسلم أقر عليه, وهذا ما لا خلاف فيه وكان الناس على أمر جاهليتهم حتى يؤمروا أو يُنهوا, فكانوا يشربون الخمر حتى ينتهي بصاحبه إلى السكر ([2]) من أسباب تحريم الخمر السؤال عنها, الخطأ في قراءة السكران للقرآن في الصلاة, الحوادث التي يسببها الخمر من تقاتل وبغض ([3]) سبب أول في التحريم السؤال عن الخمر كان من المؤمنين كعمر بن الخطاب الذي كان يذكر للنبي صلى الله عليه وسلم عيوب الخمر, وما ينزل بالناس من أجلها وكان يسأل عنها ويقول اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً وكذا معاذ بن جبل ونفر من الأنصار أتوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا يا رسول الله أفتنا في الخمر فإنها مذهبة للعقل ([4]) والمال حتى نزلت {يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا } [البقرة 219] فهذه الآية أول تطرُّق إلى تحريمِ الخمر ([5]) فهي أول آية آذنت بما في الخمر من علة التحريم قوله تعالى { قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} الإثم فهو في الدين, لزوال العقل ([6]) الذي يعرف به ما يجب لخالقه, وتعطيل الصلوات والتعوق عن ذكر الله وما يصدر عن الشارب من المخاصمة والمشاتمة ([7]) وقول الفحش والزور إلى غير ذلك وأما المنافع فدنيوية لأنهم كانوا يجلبونها من الشام برخص فيبيعونها في الحجاز بالثمن الغالي وفيها نفع للبدن كإصلاح المعدة وتهضيم الطعام وإخراج الفضلات, وغير ذلك من اللذة المطربة التي فيها ولكن هذه المصالح لا توازي مضرته ومفسدته الراجحة لتعلقها بالعقل والدين فالمفاسد المترتبة على تعاطيهما أعظمُ من الفوائد المترتبة عليه ولهذا قال الله تعالى { وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا } فأعلم الله عز وجل أن الإثم أكبر من النفع , وأعود بالضرر في الآخرة([8]) ولهذا كانت هذه الآية ممهدة لتحريم الخمر على البتات ولم تكن مصرحة بل معرضة ([9]) فترك أُناس الخمر من أول وهلة فهموا المقصود من الآية وعلموا أنه تحريم غير مباشر وقالوا لا حاجة لنا فيما فيه إثم ([10]) منهم عثمان بن مظعون ([11])، وقيل حرمت الخمر ([12]) وأُناس قالوا ما حرم علينا ([13]) إنما قال { فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}, وقالوا يا رسول الله دعنا ننتفع بها كما قال الله تعالى فسكت عنهم([14]) وظلوا يتعاطونها ولهذا قال عمر رضي الله عنه اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً لما دُعيَّ وقُرِئت عليه الآية وظل هؤلاء الذين قالوا نترك الإثم ونأخذ النفع يتعاطون الخمر حتى كانوا يقيمون الصلاة وقد أخذوا من الخمر وأتلفت عليهم أذهانهم, حتى كان يوماً من الأيام صلى رجل من المهاجرين أمام الصحابة في المغرب فخلط في قراءته ([15]) فقرأ قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون, وأنتم عابدون ما أعبد إلى آخرها بطرح اللا آت ([16]) سبب ثاني في التحريم الخطأ في قراءة السكران للقرآن في الصلاة فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال ’’ صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعاما فدعانا وسقانا من الخمر, فأخذت الخمر منا, وحضرت الصلاة فقدموني فقرأت { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ } [الكافرون 2] نحن نعبد ما تعبدون. فأنزل الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ } [ النساء 43] ‘‘([17]) وهي آية أغلظ من التي قبلها, وكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقام الصلاة نادى أن لا يقربن الصلاة سكران ([18]) أُناس تركوها وقالوا لا خير في شيء يحول بيننا وبين الصلاة ([19]) صلاتنا أهم مما في الخمر ([20]) وقيل حرمت الخمر ([21]) وأُناس قالوا نشربها بعد العشاء في غير أوقات الصلاة ([22]) وقالوا يا رسول الله إنا لا نشربها قرب الصلاة فسكت عنهم, فقال عمر اللهم أنزل علينا في الخمر بياناً شافياً لما دعي وقرئت عليه الآية وقَلَّ من يشربها لما نزلت هذه الآية وكان الذين يشربونها يجتنبون الشرب أوقات الصلوات, فإذا صلوا العشاء شربوها, حتى كان الرجل يشرب بعد صلاة العشاء فيصبح وقد زال عنه السكر ويشرب بعد صلاة الصبح فيصحوا إذا جاء وقت الظهر ([23]) فلم يزالوا على ذلك حتى حدث تقاتل بين نفر من المهاجرين ونفر من الأنصار بسبب شربها سبب ثالث في التحريم الحوادث التي يسببها الخمر من تقاتل وبغض دعا عتبان بن مالك جماعة من المسلمين فيهم سعد بن أبي وقاص, فشربوا ولما سكروا تفاخروا وتناشدوا حتى أنشد سعد شعراً فيه هجاء الأنصار, فعن مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال نزلت فيَّ آيات من القرآن وقال ’’ أتيت على نفر من الأنصار, فقالوا تعال نطعمك ونسقيك خمرا, وذلك قبل أن تحرم الخمر, فأتيتهم في حش والحش البستان فإذا رأس جزور مشوي عندهم وزق ([24]) من خمر, فأكلت وشربت معهم, فذكرت الأنصار والمهاجرين عندهم فقلت المهاجرون خير من الأنصار, فأخذ رجل لحيي جمل فضربني به فجرح أنفي فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته, فأنزل الله تعالى فيّ شأن الخمر {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(90)إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ} [ المائدة 91 ]‘‘ ([25]) وختم الأمر بلفظ الاستفهام الذي معناه انتهوا, وهذا نهى بألطف الوجوه ليكون أدعى إلى الانتهاء ([26]) فقال عمر انتهينا, انتهينا ثم طاف منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا إن الخمر قد حرمت وحرمت الخمر ولم يكن يومئذ للعرب عيش أعجب منها وما حرم عليهم شيء أشد من الخمر ([27]) والمسلمون كلهم تركوا شربها عندما بلغهم التحريم نهائياً امتثالاً منهم لأمر الله حال المسلمين في التفاعل مع تحريم الخمر الناس يختلفون في التجاوب مع تلقي الأوامر وخاصة إذا كانت في أمور هم على خلافها فمنهم من يتجاوب من أول وهلة ومنهم من يحتاج توضيح ومنهم من يحتاج توضيح أكثر حتى يتأكد من وضوح الأمر عنده وكلهم في خير لأن المرء منهم متى اتضح له الأمر استجاب سواء من أول وهلة أو بعد تأخير , وهذا ما كان من حال المسلمين في تفاعلهم مع تحريم الخمر في مراحلها الثلاثة فكانوا خمس أصناف 1- أُناس تركوا الخمر من أول وهلة, بعد أن بين الله تعالى بأن الخمر فيها أثم كبير ونفع, فقد فهموا المقصود وعلموا أنه تحريم غير مباشر وقالوا لا حاجة لنا فيما فيه إثم 2- أُناس قالوا ما حرم علينا, إنما قال { فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}, وظلوا يتعاطونها وقالوا نترك الإثم ونأخذ النفع حتى كانوا يقيمون الصلاة وقد أخذوا من الخمر وأتلفت عليهم أذهانهم 3- أُناس من القوم الذين قالوا نأخذ نفعها ونترك إثمها تركوها لما أمر الله في المرة الثانية ألا يقربن الصلاة سكران وقالوا صلاتنا أهم مما في الخمر 4- أناس من القوم الذين قالوا نأخذ نفعها ونترك إثمها قالوا نشربها بعد العشاء في غير أوقات الصلاة وكانوا قلة 5- باقي القوم الذين قالوا نأخذ نفعها ونترك إثمها وكانوا يشربونها في غير أوقات الصلاة تركوها لما أمروا باجتناب الخمر فترك المجتمع الإسلامي كله الخمر التي حرم شربها عليهم تحريماً نهائياً وامتثلوا لأمر الله تعالى يتضح مما سبق أن الناس تختلف أحوالها في التفاعل مع استقبالها لأوامر التكليف الرباني , والمسلم متى بلغ قلبه حكم تفاعل معه, وهذا هو الاستبصار بحقيقة الأمر, كما كان حال المسلمين في مراحل التحريم الثلاثة, ففي المرة الأولى من بلغ قلبه التحريم استجاب للحكم وانتهى, ومن يبلغ الحكم قلبه واحتاج توضيح, تفاعل في المرة الثانية عندما اتضح له الحكم وبلغ قلبه فاستجاب وانتهى, ومن الناس من لم يكفيه الوضوح الأول والثاني في بلوغ الحكم إلى قلبه واحتاج زيادة توضيح, فوضح له في المرة الثالثة فبلغ قلبه فاستجاب وانتهى ([28]) ومع اختلاف أحوال المسلمين في سرعة استقبالهم لأمر التحريم في المراحل الثلاثة لتحريم الخمر إلا أن كل من بلغ قلبه التحريم بترك الخمر تفاعل قلبه واستجاب لترك الخمر نهائياً وعلى الفور امتثالاً لأمر الله وبذلك يتبين أن امتثال أمر الرحمن هو علاج الإدمان كما حدث من الصحابة عليهم الرضوان ومن فضل الله وكرمه أنه لم يدع شيئا من الكرامة والبر إلا أعطاه هذه الأمة, ومن كرامته وإحسانه أنه لم يوجب عليهم الشرائع دفعة واحدة, ولكن أوجب عليهم مرة بعد مرة, فكذلك تحريم الخمر كما تبين مما سبق أن تحريم الخمر كان بتدريج ونوازل لأنهم كانوا مولعين بشربها, ولما صارت حراما عليهم قيل ما حرم الله شيئا أشد من الخمر([29]) وهذا التدريج كان من الله رأفةً بهم حيث كانوا يشربونها جيل عن جيل وليس التدريج من عندهم ولكن من الله الذي حرمها , والتدريج كان تمهيد للمجتمع بالتحريم ولم يكن القصد من التدريج أن الشارب لها يترك شربها على مراحل ولذلك كل من فهم التحريم في المراحل الثلاثة توقف نهائياً وبعد ثبوت الأحكام ليس للمتجرىء على الحرام بشربها أن يتركها بالتدريج, بل عليه أن يعلم أن الله غفور رحيم وقد شرع له التوبة التي بها تجب معصيته, ولهذه التوبة شروط منها الإقلاع والعزم على ألا يعود إلي المعصية مرة أخرى, وفي التدريج لم يتحقق الإقلاع وفيه مخالفة للعزم على تركها وهو يعود إليها وفي أحوال الناس في توافق قلوبهم مع التحريم توضيح لمسألة عدم استبصار المتعاطي بالمشكلة, فمثلا عند نزول الآية التي بينت إثم الخمر قالوا نأخذ نفعها ونترك إثمها لأنهم لم يستبصروا وقتها بالمشكلة التي تكمن من إثم الخمر الذي فيه ضرر بالدين والعقل والعداوة كالمتعاطي الآن ولم يستبصر بخطورة التعاطي والمشاكل الواقع فيها بسبب التعاطي سواء ابتداء جرئته على شربها وهو يعلم بحرمتها أو ظنه أنها لم تسبب له أي مشاكل وأنه يتعاطى مع نفسه ولا يضر أحد معه, وقد سبب له التعاطي مشاكل في الصلاة أو في العمل أو مع والديه أو إخوانه أو زوجته وأولاده, وعندما يتبين له أن ما يعانيه بسبب تعاطيه استبصر واجتهد في تركها سعياً منه لحل هذه المشاكل وهناك من لا ينظر إلى ما سببه التعاطي له من مشاكل في دينه وسلوكه وعمله ومشاكله مع أبائه وإخوانه وزجته وأولاده وربما ضعف الاستبصار عنده حتى جمع كل هذه المشاكل, ثم ينظر إلى فعلهم معه ولا ينظر إلى التعاطي الذي سبب له كل هذه المشاكل ولا يسعى في ترك التعاطي لتحل مشاكله, ولكن يسقط أخطائه على الآخرين فينظر إلى أن أبنائه ربطوه بالحبال وضربوه أو أن أبيه يستعين بالآخرين عليه في علاجه وأن هذا فيه فضيحة له, أو أن أبيه أتى بتوصية ليجلسه مدة أكثر في المصحة, وقد يتحول لعنادهم في الإصرار على التعاطي كيداً لهم دون أن يستبصر أنه هو المتضرر ولو أذى معه غيره وربما من بلغ به هذا الأمر وجد من يبصره بأن كل ما هو فيه من مشاكل هي معاناة من شؤم المعصية والطرد من رحمة الله, فاستدرك ما فاته وتاب إلى الله من هذا التعاطي قبل أن يدخله في مشاكل قضائية تدخله السجن أو يموت على جرعة زيادة في دورة مياه أو غيرها من الأمور التي فيها سوء خاتمة ومما سبق يتبين أهمية استبصار المتعاطي بخطورة التعاطي عليه, كما بين الله تعالى للمؤمنين أضرار الخمر فتجنبوها لما في ذلك من السلامة لهم فقد يكون من المؤمنين من تجرؤوا على التعاطي جهلاً منهم بما يسببه التعاطي للمتعاطين, لكن يتولد عند الكثير منهم الرغبة في التعافي من المخدرات فإن الغالب عليهم يريدون صلاح أنفسهم ولكنهم يحتاجون توجيه طيب يعينهم على التخلص من التعاطي, فقد اقتضت حكمة الله أن يرغب عباده في ترك ما نهاهم عنه وأن يرهبهم من الاجتراء عليه فإن في معرفة المؤمن ذلك تتكون عنده الدافعية لعلاج نفسه فلا بد للمتعاطي ([30]) أن يستبصر بحقيقة الأمر, فإن علاج الإدمان ليس بحبة يتجرعها ولا بحقنة تنظف دمه وبدنه وبعدها انفك من الإدمان, لا . إن علاج الإدمان في تغير المفاهيم للتخلص من السلوك الإدماني وكسب سلوك إيماني من خلال مناهج مبنية على أن دفع لإدمان بالإيمان حتى عند غير المسلمين من خلال ما يملي عليهم دينهم, ونحن منهجنا الإسلامي قد بين النبي صلى الله عليه وسلم عظمته التي فاقت كل مناهج الهدايا وصلاح النفوس عندما ’’ أتى عمر للنبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتب فقرأه النبي صلى الله عليه وسلم فغضب فقال أًمُتَهَوِّكُونَ فيها يا بن الخطاب والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية, لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به, والذي نفسي بيده لو أن موسى صلى الله عليه وسلم كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني ‘‘([31]) فستبصر عمر بحقيقة الأمر الذي بهره ’’ فنظر عمر إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أعوذ بالله من غضب الله ومن غضب رسوله رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفس محمد بيده لو بدا لكم موسى فاتبعتموه وتركتموني لضللتم عن سواء السبيل ولو كان حيا وأدرك نبوتي لاتبعني ‘‘([32]) فنفع عمر استبصاره هذا عندما آل إليه الأمر بالخلافة, وجيء إليه بكاتب غير مسلم لديه خبرة في الدواوين والحساب وهم يحتاجون إلي هذه الخبرة في ذلك الوقت, فرفضه عمر وبين للمعجبين به أنه لا يُؤْمَن, رغم بعده عن مسائل الهداية كالتي أغضبت رسول الله صلى الله عليه وسلم, فكيف إذا كان الأمر علاج لسلوك مسلم لا ينضبط ألا بمنهج الشريعة الإسلامية, التي فاقت نتائج علاجها للإدمان كل المناهج الأخرى, وهذا أمر ثابت البيان والوضوح لكل من يريدوا أن يعالجوا الإدمان بصدق ويهمهم النتائج المشرفة ([33]) ولذلك نأتي بالأمور التي ذكرها الله تعالى في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم المبعوث لهداية العلمين وسلفه الصالحين, ليتضح للمتعاطين ([34]) كيف يعيش المتعافين في الدنيا بسعادة ونعيم ويقوا أنفسهم من الجحيم وعذاب يوم الدين والفوز بجنة النعيم الوقاية من المخدرات تشمل معرفة المقصود بالخمر الفلاح في اجتناب الخمر أضرار الإدمان إن الغاية من تحريم المخدرات فلاح المرء في الدنيا والآخرة , وهذا الفلاح فيه الحماية من الوقوع في العداوات مع الآخرين والحفظ من أضرار المخدرات يتبين ذلك من خلال معرفة ما يبينه الله لنا في تحريم الخمر, كمعرفة المقصود بالخمر, ومعرفة أن فلاح المرء في اجتناب الخمر, ومعرفة أضرار إدمان الخمر يقول تعالى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ }[ المائدة 91 ] ([35]) الخمر له ثلاث معاني في اللغة أحدها التغطية والستر ومنه خمار المرأة وهو غطاء رأسها وساتر لوجها الثاني المخالطة خالطه بمعنى مازجه الثالث الإدراك خمَّرت العجين تركته حتى أدرك من هذه المعاني الثلاثة أخذ اسم الخمر لأنها تغطي وتستر العقل وتخالطه ولأنها تترك حتى تدرك وتستوي ([36]) تعريفها شرعاً هي اسم لكل ما خامر العقل وخالطه وغطاه من أي نوع من الأشربة لحديث {كل مسكر خمر وكل خمر حرام } ([37]) {كل مسكر خمر وكل مسكر حرام } ([38]) دل هذا على وجهين أحدهما أن الخمر اسم لكل ما وجد منه السكر من الأشربة كلها، والوجه الآخر أن المسكر معناه أنه كالخمر في الحرمة وذلك لأن قوله المسكر خمر فحقيقة هذا اللفظ يفيد كونه في نفسه خمراً([39]) السكر اختلاط العقل([40]) فالخمر: الذي هو ماء العنب الذي غلى أو طبخ , وما خامر العقل من غيره فهو في حكمه ([41]), وقياس كل ما عمل عملها أن يقال له خمر وأن يكون في التحريم بمنزلتها فالخمر كما قال أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه أنه كل ما خامر العقل, فكل ما كان كالخمر فهو بمنزلتها , والأمة على أن ما أسكر كثيره من غير خمر العنب فمحرم قليله وكثيره لحديث { ما أسكر كثيره فقليله حرام } ([42]), والحد في ذلك واجب, فقد استدل بمطلق قوله { كل مسكر حرام } على تحريم ما يسكر ولو لم يكن شرابا، فيدخل في ذلك النبات الذي يسكر وليس فيه شدة مطربة فأنه يحرم أكله([43]) والنبات الذي فيه شدة مطربة يجب فيه الحد ([44]) كالحشيشة ([45])، فإن من العلماء من قد جزم بأنها مسكرة، لأنها تحدث بالمشاهدة ما يُحدث الخمر من الطرب والمداومة عليها والانهماك فيها، وقالوا الحشيشة نجسة وضررها أعظم من ضرر الخمر ([46]) وجزم آخرون بأنها مخدرة ([47]) والنبي صلى الله عليه وسلم {نهى عن كل مسكر ومفتر} ([48]) وكل شراب أسكر فهو خمراً من أي شيء كان من الأشربة, والمفتر كل شراب يورث الفتور والخدر في الأعضاء والعلماء في مختلف المذاهب الإسلامية على حرمة تناول القدر المؤثر على العقل من المواد والعقاقير المخدرة ([49]), فيحرم تعاطيها بأي وجه من الوجوه سواء بطريق الأكل أو الشرب أو التدخين أو الحقن بعد إذابتها أو بأي طريقة كانت واعتبر العلماء ذلك كبيرة من كبائر الذنوب يستحق مرتكبها المعاقبة في الدنيا والآخرة ([50]) ولأن هذه الأشياء تدخل في حكم الخمر بالنص لأنها من عموم المسكرات أو بالقياس على الخمر لاتحادهم في علة واحدة وهي الإسكار ولما لها من تأثير ضار في النهاية على العقل أو البدن وسواء سميت مخدرات أو منشطات أو منبهات أو مهدئات أو منومات مادامت تنتهي بإضرار العقل والبدن فهي حرام ([51]) وبيّن تعالى أن الخمر {رِجْسٌ} ([52]) أي سخط وقد يقال للنتن والعذرة والأقذار والعذاب وهو إثم وشر فالرجس الخبث المستقذر والمكروه من الأمور الظاهرة، ويطلق على المذمّات الباطنة كما في قوله {وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَىٰ رِجْسِهِمْ }[التوبة 125]، وقوله {إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرِّجْسَ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ }[الأحزاب 33] والمراد به هنا الخبيث في النفوس واعتبارِ الشريعة ([53]) وبيّن تعالى أنه {مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} لأنه هو الداعي إليه وهو الذي يرغب فيه ويحسنه ويزينه ويدفع إليه, وهو أول من عمل هذا الأمر بنفسه حتى اقتديَّ به فيه ([54]) وكونها من عمل الشيطان أن تعاطيَها لأجله من تسويله للناس تعاطيها، فكأنّ الشيطان هو الذي عملها وتعاطاها، وفي ذلك تنفير لمتعاطيها بأنّه يعمل عمل الشيطان، فهو شيطان، وذلك ممّا تأباه النفوس ([55]) فكل ما أضيف إلى الشيطان فالمراد من تلك الإضافة المبالغة في كمال قبحه([56]) 2- معرفة أن الفلاح في اجتناب الخمر يقول تعالى : {فَاجْتَنِبُوهُ } أي أبعدوه واتركوه واجعلوه ناحية وكونوا جانبا منه. فهو نهياً وزجراً , وهو أقوى التحريم وأوكده وهو اجتناب مُطالب به كل مسلم , ويكون اجتناب مطلق يشمل الوجوه العشرة التي جاء فيها اللعن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ’’ لعنت الخمر على عشرة وجوه لعنت الخمر بعينها وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها ‘‘ ([57]) فمن هذا النص تبيّن أن المتعاطي ليس فقط المأمور بالاجتناب , ولا من يعين على التعاطي ممن شرهم أعظم كالبائعين والصناع , بل كل إنسان يريد الفلاح عليه الاجتناب منه , لأن الله تعالى علق فلاح المرء على اجتناب الخمر يقول تعالى : {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} أي لكي تفلحوا عليكم بالاجتناب منه وفلاح المرء في الدنيا فلاحه في الآخرة فالذي يريد فلاح الدنيا والآخرة يجتنب الأمور المخدرة وبعد أن بين الله أن فلاح المرء في اجتناب الخمر وبالتالي فإن الخيبة تنصب على شاربه, يبين تعالى لنا أن غاية الشيطان ممن يشرب الخمر إيقاعه في أضرارها للإدمان أضرار اجتماعية بالغة الخطورة في علاقات المرء بالآخرين, وأضرار بالكليات الخمس التي جاءت الشريعة بحفظها للإنسان وهذا بيانها المخدرات تؤدي إلى إفساد العلاقة بين المتعاطين وغيرهم بالبغض والعداوة, كما يحدث في شرب الخمر من إثارة الخصومات والإقدام على الجرائم([58]) وهذه صور من البغض والعداوة التي تقع بسبب التعاطي عداوة وبغض بين الشاربين أنفسهم إن الظاهر فيمن يشرب الخمر أنه يشربها مع جماعة ويكون غرضه من ذلك الشرب أن يستأنس برفقائه ويفرح بمحادثتهم ومكالمتهم، فكأن غرضه من ذلك الاجتماع تأكيد الأُلفة والمحبة إلا أن ذلك في الأغلب ينقلب إلى الضد لأن الخمر يزيل العقل، وإذا زال العقل استولت الشهوة والغضب من غير مدافعة العقل، وعند استيلائهما تحصل المنازعة بين أولئك الأصحاب، وتلك المنازعة ربما أدت إلى الضرب والقتل والمشافهة بالفحش، وذلك يورث أشد العداوة والبغضاء، فالشيطان يسول أن الاجتماع على الشرب يوجب تأكيد الأُلفة والمحبة، وبالآخرة انقلب الأمر وحصلت نهاية العداوة والبغضاء, ولا شك أن شدة العداوة والبغضاء تفضي إلى أحوال مذمومة من الهرج والمرج والفتن ([59]) كما يحدث من الشاربين إذا سكروا وعربدوا وتشاجروا، روي ’’أن قبيلتين من الأنصـار شربوا الخمر وانتشوا ([60]), فعبث بعضهم ببعض , فلما صحوا رأى بعضهم في وجهه بعض آثار ما فعلوا , وكانوا إخوة ليس في قلوبهم ضغائن, فجعل بعضهم يقول لو كان أخي بي رحيما ما فعل بي هذا, فحدثت بينهم الضغائن ‘‘([61]) فأنزل الله {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ } المرء بتعاطيه الخمر يسخط الله عليه والله تعالى إذا سخط على عبد أسخط عليه الخلق ويوضع للمرء البغضاء عند الناس فلا يرضوا عنه ([62]) وتنفر نفوسهم وقلوبهم منه, فتجد أقرب الناس إليه يذكرونه بسوئه وفساده, ولا يفكر لماذا بغضوه ؟ وربما لا ينتبه أن الله بغضه قبلهم, فوضع له البغضاء في البشرية فتبغضه لبغض الله له فأبو الشارب عندما يفكر في المشاكل التي تعاني منها الأسرة بسبب تعاطي هذا الابن وما يتبعه من مواقف اجتماعية محرجة للأسرة, وعندما تشعر الأم بهذا يحل مكان الرضا على هذا الابن البغض, ثم لا ينظر الابن في سبب ذلك البغض, ولكن ينظر إلى الفرق في معاملة والديه له ولإخوانه أهل الصلاح, فيبغض والديه على معاملتهما له ويكره إخوانه لشعوره أنهم تميزوا في المعاملة عنه, وبذلك تحققت بغية الشيطان في إيقاع العداوة والبغضاء بينه وبين أقرب الناس إليه والديه وإخوانه عداوة وبغض بين الشارب وزوجته وأولاده عندما تجد الزوجة زوجها عاكف على التعاطي تبغض رائحته وسكره وبدلاً من أن يترك هذا الشيء الذي يسبب البغيضة يقول زوجتي تكرهني أنا أُرجعها لأهلها فيطلقها ويدمر الأسرة ويتشرد الأولاد فيبغضونه للسكر الذي ضيعهم وهكذا تتحقق بغية الشيطان في إيقاع العداوة والبغضاء بينه وبين أقرب الناس إليه زوجته وأولاده ويترتب على ذلك مشاكل عظيمة للمتعاطي, شعوره بكراهة الآخرين له وعدم تقبلهم له مما يزيد عليه الوحدة فيزداد عنده الغل والحقد والحسد للآخرين, وهذا ما دل عليه واقع حال المدمنين وحدوث العداوة والبغضاء بين المسلمين مفسدة عظيمة، لأنّ الله أراد أن يكون المؤمنون إخوة إذ لا يستقيم أمْر أمّة بين أفرادها البغضاء, وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ’’ لا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخواناً ‘‘([63]) وبعد أن تبين ما يريده الله لنا وهو الفلاح بترك الخمر والقضاء على الفتن الشيطانية التي في الخمر, نأتي بجانب آخر من أضرار الإدمان للإدمان أضرار لها تأثير بالغ الخطورة على الأصول الخمس العقل والدين والنفس والمال والعرض وهي المعروفة بالكليات الخمس والتي جاءت الشريعة بحفظها للإنسان ([64]) نبينها حتى يتضح للمتعاطي مدى خطورة تعاطيه وهو يدمر هذه الأصول إن الله كرم الإنسان على غيره من المخلوقات بإعطائه العقل والذي يتمكن من خلاله معرفة الله وعبادته وحده لا شريك له , وعقل الإنسان أشرف صفاته، والخمر عدو العقل لأن الخمر ينحرف بالعقل عما خلق له من قيادة صاحبه إلى الهدى والصلاح وحفظه من التردي في مهاوي الضلال والفساد، وكل ما كان عدو الأشرف فهو أخس، فيلزم أن يكون شرب الخمر أخس الأمور الخمر تخمر العقل الذي طبعه الطاعة والانقياد والتواضع لربه, وضده الهوى وهو ظلماني نفساني ومن طبعه التمرد والمخالفة والإباء والاستكبار عن عبادة ربه كالشيطان, فإذا خمر الخمر العقل صار مغلوباً لا يهتدي إلى الحق وطريقه, ثم يغلبه ظلمة الهوى, فتكون النفس أمارة بالسوء وتستمد من الهوى, فتتبع بالهوى جميع شهواتها النفسانية ومستلذاتها, فيظفر بها الشيطان فيوقعها في مهالك المخالفات كلها ([65]) فالمرء إذا شرب زال العقل المانع عن القبائح فأرتكبها وأكثر منها ([66]) المؤمن عندما يحافظ على أركان الدين الإسلامي يجد السعادة في الدنيا والآخرة, والخمر تجعل شاربها يخل بأركان الدين خللاً قد يؤدي بتعاسته في الدنيا والآخرة الأضرار الدينية الناجمة من المخدرات الإدمان يضيع أركان الإسلام بغياب العقل, فالخمار والتعاطي يسبب تضييع الصلاة التي هي عمود الدين ويسبب في ترك فريضة الصيام جزئياً ثم كلياً, ويسبب في عدم الجرأة على تأدية فريضة الحج, وربما تشجع على السفر للأماكن التي فيها الفحش والأشياء المحرمة ليرتكبها إن شرب الخمر والسرور بها يورث الطرب واللذة الجسمانية والنفس إذا استغرقت في اللذة غفلت عن ذكر الله ([67]) يقول تعالى {وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} وهذا مشاهد في واقع حال المدمنين فتجد الكثير منهم كان قبل الإدمان محافظ على الأذكار يقوم من النوم يأتي بالأذكار وقبل أن ينام يأتي بالأذكار , ويأتي بأذكار الصباح والمساء , ويركب سيارته يذكر الله , ويدخل بيته ويخرج منه وهو يذكر الله , ولما تعود على الإدمان انشغل بالتعاطي فألهاه ذلك عن ذكر الله، فبدلاً من أن يفكر في الإتيان بالأذكار يفكر في الإتيان بالجرعة حتى يظل في السكر لا يريد أن يصحو , وكيف يأتي بأذكار قبل النوم وهو ينكب من خماره غرقاً في النوم, وبتعاطيه هذا حقق بغية الشيطان في صده عن ذكر الله والصدّ عن ذكر الله لِما في الخمر من غيبوبَة العقل، سواء ذكر اللسان المراد به القرآن وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم الذي فيه نفعهم وإرشادهم، لأنّه يشتمل على بيان أحكام ما يحتاجون إليه وإذا انغمسوا في شرب الخمر غابوا عن مجالس الذكر ولا يتلقّوه من أفواه سامعيه فيجهلوا شيئاً كثيراً فيه ما يجب على المكلّف معرفته, فالشيء الذي يصدّ عن هذا هو مفسدة عظيمة يستحقّ أن يحرّم تعاطيه، ويصد عن الذكر القلبي أيضاً وهو تذكّر ما أمر الله به ونهَى عنه والشيء الذي يصدّ عن تذكّر أمر الله ونهيه هو ذريعة للوقوع في مخالفة الأمر وفي اقتحام النهي ومن المشاهد أيضاً في واقع حال المدمنين تجد الكثير منهم صُدّ {عَنْ الصَّلَاةِ} تجده قبل الإدمان كان محافظاً على الصلوات في أوقاتها ومع الجماعة فإننا في هذه الديار المسلمة نجد الأباء يأخذون الأبناء معهم إلى المساجد من الصغر فينشأ المرء محب للصلاة ومحافظاً عليها في الجماعة , فإذا وقع المرء في الإدمان تجده مع الوقت ابتعد عن المسجد وصلاة الجماعة خوفاً من الفضيحة ورائحته ومع العزلة والانشغال بالتعاطي يبدأ يجمع صلوات اليوم كله ويأتي بها دفعة واحدة , ثم يتركها في الأيام التي هو فيها في خمار فيعتاد على ترك الصلاة بالأيام ثم يهون عليه بذلك تركها مُدد طويلة أسابيع وشهور ثم يؤول به الأمر إلى تركها بالكلية سنوات ويكون بذلك حقق بغية الشيطان في الصد عن الصلاة ([68]) وتضييعه للصلاة والأذكار تضييع للدين فيضيع معه الطمأنينة والسكينة والراحة النفسية الشريعة جاءت بالمحافظة على الأموال ومن حرصها على ذلك أوضحت للمرء أنه سيسأل يوم القيامة عن ماله أين أنفقه, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ’’ لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن شبابه فيما أبلاه وعن عمره فيم أفناه، وعن علمه فيم عمل به، وعن ماله من أين اكتسبه, وفيم أنفقه، وعن جسمه فيما أبلاه ‘‘ ([69]) وبينت أيضاً أن أموال الآخرين محترمة فنهت عن الاعتداء عليها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ’’ كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله ‘‘([70]) والتعاطي تضيع معه الأموال سواء أموال المتعاطي أو أموال غيره عندما يغتصبها أو يسرقها أو بالاحتيال على أصحابها كانت العلة في سؤال الصحابة عن الخمر أنها مضيعة للعقل والمال([71]) , فتجد المرء قبل التعاطي صاحب تجارة تدر عليه بالأموال العظيمة وله اسمه وكيانه في السوق أو في وظيفة مرموقة يحصل منها على دخل ثابت عظيم أو عنده أموال ورثها تعيشه هو وأولاده من بعده في خير ونعمة وينفق في أبواب الخير ويعطي المحتاجين ثم يدخل دوامة التعاطي فتضيع الأموال وتخسر التجارة ويطرد من العمل ويصبح فقيراً ولا يجد أحد يعطيه , قد يجد في البداية من يعطيه ويقف معه حتى يخرج من هذه المحنة وعندما يجدوه ينفق ما يأخذه في التعاطي ينصرفون عن مساعدته فلا يجد إلا الترويج والتعاطي يدفع إلى التعدي على أموال الآخرين, فعن علي بن أبي طالب قال ’’ أصبت شارفا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مغنم يوم بدر وأعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم شارفا أخرى فأنختهما يوما عند باب رجل من الأنصار وأنا أريد أن أحمل عليهما إذخراً لأبيعه ومعي صائغ من بني قينقاع فأستعين به على وليمة فاطمة, وحمزة بن عبد المطلب يشرب في ذلك البيت معه قينة تغنيه فقالت ألا يا حمز للشرف النواء فثار إليهما حمزة بالسيف فجب أسنمتهما وبقر خواصرهما ثم أخذ من أكبادهما ‘‘ ([72]) السكر جعله يقطع أسنمة البعيرين ويشقهما ويأكل من كبدهما وهذان البعيران أموال لغيره فسدت ([73]) الشريعة جاءت بالمحافظة على النفوس يقول تعالى { لاَ تَقْتُلُوۤاْ أَنْفُسَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً } [النساء 29] والمخدرات مهلكة للنفس, نهاية متعاطيها تبدأ بالمصحة ثم السجن أو الموت عليها إن لم يتوب منها معصية الشراب من خواصها أن الإنسان كلما كان اشتغاله بها أكثر، ومواظبته عليها أتم كان الميل إليها أكثر وقوة النفس عليها أقوى. بخلاف سائر المعاصي، مثل الزاني إذا فعل مرة واحدة فترت رغبته في ذلك العمل، وكلما كان فعله لذلك العمل أكثر كان فتوره أكثر ونفرته أتم، بخلاف الشرب، فإنه كلما كان إقدامه عليه أكثر، كان نشاطه أكثر، ورغبته فيه أتم. فإذا واظب الإنسان عليه صار الإنسان غرقاً في اللذات البدنية، معرضاً عن تذكر الآخرة والمعاد، حتى يصير من الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم ([74]) فتجد المدمن قبل تعاطيه كان صاحب نفس طيبة يحب الآخرين ويساعدهم ويسعى لإدخال السرور عليهم فلما تعاطى تغيرت نفسه وكأنه يريد أن ينتقم من الناس فيكونوا مثله وخاصة عندما تنتهي أمواله ويقوم بترغيب الآخرين في التعاطي حتى يجد من ورائهم جرعة فيفسد من يدخله دوامة المخدرات على أمه وأبيه , على زوجته وأولاده , فتخبث نفسه بتدميره للأفراد والأسر , وتزداد هذه النفس خباثة عندما يصاب بفيروس الكبدي بأنواعه أو فيروس الإيدز الشريعة جاءت بحفظ الأعراض, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ’’ أعراضَكم عليكم حرام‘‘( [75]) وخاصة أعراض المحارم, وذلك محافظة منها على النسل ومنعاً لاختلاط الأنساب, والتعاطي يؤدي بصاحبه إلى التعدي على محارمه القصص التي في العرض مؤلمة جداً ومخيفة فهذا الذي بشربه الخمر وقع على ابنته وهذا الذي وقع على أخته وضاعت عنده المحارم وهذا الذي يرهن صغيرته حتى يجد جرعة وهذه الذي يُدخل الرجال على زوجته حتى يحصل على المخدر, وليس هذا بأمرٍ عظيم فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما هو أعظم من ذلك فقال ’’الخمر أم الفواحش، وأكبر الكبائر، من شربها وقع على أمه وخالته وعمته ‘‘ ([76]) فهذه بعض أخطار الإدمان على الفرد الذي بتدميره تدمير جانب كبير من حياة أسرته فالتعاطي يضيع الأصول الخمس التي أنزل الله لحفظها للإنسان شرائع, وبدلاً من أن يصونها الإنسان يدمرها بالتعاطي مفتاح الشر, فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك عن نوع مما يتعاطاه المدمنين الآن وهو الخمر الذي ينظر أصحاب التعاطي إليه على أنه أهون المخدرات التي يجمعون منها أثناء التعاطي الكثير في وقت واحد من أوقات تعاطيهم فقال صلى الله عليه وسلم ’’ اجتنبوا الخمر فإنها مفتاح كل شر‘‘ ([77]) نعم التعاطي لا يأتي فقط باستحلال المحارم لكنه يجعل صاحبه يتجرأ على الشرور كلها حتى القتل , فهذه قصة فيها رجل من أهل الصلاح لم يتعاطى قبل وتعرض لشرب مرة واحد ومع الإكراه وليس له تاريخ في الإدمان وقتل النفس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ’’ إن ملكاً من ملوك بني إسرائيل أخذ رجلا فخيره بين أن يشرب الخمر أو يقتل نفساً أو يزني أو يأكل لحم خنزير أو يقتلوه , فاختار الخمر وإنه لما شرب الخمر لم يمتنع من شيء أرادوه منه ‘‘ ([78]) فالمرء عليه وقاية نفسه من خلال العمل بما علم في اجتناب الخمر حتى يتجنبها ولا يقع فيها وأما من تجرء عليها فعليه تركها تأسياً بالصحابة عند نزول قوله تعالى {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ(91)} تهديد وترهيب عظيم للمتجرئين على تعاطيها من أبلغ ما ينهى عنه، كأنه قيل قد تلي عليكم ما فيها من أنواع الصوارف والموانع، فهل أنتم مع هذه الصوارف منتهون, أم أنتم على ما كنتم عليه، كأن لم توعظوا ولم تزجروا؟([79]) فالفطن يقر كما أقر الصحابة بقولهم انتهينا لما فهموه من التشديد فيما تضمنته هذه الآية من الزواجر فعمر رضي الله عنه لما علم أن هذا وعيد شديد زائد على معنى انتهوا قال انتهينا, ولما أمر النبي صلى الله عليه وسلم مناديه أن ينادي في سكك المدينة, ألا إن الخمر قد حرمت, كسرت الدنان, وأريقت الخمر حتى جرت في سكاك المدينة عن أنس بن مالك قال ’’ ما كان لنا خمر غير فضيخكم ([80]) وإني لقائم أسقي أبا طلحة وفلاناً وفلاناً إذ جاء رجل فقال حرمت الخمر فقالوا أهرق هذه القلال يا أنس قال فما سألوا عنها ولا راجعوها بعد خبر الرجل‘‘ ([81]) والشريعة بينت أن ما مر معنا ليس نهاية الخطورة من التعاطي بل هي من الأضرار خلاف العواقب الأخرى في الدنيا والآخرة والتي يأتي توضيحها في المبحث الآتي ويشمل علاج الإدمان من خلال معرفة عواقب الإدمان الوخيمة في الدنيا والآخرة العمل على دفع الإدمان بالإيمان الشريعة في علاج أمر الخمر لم تهتم بأسباب التعاطي بقدر اهتمامها بترك التعاطي والذي من أجله بينت أضرار التعاطي وهذا يوضح أهمية التركيز على ترك التعاطي, دون التركيز على أسباب التعاطي لأنها ليست مبرر للتعاطي فالذي نشأ في بيت وجد إخوانه يطئون أخواته وأمه تأتي بالرجال لبناتها فتعاطى, فحال هذا البيت ليس مبرر له على تعاطيه وكذا التي وجدت زوجها يفعل الفاحشة مع أبنه فتعاطت من الصدمة فهذا ليس مبرر للتعاطي أو كالذي يتعاطى لأنه أُغتصب وهو صغير لا يستطيع أن يحمي نفسه وكلما تذكر هذا ظن أنه فقد رجوليته فيتعاطى حتى ينسى, فهذا ليس مبرر للتعاطي وكذا من فقد زوجته وأولاده في حادث تصادم ولو كان هو المخطأ فيه بدلاً من أن يتعامل مع مصيبته بالأمور الشرعية من حمد الله والاستسلام لقضائه وقدره وتفويض الأمر لله وطلب الأجر من الله داعياً أن يخفف عنه المصيبة, تجده يتعاطى المخدرات لينسى معاناته, فيغضب الله عليه ويدخله الشيطان في الجزع والتسخط ويتضجر مما هو فيه فيضيع بفعله الأجور التي تنال على مصيبته وصبره عليها فالمتعاطي مطالب قبل كل شيء بترك التعاطي سواء حلت مشاكله التي أدخلته بزعمه في التعاطي أو لم تحل, وعليه أن يعلم أن بتركه التعاطي بتوبة نصوحة يصدق فيها مع الله سيتبعها حل مشاكله الناجمة من التعاطي بتوفيق من الله , لأن الله علق فلاح المرء على ترك التعاطي وجعل التعاطي سبباً للعداوة والبغضاء والصد عن ذكر الله وعن الصلاة ومسألة النظر في المشاكل التي تدفع المتعاطي لتعاطيه هل هي قبل التعاطي أم ناجمة من التعاطي من أجل تحديد التوجيه الأقرب والأسرع في علاجه مع ترك التعاطي فهو حسن كمن عنده جهل في التعامل مع شوقه الذي يدفعه للتعاطي فيكون التركيز في توجيهه لاكتساب مهارات شرعية يعالج بها شوقه ([82]) أو من عنده جهل بالتعامل مع أصدقاء السوء الذين أدخلوه في دوامة التعاطي ويحيلون بينه وبين التوبة, فيحتاج التركيز في اكتساب مهارات شرعية يتعامل بها معهم ([83]) وبالإضافة إلى ما سبق في المبحثين الأول والثاني مما يبين خطورة التعاطي, فإن علاج الإدمان يأتي من خلال معرفة عواقب الإدمان الوخيمة في الدنيا والآخرة, ثم العمل على دفع الإدمان بالإيمان, فإن امتثال أمر الرحمن هو الذي فيه علاج الإدمان معرفة عواقب الإدمان الوخيمة في الدنيا للإدمان عواقب وخيمة في الدنيا ([84]) منها نفور الملائكة من المتعاطي واحتضان الشياطين له, وأن المدمن لا يؤجر على صلاته أربعين يوماً لكل مرة يشرب فيها, وأن تارك الصلاة مرة بسبب الخمار كفاقد الدنيا بعد امتلاكها, وأن المدمن المصر على تعاطيه يخشى عليه غضب الله وعدم قبول توبته, وأن المدمن يخشى عليه سوء الخاتمة فيموت وهو متعاطي ميتة جاهلية 1- المتعاطي وقت خماره تنفر منه الملائكة وتحتضنه الشياطين الشريعة بينت أن الملائكة الكتبة لا يفارقون المرء في كل أحواله لتسجل عليه أعماله, أما ملائكة الرحمة والمغفرة التي يحتاج العبد دعائها له بالمغفرة والرحمة في أحوال يقظته ونومه تنفر من العبد السكران ومن الجنب حتى يغتسل فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ’’ ثلاثة لا تقربهم الملائكة الجنب والسكران والمتضمخ بالخلوق ([85]) ‘‘ ([86]) فعندما لا تقترب ملائكة الرحمة من السكران من يقترب منه إلا الشياطين؟ فيحركونه في الشر تحريكاً وغالب حال المدمن أنه على جنابة فيزداد بُعد الملائكة عنه ويزداد اقتراب الشياطين منه أكثر فيلعبون به لعباً والمدمن وهو بعيد عن خمار التعاطي ويوافق قلبه هذه المعلومة لا يرضى لنفسه أن يكون في معية الشياطين ويحرم نفسه من معية ملائكة رب العالمين 2- المدمن لا يؤجر على صلاته أربعين يوماً لكل مرة يشرب فيها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ’’ من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا فإن تاب تاب الله عليه فإن عاد لم تقبل له صلاة أربعين صباحا فإن تاب تاب الله عليه ‘‘ ([87]) المقصود من هذا الحديث أن شارب الخمر بمجرد شربه مرة واحدة لا تقبل له صلاة بمعنى لا يثاب عليها أربعين يوم فلا أجر له على صلاته في الأربعين يوم ([88]) 3- تارك الصلاة مرة بسبب الخمار كفاقد الدنيا بعد امتلاكها قال النبي صلى الله عليه وسلم ’’ من ترك الصلاة سكرا مرة واحدة فكأنما كانت له الدنيا وما عليها فسلبها ومن ترك الصلاة أربع مرات سكرا كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال ‘‘ ([89]) فما بالك من ترك الصلاة أربعين يوم فإن في ترك الصلاة هذه المدة خروج من الملة ’’ العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ‘‘ ([90]) فالشارب يصلي إذا لم يكن سكران حتى لا يغلط وهو يقرأ القرآن أما إن كان سكران فلا يقرب الصلاة حتى يصحو فإذا صحي قضى ما فاته وهو في السكر وعقوبة له على شربه لا يؤجر عليها, كمثل موظف أخل في عمله خللاً ما يعاقب عليه بقطع خمسة عشر يوماً من راتبه فهل له أن يقول أترك العمل خمسة عشرة يوماً ؟ لا, لأنه إذا انقطع فقد دخل في مشكلة أعظم تعرضه للفصل من العمل, بل إنه يعمل مع إيقاع العقوبة عليه بقطع أجر الخمسة عشر يوماً والذي ينبغي للمدمن أن تعلو عنده الهمة, ويتفاعل مع باقي الحديث ’’ فإن تاب تاب الله عليه ‘‘ ([91]) ’’ والتائب من الذنب كمن لا ذنب له ‘‘ ([92]) فيتوب ويصدق في توبته عند ذلك يؤجر على صلاته منذ توبته مباشرة, ولا يسوّف في التوبة حتى لا يزداد تعاطيه فيستوجب سخط الله وغضبه وعند هذه الحالة قد لا يرجى قبول توبته أو يخشى أن يموت أيام العقوبة أو في بدنه أثارها دون أن يتوب 4- المدمن المصر على تعاطيه يخشى عليه غضب الله وعدم قبول توبته قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ’’ من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا فإن تاب تاب الله عليه فإن عاد لم تقبل له صلاة أربعين صباحا فإن تاب تاب الله عليه فإن عاد لم تقبل له صلاة أربعين صباحا فإن تاب تاب الله عليه فإن عاد في الرابعة لم تقبل له صلاة أربعين صباحا فإن تاب لم يتب الله عليه وغضب الله عليه وسقاه من نهر الخبال ‘‘ ([93]) فقوله صلى الله عليه وسلم ’’لم يتب الله عليه وغضب الله عليه ‘‘ هذا وعيد وزجر شديد ، فعلى المدمن أن يسرع بالتوبة ويسعى في استرضاء الله لقبول توبته, خوفاً من سخط الله عليه أو خوفاً من أن يغضب الله عليه فيختم على قلبه وعند ذلك لا يرجى له صلاح ويكون مما نفذ فيه الوعيد الشديد بالموت على الجاهلية 5- المدمن يخشى عليه سوء الخاتمة فيموت وهو متعاطي ميتة جاهلية الشريعة بينت أن المتعاطي الذي في أمعائه شيء مما تعاطاه ومات وهو على ذلك حرمت عليه الجنة, وأن مات في أربعين ليلة من تعاطيه دون التوبة كانت خاتمته سوء, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ’’ ما من أحد يشربها فتقبل له صلاة أربعين ليلة ولا يموت وفي مثانته منه شيء إلا حرمت بها عليه الجنة فإن مات في أربعين ليلة مات ميتة جاهلية ‘‘ ([94]) والمرء لا يدري متى تأتيه المنية ولا على أي حال تأتيه قد تأتيه وهو ساجد أو وهو في المسجد أو وهو ذاهب إلى عمله أو غير ذلك مما يرجى من الخير الذي هو عليه, أما المدمن فإن أغلب أحواله إما في خمار التعاطي أو في بطنه ودمه أثر مادة التعاطي لذا فإن الظن بموته على هذه الأحوال هو المتوقع فتكون موتته كما عبر عنها صلى الله عليه وسلم بأنها ’’ ميتة جاهلية ‘‘ لأن غالب حاله يكون تاركاً معها وهذا من أسوء ما يختم به للعبد فإنه صلى الله عليه وسلم لم يقول مات عاصياً ولكن قال ميتة جاهلية إن المدمن ولو كان شره مستطير عندما يوافق قلبه معرفة هذه العواقب الوخيمة للإدمان فإنه يسعى للخلاص منه لخوفه من سوء الخاتمة فإن الله تعالى إذا أراد إجراء قضائه على أحد فإنه تعالى شديد البطش فكيف يتخلص العصاة من يد قهره وانتقامه فليحذر العبد من المخالفة والعصيان بقدر الاستطاعة والإمكان أينما كان, فإن الإنسان لا يحصد إلا ما يزرع،والعجب أن الإنسان الضعيف كيف يعصي الله القوي وليس إلا من الانهماك في الشهوات والغفلة عن الله تعالى ([95]) معرفة عواقب الإدمان الوخيمة في الآخرة للإدمان عواقب وخيمة في الآخرة منها أن المدمن يأتي يوم القيامة عطشان, المدمن يلاقي الله كعابد وثن, الحرمان من الجنة, المدمن يزاد على تعذيبه في النار بشرب صديد وعرق وعصارة أهل النار وما يخرج من فروج المومسات مما يؤذي أهل النار ريحه 1- المدمن يأتي يوم القيامة عطشان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ’’ من شرب الخمر أتى عطشان يوم القيامة ‘‘ ([96]) وعلى المرء أن يجاهد نفسه على اجتناب التعاطي حتى الممات فمن مات مدمناً يقابل الله يوم القيامة بأبشع الصور 2- المدمن يلاقي الله كعابد وثن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ’’ مدمن الخمر إن مات لقي الله كعابد وثن ‘‘ ([97]) هذا تغلـيظ فـي أَمر المدمن الذي يلازم الشرب ولا ينفك عنه المستحل له ، لأن مستحل الحرام كافر , فمن لَقِيَ الله مدمن خمر مستحلًا لشربه ، لقيه كعابد وثن ، لاستوائهما في حالة الكفر ([98]) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {لا يدخل الجنة مدمن خمر } ([99]) ويحمل الحديث عندنا أهل السنة على من يشربها مستحلا ([100]) فهو الذي لا يدخل الجنة أصلا ([101]) أما المدمن المصر على التعاطي الذي لا يريد تركه فهو في خطر عظيم أيضاً حيث يخشى عليه أن يموت على إدمانه دون أن يتوب منه فيحرم من دخول الجنة لتكرار الوعيد الشديد بذلك ويكون الوعيد أشد عندما يجمع المدمن مع تعاطيه معاصي أخرى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ثلاثة حرم الله تبارك وتعالى عليهم الجنة مدمن الخمر والعاق والديوث الذي يقر في أهله الخبث} ([102]) { قالوا يا رسول الله أما مدمن الخمر فقد عرفناه فما الديوث قال الذي لا يبالي من دخل على أهله } ([103]) فيكون الوعيد بالحرمان من الجنة أكثر عندما يجمع المدمن بين التعاطي والعقوق والدياثة ([104]) من يشرب الخمر يزاد على تعذيبه بالنار بشرب عرق أهل النار قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {إن على الله عز وجل عهداً لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال قالوا وما طينة الخبال ؟ قال عرق أهل النار} ([105]) ومن شرب الخمر مرتين دون توبة من هذه المعصية يزاد على تعذيبه في النار بشرب صديد أهل النار قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {من شرب الخمر لم تقبل صلاته أربعين ليلة فإن تاب تاب الله عليه فإن عاد كان حقا على الله تعالى أن يسقيه من نهر الخبال قيل وما نهر الخبال قال صديد أهل النار} ([106]) فلينتبه الذي يتوقف عن التعاطي لأي معنى ولم يتركها لله بتوبة, فإن العقوبة على ما تعاطاه لم يُجبها بتوبة لذا عليه ألا يعتمد على توقفه عن التعاطي بل عليه استحداث توبة يُزيل بها وقوعه في الوعيد فإن { التائب من الذنب كمن لا ذنب له} ([107]) والذي سبب له خمار الشرب في ترك الصلاة أربع مرات يزاد على تعذيبه بالنار بشرب عصارة أهل جهنم قال النبي صلى الله عليه وسلم : {من ترك الصلاة أربع مرات سكرا كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال قيل وما طينة الخبال قال عصارة أهل جهنم} ([108]) ومن مات مدمناً يزاد على تعذيبه بالنار بشرب ما يخرج من فروج الباغيات قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إن مات مدمن الخمر سقاه الله جل وعلا من نهر الغوطة قيل وما نهر الغوطة قال نهر يجري من فروج المومسات يؤذي أهل النار ريح فروجهم}([109]) ومن يعلم الصغار التعاطي يزاد على تعذيبه بالنار بشرب طينة الخبال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {ومن سقاه صغيراً لا يعرف حلاله من حرامه كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال} ([110]) إن المدمن عندما يوافق قلبه معرفة هذه العواقب الوخيمة في الآخرة للمتعاطين, فإنه يسعى في ترك تعاطيه لله لخوفه من أن يخسر الجنة ويعذب في النار العمل على دفع الإدمان بالإيمان إن المرء إذا تمكن من قلبه الإيمان دفع به الإدمان سواء كان واقعاً فيه أو متعرضاً له وذلك من خلال عمله بما يعرفه من الأمور الآتية : معرفة أن الإيمان والإدمان لا يجتمعان في قلب إنسان , معرفة أن الإيمان ينزع من المتعاطي وقت تعاطيه , معرفة المدمن أن إيمانه لا بد أن يدفع إدمانه 1- معرفة أن الإيمان والإدمان لا يجتمعان في قلب إنسان عن عثمان رضي الله عنه قال {اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث , إنه كان رجل ممن كان قبلكم تعبد فعلقته ([111]) امرأة غوية , فأرسلت إليه جاريتها فقالت له: إنا ندعوك للشهادة , فانطلق مع جاريتها فطفقت كلما دخل بابا أغلقته دونه , حتى أفضى إلى امرأة وضيئة ([112]) عندها غلام وباطية خمر , فقالت: إني والله ما دعوتك للشهادة , ولكن دعوتك لتقع عليَّ , أو تشرب من هذه الخمر كأسا , أو تقتل هذا الغلام , فإن أبيت صِحتُ بك وفضحتك , فلما رأى أنه لا بد من ذلك قال: اسقيني من هذه الخمر كأسا , فسقته كأسا , قال: زيدوني , فلم يرم حتى وقع عليها , وقتل النفس , فاجتنبوا الخمر , فإنها والله لا يجتمع إيمان وإدمان الخمر في صدر رجل أبداً , وليوشك أحدهما أن يخرج صاحبه} ([113]) عثمان بن عفان رضي الله عنه يقسم على عدم اجتماع الإيمان والإدمان إلا ليوشك أحدهما أن يطرد الآخر 2- معرفة أن الإيمان ينزع من المتعاطي وقت تعاطيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم’’من زنى أو شرب الخمر نزع الله منه الإيمان كما يخلع إنسان القميص من رأسه‘‘( [114]) لقد حكم الشرع على المدمن بأنه ليس مؤمناً كامل الإيمان حين سكره وخماره وكم تكون فترة سكره وخماره هذه , فإن هناك من المدمنين من لا يصحو من خماره بل لا يريد إلا أن يكون سكران حياته كلها إن استطاع , ضف على ذلك ما يأتي به عادة مع الإدمان من زنى ولواط وسرقات قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن} ([115]) فإن فاعل ذلك يؤل أمره إلى ذهاب الإيمان وأي خسران أعظم من ذهاب الإيمان وخاصة إن مات وهو منزوع الإيمان 3- معرفة المدمن أنه لا بد لإيمانه أن يدفع إدمانه فمن أراد أن يكون مؤمناً حقاً كما حكم الشرع لا بد أن يعرف أنه إذا تعاطى لم يكن مؤمناً بالله إيماناً كاملاً , فوجب عليه أن يجتنب التعاطي حتى لا يضعف إيمانه وبالابتعاد عن المخدرات يقوى الإيمان الذي يدفع الإدمان قال النبي صلى الله عليه وسلم {من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يشرب الخمر } ([116]) وإيمان العبد يدفعه أيضاً للابتعاد عن أماكن التعاطي التي فيها مجالس المدمنين أي يعينه على ترك جلساء الإدمان والسوء ويتجنبهم قال صلى الله عليه وسلم { من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يشرب عليها الخمر } ([117]) وعندما يوافق قلب المتعاطي معرفة أهمية الإيمان في دفع الإدمان فإنه يبذل جهده في تقوية الوازع الديني عنده لينتشل نفسه من الإدمان حتى لا يكون مهاناً عند الناس كالحمار ابن النعيمان صاحب هذه القصة وهو يعرض نفسه للإهانة والتوبيخ والحقارة عن أبي هريرة قال أُتِيَ النبي صلى الله عليه وسلم بسكران فأَمر بِضَرْبِهِ فَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُه بيده ومنا من يضربه بنعله ومنا من يضربه بثوبه فلما انصرف قال رجل ما أخزاه الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تعينوا الشيطان على أَخِيكُمْ لأن الشيطان يريد بتزيينه له المعصية أن يحصل له الخزي , فإذا دعوا عليه بالخزي , فكأنهم قد حصلوا مقصود الشيطان فهذا الرجل كان بالمدينة , اسمه عبد الله ابن النعيمان ولقبه حمار ([118]) كان أكثر ما يشرب وكان أكثر ما يجلد , فكان يؤتى به النبي صلى الله عليه وسلم فيضربه بنعله ويأمر أصحابه فيضربونه بنعالهم ويحثون عليه التراب ، ثم أتى به فحد ، ثم أتى به فحد ، ثم أتى به فحد أربع مرات , فلما كثر ذلك منه قال له رجل لعنك الله ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: { لا تفعل فإنه يحب الله ورسوله } فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لعنه وعن الدعاء عليه فقال {لا تقولوا هكذا ، لا تعينوا عليه الشيطان ، ولكن قولوا: اللهم اغفر له ، اللهم ارحمه } ([119]) فأمر بالدعاء له وقال {قولوا رحمك الله } ([120]) وهذا برهان على أن المدمنين ليسوا كلهم أشرار كمثل هذا الذي أثبت له النبي صلى الله عليه وسلم محبة الله ورسوله في قلبه مع وجود ما صدر منه لكن المشكلة أنه يعرض نفسه للإهانة والتوبيخ والتحقير وهو المقصود بالحد أكثر من إيقاع الألم بالجلد فهل المدمن يترك نفسه مثل الحمار ابن النعيمان هذا , أم يجعل إيمانه يدفع إدمانه ليكون مثل هذا الفارس صاحب هذه القصة الذي عرضه شرب الخمر لأبشع الإهانات جلد وسجن ونفي , حتى وجد قتالاً عنيفاً للمسلمين من الفرس , فتحرك عنده الإيمان فجلب به النصر للمسلمين والتوبة لرب العالمين أبو محجن بن حبيب بن عمرو بن عمير الثقفي كان يدمن الخمر وكان يجلد عليها , و قد حده عمر بن الخطاب في الخمر سبع مرات , فلما أكثر عليهم سجنوه وأوثقوه وقيل دخل أبو محجن على عمر فظنه قد شرب فقال استنكهوه ([121]) فقال أبو محجن هذا التجسس الذي نهيت عنه فتركه وكان قد هوى امرأة من الأنصار يقال لها شموس , فحاول النظر إليها فلم يقدر , فآجر نفسه من بناء يبني بيتا بجانب منزلها , فأشرف عليها من كوة , فأنشد ولقد نظرت إلى الشموس ودونها حرج من الرحمن غير قليل , فاستعدى زوجها عمر , فنفاه وبعث معه رجلا يقال له أبو جهراء البصري كان أبو بكر يستعين به فأمر أبا جهراء البصري ورجلا آخر أن يحملاه في البحر رأى أبو جهراء من أبي محجن سيف فهرب منهما وأتى العراق أيام القادسية , فكتب أبو جهراء إلى عمر بهروب أبو محجن , فكتب عمر إلى سعد بن أبي وقاص يأمره بسجنه , ولما كان يوم القادسية وسعد يتخلل الصفوف ويعظهم ويوصيهم أي الامراء , وكان في الليل قد طاف على العسكر فرأى أبا محجن الثقفي يشرب الخمر فقال له يا عدو نفسه لقد محوت أجر جهادك وعبادتك , والله لآخذن منك حق الله, وجلده الحد وقيده في القصر , وكان بسعد جراحة فاستعمل على الخيل خالد بن عرفطة وصعد سعد فوق البيت لينظر ما يصنع الناس في المعركة , فلما رأى أبو محجن قتال الفرس للمسلمين قال لامرأة سعد وهي بنت خصفة واسمها سلمى يا سلمى يا بنت آل خصفة هل لك إلى خير , قالت وما ذاك , قال تخلين عني وتعيرينني البلقاء , فلله علي إن سلمني الله , أن أرجع إليك حتى أضع رجلي في قيدي , وإن قتلت استرحتم مني , فقالت وما أنا وذاك , فرجع يرسف في قيوده يقول كفى حزنا أن تردي الخيل بالقنا وأترك مشدودا علي وثاقيا إذا قمت عناني الحديد وأغلقت مصاريع دوني , قد تصم المناديا وقد كنت ذا مال كثير وإخوة فقد تركوني واحدا , لا أخا ليا ولله عهد لا أخيس بعهده لئن فرجت ألا أزور الحوانيا فقالت سلمى إني استخرت الله ورضيت بعهدك فأطلقته , ووثب على فرس لسعد يقال لها البلقاء , ثم أخذ الرمح وانطلق حتى أتى الناس , فقاتل قتالا عظيما , وكان يكبر ويلعب بين الصفين برمحه وسلاحه , فجعل لا يحمل في ناحية إلا هزمهم الله فلا يقف بين يديه أحد , وكان يقصف قصفا منكرا , فعجب الناس منه وهم لا يعرفونه فجعل الناس يقولون هذا ملك , ظنوه ملكا من الملائكة , وسعد ينظر وهو مشرف على الناس من فوق القصر , فجعل يقول والله لولا محبس أبي محجن , وأني تركته في القيد لظننتها بعض شمائله , ولقلت هذا أبو محجن وهذه البلقاء فلما هزم العدو رجع أبو محجن حتى وضع رجله في القيد , فأخبرت بنت خصفة سعدا الذي كان من أمره , فقال لا والله لا أحد اليوم رجلا أبلى الله المسلمين على يديه ما أبلاهم , فخلى سبيله وقال له سعد لا أجلدك في الخمر أبدا , فقال أبو محجن وأنا والله لا أشربها أبدا , قد كنت آنف أن أدعها من أجل جلدكم , لقد كنت أشربها , إذ كان يقام علي الحد أطهر منها , فأما إذا بهرجتني , فو الله لا أشربها أبدا , فلم يشربها بعد فوفقه الله أن تاب توبة نصوحا فلم يعد إليها إلى أن مات بأذربيجان وقيل بجرجان ([122]) قال أبو محجن في تركه شرب الخمر رأيت الخمر صالحة وفيها مناقب تهلك الرجل الحليما فلا والله لا اشربها حياتي ولا أشفي بها أبدا سقيما هذه توبته بعد أن كان وقت تعاطيه من حبه للخمر , كان ينشد فيها ما أخبر به عبد الملك بن مروان لعبيد بن أبي محجن عندما دخل عليه , فقال أبوك الذي يقول إذا مُتُّ فٱدِفنّي إلى جَنْب كَرْمةٍ تروّي عظامِي بعد موتي عُروقُها ولا تَدْفِنَنِّي بالفَلاَة فإنّني أخاف إذا ما مِتُّ أنْ لا أذُوقُها ليروى بخمر الحص ([123]) لحدي فإنني أسير لها من بعد ما قد أُسقها وبعد هذه القصة يتبين للمدمن من شعر أبو محجن مدى كان عشقه للخمر, ومع ذلك كان أشجع من بطولته قرار توبته , والاستمرار عليها حتى الممات , وفي إخباره كيف كان مخدوع في الخمر وهو يظن أنها صالحة , وهي تهلك الرجال , لينظر المدمن في قصته هذه وفي حاله ومدى الإهانة التي تعرض لها بسبب المخدرات من إقامة حد بجلد وحبس بل إن أبو محجن في جهالة الخمر وفي تغريبه كان أهون من تغريب مدمن اليوم لأنه بين أظهر أهله وناسه ويشعر بنفورهم منه فعلى المدمن أن يقتاد بمثل قصة أبو محجن هذه كيف كان الشرب يضيع فروسيته وكان سيحرمه من جلب النصر لدينه وأمته , فإن في المدمنين ما عنده مواهب عظيمة في مجالات كثيرة تفيد الأمة والدين , وتجعل له كيان عظيم , لكن التعاطي يهينه ويخفي هذه المواهب , فلا بد للمدمن أن لا تقل شجاعته عن أبي محجن ويسطر ختاماً لقصته في الإدمان بتوبة نصوحة يتبعها بعمل صالح حتى الممات فإن واقع حال التائبين من الإدمان ممن صلحت أحوالهم يبرهن على أن علاج الإدمان لا يكون إلا في امتثال أمر الرحمن , فإن من يجعل إيمانه يدفع إدمانه قبل أي غاية أخرى هذا هو الذي يُحصِّل العلاج الذي هو بمعنى الشفاء بالفعل, لأن غايته في ترك التعاطي ليس المقصود منها مجرد التوقف عن التعاطي, بقدر شعوره أنه لا بد له من ترك المعصية لله, فإقلاعه عن المعصية لله, وندمه على أنه تجرأ على معصية الله, وعزمه على عدم العودة لمعصية الله, كل هذا سعياً منه في استرضاء الله, فإن الله تعالى يقبل توبته ويثيبه على ذلك بالثبات, ولا يخشى عليه انتكاسة مادام يجتهد في صلاح نفسه لله, فإن قلت همته وضعفت نفسه, فإن الله ينتشله بسرعة ويرده رداً جميلاً , بخلاف الذي لا يترك المخدرات لله ولكن لمجرد التوقف لأي غاية أخرى مهما كانت معناها, نعم توقفه أفضل من الاستمرار في التعاطي لكن ليس له أجر على توقفه, بل يخشى عليه خطر المراوغات, والدخول في بديل الزنا واللواط, التي ترده مرة أخرى للمخدرات, فإن هذا الذي دل عليه واقع حال المنتكسين, ممن لا يريد أن يقوي الوازع الديني لديه وحتى لا يقع المرء نفسه في هذا الحال عليه امتثال أمر الرحمن في وقاية وعلاج نفسه من الإدمان, ليحي إيمانه فيدفع به إدمانه مبتدأ بتوبة يترك بها المخدرات وكل السيئات والمنكرات, لتكون انطلاقة لتحريك مشاعره نحو صلاح نفسه بترك ما يغضب الله, فهذه التوبة هي البداية الفعلية في علاج النفس من المخدرات ثم يتبعها مرحلة تقوية الإيمان للصمود والثبات على طاعة رب العباد وهذه في مضمون الرسالة القادمة بمشيئة الله وهو محور أخر غير حلول المشاكل الناتجة عن التعاطي فإنها ستحل بمشيئة الله وسرعة حلها على قدر صدق العبد في توبته وإخلاصه لربه ومن أراد أن يكتسب مهارات في حل مشاكله فإن هناك رسائل في حل المشاكل التي يعاني منها التائب من الإدمان مؤلفة على النحو التالي رسائل تعين في التعامل مع ضغوط النفس 1- علاج العصيان بطلب الغفران تبين كيفية التخلص من المعاصي 2- علاج الشوق عند المدمنين تعين التائب في التغلب على منازعة نفسه للتعاطي 3- علاج السلوك والمخاوف عند المدمنين فيها حل مشكلة الخوف من مواجهة المدمن للمجتمع , والتخلص من السلوكيات الإدمانية 4- علاج الكذب بتحري الصدق تعين التائبين على التخلص مما سببه التعاطي لهم , من سلوكيات غير طيبة, حيث كانوا أكثر عرضة للكذب من غيرهم 5- علاج الغضب تعين التائب على التعامل مع انفعالاته والتغلب عليها 6- علاج نفسك في معرفة اليوم الآخر فيها معرفة ما يدور في اليوم الآخر منذ النفخ في الصور وحتى الاستقرار في الجنة أو النار مما يعين المرء على صلاح النفس وكسب أخرته 7- علاج الحاسد والمحسود والعائن والمعيون تعين المرء من التخلص من داء الحسد وحفظ نفسه من حسد الآخرين وكذا حفظه للآخرين من أصابتهم بعينه وكذا حماية نفسه من أعين الآخرين رسائل تعين في التعامل مع الضغوط الخارجية 8- علاج أصدقاء السوء بالصحبة الطيبة فيها التخلص من أكبر عواقب صلاح المرء وهو صديق السوء 9- علاج الزوج بحسن العشرة تحتوي على جزء موجه للزوج وآخر للزوجة يعين كل واحد منهما على إيجاد الحياة الزوجية السعيدة لنفسه وزوجه تشمل على معرفة كيفية كسب المسلم رضا والديه 11- علاج القطيعة بصلة الأرحام تزرع المودة والمحبة بين المرء وأقربائه التي يبلغ بها الجنة وهذه الكتب التي عزوت عليها من تأليفي أيضاً وتنفع من وقع في الإدمان ومن لا يعرف عن الإدمان شيء فهي سلسلة علاجات شرعية للسلوكيات وذلك من خلال حمل النفس على الآداب الشرعية والانقياد لرب البرية اسأل الله أن ينفع بهم وأن يأجر كل من أعان على نشرهم [1] الطبراني في الكبير 11462, صححه الألباني لغيره في الترغيب 2360 [2] ذكره القرطبي في تفسيره عند شرح الآية 43 من سورة النساء [3] فإنّ النهي عن الخمر وقع مدرّجاً ثلاث مرات [4] البغوي وزاد المسير وكذا الألوسي في تفسيرهم عند شرح الآية 219 من سورة البقرة [5] الثعلبي في تفسيره عند شرح الآية 219 من سورة البقرة [6] فمن مفاسد الخمر إزالة العقل الذي هو أشرف صفات الإنسان وقد سمى عقلا لأنه يعقل أي يمنع صاحبه عن القبائح التي يميل إليها بطبعه فإذا شرب زال ذلك العقل المانع عن القبائح وتَمكن آلفها وهو الطبع في أرتكبها والإكثار منها وربما كان ضحكة للصبيان حتى يرتد إليه عقله, ذكر ابن أبي الدنيا أنه مر على سكران وهو يبول بيده ويغسل به وجهه كهيأة المتوضيء ويقول الحمد لله الذي جعل الإسلام نورا والماء طهورا وعن العباس بن مرداس أنه قيل له في الجاهلية ألا تشرب الخمر فإنها تزيد في حرارتك فقال ما أنا بآخذ جهلي بيدي فأدخله جوفي ولا أرضى أن أصبح سيد قوم وأمسي سفيههم, ذكر ذلك الألوسي في تفسيره عن0د شرح الآية 219 من سورة البقرة إن الإنسان إذا ألفها اشتد ميله إليها وكاد يستحيل مفارقته لها وتركه إياها وربما أورثت فيه أمراضا كانت سبباً لهلاكه وقد ذكر الأطباء لها مضار بدنية كثيرة كما لا يخفى على من راجع أهل الطب , ولم يثبت أن الأنبياء عليهم السلام شربوها في وقت أصلاً [7] الشوكاني في فتح القدير عند شرح الآية 219 من سورة البقرة [8] وليعلم الآن أن الإثم كبير بعد التحريم , والمنافع كانت قبل التحريم فإن ما يتعلق بالتجارة فيها فقد حرم وما يتعلق بالتداوي بها في الهضم وإخراج الفضلات والشجاعة وغيره فإن الله { لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم } الدواء الخبيث هو الخمر بعينه الحاكم 4/55 وصححه وصحح إسناده متمم عمل أحمد شاكر 9755 ولما سئل صلى الله عليه وسلم عن الخمر يصنع للدواء قال {إنها ليست بدواء , ولكنها داء} الترمذي 2046 وقال حسن صحيح , وهناك علاجات لهذه الأشياء بالطرق المشروعة كثيرة , وكذا ما يتعلق بتخليلها أي تحويلها لخل للانتفاع به لا يجوز [9] ذكره ابن كثير في تفسيره عند شرح الآية 219 من سورة البقرة [10] ذكره السمرقندي في تفسيره عند شرح الآية 219 من سورة البقرة [11] ذكره السيوطي في تفسيره الدر المنثور عند شرح الآية 91 من سورة المائدة [12] تلك الآية كانت إيذانا لهم بأنّ الخمر يوشك أن تكون حراماً لأنّ ما يشتمل على الإثم مُتّصف بوصف مناسب للتحريم، ولكن الله أبقى إباحتها رحمة لهم في معتادهم، مع تهيئة النفوس إلى قبول تحريمها، فحدث بعد ثلاث سنوات ما جاء في حديث علي من الخطأ في قرأة القرآن في الصلاة بسبب السكر, ذكره في تفسير التنوير والتحرير عند شرح الآية 43 من سورة النساء [13] ذكره الألوسي في تفسيره عند شرح الآية 219 من سورة البقرة, وذكره السيوطي في تفسيره الدر المنثور عند شرح الآية 91 من سورة المائدة [14] ذكره السيوطي في تفسيره الدر المنثور عند شرح الآية 91 من سورة المائدة عن ابن عمر وعزاه لطيالسي وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب [15] ذكره السيوطي في تفسيره الدر المنثور عند شرح الآية 91 من سورة المائدة [16] ذكره في تفسيره روح البيان عند شرح الآية 43 من سورة النساء [17] الترمذي 3029 وقال حسن صحيح , صححه الألباني في سنن الترمذي 3026 قال الألوسي في تفسيره عند شرح الآية 43 من سورة لنساء لا تصلوا في حالة السكر حتى تعلموا قبل الشروع ما تقولونه قبلها إذ بذلك يظهر أنكم ستعلمون ما ستقرءُونه فيها نهوا عن الصلاة وعن دخول المسجد في حال السكر وكان هذا قبل نزول تحريم الخمر وكان المسلمون بعد نزول هذه الآية يجتنبون السكر والمسكر أوقات الصلاة , والسكران هو المختلط العقل الذي يهذي ولا يستمر كلامه , لأن الله تعالى قال حتى تعلموا ما تقولون فإذا علم ما يقول لم يكن سكران ويجوز له الصلاة ودخول المسجد وقضاء ما عليه من الصلوات التي لم يؤديها في وقتها لسكره . ذكره الواحدي في تفسيره وذكر القرطبي في تفسيره عند شرح الآية 43 من سورة النساء عن ابن المنذر قال إذا خلط في قراءته فهو سكران, استدلالاً بقول الله تعالى: {حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ } فإذا كان بحيث لا يعلم ما يقول تجنب المسجد مخافة التلويث, ولا تصح صلاته وإن صلى قضى, وإن كان بحيث يعلم ما يقول فأتى بالصلاة فحكمه حكم الصاحي فلينتبه أن العلة في نهي الشارب عن الصلاة الغلط في قرأة القرآن في الصلاة بسبب السكر , فمن المتعاطين من يشرب كمية من الوسكي مثلاً ولا يدخله في سكر ألا إذا استزاد ومن المتعاطين من يشرب شربة بيرة واحدة تسكره, فالعلة بالسكر وهو الخمار الناتج من تعاطي المواد المخدرة [18]أبو داوود 3670 , صححه الألباني في صحيح سنن أبو داوود 3670 قيل المراد بالصلاة هنا الصلاة المعروفة وقالت طائفة الصلاة هنا المراد بها موضع الصلاة وقالت طائفة المراد الصلاة ومواضعها معاً لأنهم كانوا حينئذٍ لا يأتون المسجد إلا للصلاة ولا يصلون إلا مجتمعين فكانا متلازمين [19] ذكره الألوسي في تفسيره وكذا السيوطي في تفسيره الدر المنثور عند شرح الآية 91 من سورة المائدة [20] فهموا أنه نهي عن اكتساب السكر الذي يعجز به عن الصلاة على الوجه المطلوب وليس عن عين الصلاة فإنها عبادة فلا ينهى عنها, ذكره صاحب روح البيان في تفسيره عند شرح الآية 43 من سورة النساء عن صاحب التيسير [21] فكانت آية النهي عن الصلاة في حال السكر للإشارة إلى أنّ حالة السكر منافية للصلاة، وصاحبُها جدير بالابتعاد عن أفضل عمل في الإسلام، ومن هنا كانت مؤذنة بتغيّر شأن الخمر، والتنفير منها, ذكره في تفسير التنوير والتحرير عند شرح الآية 43 من سورة النساء وذكر أيضاً أنّ ذلك الحدّ من السكر قد يفضي إلى اختلال أعمال الصلاة، إذ العمل يسرع إليه الاختلال باختلال العقل قبل اختلال القول [22] ذكره صاحب روح البيان وكذا السمرقندي في تفسيره عند شرح الآية 219 من سورة البقرة [23] ذكره البغوي وكذا صاحب روح البيان في تفسيره عند شرح الآية 219 من سورة البقرة [24] زق من خمر أي وعاء كبير فيه خمر [25] مسلم 784 , أبي يعلى 782 , البيهقي 285 , ابن كثير في التفسير 2/98 [26] روح البيان عند شرح الآية 91 من سورة المائدة [27] ذكره عن ابن عمر صاحب روح البيان عند شرح الآية 219 من سورة البقرة, وكان ذلك التحريم سنة ثلاث بعد وقعة أحد , وكانت وقعة أحد في شوال سنة ثلاث من الهجرة , وقيل بعد غزوة الأحزاب بأيام وقيل عام الفتح سنة ثمانية قبل الفتح [28] أما من يجادل في التوضيح أكثر من ثلاث مرات فأمره في خطر [29] ذكره السمرقندي في تفسيره عند شرح الآية 219 من سورة البقرة [30] وكذا معالجه [31] المسند 3/ 387 , وكنز العمال 1009 , حسنه الألباني في المشكاة 177 [32] الدارمي 435 , حسنه الألباني في المشكاة 194 [33] والذين منهم من تبنوا مناهج أخرى لأنها هي التي بلغتهم, ولم يبلغهم ما في الشريعة الإسلامية, فكان حالهم في هذا حال عمر الذي بلغه أمر لم يبلغه مقابله من الشريعة, فعلمه الرسول صلى الله عليه وسلم ما فيه استبصاره, فهكذا يُحتاج إلى معرفة ما في الشريعة الإسلامية حتى يُستبصر بما فيها من مناهج الهداية الربانية في الشريعة المحمدية, ولو كلف ذلك جهد لكنه أقل من مشقة دراسة المناهج الأخرى والسعي في إسلاميتها لتتوافق مع البيئة الإسلامية, لكن له مع ذلك الأجر عند الله, علاوة على النتائج التي ليس لها مثيل في عالم علاج الإدمان [34] وكذا غيرهم ممن يعينهم من المعالجين [35] خطاب لجميع المؤمنين بترك هذه الأشياء التي ذكرت في الآية { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ الْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ } إذ كانت شهوات وعادات تلبسوا بها في الجاهلية وغلبت على النفوس, وسوف نأخذ الخمر من هذه الأشياء التي ذكرت في الآيات لأنه موضوعنا أما الميسر فهو القمار والأنصاب قيل: هي الأصنام وقيل: هي النرد والشطرنج والأزلام هي الأقداح وكانت ثلاثة مكتوب على أحدهما أفعل والثانية لا تفعل والثالثة بيضاء, يقال كانت في البيت عند سدنة البيت وخدام الأصنام , يأتي الرجل إذا أراد حاجة كأن يريد الزواج فيريد أن يعرف هل يكون هذا الزواج خير له أم شؤم , فيدور الأقداح فإن وقف على أفعل, تزوج , وإن وقفت على لا تفعل يبتعد من هذا الزواج , فإن وقف على البيضاء أعاد , ونحن ولله الحمد قد أكرمنا الله عوضاً عن هذا الشرك بالاستخارة [36] الشوكاني في فتح القدير عند شرح الآية 219 من سورة البقرة [37] مسلم 13/173 [38] البخاري 575 , مسلم 13/172 [39] ذكر ذلك الخطابي رحمه الله عند شرح الحديث [40] ذكر ذلك الخطابي رحمه الله عند شرح الحديث [41] والسكران من أخَذ عقله في الانغلاق، مشتقّ من السَّكْر، وهو الغلق, ذكره في تفسير التنوير والتحرير عند شرح الآية 43 من سورة النساء [42] أبو داوود 3681 , ابن ماجة 3393 , صححه الألباني في الإرواء 2375 [43] ذكره عن الرافعي شارح عون المعبود باب ما جاء في السكر ص85 – 109 وسيأتي معنا في ذكر أقوال العلماء في تحريم ما يسكر أو يخدر أو يفتر [44] الماوردي شارح عون المعبود باب ما جاء في السكر ص85 – 109 وسيأتي معنا في ذكر أقوال العلماء في تحريم ما يسكر أو يخدر أو يفتر [45] ابن حجر في الفتح 10/47 [46] البسام في توضيح الأحكام 5/340 نقله عن الشيخ تقي الدين [47] قال ابن حجر في الفتح 10/47 في باب الخمر من العسل فقد استدل بمطلق قوله: { كل مسكر حرام } على تحريم ما يسكر ولو لم يكن شرابا ، فيدخل في ذلك الحشيشة وغيرها ، وقد جزم النووي وغيره بأنها مسكرة ، وجزم آخرون بأنها مخدرة ، وهو مكابرة لأنها تحدث بالمشاهدة ما يحدث الخمر من الطرب والنشأة والمداومة عليها والانهماك فيها ، وعلى تقدير تسليم أنها ليست بمسكرة فقد ثبت في أبي داود النهي عن كل مسكر ومفتر [48] أبو داوود 3686 وفي شرحه عون المعبود باب ما جاء في السكر ص85 – 109 ذكر أقوال العلماء في تحريم ما يسكر أو يخدر أو يفتر فمنها : قال في النهاية : المفتر هو الذي إذا شرب أحمى الجسد وصار فيه فتور وهو ضعف وانكسار ، يقال أفتر الرجل فهو مفتر إذا ضعفت جفونه وانكسر طرفه قال الخطابي: المفتر كل شراب يورث الفتور والرخوة في الأعضاء والخدر في الأطراف وهو مقدمة السكر ، ونهي عن شربه قال ابن تيمية: إن الحشيشة أول ما ظهرت في آخر المائة السادسة من الهجرة حين ظهرت دولة التتار ، وهي من أعظم المنكرات وهي شر من الخمر من بعض الوجوه ، لأنها تورث نشأة ولذة وطرباً كالخمر وتصعب الطعام عليها أعظم من الخمر ، وإنما لم يتكلم فيها الأئمة الأربعة لأنها لم تكن في زمنهم , وقد أخطأ القائل:حرموها من غير عقل ونقل وقال ابن تيمية: إن الحد في الحشيشة واجب قال ابن البيطار: إن الحشيشة وتسمى القنب توجد في مصر مسكرة جداً إذا تناول الإنسان منها قدر درهم أو درهمين ، وقبائح خصالها كثيرة وعد منها بعض العلماء مائة وعشرين مضرة دينية ودنيوية ، وقبائح خصالها موجودة في الأفيون ، وفيه زيادة مضار وقال ابن رسلان في شرح السنن: المفتر هو كل شراب يورث الفتور والخدر في أطراف الأصابع وهو مقدمة السكر ، وعطف المفتر على المسكر يدل على المغايرة بين السكر والتفتير لأن العطف يقتضي التغاير بين الشيئين ، فيجوز حمل المسكر على الذي فيه شدة مطربة وهو محرم يجب فيه الحد ويحمل المفتر على النبات كالحشيش قال الرافعي: إن النبات الذي يسكر ، وليس فيه شدة مطربة يحرم أكله , وذكر الماوردي قولاً أن النبات الذي فيه شدة مطربة يجب فيه الحد وقال الذهبي : الحشيشة كالخمر في النجاسة والحد وتوقف بعض العلماء عن الحد فيها ورأى فيها التعزير لأنها تغير العقل من غير طرب شارح عون المعبود بعد ذكر كلام العلماء هذا وغيره قال قلت: إنا نسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كل مسكر ومفتر ، بل ونهى عن كل مخدر أيضاً ، ويؤيده ما أخرجه أبو نعيم كما في كنز العمال عن الحكم بن عتيبة عن أنس بن حذيفة صاحب البحرين قال {كتبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الناس قد اتخذوا بعد الخمر أشربة تسكرهم كما تسكر الخمر من التمر والزبيب يصنعون ذلك في الدباء والنقير والمزفت والحنتم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كل شراب أسكر حرام ، والمزفت حرام ، والنقير حرام ، والحنتم حرام ، فاشربوا في القرب وشدوا الأوكية ، فاتخذ الناس في القرب ما يسكر ، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقام في الناس فقال إنه لا يفعل ذلك إلا أهل النار، ألا إن كل مسكر حرام ، وكل مفتر وكل مخدر حرام ، وما أسكر كثيره فقليله حرام} كنز العمال 13273 وفي رواية لأبي نعيم عن أنس بن حذيفة {ألا إن كل مسكر حرام وكل مخدر حرام وما أسكر كثيره حرم قليله وما خمر العقل فهو حرام } كنز العمال 13806 , وروايات حذيفة هذه لم أقف على كلام أهل العلم فيها [49] مر معنا كلام العلماء في العزو السابق, وأما عن كلام أهل الطب والقانون فلهم عدة تعريفات تذكرها إدارة مكافحة المخدرات في مجلتها عن تعريفات الأمم المتحدة والتي منها المادة المخدرة ويعرفونها بأنها كل مادة خام أو مستحضرة منبهة أو مسكنة أو مهلوسة تؤدي إلى حالة من التعود عليها مما يضر بالفرد نفسياً وجسمياً, ومن التعريفات أيضاً مواد نفسية لها فعلها الدوائي المتميز الذي من أجله صنعت وأدخلت في الدواء لعلاج أمراض مختلفة ولكن أسيء استعمالها وأخذت بدون مشاورة طبيب وتدخل على متعاطيها قدراً من الشعور بالسعادة الزائفة وتحدث تغيرات في الحالة النفسية والمزاجية للشخص وعرفت الأمم المتحدة هذه المواد بأنها المهبطات والمنشطات ومواد الهلوسة, ومن التعريفات أيضاً أنها مواد محظورة وهي كيميائية أو طبيعية تؤثر في الجهاز العصبي المركزي للإنسان فتحدث له تغيرات في الأداء الوظيفي لأجهزة الجسم خاصة المخ والحواس وتؤثر في عواطف الشخص وسلوكه تجاه الآخرين, ومن التعريفات أيضاً المواد المنشطة وهي مود تزيد من النشاط عن الحد المعتاد وتجعل الشخص في حالة غير طبيعية كالهيجان والعنف وروح العدوانية والتشك في الآخرين وعند زوال مفعول العقار يصاب الشخص بالهبوط والارتخاء والقلق والتوتر والاكتئاب والإجهاد الجسماني الشديد مع توتر الأعصاب [50]الدكتور سدلان في رسالة المخدرات ص15 وعقوبة تعاطي المخدرات تكون بحسب أثرها فإن كانت تغطي العقل مع حصول اللذة والنشوة فهي مسكرة وحدٌّها حدٌّ الخمر وإن لم يكن معها نشوة وطرب فيعاقب مستعملها بعقوبة تعزيرية مناسبة [51] قال في التنوير والتحرير عند شرح الآية 219 من سورة البقرة وإن من آثامها ما قرره الأطباء المتأخرون أنها تورث المدمنين عليها أضراراً في الكبد والرئتين والقلب وضعفاً في النَّسل [52] قال الشيخ العثيمين رحمه الله في مجموع فتاوى ورسائل المجلد الحادي عشر باب إزالة النجاسة, ما كان مسكرا فهو خمر محرم بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين، لكن هل هو نجس العين كالبول والعذرة ؟ أو ليس بنجس العين ونجاسته معنوية ؟ هذا موضع خلاف بين العلماء، واتفق جمهورهم على أنه نجس العين، والصواب عندي أنه ليس بنجس العين بل نجاسته معنوية فَهِمَ الجمهورُ من تحريم الخمر واستخباث الشرع لها وإطلاق الرِّجس عليها والأمر باجتنابها ، الحكم بنجاستها نجاسة عين, وخالفهم البعض فرأوا أنها طاهرة ، وأن المحرم إنما هو شربها, قلت وينبني على هذه المسألة مسألة صلاة شارب الخمر الذي لا يغلط في قراءة القرآن إذا صلى فمن حكم بطهارتها يرى صلاته, ومن حكم بنجاستها يمنع شاربها من الصلاة ودخول المسجد لأن في بطنه نجس سواء غلط في قراءة القرآن أو لم يغلط ويترتب على هذا القول الثاني أن المداوم يومياً على التعاطي بكميات لا تدخله في سكر ولا في خلط القراءة لا يصلي مدد طويلة تجعله في خطر عظيم وهو ما يترتب على تركها [53] التنوير والتحرير عند شرح الآية 91 من سورة المائدة [54] الشوكاني عند شرح الآية 91 من سورة المائدة [55] التنوير والتحرير عند شرح الآية 91 من سورة المائدة [56] الرازي عند شرح الآية 91 من سورة المائدة [57]أبو داود 3674 , ابن ماجه 3380 , صححه الألباني في سنن ابن ماجة 3380 [58] التنوير والتحرير عند شرح الآية 91 من سورة المائدة [59] الرازي عند شرح الآية 91 من سورة المائدة [60]الانتشاء أول السكر ومقدماته [61] السيوطي في تفسيره الدر المنثور عند شرح الآية 91 من سورة المائدة عن ابن عباس وعزاه لعبد بن حميد والنسائي وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي والحاكم وصححه يزاد على ذلك أن من المتعاطين الذين يظنون أنهم أصحاب تجد من يريد أن يكون هو التاجر الوحيد في الحارة فيخبر عن المتعاطين معه ممن يبيعون ويا ليته فعل ذلك محتسباً الأجر في تخليص الناس من شرورهم ولكن فعل ذلك حتى يتخلص هو منهم , فتتولد بذلك العداوة والبغضاء بينهم والرغبة في الانتقام [62] يرجع لرسالة المؤلف علاج السلوك والمخاوف عند المدمنين عند الحديث على قبول المجتمع ونظرة المجتمع لأصحاب المعاصي ص 15-20 [63] الترمذي 1935 , صححه الألباني في سنن الترمذي 1935 [64] قال الشاطبي في الموافقات 2/17-18عن الضروريات الخمس "تكاليف الشريعة ترجع إلى حفظ مقاصدها في الخلق ، وهذه المقاصد ضرورية لا بد منها في قيام مصالح الدين والدنيا بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة ، بل على فساد وتهارج وفوت حياة ، وفي الأخرى فوت النجاة والنعيم والرجوع بالخسران المبين... ومجموع الضروريات خمس وهي: حفظ الدين والنفس والنسل والمال والعقل" وقال الغزالي في المستصفى 2/482 "ومقصود الشرع من الخلق خمسة: وهو أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم , فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة ، وكل ما يفوت هذه الأصول فهو مفسدة ، ورفعها مصلحة. وهذه الأصول الخمسة حفظها واقع في رتبة الضرورات ، فهي أقوى المراتب في المصالح ومن الأدلة على مراعاة الضروريات الخمس القرآن والسنة من القرآن قال تعالى: {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِٱلْوٰلِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلَـٰدَكُمْ مّنْ إمْلَـٰقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلْفَوٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقّ ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلاَّ بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ وَٱلْمِيزَانَ بِٱلْقِسْطِ لاَ نُكَلّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَٱعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ} [الأنعام:151، 152]. ففي هذه الآيات تظهر العناية بحفظ هذه الضرورات ظهورا جليا واضحا. فقد جاء في حفظ الدين نهيه سبحانه عن الشرك به ، وجاء في حفظ النفس قوله تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلَـٰدَكُمْ مّنْ إمْلَـٰقٍ} [الأنعام:151]، وقوله تعالى:{وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقّ} [الأنعام:151]، وجاء حفظ النسل في قوله: {وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلْفَوٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأنعام:151]، ومن أعظم الفواحش الزنا الذي وصفه الله بأنه فاحشة في قوله: {وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلزّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً} [الإسراء:32]، وجاء حفظ المال في قوله: {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلاَّ بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ}، وقوله: {وَأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ وَٱلْمِيزَانَ بِٱلْقِسْطِ}، وأما حفظ العقل فإنه يؤخذ من مجموع التكليف بحفظ الضرورات الأخرى , لأن الذي يفسد عقله لا يمكن أن يقوم بحفظ تلك الضرورات كما أمر الله ، وفي ختام الآية الأولى: {ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الأنعام:151] ما يدل على ذلك[5]. من السنة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:{اجتنبوا السبع الموبقات} قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: {الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات} البخاري 2615 قال عبد الله قادري في الإسلام وضرورات الحياة ص20 "وقد سمى صلى الله عليه وسلم الاعتداء على هذه الأمور موبقاً أي مهلكاً، ولا يكون مهلكاً إلا إذا كان حفظ الأمر المعتدى عليه ضرورة من ضرورات الحياة" ومن استقراء أدلة الشرع يقول الشاطبي في الموافقات 1/31 "اتفقت الأمة بل سائر الملل على أن الشريعة وضعت للمحافظة على الضروريات الخمس وهي: الدين والنفس والنسل والمال والعقل ، وعلمها عند الأمة كالضروري، ولم يثبت لنا ذلك بدليل معين ولا شهد لنا أصل معين يمتاز برجوعها إليه ، بل علمت ملاءمتها للشريعة بمجموع أدلة لا تنحصر في باب واحد" [65] روح البيان عند شرح الآية 91 من سورة المائدة [66] وكذا يوجد في المواد التي يتعاطاها المدمن كالمنبهات المعروفة كالكبتاجون والأبيض ما يسبب في أوائل تعاطيها الشكوك فإذا وجد متعاطيها زوجته تتحدث مع أبوه أتهما بوجود علاقة محرمة معه, والآن هذه المواد التي كانت تُأخذ على أنها منشطة فإن صناعها أدخلوا في مكوناتها مواد تعمل على تدمير العقل مباشرة ووجد تأثيرها على صغار السن في مدة استخدام قد لا تبلغ شهرين ويصبح بعدها لا يملك من العقل أقل نسبة تصلح لتوجيه صلاح حاله أصلاً ومنها ما يدمر العقل بصورة سريعة كالمواد الطيارة المعروفة بالتستس, ثم يوضع المرء منهم في أحدى المستشفيات العقلية إن وجد فيها مكان [67] الألوسي عند شرح الآية 91 من سورة المائدة [68]ويكون بتركه الصلاة قد أتى بشر أعظم من التعاطي لأن شارب الخمر إذا مات عليها يقع تحت مشيئة الله إن شاء الله عفا عنه برحمته وإن شاء عذبه بعدله وإن عذبه فيتمحص في النار حتى يخرج من ذنوبه , كم يكون عذابه من السنين ألف, عشر ألاف, أكثر, أقل ؟ الله أعلم بما تستحق معاصيه من العذاب ثم يخرج من النار ثم يدخل الجنة , أما تارك الصلاة فهو مخلد في النار كافر {لعهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر }[68]النسائي 463 , الترمذي 2621 , ابن ماجة 1079 , صححه الألباني في سنن ابن ماجة 1079 [69] الترمذي 2417 و قال حديث حسن صحيح , البيهقي في الشعب1875 , صححه الألباني في صحيح الترغيب 3592 , وانظر كتاب المؤلف علاج نفسك في معرفة اليوم الأخر ص 69 [70] مسلم 2564 , الترمذي 1927 [71] أنظر إلى السبب الأول من أسباب تحريم الخمر [72] مسلم [73] وهذا الفعل الذي جرى من حمزة رضي الله عنه من شربه الخمر وقطع أسنمة الناقتين وبقر خواصرهما وأكل لحمهما وغير ذلك لا إثم عليه في شيء منه, لأن أصل الشرب والسكر كان مباحاً لأنه قبل تحريم الخمر, وأما غرامة ما أتلفه فيجب في ماله, فإن ما أتلفه السكران من الأموال يلزمه ضمانه [74] الرازي عند تفسير الآية 219 من سورة البقرة [75] البخاري 1739 [76] الطبراني في الكبير 11372, 11498 , حسنه الألباني في الصحيحة 1853 وفي الصحيح 3345 لأجل ما فيها من المضار في المروءة حرمها بعض العرب على أنفسهم في الجاهلية، فممن حرمها على نفسه في الجاهلية قَيْس بن عاصم المِنْقَري بسبب أنه شرب يوماً حتى سكر فجذب ابنته وتناول ثوبها، ورأى القمر فتكلم معه كلاماً، فلما أخبر بذلك حين صحا عزم ألا يذوق خمراً ما عاش ذكر ذلك التنوير والتحرير عند شرح الآية 219 من سورة البقرة [77] ابن ماجة 3371 وحسنه في الزوائد , الحاكم 4/145وصححه ووافقه الذهبي , حسنه الألباني لغيره في الترغيب 2368 [78] الحاكم 4/147 وصححه , وصححه الألباني في الترغيب 2370 [79] الكشاف عند شرح الآية 91 من سورة المائدة [80] شراب يتخذ من تخمير البسر المفضوخ أي المكسور [81]البخاري 4617 , مسلم 13/148 [82] يرجع إلى رسالة المؤلف علاج الشوق عند المدمنين [83] يرجع إلى رسالة المؤلف علاج أصدقاء السوء بالصحبة الطيبة [84] لم نتطرق لعقوبة الحد بالجلد أو التعزير لأنها تنفذ فيمن بلغ أمره لولي الأمر وهؤلاء قلة أمام المستور أمرهم لذا نتناول ما يرق قلب الجميع مما يحي الإيمان عندهم [85] الخلوق طيب مركب من الزعفران وغيره لأنه من طيب النساء [86] البزار 2930 , صححه الألباني في الترغيب 2374 [87] الترمذي 1862 وحسنه , الحاكم 4/146 وصححه , صححه الألباني لغيره في الترغيب 2383 [88] وليس معناه ترك الصلاة أربعين يوم, كما يظن بعض الواقعين في الإدمان ممن ابتعدوا عن الصلاة ويوجهوا هذا الحديث توجيهاً خاطئاً فيقولوا شارب الخمر يترك الصلاة أربعين يوم أي ليس له أن يصلي أربعين يوم حسب فهمهم حتى يستأنسوا بترك الصلاة ويدفعوا بفهمهم هذا من ينكر عليهم ترك الصلاة أو من يرغبهم فيها, ويتجاهلون أن في ترك صلاة واحدة بسبب السكر عواقب وخيمة والذي ينبغي لصاحب هذه الأفكار أن تعلو عنده الهمة, وبدلاً من أن يقول لي صلاة هذه المدة أم لا ؟ ويقف عند هذا الجزء من الحديث, عليه أن يتفاعل مع باقي الحديث [89] ا الحاكم 4/146 وصححه, صححه الألباني لغيره في الترغيب 2385 [90] النسائي 463 , الترمذي 2621 , ابن ماجة 1079 , صححه الألباني في سنن ابن ماجة 1079 [91] الترمذي 1862 وحسنه , الحاكم 4/146 وصححه , صححه الألباني لغيره في الترغيب 2383 [92] ابن ماجة 4250 , البيهقي 10/154 , حسنه الألباني في سنن ابن ماجة 4250 [93]الترمذي 1862 وحسنه , الحاكم 4/146 وصححه , صححه الألباني لغيره في الترغيب 2383 [94] الحاكم 4/147 وصححه , وصححه الألباني في الترغيب 2370 [95] روح البيان عند شرح الآية [96] المسند 3/422, أبي يعلى 1436 , كنز العمال 13233 , صححه الألباني في الترغيب 2372 [97] ابن حبان 5347 , صححه الألباني في الصحيح 6549 [98] قاله أبو حاتم صحيح ابن حبان 5/131 [99] الحاكم 4/146 , حسنه الألباني لغيره في الترغيب 2362 [100] والمدمن المصر على التعاطي الذي لا يريد تركه فهو في خطر عظيم أيضاً حيث يخشى عليه أن يموت على إدمانه دون أن يتوب منه فلا يشربها في الآخرة وشربها في الآخرة نعيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { من شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها لم يشربها في الآخرة} البخاري 575 وقال صلى الله عليه وسلم { من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة} مسلم 2203 فالذي يسعده أن يكون من أهل الجنة يتلذذ بخمرها الذي وعد الله به من دخلها فليترك خمر الدنيا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {من سره أن يسقيه الله الخمر في الآخرة فليتركها في الدنيا } الطبراني في الأوسط 8879 , حسنه الألباني لغيره في الترغيب 2375 وخصوصية هذا الأجر لمن يكون في متناول يده شربها فيتركها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {من ترك الخمر وهو يقدر عليه لأسقينه منه في حظيرة القدس} البزار 2939 , صححه الألباني لغيره في الترغيب 2375 , حظيرة القدس هي الجنة [101] أما الذي يشربها دون استحلالها وهو يعلم أنه واقع في المعصية بشربها فهو في مشيئة الله كما في بقية الكبائر فجائز أن يدخل الجنة بالعفو وجائز أن يحرم دخولها [102] المسند 2/69 , البزار 1875 , الحاكم 1/72 , صححه والألباني في الترغيب حسن صحيح2366 [103] البزار 1875 , صححه الألباني لغيره في الترغيب 2367 [104]الدياثة تزداد بشرب الحشيشة التي تورث التخنيث والديوثة ذكر ذلك ابن تيمية في مجموع الفتاوي 34/205 [105] مسلم 2002 [106] المسند 2/35 , حسن إسناده أحمد شاكر 4917, صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 1862 [107] ابن ماجة , حسنه الألباني في صحيح الجامع 3008 [108] الحاكم 4/146 وصححه , صححه الألباني لغيره في الترغيب 2385 [109] المسند 4/ 399 , ضعفه الألباني في الترغيب 1463 , حسنه محققوا الترغيب 3477 , المومسات بضم الميم الأولى وكسر الثانية هن الزانيات [110] المسند 6/460, أبو داوود 3680 , صححه الألباني في الصحيحة 2039 [111] علقته عشقته وأحبته وهامت به حباً [112] وضيئة جميلة [113] النسائي 5682 , ابن حبان 5324 البيهقي في الكبرى 8/287 , مصنف عبد الرزاق 9/236 , صحح الألباني وقفه في سنن النسائي 5666 [114] الحاكم 1/ 22 وصححه ووافقه الذهبي , صححه محققوا الترغيب 3528 [115] البخاري 2475 , مسلم 57 [116] الطبراني في الكبير 11462, صححه الألباني لغيره في الترغيب 2360 [117] الطبراني في الكبير 11462, صححه الألباني لغيره في الترغيب 2360 [118] كان لقبه على اسم الحيوان المعروف [119] أبو داوود 4478 , صححه الألباني في المشكاة 3621 [120] ا لمسند 2/300 صحح إسناده أحمد شاكر 7973 [121] اسْتَنْكِهُوهُ أَي شُمُّوا نَكْهَتَهُ ورائحةَ فَمِه هل شَرِبَ الـخمر أَم لا [122] الإصابة 7/362 , تاريخ الطبري 2/216 , فتوح البلدان 1/258 , فتوح الشام 1/190 , الفائق 2/329 [123] الحص موضع بنواحي حمص يكثر فيه مزارع العنب, وذكر القرطبي عند شرح الآية 219 من سورة البقرة أن الهيثم بن عدِيّ أخبره من رأى قبر أبي مِحجن بأذرَبيجان، أو قال: في نواحي جُرْجان، وقد نبتت عليه ثلاث أُصول كَرْم وقد طالت وأثمرت، وهي معروشة على قبره, ومكتوب على القبر هذا قبر أبي مِحجن قال: فجعلت أتعجب وأذكر قوله
|
ماذا أفعل في هذه الأمور
|
|